رِواية/ عِندمَا تَتَقاطع الطُرق: بَين الحُبِّ وَالحَقِيقَة.
الفصل الأول بِعنْوان/ عَرض قيد المُراجعة.
بقلم/ سلسبيل كوبك.
.
.
.
تََجلسُ علَى مَقْعَد تَسْتَند إِليه بظهرِهَا بَينمَا يَديها مُقَيدة عَبر أصفادٍ حديدية بتِلك الطَاولة أمَامها تنظر إلى الرجل الذِي يَسْتند بظهره إلى الحائط قِبَالها ويَعْقد ذراعاه مَعًا، كانت نظراتُهَا حادة غاضبة وأنفاسها حارة بَعدمَا نفسَّتْ عَمَّا كان يجول بخاطرها وألقتْ عليه كلماتٍ متلاحقة، كاد أن يُجِيبها حتى اِسْتمعَا لصَوتٍ يَشبه الاِنْفجَار.
قَرُبَ مِنْها لتَرفع بَصْرها إليه بعدمَا كانت تضع رَأسُها على المنضدة تُحِيطها بيديها المُقَيدة كـ رَد فعل تلقَائِي أثر تِلك الأصواتِ التِي أصَابتْ المَكان، طَالعها بنظراتٍ مُطمئِنة ليتجه إلى باب الغُرفة ويفتحه ليَخْرُج ويَرى ماذا يحدث بالخارج، ولكِنه تراجع بخُطُواته للخلف حينما رَأَى فوهة مُسدس مُصوبة إلى جبهته.
رمقها ذَاك الغَريب بنظراتٍ خَاطفة وَوجدها تحاول أنْ تُحَرر يداها مِن تِلك الأصفاد المُزعجة وَالتِي جرحتْ معصميها لينبس بكلمته الوحيدة ومَا زال مسدسه مصوبًا باِتجاه الرجل الأول:
-لا تتحركي.
مَا أنْ قالها وهِي اِمْتثلت له حتَى أَدَار فوهة المُسدس إلى الأصفاد وَأطْلق عليها رصاصتان لتَتحرر يداها وأعاد مُسدسه إلى ذَاك الغاضب الذِي كان يُطالعها بترقب وحَذر حيث أنها اِتْجهتْ لحَاملِ المسدس تجاوره.
كادت أن تغادر مَعه حتَى قَبَض الأول على يدها يجذبها إليه ونبس بسؤاله:
-هَل تمزحين! كيفَ لكِ أن تذّهَبي إليه!
-اُتْرُك يدي.
يدها الأُخرى قُيدَتْ مِن قِبل الآخر وأصْبَحَتٔ بَينهما وبلحظة غضب أَخْرج مَن كان يُرافقها بالغُرفة مُسدسه، لا تنكر قلقها علَى كليهُمَا لتبتلع لُعابها وأَغْلقتْ مقلتاها تحاول أنْ تَحسم قرارها، ولكِن بتِلك الثواني صَدى صَوت رصاصة خَرجت مِن مُسدس أحدهما..
.
.
كُنتُ أَظنُ أَننِي عِشتُ مُغَامرات كَافية وَلكِن منذُ لحظة زَواجي بِه، بَدأتْ المُغَامرة الحَقِيقَية.
-أَلِيسة!
لا يَكُف أحدٌ عَنْ مُنادَاتِي لَيتهُم يَنطقونه بشكلٍ سَليم!
زفرتُ الهواء مِن حَولي بضِيق وَقَبضتُ علَى الفُرشَاة لتمشِيط خُصْلاتِي أُجَمعهُم للأعلَى عَبر رَبطة الشعر، اِرْتفعَت نَبرة صَوتها وَهِي تُنادِيني فجَذَبتُ حَقِيبتي لأرتَدِيها وَاَتٔجَهْتُ للأسفل.
سِرْتُ فِي ذَلك الممر الطَويل حتَى اِنْتَهَى لأهبط الدَّرج سِلمة تِلو الأُخْرى ثم اِنْعطَفتُ لليمين حيث غُرفة المَعِيشة ثم غُرفة الطَعام، وَقَبل ذهابِي للداخل حتَى وَجدتُهَا تَعْقَد ذراعاها.
-اِجْتَمعَ الكُل قَبلك، يا أَلِيسة.
-دادة، اِسْمي أَلِيس وَليس أَلِيسة، أَخْبرُكِ بهذا مِن ست وَعشرين عامٍ.
-وَأنًا مِن ست وعشرين عامٍ أُعْلمكِ قواعد هَذا المَنزل، علَى الكُل الاجتماع فِي وقتٍ مُحدد.
-دادة، أَعْلم ضَوابط هَذا المَنزل.
أَحَاطتْ كتفاها بِذراعيهَا وَأَدَارتُهَا نحو بَاب الغُرفة لتُشير على الجالسين بسبابتها تقول:
-وَلكِن هؤلاء أُنَاس لا يمكُنني الجلوس مُعهم دقيقة خارج إطار تناولي للطَعام.
-أَلِيس!
-قادمة، أبي.
اِتْجهتْ لداخل الغُرفة وَسَحبتْ المَقْعَد المجاور لأبيها مَن يراهُمَا لأول مرة لا يمكنه تخْمِين أنها اِبْنته، أَخْذتْ كَل مَلامح أُمها، وَخُصْلاتها الصفراء وَعينيها الزرقاء.
بَدأتُ أَتنَاول الطَعام وَلمْ ألاحظ مَن وَقفَ خلفي، أبي أَنْهَى طَعامه علَى غير المعتاد وَمَسَح يداه بمنديل الطعام ليَرمِيه بغضب وَينبس بكَلماتِه:
-لقدْ خُنت ثقتي.
-س...
قاطعه بصراخه الغاضب:
-اُصْمُتْ.
أَشَار بسبابته إلى أحد الحارسين خَلف ذَلك الخائن ليتقدم مِنه يحمل مُسدسًا، ليردف والد أَلِيس:
-أنتَ تَعْلم ثَمن خِيانتِي، لتفعلها بنفسِكَ.
قَبَضَ الخائنُ علَى المُسدس بيدٍ مُرتجفة ليرفع رأسه نحو زعيمه الذِي خانه وَقَدمَ معلوماتً تُدِينهُ لأحد أعدائِه ليرفعه إلى رأسه يغْلق مقلتاه، وَقدْ تراجع الحارسان للخلف حتَى لا تُغْرقهُم دَماءَه.
أردف يقول وَقدْ أَدَارَ بِفوهة مُسدسه إلى زعيمه يقول:
-إن كُنت ميتًا بِكُل حَال، لِمَ لا نموت معًا!
قَبَضَ زَعيمهُ علَى كأس المَاء يرتشف مِنه ببرود، وَفِي لحظة قَبَضَ أُسامة اِبن عمي علَى سكين الطَعام وَنهضَ مِن جِواري يَلتفتْ بكَامل جسده له، ليبعد يده الممدودة باِتْجاه أبي وَيضغطُ علَى معصمه ليسقط المُسدس بَينما سكين طَعامي قدْ اِخْتَرقَتْ معدته.
كُل مَن يَجْلس دَاخل تِلك الغُرفة يحمل دماءً إجرامية، جميعهُم دَاخل ذَلك الوَحل المُظلم مَا يُسمى بالمَافيا، وَلكِني اِسْتثنَائية لمْ يقبل أبي بأن أدخل لذَلك العالم أو لنكن صريحين أنَا مَن رَفَضتُ، قررت عَيش حياتِي بِطريقةٍ مُختلفةٍ عَن تَقَالِيد تِلك العائلة.
كُل يومِ أَخوض مُغَامرة جديدة أَزُور بلدًا مِن حِين لآخر، فأنَا وُلِدتُ لأُصْبح حُرة.
أنت تقرأ
عِندمَا تَتَقَاطع الطُرق: بَين الحُبِّ والحَقِيقَة
Romanceالحُبّ وَالحَقِيقَة وَجهانِ لعُملةٍ واحدةٍ، يتشَارِكَان فِي العديدِ مِن السماتِ وأحْيانا يَنْتَهِي الطريق بِهُمَا، ولكِنَ الطُرقات تَتَقاطعُ وَيُصْبح الإنسان مُضطرًا لِسلكِ طَريقٍ واحدٍ. ثمةَ لِقاءَاتٍ لا تخْضعُ للصُدفةِ، بَل تُنسج بخيوطِ القدر. فِي...