Part "2"

151 11 2
                                    

«ملامح من الماضى»

كان الليل قد حل و سلمت الشمس مكانها للقمر ورفاقه من النجوم ، ليأتى وقت الراحة التى تسكُن به الاجساد وتهدأ فيه الأرواح والعقول ، بينما للبعض الأخر يكون ذلك الوقت هو الوقت الذى تتهوه به أرواحهم و تبدأ عقولهم بصنع ضوضاء لا متناهية ..ضوضاء أعلى من تلك الضوضاء التى تحدث فى ساعات مساء يوم الخميس عند تعطل إشارات المرور فى حين عودة الموظفين من أعمالهم الشاقة .

فى تمام الساعة العاشرة ، كانت قد ذهبت ڤالنتينا للنوم بعد أخذ علاجها ، لتنهض اكاليا من على الأريكة وهى تغلق دفتر الصور القديمة للعائلة متجهة إلى تلك المكتبة القديمة الموضوعة بزاوية غرفة المعيشة لترجع لها الدفتر ، ثم إتجهت إلى الطاولة المستديرة الموجودة امام الاريكة لتأخذ من عليها حقيبتها .

ثم أتت خديجة إلى اكاليا بعد ان عدلت من حجابها ، لتقول لها ..
: هل تريدين شئ منى سأعود إلى شقتى .
فلتفتت لها اكاليا قائلة بلطف ..
: شكراً لك لقد تعبت اليوم معنا حقاً .
لتجيبها خديجة بإبتسامة هادئة و هى تقف عند باب المنزل ..
: ألسنا عائلة واحدة انتِ اختى و جدتك جدتى و إنتهى النقاش .
لتقول لها اكاليا و هى تتجه لها ..
: معكِ حق .. انتبهِ لنفسك و لجدتى ارجوك إلى حين لقاؤنا غداً .

ثم خرج كلاهما من المنزل ، لتتجه خديجة إلى شقتها المقابلة لشقة الجدة ڤالنتينا بعد ان ودعت اكاليا و وعدتها بالإعتناء بالجدة ڤالنتينا .

لتترك اكاليا المبنى متجهة إلى سيارتها لتجد أن هناك من ثقب الأربع إطارات ، لتنظر بصدمة للسيارة ثم قلبت عينيها بملل فلا بد أنهم هؤلاء الأطفال الاشقياء الذين كانوا يلعبون بالقرب من هنا ، لتخرج اكاليا هاتفها من حقيبتها مقررة التحدث إلى ريكاردو فلا يوجد سيارات تمُر من هنا بهذا الوقت ، ليجيبها ريكا اخيراً بعد الإنتظار لدقيقة كاملة ..

: مرحباً اكاليا هل انتِ بخير لما تتصلين بهذا الوقت أكل شئ على ما يرام ؟
لتجيبه اكاليا بنفاذ صبر ..
: اصمت إعطنى فرصة للإجابة .. تعال لتأخذنى من عند جدتى .
لتُنهى اكاليا كلامها بإحراج فهى لم تعتد على ان تطلب المساعدة من احد .
لينطق ريكا بنبرة لطيفة ..
: لا بأس خمسة عشر دقيقة و سأكون أمامك .
ليغلق بعدها الخط ، لتتنهد اكاليا بعمق و هى تتأمل سماء الليل المرصعة باللؤلؤ ، لتحوم بأنظارها على الحى لتجد مقعد إنتظار بالقرب من المبنى لتتجه إليه وتجلس عليه ، بينما عقلها بدأ فجأة بعمله الذى يرهقها و هو التفكير ، لتحاول إلهاء نفسها بتأمل سماء الليل ...لتفكر اكاليا بنفسها قائلة وهى تتكئ على المقعد من خلفها موجهة رأسها إلى السماء مباشرة ..

: الليل .. سأظل احكى عنه دائماً لمذكراتى ، فهو صديقى الصدوق هو من يؤاسينى فى عاصفة الذكريات عندما أتامل سماؤه المملوة بالنجوم ، و كأنه يخبرنى " لا بأس أن تريحى نفسك قليلا و تتأملينى ، فأنا هنا و كذلك النجوم والقمر " ، اتذكر جيداً ان عندما يوشك ليلى على الرحيل وتركى بدون مأوى يراعى هلعِى من الصباح ، كنت اخرج إلى شرفتى و اهمس للقمر بغضب " أرايت يا قمر ماذا يفعل الليل بى .. أهكذا يفعل الأصدقاء ببعضهم البعض " ، ليرد علىِ القمر باسماً " تعرفين عزيزتى و انتِ خير العارفين أنه يذهب بدون إرادته " ، لأستوعب الأمر واقول بأعين تاعسة " معك حق فأنا لا اعقل انه سيغيب مرة أخرى و يتركنى أصارع وحدى ولكن ما أعرفه انه سيعود فى الغد ليضع ضماداته الناعمة على جروحى النازفة " ...

«Seventh hell»حيث تعيش القصص. اكتشف الآن