الفصلُ الثَّانِي : رِيمَا و فُرصتُها الأُولى

43 12 1
                                    

لا تتصرَّف و كَأنَّكَ ضحيَّةُ الظُّروف فِي حينِ أنَّك الجاني و لا تُكثر البكاءَ على جُرحٍ كُنتَ أنتَ السَّبب الوحيد فيه . و هُنَا في لحظاتِها الأخيرة تذكَّرت ريما يومًا مُحدَّدا ليظهرَ في المرآة و قد استغربت من ذلك فذاك يعني أنَّها ستعودُ بالزَّمن هل هي في حلم أم حقيقة ؟
سمعت صُراخ حمزة يناديها لترتعب و في غُضون دقيقتين دخلَ حمزة الغُرفة بعد أن حطَّمَ الباب و لم يجد ريما !

احتارَ حمزة أينَ ذهبت تلكَ الحمقاء فالبابُ كانَ مُغلقًا بل و حتَّى النَّافذة .فأينَ يُعقلُ اختفت؟

الرَّابع عشر من فيفري (فبراير) 2024 ،

وجدت ريما نفسها في غُرفتِها و عندما اطلَّعت علَى السَّاعة المُعلَّقة في الحائط كانتِ السَّاعةُ كدليلٍ قاطع أنَّها عادت بالزَّمن و ليسَ ذلكَ فقط فتلكَ الهديَّة التِّي أعدَّتها لذلكَ الثَّعلبِ المَاكِر تقبعُ هناك فوق سريرها لتتِّجه ريما و تُمسك بالهديَّة و تُحطمها.  جلست على السَّريرِ تلتقط أنفاسها فمَا حدثَ لها لا يُصدِّق فهل هي في حُلمٍ أم سرابٍ أم ماذا ؟   هيَ حقًّا قد عادت للتَّو من خطرٍ أوشكَ أن يلتهمها داخل دهاليزٍ لا نهايةَ لها و الأغربُ من ذلك صاحبةُ المرآة ! 

تركت لعينيْها العنان لتذرِفَ الدُّموع على الحالِ التِّي وصلت إليها فبعدَ إن كانت ريما المُجتهدة و المؤدبة أصبحت فتاةً أُخرى تكادُ لا تستطيعُ التَّعرف عليها . عجيبٌ هُوَ الإنسان تشدُّهُ بريقُ الأشياءِ المتوهجة ناسيًّا أنَّ النَّار و رغم توهجها و الدِّفء الذِّي ينبعثُ منها عن بعد إلَّا أنَّ الإقتراب منها خطرٌ لا ينبغي التَّوغلَ فيه .

لم تفكِّر ريما كثيرا عندمَا وردَها إتِّصالٌ من حمزة فقد أسرعت بالإجابةِ عليهِ قائلةً:
- أنا مش جاية يا واطي يلي كنت بتلعب بيا و استغليت مشاعري ناحيتك .

استغرب حمزة ردَّ هذه الحمقاء فما بها ألم تكن البارحةَ  سعيدةً بأنَّهُما سيلتقيانِ اليوم ؟ و لكنَّهُ أخفَى الغضبَ الذِّي بداخله قائِلًا بحنيَّةٍ مُزيَّفة :
- مالك يا حبيبتي بس ؟

ردَّت ريما بعدَ أن أدركت أنَّها عادت بالزَّمن و أنَّهُ بالطَّبعِ لن يتذكَّر شيئا :
- أنا مش جاية و مش هقابلك و ممكن تعتبر إن علاقتنا دي انتهت و ما تتصلش فيا تاني .

فقدَ حمزة رباطة جأشه و القدرة في التَّحكمِ في أعصابه ليصرُخَ بها قائلا :
- اتعدلي يا ريما بدال ما أعدلك،  هو مالك عَ الصُّبح ؟

ردَّت ريما بغضب مُماثل :
- بقلك إيه أنا مش جاية يعني مش جاية يا حقير يا إستغلالي هو فاكرني مش فاهماك و مش فاهمة حقارتك ؟ فبقلك يا بابا اتكل على الله و سيبني في حالي .
لتُغلقَ الهاتفَ في وجهه غيرَ مُباليَةٍ بحجمِ المُصِيبةِ التِّي أَوقعت نفسَها بها و لم تمرَّ سوى دقيقتين أُرسلَ لها فيها مجموعةٌ من صُورِهَا رُفقة حمزة . أقلُّ ما يُقالُ عنها أنَّها خادشةٌ للحياء و قد أُرفقت برسالةٍ من حمزة كتبَ فيها :

- بقلك يا جميل أصل مش دخول الحمام زي خروجو و لا إيه؟ و بما إن كل حاجة بقت على المكشوف يا تيجي للمطعم زي الشطورة يا أما هبعث الصور دول لأبوك و أمك و مش كده بس. دا انتي هتبقي ترند و صورك هتكسر الدنيا في الوطن العربي كلو .

إرتجفت ريما لتهطل دُموعها قائلة بندم و حسرة :
- يا ربي أنا هعمل إيه بس ؟

إرتدت ريما حجابها كاملا و عندَ خُروجها من الباب قابلتها أمَّها لتهرع ريما إليها تحتضنها . إستغربتِ الأمُّر ذلك لتُجيب بقلق :
- إنتِ كويسة يا حبيبتي ؟

سعت ريما جاهدةً أن تُمسك دُموعها و بعد أن خرجت اتَّجهت للمطعم مُباشرةً فلم تذهب لمنزلِ صديقةِ السُّوءِ تلك و المدعوَّةِ بكارمن و لم تنزع حجابها كما فعلت بادئ الأمر قبل أن ترجع بالزَّمن . وصلت ريما لذلك المطعم لتلمح حمزة جالسًا في إحدى الطَّاولاتِ ينتظرها و قد طالعها بإستغرابٍ من شكلها لتجلسَ مُباشرةً قائلةً بإندفاع :
- عايز مني إيه يا كلب ؟
ابتسم حمزة بسخريةٍ قائلا بخبث :
- و هعوز إيه مثلا؟ بقلك يا ريما قُدامك فرصة تقرري يا إما تيجي معايا برضاكِ و كل حاجة هتبقى في السر يا إما هفضحك و بردو هاخد لي عايزو و تتفضحي أكتر يا متربية يا بتعت الحجاب . ها قلتي إيه يا قُطَّة ؟

اغرورقت عيناها بالدُّموعِ ها قد عادت لنقطةِ الصِّفرِ مُجدَّدًا ماذا ستفعل ؟ إنَّ السُّبلَ قد انقطَت أمامها  لتحسمَ أمرها بقرارٍ مصيري  بعدَ أن حدَّقَّت لشاشةِ هاتفِها لبُرهةٍ من الزَّمن كالمَجنونة تُحدِّثُ نَفسها تحتَ نظراتِ استغرابه.
أجابته بخوفٍ و عينانِ مدمعتان و هيَ تشعر بالذُّل قائلةً :
- أنا ......................

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Feb 19 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

سأتوب غداحيث تعيش القصص. اكتشف الآن