السند |9|

56 5 0
                                    

"الرجل الذي مر بتجارب مريرة و سافر بعيدًا يستمتع حتى بعذابه"

_________________________________________

منذ 17 عاما

لقد حان النهار مرة أخرى لقد أحصيت الثواني والدقائق حتى هذه اللحظة أربط خيوط الزمن المفكوكة بينما أجلس على الأرضية الخرسانية، وأمرر أصابعي عليها. وهي مغطاة بالثلج الذائب والدم. واقع ملتوي مظلم أحاصره كل ليلة. لقد أتى عيد الميلاد ولم يبق إلا الصمت.

الأمل متقلب، في كل مرة أصرخ فيها طلباً للمساعدة وأستمع للرد لا يوجد شيء. فقط هذا السقيفة الباردة وأجسادهم المريحة. لم تعد هناك طاقة للنور، لذا كل ما يمكنني فعله هو الاستماع إليه وهو يتمايل في الغرفة الفارغة. صرير المعدن يبدو وكأنه صراخ.

هناك تسرب في الزاوية اليمنى من السقيفة، سقطت القطرات على الارضيه وأنا أركز على الصوت. كل قطرة تخلق أغنية استمعت إليها لساعات. مشاهدته وهو يغطي الأرض بمزيد من الماء، ويرسم أثرًا عبر الخرسانة. لقد كان مصدري الوحيد للخارج هنا، حفرة كبيرة بما يكفي لأتمكن من شرب الماء منها.

توقفت الآلام والأوجاع في جسدي عن الألم عندما وصلت إلى اليوم الثالث.

جفت دموعي وتلاشت صرخاتي، والآن يطفو هذا الصمت المضطرب حولي. أحرك يدي وأدندن بهدوء بينما أمشط يدي على شعرها. أغني إحدى الأغاني التي تحبها، وأبتلع الغصة في حلقي.

من أجل الحب، إلى أي مدى نسقط. 

ابتسمت وأدرت مواجهته لكنه ما زال لا ينظر إلي. لا بأس. سأصلح الأمر، سأصلح كل شيء. الجو بارد جدًا الآن لدرجة أنني لا أستطيع الشعور بأطرافي، عالقة مثل رجل تينمان في ساحر أوز. 

كل ما أحتاجه هو القليل من الزيت وسأكون بخير، وقليل من الطعام وسأكون بخير. أنا جائعه جدًا.

شخص ما سوف يأتي.

شخص ما سوف يأتي.

لو سمحت. أسكت صرخاتها، ليس في الغرفة بل يتردد صداها في رأسي. أواسيها عندما يتساقط الثلج من حولنا، ويحبسنا في غرفة مصنوعة من الجليد.

 "لا تقلقي يا أمي، شخص ما سوف يجدنا." 

أريح أمي، مستلقية على جانبي حتى أتمكن من حماية نفسي بجسدها. دهست يدي الصغيرتين تجعيدات شعرها مرة أخرى، ملطخة بالدماء والأوساخ.

أعتقد أن أمي جميلة مهما كان الأمر، وانا ادفع شعرها خلف أذنها بينما تراقبني عيناها الميتتان. لقد اختفى اللون فيهما  مثل لون أبي، إنه يجعلني حزينًه ولكني لا أفكر فيه طويلاً. إذا فكرت بشدة، فإن الألم يعود.

أجد الراحة في جسدها البارد لعدة أيام بينما تذوب السماء. سيتم العثور علينا، سنكون بخير. هذا هو الشعار الذي أكرره مرارًا وتكرارًا، معتقدًه أنه إذا قلته مرات كافية فسوف يتحقق. كل شيء سيكون على ما يرام، سيصلحون أمي وأبي وسنعود إلى المنزل.

أقتل من أجلهاحيث تعيش القصص. اكتشف الآن