الرجل ذو الهالة

440 68 64
                                    

عادت الأصوات إلى أذني من جديد حين ابتعدت عن الطاولة ورأيته يسحب المطرقة ويذهب، أصوات الطَرق على المسامير وأعمدة الخشب التي تجر من مكان إلى آخر، قطرات الدهان غير الجاف وهي تسقط قطرةً قطرة على الأرض، ورائحتها المزعجة التي ملأت جوفي مع رائحة التبغ، أصوات الرجال وهم يصرخون على بعضهم داخل الورشة وضجة السوق كلها عادت من جديد حين مشى وتركني خلفه، لا أعلم ما الذي حدث لكنني بدأت أستذكر جملته التي قالها قبيل أن أسقط في هذا العالم( العودة محكومة بالاختلاف) إذاً هل علي أن أزرع الابتسامة حول ثغرة الحزين أو أن أغير حياته بالكامل؟.

هل أبداء بالبحث عن عائلته؟، لا فهذا سيأخذ وقتاً قبل أن أصل لأي معلومة ... ماذا عن إيجاد حب حياته ؟! سيكون هذا رائعاً أن حصل ذلك، يجب أن أسأله عن سمات التي تخلق حبيبته المثالية.

حينها وبين انشغالي بإنتاج حبيبة رائعة وكأنني أصنع مخلوقاً كفرانكشتاين مرت ذكرى في مخيلتي، جعلتني أتلوى من الأحراج.. أذكر الآن كيف كتبت شيلد ولما كتبته من الأساس، شيلد كان عبارة عن تصوري للفتى المثالي الذي لم أجده في العالم الواقعي، لقد كنت بائسة إلى هذا الحد الذي جعلني أفرقع أصابعي وأنقر بحماس كلمات أصيغ بها شعورٌ عن سؤال تطرق لمخيلتي الخصبة؛ ماذا لو أن هناك (سيداً كاملاً للأوصاف) يقع في حبي؟، آه لما لا أتحول لمعزة أو بقرة ولننهي هذه القصة هنا!. أشعر وكأنني أقرا مذكراتي التي كتبتها في الثانوية!، ذلك الكلام الأحمق المبتذل الذي يجعل شعر جسدك يقف من القشعريرة بسبب الأحراج، يجب أن أشنق نفسي أن عدت للحياة !.

لكن رغم ذلك أذكر نفسي في ذلك الوقت، وشعور الذي دفعني لفعل شيء مبتذل إلى هذا الحد، ذلك كان حين تأكدت في قرارة نفسي بأنني مجرد ممر لكل من أحببت وأنني لن أكون الوجهة أبداً.

ابتسمت بحزن على حالي متناسية كلياً أنني واقفة أمام محل ورشة شيلد ولم يعدني إلى الواقع سوى تلويح شيلد ليده أمام وجهي قائلاً:

- هل أنت بخير؟.

- آه أجل، أجل أنا بخير.

أومأت ليعود لعمله، فحشرت محفظة صغيرة كنت أمسكها بين المعدات قبل أن يلحظ، ثم التفتت له كان يعمل بجد قبل أن يلتفت هو الآخر ليحدثني لكن شاب آخر ذا شعر أصهب ووجه دائري بشوش يعمل معه في الورشة قال له :

- شيلد أنظر من أتى أنه صديقك الوفي مجدداً !.

نظر شيلد خلفي ودحرج عينه قائلاً بنفاذ صبر:

- آه ليس أنت مجدداً !.

- هيا يا شيلد كف عن التظاهر بخشونة، تعلم أنك تشتاق لي، وأنت يا فوتوس أنقلع وعد لعملك.

ضحك ذلك الأصهب وعاد لعمله في تركيب العجلات.

ألتفت لأرى جيرالد وسقط فكي كلياً حين رأيت تلك الباروكة البنية والرداء ذا قلنسوة بنفسجية يغطي جسده، ما كنت لأعرفه إلا لتلك الشمات التي تزين وجهه المشرق، آه تذكرت أنهم ليسوا أصدقاء بعد نحن هنا قبل أن تبدأ القصة من الأساس.

خطأ الكاتبةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن