الحلقة السابعة عشر

1.7K 40 9
                                    

الحلقة السابعة عشر

وصلت عربية ضخمة عند المستشفى اللي محجوز فيھا عيسى، وراها عربية سودة نزل منها حارسين ضخام البنية بيراقبوا المكان من حواليهم لحد ما اتأكدوا إنه أمان، وبعدين اتجهوا ناحية العربية الضخمة وفتحوا الباب، خرج طارق منها وهو لابس نضارته الشمس رغم إن الجو بالليل، ولكنها متفارقهوش، وطلع على الدور اللي محجوز فيه عيسى، فتح الباب من غير استئذان، فاتعدل عيسى وهو بيراقبه بتوتر، أخد الكرسي اللي جنبه وقعد عليه وهو باصصله بصمت، فبلع عيسى ريقه وقال_قولت الكلام اللي أمرت بيه للظابط
ابتسم باستهزاء وهو حاطت رجل على رجل وقال_وده هيكفر عن اللي عملته؟
حاول يبرر لنفسه، فاتحامل على جسمه وهو بيتعدل وبعدين قال_على يدك يا طارق، أنا عملت كل اللي قولت عليه، ونفذت الخطة زي ما اتفقنا، إحنا اللي اتهاوننا مع قُصي وافتكرناه عيل نافش ريشه علينا وخلاص
فبصله طارق بقوة وقال_مراته اللي أنتَ كنت حاطتها معاك على أساس تكون نقطة ضعف ليه هي اللي وقعتنا يا عيسى
واحد من رجالتك شافها وهي واقفة مع دراع قُصي اليمين اللي اسمه معاذ
شوفت أنتَ مغفل قد إيه؟
بلع عيسى اهانته على مضض وحاول يتحاشى النظر عنه، فكمل طارق_نفذنا اللي عايزه قُصي وظهرت ليه بسذاجتك، دي نقطة ضعف لينا ومش كده وبس وأنا ظهرت بسببك، اضطريت أظهر واتعرف عشان الكارثة اللي اتسببت فيها والملايين اللي خسرتها على إيدك
سكت عيسى شوية وهو بينفخ بضيق، وبعدين رجع سأل بتردد تاني_طب ونصار
لسة عايش؟
ضحك طارق بقوة وبعدين قال_قصدك راجلك العبيط اللي معرفناش نلم اشلاؤه من تحت البيت اللي قُصي زرع فيه قنابل؟
اتصدم عيسى فكمل طارق_لا مش عايش
واحمد ربنا إنك مش مكانه
ريح طارق ضهره على الكرسي فقال عيسى_طب وهنردله اللي عمله ده ازاي؟
رد بابتسامة خبيثة اترسمت على شفايفه_رجالتنا في طريقهم لـ ڤيلا الراوي، قُصي زمانه وصل لحضن مراته دلوقتي بعد ما أخلوا سبيله، هنخلص عليهم كلهم واحد واحد
اتوسعت عين عيسى بصدمة وهو مش متخيل منتهى الجراءة والشر اللي وصلهم طارق، ولكنه تمالك نفسه وهو بيمنع ابتسامته السعيدة وقال_ولو طلع من بين ايديهم حي؟
خصوصًا إن زمانهم شددوا الحراسة عليهم؟
ابتسم طارق وقال_عندي بدل الحل عشرة
شد حيلك أنتَ وقوم وبلاش الدلع اللي أنتَ فيه، الظاهر هنودعك قريب لو فضلت مرمي زي الوالدة كده
ارتبك عيسى من كلامه وبلع ريقه بتوتر، فقام طارق وهو بيقفل چاكيت بدلته، واتحرك لبرا بغرور بعد ما رماه بنظرة مستهزئة على حالته....

------------------------------

صوت ضرب النار زاد بشكل ملحوظ، فاتشبثت فيه عائشة وهي بتتنفض برعب في حين صرخت_إيه اللي بيحصل يا قُصي!
اتلفت وهو بيضمها ليه بحماية، في حين بيحاول يلقي نظرة على اللي بيحصل تحت وقال_متخافيش
بعدها عنه واتجه لدرج التسريحة بتاعه، طلع سلاحه وفتح صمام الامان وحذرها وهو بيتجه عشان يقفل باب البلكونة كويس_خليكي هنا متتحركيش من مكانك مهما حصل
واوعي تقربي من البلكونة
كانت حاطة إيديها على ودنها ومغمضة عينها من عنف صوت ضرب النار، ولكنها جريت ناحيته وهي بتتشبث فيه وبتقول برجاء ممزوج بدموع_لأ يا قُصي
عشان خاطري متنزلش
بالله عليك مش عايزاك تروح مني!
كان صوتها خارج بارتعاش من قوة الرعب اللي جواها، فابتسملها واحتوي وشها بين إيديه ومال طبع قبلة عميقة وبعد عنها وهو بيقول_هرجعلك تاني متقلقيش
سابها وخرج وقفل الاوضة بالمفتاح من وراه لإنه كان كان متأكد إنها مش هتسمع كلامه وهتخرج من خوفها عليه، وبالفعل أول ما خرجت جريت واحساس الخوف عليه بيتفاقم جواها نزلت دموعها وقلبها ارتجف وهي بتحاول تفتح الباب ولكن من غير فايدة، فسندت عليه وقعدت على الأرض وهي بتكتم الصوت العنيف بودانها وقفلت جفونها بتضغط عليهم بقوة وهي بتقول_يارب
يارب احفظهولي
يارب احميه ليا يارب
أما برا، كان كل قلق قُصي على أهل بيته، متوقعش إنهم عندهم جرأة لدرجة إنهم يهجموا على البيت ووسط الناس، فأدرك إن طارق شخصية غير اللي اتوقعها تمامًا، وقبل ما ينزل لقى معاذ وعُدي طالعين ليه بسرعة في حين عُدي كان واخد مريم وأولاده الاتنين للأوضة عشان يحميهم، أما معاذ اتجه ناحيته وقال وهو بينهج_عدد كبير من رجالة عيسى برا
فقال قُصي بغضب شديد_جايين ينتقموا
جهز معاذ سلاحه، في حين رفع قُصي إيده اللي فيها السلاح ونزلوا الاتنين على تحت، فشافوا الهام ودليلة اللي كانت ضامة فرح قاعدين وبيرتجفوا من الرعب، فضرخت الهام وقالت_الحقنا يا قُصي هيموتونا!
دور قُصي بعينه على الموجودين وقال_جلال وياسين فين
فردت دليلة من وسط دموعها_خرجوا يشتبكوا معاهم، الحقهم بالله عليك هيقتلوهم
هز قُصي راسه بقلق، في حين نزل عُدي في الوقت ده وهو مجهز سلاحه هو كمان، فأشار ليه قُصي وهو بيقول بأمر_اطلع على الروف اصطادهم من فوق على قد ما تقدر
هز راسه بتفهم وطلع على فوق من غير تردد، أما قُصي فجهز هو ومعاذ اسلحتهم وشاوروا لبعض براسهم وخرجوا على برا
شافوا جلال وياسين وهما متدرايين ورا كراسي وبيصوبوا عليهم، أما كان فيه عدد مش قليل سواء من المهاجمين ومن الحراسة اتصابو بالفعل ومرميين على الأرض، كانت البوابة بتاعة الڤيلا لسة متفتحتش ومدخلوش، ولكن كانوا بيصوبوا من فوق السور اللي كانوا بيتسلقوا عليه، وعشان ميتعرفوش كانوا مجموعة ملثمين باين عليهم إنهم متدربين بمهارة.
جري قُصي ومعاذ كل واحد فيهم استخبى ورا عامود من الأعمدة الضخمة اللي في مدخل الڤيلا، وابتدوا يصوبوا بمهارة على كل اللي يقدروا عليه، وده بمشاركة جلال وياسين اللي التعب والاجهاد ظهر عليهم، في حين كان بالفعل عُدي من فوق بيصوب عليهم.
ابتدوا المهاجمين ينطوا من فوق السور، فاتحرك معاذ باشارة من قُصي للجانب التاني، فين حين جري قُصي لحد ما استخبى ورا الترابيزة  بعد ما قلبها، ولكن كانت المشكلة في إن ضهره مش محمي من ناحية الحديقة الخلفية، فخرج ملثم من ورا وقبل ما يصوب على ضهر قُصي كان عُدي شافه وصرخ باسمه وضرب الملثم رصاصة في راسه.
اتلفت قُصي على صوت عُدي فشاف الملثم وهو بيقع على الأرض، فقام وهو بينقل نظره بين الوضع قدام اللي ابتدى يهدى، واتحرك  بيجري وهو حاني ضهره ناحية ورا، اتسلل من جنب الحيطة وهو رافع مسدسه في تأهب واستعداد، وبص بطرف عينه لورا فشاف ملثم مقرب منه، وبدون تردد هجم عليه وخبطه بالسلاح على دماغه ومسكه من رقبته بدراعه، وعمله درع ليه، وبالفعل ابتدوا الباقي يصوبوا عليه ولكن كل الطلق كان بييجي في الملثم اللي كان ماسكه، فبمهارة اطلق عليهم  ورمى الراجل اللي في إيده واستخبى ورا الحيطة، وابتدى يطلع يضرب عليهم لحد ما خلص على كل اللي كانوا في الحديقة الخلفية، وقتها سمع إن الصوت هدي فلف من الناحية التانية عشان يتأكد إن الحديقة مفيهاش حد، ولما اتجهلهم قابل معاذ اللي اتنهد وقال_نضيف
بص لعُدي من فوق اللي صرخ هو كمان_نضيف هنا كمان
اتنهد قُصي وكان حاسس بالاجهاد الشديد، رفع إيده وهو بيتنفس بعنف وبيمسح العرق اللي اتكون على جبينه وهو بيتأمل في الجثث اللي في مدخل بيته، اتأكد ياسين وجلال إن الدنيا أمان فخرجوا من ورا الكراسي اللي متحامين فيها وهما بيتنفسوا بعنف
ولكن للحظة خرج ملثم من فوق السور وصوب سلاحة مباشرة على هدفه اللي كان عارفة كويس ألا وهو قُصي، وقبل ما يضرب عليه لمحوا قُصي ورفع سلاحه عشان يضربه ولكن كانت بالفعل الطلقة خرجت من سلاح الملثم واللي استقرت في قلب جلال اللي كان بالصدفة وقف قدام قُصي، وفلحظة ضرب قُصي رصاصة استقرب في راس الملثم اللي وقع على الارض من الناحية التانية وجري على جلال وهو بيصرخ برعب_بابااااا!
جريوا كلهم عليه، مكانوش مستوعبين اللي حصل، كان مرمي على الأرض وهو مصدوم وبياخد نفسه بالعافية، قلع قُصي التيشرت اللي كان لابسة وابتدى يضغط على مكان الجرح وهو بيصرخ برعب_اطلبوا الاسعاف بسرعة
فلحظة خرجت الهام ودليلة وفرح من جوا، اللي صرخوا بهلع أول ما شافوا المنظر وارتفع صوت صراخهم بقوة لدرجة وصلت لعائشة فوق، اللي اتنفضت بذعر وهي بتقول_قُصي!
للحظة اتملكها الهلع وهي بتحاول تفتح الباب، وكل اللي في بالها إن قُصي حصله حاجة او اتصاب، مكانتش قد فكرة إنها تخسره، أو إنها تشوفه غرقان في دمه بين إيديها، فبقت تحاول تفتح الباب وتخبط بعنف وهي بتبكي وبتقول_افتحوا الباب
ايه اللي حصل
يا قُصـي!
وبعد خبط عنيف لدرجة إن قوتها خارت ومبقتش قادرة تقف على رجليها وكانت بتشد على شعرها بهلع لقت الباب بيتفتح واللي كانت بتفتحه هي مريم اللي كانت مرعوبة هي كمان، فبدون ما تبصلها حتى جريت على تحت وهي بتدور عليه وسط الموجودين، لحد ما شافته
كان بيشيل ابوه مع معاذ وبيدخله العربية بتاعة عُدي، فبكت بانهيار وهي بتجري ناحيته ومش مصدقة إنه سليم قدامها_قُصي
اتلفت على صوتها واتألم على حالتها، كان جسمها كله بيرتجف عيونها منفوخة ووشها شديد الاحمرار، جريت عليه واترمت في حضنه بقوة وهي بتبكي بصوت عالي، فضمها بحنان وقبل مقدمة راسها وهو بيقول_متخافيش أنا كويس
اتحركت العربية اللي فيها جلال وركبت فيها الهام، أما فرح ودليلة وياسين اخدوا عربيتهم واتحركوا هما كمان
فضلت عائشة متشبثة بقُصي وهي بتبكي وبتقول_خوفت لأخسرك
كنت بحسبهم اذوك يا قُصي!
طبطب عليها وبعدها عنه وهو بيقول_متخافيش يا حبيبتي
أنا قدامك أهو سليم
يلا بس نتحرك على المستشفى عشان جلال اتصاب
هزت راسها من وسط دموعها اللي بتنزل بعنف، وبالفعل اتحركوا وركبوا العربية مع معاذ وسط ما عائشة كانت ضامة قُصي وهي مخبية في صدره وشها من المقبرة اللي كانت قدامها، فكانت حديقة الڤيلا مليانة جثث ودم بطريقة مرعبة...
وصلوا المستشفى في وقت قياسي، ولإن عُدي كان سابقهم فكانوا وصلوا بالفعل وهما بينقلوا جلال على الترولي، جري قُصي ووراه عائشة وهما متحركين مع الباقي ورا الترولي اللي ناقل جلال، المشهد كان مرعب بالنسبة ليها فجلال كان شبه مطلع في الروح ومش واعي تمامًا، على قد ما كانت بتكرهه ولكن في النهاية هو أبو قُصي، وبرضه متتمناش لأي حد الأذى بالشكل ده، دخلوا بيه اوضة العمليات، وكانت الهام في حالة انهيار ومصممة تدخل لجوا، في وقفها أحد الممرضين وهو بيقول بعملية_آسف ممنوع الدخول
بالفعل انهارت اكتر، فضمها عُدي وهو بيحاول يهديها على قد ما يقدر، وبينقل نظراته على معاذ وقُصي اللي كان مرتبك هو كمان
فاتكلم عُدي وقال_معقولة عيسى يبعت متدربين زي دول؟
شرد قُصي قدامه وهو بيحاول يقاوم الغضب اللي جواه وقال_لأ
اللي فوق عيسى هو اللي بعتهم
بصله معاذ اللي فهمه بسهولة وقال_طارق الهلالي مش كده؟
هز قُصي راسه من غير ما يرد، فزفر ياسين بتوتر وهو قلقان على حياته بعد اللي شافه وقال_طب وهنعمل إيه؟
الظاهر إننا غلطنا لما لعبنا معاهم، طلعوا أكبر مننا كلنا
بصله بطرف عينه وقال_يخرج جلال بالسلامة بس ووقتها أنا عارف هعمل إيه
ومتنساش إن إحنا مخلصين على كل رجالة اللي بتقول عليه اكبر مننا ده!
فبكت الهام وهي بتقول_بس ابوك اللي وقع ضحية كل اللي بيحصل ده!
اتنهد بهم واتجه ناحية الهام، وربت على كتفها وهو بيقول_متقلقيش، ان شاء الله هيقوم بالسلامة
جلال مش هيسيبنا بسهولة كده
بكت اكتر فجذها عُدي لحضنه تاني وهو بيحاول يواسيها على قد ما يقدر
عدى شوية وقت كانوا كلهم واقفين فيه على أعصابهم، ولإن المدة طالت جوا فكان قُصي متأكد إن الوضع خطر، خصوصًا إنه شاف مكان الرصاصة واللي كان متأكد إنها صعبة، وبعد مدة خرج الدكتور من أوضة العمليات، فكلهم جريوا عليه اما الهام فبكت وهي بتقول_طمني على جوزي يا دكتور بالله عليك
رفع الدكتور الكمامة من على وشه، وقال بارهاق ظاهر عليه_مخبيش عليكوا، الحالة وضعها مش مستقر، مكان الرصاصة كان حساس جدًا وقدرنا نخرجها بصعوبة، الحقيقة منضمنش حالة المريض هتبقى إيه، ولكن ادعوا إن الـ ٤٨ ساعة الجايين يعدوا على خير
خلص كلامه ومشي، فانهارت الهام على الكرسي وهي بتقول_جلال بيروح مني
ابوكوا بيروح!
سند قُصي راسه على الحيطة بهم، على قد ما هو وابوه عمرهم ما اتفقوا مع بعض، حتى جاتلهم فترة كانوا اعداء، إلا إن في الآخر صلة الدم اللي بتحكم!
حس بلمسة على إيده، فوجه نظره لقى عائشة بتملس على إيده بحنان، في حين بتبسمله بتشجيع، كانت عارفة قد إيه هو في صراع مع افكاره، بالذات مع حالة الصمت اللي هو فيها دي، فبادلها الابتسام على قد ما يقدر، ورجع سند على الحيطة تاني..

زوجة رجل استثنائي للكاتبة / منة ممدوح البناحيث تعيش القصص. اكتشف الآن