"بارت خاص"

93 7 0
                                    


في ذلك القبو المظلم ..
وقت طويل كان قد مضى منذ ان خرج ذلك الرجل برفقة اديلان واطلس واقفل الباب على الاخوين الاكبر بعد ان أطفأ آخر مصادر النور .. ليغرق الاخوين في الظلام الحالك ..

لقد بكى اوجين كثيراً ..
بكى وانتحب وصرخ وشتم ..
نادى كثيراً على امل ان يتلقى اي اجابة من هان ..
ولكن الصمت كان مجيبه الوحيد ..

الامل كان قد بدأ ينزلق من بين يديه، حتى استقبلت اذنيه صوت انين خافت،

شهق بلهفة قبل ان يتمتم باسم ( هان ) ..
كان كل ما يتلقاه الان هو انين .. انين فقط واحرف يكاد لا يتعرف عليها .. الكلام يخرج ثقيل جداً من فم الاكبر ..
ولكنه استطاع على الاقل ان يفهم بعض الكلمات كـ :
" مؤلم .. ابي .. امي .. ماء ".

تمردت احدى دموعه، وعض على شفته السفلى ..
" اخي؟ ".

تمتم بها باكثر نبرة رقيقة عزفتها حباله الصوتيه على الاطلاق ..

-انين .. فقط انين ..-

" هان .. انا آسف ! ".

" اوجين ".
استطاع ان ينطق بها بصوت واهن .. ارتعشت شفتيّ اوجين .. همهم ليجيب الاكبر المُنهك ..
" اوجين هذا مؤلم ".

" اعلم بذلك اخي .. انا آسف ".

اعاد هان برأسه للوراء بثقل شديد .. حبيبات من العرق تكوّنت على جبينه .. نطق بصوت متذبذب باكي :
" اهمم .. اوجين ا اشعر ان ي يدي .. تذوب ".
حتى آخر كلمة، كان صوته قد تلاشى ..

شهق أوجين مُطلقاً العنان لماء عينيه .. مُستشعر ملوحة الدموع على وجنتيه ..
" يا إلهي .. هان .. أنا آسِف، أنا آسِفٌ يا روحي .. "

أنّ الاكبر، وهمس بإسم الصغير بضعف شديد ..
لازال يستنجد، بُكائه يعرقل عملية تنّفسه، لذا هو كان يلهث كالظمآن، نطق أوجين ببكاء :
" اللعنة هان .. أُريد ان أعانقك .. بشدة .. ".

هان انتحب وهو يحرك يده اليمنى بوهن على أمل ان يرتطم بها الهواء البارد، علّه يخفف هذا الألم وهذه الحرارة .. ولكن هيهات ..

" اهخخخ .. أ-أوجين .. يدي  "..

" اللعنة على عجزي هان .. اللعنة .. "

سقطت خصلات شعر هان الناعمة الطويلة على جبينه حين ارتخى رأسه مرة أخرى للأسفل بعد ان اسنده على ذراعه اليسرى ..
"أ-اوجين .. م-ماذا فعلت .. لأستحق هذا؟ "..
صوته تاعِسٌ واهن، بين كلماته تهرب بعض الشهقات والأنين ..

أوجين تمتم بالمقابل بصوتٍ عطوف :
" لاشيء .. لا شيء ياروحي، أنتَ تستحق كُل السعادة، أنتَ تستحق أن تبتسم فقط هان .. "..

إشتد بكاء هان، ولفظ فقط كلمة :
" اللعنة "..

ظل الصمت بينهما، صمت الحروف ..
ولكن الأمين والبكاء الصادر من هان لا يزال يؤذي قلب الأصغر، يخدشه بشكلٍ رقيق .. لا يعلم كيف يكون هذا الشيء ممكن، كيف يكون حتى الحزن والألم من شخصٍ ما رقيقٍ إلى هذا الحد ..

تمتم أوجين بعد فترةٍ ليست بالقصيرة تجرع بها ما يكفي من التألم على حال أخيه الاكبر :
" هان .. ارجوكَ أصمُت .. أنتَ تُشعرني بالعجز فقط .. "..

هان في هذه المرحلة كان قد دخل في حالة من الهذيان .. بان يشعر وكأن أصابع يده اليُمنى وُضعت داخل قالِبٍ من الثلج في مكان مشتعل .. لا تزال بعض الدماء تنساب من يده ..

همس بارتعاش :
" يؤلم .. لا أستطيع التنفس بشكل جيد .. أوجين .. "..

اوجين اغمض عينيه بشدة و وضع رأسه بين ركبتيه .. تمتم بغصّة :
" ف-فقط اصمت .. "..

مالت شفاه الاكبر المرتعشة، لم يعُد بوسعه التحكم بانفعالاته، لذا هو بكى مرة أخرى، بكى بهدوء ..

تناغم مع نحيبه الخافت صوتٌ هادئ .. حزين، عذب للغاية ..
يُغنّي أُغنية تشبه تهويدات الأطفال، اقترن معه صوتٍ آخر أعمق قليلاً ..

من خلف الباب عانَق صوتيّ أديلان وأطلس قلبيّ اخويهما الاكبر .. هكذا كلنا يتلقاه المواساة والمؤازرة، من الخلف الباب ..

مذكرات أديلان [ مُكتملة ]حيث تعيش القصص. اكتشف الآن