الفصل السابع "حلم أم واقع"
ماذا وإن انقلب الحاضر إلى ماضي ودارت عجلت الزمن بك فتخربط حالك وأصبحت تائه بين الزمان والمكان فلا مكانك هو المكان ولا زمانك هو الزمان.
ظلت الأرض تهتز من تحتهم حتى ابتلعتهم الرمال المتحركه فغاصوا داخل الأرض كغواص ماهر غرق ببحر غدار فالحياة كالبحر تتقلب كموجاته وتغدر بالأنسان كغدر البحر بمحبيه، مضى النهار كله وهم داخل جوف الرمال وها قد لملم الليل رحاله وسجى النهار يخيم بالمكان ويسدل ستاره، فتبرز فيه السحاب بشكلها المميز تلمع كالألماس المرصع بثوب أبيض متناثر على كل جانب كثوب عروس يوم زفافها أبيض كالثلج وبها الكثير من الماس، لكن حالهم ليس كحال الجو أو السماء فهم منهكين ملابسهم ممتلئه بالرمال وجوههم متعبه شاحبه فهم ناجين من الموت دون شك كل شيء غير مفهوم لكنهم مع أول خطوة لهم بعد خروجهم من الرمال المتحركه بمعجزة هم غير قادرين على تصديقها...
حين صارت تلك الفجوة بحياتهم أمرا واقعا، ووجدوا نفسهم أسرا لتلك الصحراء، قرروا أنه ليس عليهم المقاومه، ولا يستحقوا الموت تحت الكثبان الرمليه المتحركه تلك بل عليهم الهروب بعيدًا عن هنا، عليهم أن ينجو بحياتهم ف أي حياة ستكون في هذه الصحراء الجرداء، تحاملوا على نفسهم ليستمروا على أملهم ولكن الصحراء غلبتهم في النهاية بقسوتها، وبدأت روحهم في الانسحاب من جسده، وفقدوا ثلاثتهم الوعي.
أفاقت يُمنى بين ذراعي رجل ما، لم تتعرف على وجهه من قبل، فقط في هذه اللحظة اكتشفت أنها قد غابت عن الوعي فترة لم تحصها، بعد أن أنهلكت من المشيء وللأمر المشرق أنها لم يمت بعد، رغم جماله إلا أنها تداركت نفسها وتوقفت عن تأملها لملامحه، قطع صمتها بعدما وضع كوب الحليب عند شفتيها ليترتوي فتأكدت أنها على قيد الحياة، تناولت منه رشفة باردة في الحال فشعرت بألم في معدتها التي لم يدخلها طعام ولا شراب منذ صباح اليوم الماضي
أغمضت عينيها بألم لتسمع صوته يقول لها:
- حاولي أن تتمهلي قليلًا فتتحملي الألم فمن الواضح أن معدتك لم يدخلها شيء منذُ مده.
نظرت حولها تستكشف المكان فلم تجد سوى الفراغ، وحصان، وقطيع صغير من الماعز والخراف، أكملت شرب الحليب ببطء، ثم التفتت له مُمتنا ودون ارادتها متفحصا ملامحه لتدرك امرها وتسأله بأرهاق واضح:
_أنت مين وأنا فينخرج السؤال منها بمعاناه حقيقية، فابتسم الشاب ابتسامة حجبت ضوء الشمس البادية في الظهور وأنارت وجه، ابتسامته جعلتها تفقد قدرتها على التركيز في مخارج حروفها أنستها علتها وخوفها من كل ما هو قادم .
- أنا مُنقذك.
هزت راسها وسعلت من شدة التعب، ليهمهم هو قائلًا بملامح واثقة وهو يساعدها مرة أخرى على ظهر خيله: