- الـفـصـل الـثـامـن -

20 6 0
                                    

•الـفـصـل الـثـامـن•

« دخل أكرم قسم الشرطة وسط تحيات العساكر والأمناء، هرول إليه معتز فسأله أكرم: ها إيه الأخبار؟
معتز: كله تمام يا أكرم بيه، هو هنا من نص ساعة.
أكرم: مايا؟
معتز: مكانتش موجودة وقت الإقتحام.
فتح أكرم باب مكتبه، خلع سترته وتنهد وهو يجلس قائلًا: وطبعًا مروة كانت هناك.
أغلق معتز الباب وجلس قبالته قائلًا: لا، مكانش فيه حد موجود غيره.
قاطع أكرم اقتحام العسكري لمكتبه والقلق بادي على وجهه قائلًا: مُصيبة يا أكرم بيه!
انتفض معتز قائلًا: إيه في إيه؟
العسكري: المشتبة فيه اللي دخل الحجز من نص ساعة دور الضـ رب فالمساجين كلهم، اتنين منهم وقعوا محطوش منطق!

في منزل فيروز ..
اعتدلت من نومتها، جلست مكانها بهدوء، ظلت تمسح ملامح يحيى كرادار، كم اشتاقت لتلك البراءة البادية على وجهه وهو نائم، آخر مرة رأته بها كان عابس الوجه، لطالما كان عابسًا منذ أصبح لا يفارق عزيز، أخوها الذي قـ تل والدتها وتسبب بمـ وت والد يحيى أيضًا، تنهدت والخوف يملأ قلبها من أن يعلم يحيى بذلك الأمر، تخشى عليه من نار عزيز التي تحرق الجميع، لمست القماشة الجلدية التى تغطي عينه اليُمنى، تنهدت بإرهاق ومالت على شفتيه لتطبع عليها قبلة، أراحت رأسها على صدره ثانيةً فضمها إليه أكثر وهو يحاوطها بذراعيه، رفع معصمها المجـ روح وقبَّله قائلًا: صباح الخير.
فيروز بنُعاس: صباح النور.
يحيى: حاسة إنك أحسن؟
ترددت فيروز قبل أن تسأل: أنت هتمشي تاني؟
لم يرد يحيى فتحركت لتخرج من بين ذراعيه، منعها قائلًا: المفروض إنك عارفة السؤال دا هيتسأل لمين، مش دا كان نفس ردك عليا إمبارح؟
حل الضيق قسماتها وهي تسأل: جيت ليه يا يحيى؟
يحيى: كان المفروض ماجيش؟
تنهدت قائلة: مش دا كان كلامك ليا آخر مرة؟ وجودك معايا خطر عليكي.
يحيى: عزيز مش هيسمحلنا نكون مع بعض، هيقتـ لني ويقـ تلك! معنديش استعداد أخاطر بيكي
فيروز: ودلوقتي بتخاطر ليه؟
يحيى: أنا جيت هنا بإذن من عزيز، بس هرجع تاني مش هآمن عليه وهو لوحده.
ابتسمت فيروز بسخرية: قد كدا بتخاف عليه؟
يحيى: إحنا د|م واحد، عزيز مش بس ابن عمي، دا أخويا الكبير.
فيروز: طب وأنا؟
يحيى: أنت؟ أنت سبب رغبتي في الحياة يا فيروز، إتأكدي إنك الوحيدة اللي فقلبي حتى لو مبقيناش مع بعض.
وقفت فيروز تصيح به بغضب: وإيه اللي مش هيخلينا مع بعض! إجنا ممكن نبعد، ممكن نروح لأي مكان بعيد عنه.
يحيى: أنت مش فاهمة حاجة يا فيروز.. مش فاهمة حاجة
فيروز: طب فهمني!
لم تخرج كلمه من فمه ويبدو بأنه لا ينوي على إخراج واحدة فابتسمت بسخرية قائلة: خايف عليا، بنسى معلش
اقترب منها قائلًا: دي الحقيقة فعلًا يا فيروز!
صرخت به قائلة: أسكت! أنا مش عاوزة أشوفك تاني..
همحيك من قلبي ومن دماغي زي ما بتمحيني من حياتك وبتفتكرني وقت ما تحب، روح لعزيز بتاعك، روحله عشان تحميه!
يحيى: همشي، بس لو مايا جاتلك لازم تبلغيني، عزيز قالب عليها الدنيا.
فيروز: عاوزين منها إيه تاني!
صمت يحيى، فصرخت فيروز بغضب بعدما ضربت إحدى المزهريات بيدها.
دق جرس الباب ثم توالت الطرقات عليه، أشار يحيى لفيروز بأن تلتزم الصمت ثم التقط سلاحه وهو يمشي بهدوء ناحية الباب بينما فيروز تسير خلفه، وقف أمام الباب وألقى نظرة من العين السحرية ليجد مايا بالخارج فارتخى جسده قائلًا: دي مايا، افتحيلها الباب وخليها تدخل، إياكي تحس بوجودي!
تجمعت الدموع بعيون فيروز قائلة: هتعملوا فيها إيه تاني حرام عليكم
يحيى: ششش، صدقيني لمصلحتها إنها ترجع، لو مرجعتش عزيز هيتجنن ويقـ تلها.
رن الجرس مرة أخرى فأشار لها يحيى بأن تفتح، دخل يحيى لغرفة فيروز مرة أخرى ففتحت الباب، ارتمت مايا بحضنها فور أن رأتها، ضمتها فيروز إليها قائلة: أنت كويسة؟
مايا وهي تردد وكأنها بعالم آخر: أنا حامل، حامل من عزيز
اتسعت حدقتي فيروز وهي غير مصدقة لما تفوهت به، بينما تعلقت عيني مايا بمن يقف خلف فيروز، فارس قلبها ومنقذها، حبيبها الأول الذي لم يترك بقلبها ما يتسع لشخص آخر، ينظر إليها بعيون حمراء يبدو عليها أثر البكاء، اقترب منها والدموع بعينيه إلى أن أصبح أمامها، لأول مرة تحدث إليها قائلًا بنبرة باكية: أنا مُـ ت مرة تانية على إيديكي.
لم تحملها قدماها بعدما تلاشى جسد فارس من أمامها وخرت باكية، كان صوت بكائها يعلو ويعلو، تارة تنادي باسمه وتارة أخرى تنادي باسم عاصم، انحنت فيروز لتصبح أمامها، ضمتها إليها وهي تنظر ليحيى الذي كان يقف خلف الباب، ساعدتها فيروز بتبديل ملابسها بعد أن هدأت نوبة بكائها قليلًا، أراحتها بفراشها قائلة: كل حاجة هتبقى بخير، إرتاحي بس أنت دلوقت..

خرجت مروة من غرفتها بعدما تأكدت من أن ملك قد نامت، بحثت بعينيها عن سلامة لنجده يقف بالشرفة، اتجهت نحوه لتقف بجواره قائلة: مفيش أخبار عن عاصم؟
رمى سيجارته قائلًا: اتفضلي نتكلم جوا بلاش بلكونات عشان العوء، أنا طلعت بس عشان السيجارة متضايقيش الأمورة الصغيرة.
دخلت مروة وجلست على أقرب كرسي وهي تتابعه بعينيها بانتظاره أن يتكلم
سلامة: شوفي يا ست هانم عشان لا أتعبك ولا تتعبيني، عاصم باشا مأكد عليا مبلغكيش عنه أخبار لا كويسه ولا غيره.
عقدت مروة حاجبيها بغضب قائلة: يعني إيه؟ أنتوا كنتوا بتضحكوا عليا عشان أمشي معاك؟
دار سلامة بعينيه في المكان بإحراج بينما وقفت مروة والدموع بعينيها قائلة: لو سمحت رجعني عند أخويا، أنا عاوزة أشوفه تاني وأتطمن عليه.
رفع سلامة عينيه إليها ليخبرها بأن ما تتفوه به من المستحيل أن يحدث، تسمرت عينيه الخضراء اللون عليها عندما وجد الدموع بعينيها، وقف أمامها قائلًا: إهدي مش كدا، عاصم باشا مش صغير ويعرف يدافع عن نفسه كويس.
تنهدت عدة مرات بضيق وهي لا تجد ما تقوله، فرت دموعها منها فتحركت نحو غرفتها ثانيةً ..

فُتح باب الزنزانة أمام أكرم ليرى وجوه المساجين يرتسم عليها الذعر، أشار لاثنين من العساكر قائلًا: خدوه على مكتبي.
انحنى أمام الرجل المُصاب قائلًا بغضب مكتوم: إيه اللي حصل؟
أردف الرجل بجسد يرتجف: أنا.. أنا طلبت منه سيجارة، ياريتني ما طلبتها كنت أطفحها، فضل يبصلي شوية وبعدين قام دور فيا الضـ رب، عرفة والواد مرزوق قاموا يحوشوا عني وزي ما سيادتك شايف يا باشا، قطعوا النفس الاتنين
انتصب أكرم واتجه نحو مكتبه، قابله معتز فأوقفه قائلًا: فوزي باشا عاوزك فمكتبه يا أكرم بيه.
غير أكرم طريقه نحو مكتب رئيسه بالعمل، فوزي عبد السميع.
طرق الباب ثم دخل، بادره فوزي قائلًا: إيه اللي حصل تحت دا! إزاي مفيش حد قدر يتدخل ويسيطر على الوضع، يعني إيه يق ـتل اتنين مساجين وواحد مصاب في حالة خطر!
أكرم: يا فندم..
فوزي: إسمع يا أكرم، الواد دا مش طبيعي، كونه بيوصل للحالة اللي هو فيها دي لدرجة إنه يقتـ ل، فدا دليل إدانة ليه!
أكرم: هيتم التحقيق معاه يا فندم وهيبان.
فوزي: المتهم دا لازم يُحال لمستشفى الأمراض النفسية والعصبية أولًا، على الأساس دا هتمشي القضية، الحكاية باينة زي الشمس ..

°°° وقفت فردوس على باب الغرفة التي وضع عاصم بها مايا، دموعها تنهمر وجسدها يرتجف خوفًا على أملها الوحيد في النجاة، وتلك الروح الطيبة التي ساعدتها بلا سبب، من يعلم ما الذي كان سيحل بها إن فرطت بها مايا، أشفقت أيضًا على مروان الذي كان صوت بكاؤه يمزق قلبها، يقبل كفها تارة وجبينها تارة، بينما عاصم يقف بالشرفة ويصرخ بمحسن ليدخل الطبيب بسرعة.
خرج الطبيب من غرفتها بعد قرابة الساعة، اقترب منه عاصم قائلًا: عايشة صح؟
أومأ الطبيب قائلًا: الحمد لله الرصاصة مصابتش عضو حيوي، هي بخير محتاجة ترتاح وتاكل كويس، نازل محسن ورقة قائلًا: الأدوية ديمهم تاخدها، لو حصل أي حاجة بلغوني
نزل الدكتور مع محسن واتجه مروان لغرفة مايا، مسح عاصم جبينه بتنهيدة بها بعض الراحة، شعر بفردوس التي تقف خلفه فأردف: لسه عندك بتعملي إيه؟
شعر بانتفاضة جسدها، تلجم لسانها فلم تستطع الرد
التفت عاصم قائلًا: إيه اتطرشتي مبتسمعي..
وجدها تمسك بسـ لاحه الذي تركه بالأسفل بكلتا يديها وتصوبه نحوه ..»

يتبع..
#مـلاذ_روحـي_الـضـائـعـة
#حبيبة_أيمن

• مـلاذ روحـي الـضـائـعـة •حيث تعيش القصص. اكتشف الآن