سرقة في الحانة.

97 11 17
                                    

لا تنسوا ذكر الله - سبحانه وتعالى. و الصلاة والسلام على رسول الله ﷺ
vote and Comment please.
:
:
:
:
الفصل الثاني: سرقة في الحانة.


«في أي مصيبة وقعت يا إدريس».
تمتمت بيني وبين نفسي، وقد علت ملامحي الدهشة الممزوجة بالرعب؛ فمهما رأت عيني من جثث، فلن يكون الأمر مماثلًا لرؤية مدينة من العصور القديمة.

ضربت رأسي عدة ضرباتٍ خفيفة لأستيقظ من هذا الحلم أو الكابوس إذا صح التعبير، لكنني لم أستيقظ ولم يختفِ المنظر من أمامي، وهنا تأكدت أنني لا أحلم؛ خاصةً حينما تناهى إلى مسامعي تلك الأصوات الصارخة والتي تبدو أنها قادمة من الأسفل.

أخذت نفسًا عميقًا ثم تحركت بخطواتٍ ثابتة نحو ذلك الباب الخشبي، فقد أعلن فضولي خروجه إلى هذا العالم ولا بد لي أن أروى ظمؤه.  مددت رأسي منه حتى وقع نظري على تلك السلالم التي تؤدي إلى الأسفل، سيرت بتمهلٍ نحوها، وقد تحفزت كل خلية في جسدي، مخافة أن يباغتني شخصٍ ما فجأةً.

نظرت من أعلى السلالم فوقع بصري على مجموعةً من الرجال، يرتدي أغلبهم سراويل من الكتان، وقمصان واسعة تشبه قمصان الغجر، لكن ألوانها باهتة كفصل الخريف. يتوسط مجمع أولئك الرجال رجلين يرتديان ملابس أنيقة تشبه الملابس الرسمية، الاختلاف فقط خلوها من ربطة العنق، ووجود تلك الساعة الفضية المتدلية من الجيب الأيسر لسترة، ويقف بجانبهما رجلٌ قصير، ذو شارب غليظ وبطنٍ كبيرة، ومن خصلات شعره السوداء التي امتزجت باللون الرمادي واضح أنه في بداية الخمسينيات، وخلفه يقف شابٌ هزيل، يرتجف من الخوف كسمكةٍ اُستلت من النهر. 

ومن بين أولئك الرجال؛ كان هناك شاب بدا لي في منتصف الثلاثينيات، يستند إلى أحد الجدران، ويكتف يديه أمام صدره، له لحيةً خفيفةً، عيناه تتطلع للمجمع بلا اكتراث.

أبعدت نظري عنه، ناظرًا إلى المكان بتدقيقٍ، طاولات خشبية من النوع القديم، أخذت مواضع عشوائية في الملهى... أجل ملهى أو حانة؛ فتلك القارورات الزجاجية المصطفة بانتظام خلف الشاب الهزيل أكدت لي ذلك، وأيضًا بعضًا من الرجال اتخذوا من الطاولات وسادات ليناموا عليها، وأيديهم تحتضن كؤوسًا من الخمر، بائِن بأن تأثيره كان قويًا عليهم لدرجة أفقدهم الوعي.

«يا الله! من بين جميع الأزمنة؛ أحلم بزمن العصور الوسطى، والأسوأ أن أحلم بأشخاص واضح من هيئتهم بأنهم غير مسلمين».

همست في نفسي في حنقٍ، فلا زلت حتى الآن لا أصدق أن ما يحدث معي حقيقة، رغم كل المؤشرات التي أمامي والتي تأكد عكس ذلك. بل ما أنا فيه مجرد كابوس سأستيقظ منه على صياح أولاد الحي. لكن ذلك الصوت الخشن  الذي يصيح عليّ من الأسفل؛ كانت رنته مختلفة تمامًا عن رنات الأطفال البريئة، فقد كان صوتٌ مزعجٌ يشبه صرير بابٍ صدأ.

إدريس في أحضان الماضيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن