و ما أبشع وحشة القفر فلا رفيق ليشد أزارك أو تستند على كتفه بين فنية و أخرى و لا أصدقاء العمر و لا حتى رفقاء إلكترونيين للؤنسة، حتى أهل لا كلام معهم، غير سكوت و خصام ينضخ في الأرجاء، فمن ذا الذي معي بالسلوى؟ قطة و كتاب و كوب قهوة؟
مسكينة هي هرتي، أراقبها بين تارة و أخرها و هي تجوب أنحاء البيت بخيبة أمل، لم يرجع صديقها منذ عدة أيام و الظاهر أن الحزن بدء يتخلخل نحو صغيرتي، كيف لها أن تقف عند الباب حيث إعتادًا أن يكونا معا، تموء بقلة حيلة و تنادي عليه و لا تحصل على أدنى إستجابة، كيف أواسيها و أطمئنها لعله يعود.
تسير أيامي ببطء و ثقل على طرف رصيفٍ خاوي تجر خلفها ما تبقى من فُتاتي الركيك لتحثه على مواصلة الطريق، غير أن روحي كليلة و سقيمة، كلها ضجر و تعب لتسعى. أجلس في المنتصف بِحيرة، أشاهد من مكاني متأملة فراشةُ و هي تطير و أتمنى بداخلي أن أكون بمثل خفتها و رقتها يوما.
لم يعد النوم يزورني بسهولة كما أعتاد، بل للأرق حكاية أخرى، و يا لأظافري المسكينة فقد عدت لمزاولة عادة قضمها بدون ذنب منها. متى سأغدو حرة من هذا القلق الذي لا مبرر له يا عزيزي؟ فقد أمسيت أمقت تساقط شعري و هالات السوداء القابعة تحت عيني.
وسط سكون الليل و حلاكه، أكتب، لعلي أنسى البعض من الوقت و ألاقي بعض ألفة، كيف لي أن أشعر أني على وشك أن أفيض و أني فارغة في نفس الوقت؟ كيف يمكن للمرء أن يكون بهذا التناقض! سقيع ثلج ينزل على أطرافي و حرارة نار منبثقة من قلبي، جاموث يحاول خنقني، و جسد يصارع بعناد للنجاة.
بين سراب كثيف بعيد المدى، لمحت يدان تمتدان، عرجت نحوهما بخطى تتزايد سرعتها بعد كل ثانية تمضي، أسرعت لأرتمي بينهما، ثم بكيت دموعا حارة خليطا بين الخوف و الفرح، خفت لإحتمال أنني لن أصل إليك و سأترك خلفك وحيدة تلتهمني فوضى الإضطراب، بينما أفرحني تفكيري بأنه أنت يا جايمس، أتيت لتنقذني مني، لتنتشلني من ضياعي، أمنت بك بصدر رحب و صدقت كذبتي لعلها الحقيقة التي تخرجني من هذا الكابوس، ذقت حلاوة كفاك المحيطة بي و شعرت أني ملكت الدنيا لثانية، إلا أن سرعان ما إنقشع وهمك من أمام ناظري ليضرب بي إدراك ذلك في قاع الأرض بعذاب مديد. ما الخلاص؟ خلاصي من جل هذا، فقد تهت وسط الدجى اللامتناهي مع سهام ألام مشتعلة مقرحة لا تنبو.
أنت تقرأ
Sunflower
Randomتحتوي زهرة عباد الشمس على العديد من بذور بقلبها، لكل منها على حدى حكاية أو رسالة لتحكى