الفصل الثامن.
"واقع عليك تعايشه"ماذا وإن استيقظت ذات ليله فتجد نفسك بمكان غير بيتك بدلًا أن تستيقظ على فراشك، تكتشف ألم يقسم ظهرك لنومك على الأرض بالصحراء أو ألم بساقك اليسرى أثر لدغات البعوض بعدما غفيت بحديقة غريب، مجرد تخيلك للأمر يجعلك تصاب بالجنون فماذا إن كنت تعيش كل هذا دفعتً واحده!
_يخربيت كدا اهو دا اللي ناقص
صاحت بها يُمنى ليضحك يوسف على تعابير وجهها، عقدت حاجبيها بغضب ليرفع هو كتفيه بهدوء أي لا علاقة أنتِ وتصرفاتك العفويه تلك تجعلني أضحك.قاطع وصلت نظراتهم صوت باسل قائلًا:
_عارفين الحلو هنا أي بعيدا عن الورد والزرع والجو التحفه دا.
_أي؟
ساله يوسف ليرفع الرجل الغريب حاجبه مع جملة باسل الأخيرة:
_أن الراجل دا بيتكلم مصري ودا معناه أننا رجعنا مصر ونقدر بكل سهوله نرجع اسكندريه بقا._ممكن حد يرد عليا بدل ما أطلب الشرطه.
نظرت له يُمنى بتمعن فيبدو رجلةعجوز مر عليه العمر وبات ملامح الكهل واضحه على قسمات وجهه تجاعيد هناك وهناك، ملابسه فضفاضه ممسك بعكاز مستندًا عليه رغم شيبه وكبر سنه إلا أن ملامحه مألوفه لها شبيهه بملامح رماح ذاك الشاب السعودي الذينٰ ألتقوا به في الصحراء لكن ما العامل المشترك بينهما لما ملامحهم تشبه بعضها، الأمر يبدو غريبًا ولكنها كعادتها لم تتعر للأمر أهتمام اكثر من دقائق معدوده ثم قالت بهدوء وتهذيب:
_نعتذر على تطفلنا جدي الحديقه جذبت انتباهنا وقررنا رؤيتها عن قرب، نأسف فكان يجب أن نستأذن من قبل.هز الرجل راسه بهدوء:
_مش مشكله المهم دلوقتي تمشوا تخرجوا منها مبحبش المتطفلين.عقد يوسف حاجبيه من طريقة الرجل الفظه ليقول:
_هنمشي حالا بس كنا عايزين نسالك هو أحنا في أي بلد أو محافظه؟_ أنت هنا في الأسكندريه يا أبني هو أنتم منين؟
_من هنا بس..
قاطعه باسل بسرعه حتى لا يتفوهه يوسف بأي كلمه أخرى :
_مش مهم الوقتي أحنا ماشين أهو سلام يا عم الحج.
_أستنوا هنا هي وكاله من غير بواب.
رفع يوسف حاجبه ليقول ساخرًا:
_أي هدفعنا فلوس؟
صاح الرجل بهدوء وحكمه
_مش كل المقابل فلوس جايز تكون خدمه أو مساعده أو وِد.
_وأنت عايزنا نساعدك في روي الحديقه؟
هز راسه وهو يتحرك نحو أحد الزهور ليقوم بقطفها بحنان مقدمًا أياها أمام وجهه يُمنى لتتعجب فعلته رغم لطافتها ورقة فعلته هي ليست بالفتاة الخفيفه التي يلفت انتباهها أي شيء لكن هذا العجوز قدم لها وردة اثناء حديقه مع يوسف دونأن يهتم لأي شيء ولكن لماذا؟!أخذت الزهرة منهم ثم سالت بهدوء:
_تقصد أي؟
نزر لها العجوز قليلًا ثم أبتسم:
_كما توقعت رقيقة أنتِ كزهرة وهشه مثل ورقاتها.
ثار يوسف بغضب وضيق طفح الكيل ليس كل مرة يذهبوا بها لمكان ويلتقوا بأحد يقوم بمغازلتها أو التعلق بها:
_يلا نمشي شكله راجل فاضي.
ضحك الرجل بكل صوته قائلًا وهو يتحرك بخطوات بطيئه نحو منزله:
_تحبها لدرجة ذهابك معها لأخر الحياة وكأنك تخشى عليها من نفسها، تغار عليها حتى من رجل عجوز مثلي وهي بلهاء لا تدرك قيمة كل هذا.