رِواية/ عِندمَا تَتَقاطع الطُرق: بَين الحُبِّ وَالحَقِيقَة.
الفصل السَادس عشر بِعنْوان/ لا تَعُدْ، أنْتظِرُكَ عُدْ.
بقلم/ سلسبيل كوبك.
.
.
.
اِنْتَبهتُ إِلى رَنين الهَاتف بِقَبضتِي لأفِيقُ مِن شرُودِي وأُجِيبُ إِلى اِتصَال بتُول أَرفعُه إِلى أُذُنِي أسْتمعُ لكَلمَاتها:
-لنَلتقِي.
-أنتِ بخَير؟
تسَاءلتُ وأنَا اَتجهُ إِلى خِزانتِي أُخْرج مَنَامة لأضعهَا فَوق السَرِير حِينما اِسْتمعتُ لنَحِيبهَا هَل تَبكي! جَاورتُ منَامتي علَى الفراش وعُدتُ لأسْألُهَا:
-هَل أزعَجتكِ عُلا؟
-تُريد أن تُزَوجُنِي برجل يَكْبرُنِي بعشر أعْوامِ فأكثَر.
-هَل جُنَّت تِلك المَرأة!
-وبالطَبعِ صَمتِ كَكل مَرة.
-حَاولتُ، أقسمُ أنَنِي حَاولتُ ولكِنها هَددتنِي.
-لنَلتقِي بالغَد ونتحَدثُ حَول هَذه المُصِيبة.
-لا تخلفِي عَن المِيعاد كالمَرة السَابقة.
-لا تقلقِي سأخْبرُ المَجرمِين ألا يخْطفُونَنِي بالغَد وأن يُخَططوا الأمر فِي مِيعاد أخر.
-لا تسْخَِري مِني.
-حَسنا.
أغْلقتُ المُكَالمة لألتقطُ منَامة أَرتَدِيها بسُرعةٍ؛ حتَى لا يخْرج فَريد علَى غَفلة مِني، كَانت القطعَة العُلوية تُغٍلق بأزْرار لأكشفُ عَن ذِراعي المَجْروح أنظرُ إِلى جَرح الطَلقة لأرْتدِي السُترة العُلوية وأغْلقتُ أزْرَارها عِندمَا شَعرتُ بخرُوجه مِن الحمَّامِ.
طَالعُته لأرتبكُ عِندمَا وَجدتُ جذعه عَاريًا ولكِني اِنْتَبهتُ إِلى ندوب جَسدِه لأندَهش مِن كَثرتهَا، لمْ يَسبق لِي رؤْيتهُم ولكِن يَبدو أنهُم مِن مُدة علَى عكس جَرحه الجَدِيد.
لا أعْلم مَتى وَقفَ أمَامِي لأشعرُ بقَطرَات المَاء تَسْقطُ علَى وَجهِي أثر خُصْلاته المُبَللة لأبْتلعُ الغَصة بحَلقِي وأَنبس بتَلعثُمٍ:
-ألا يَجب علَيك اِرْتدَاء شَيئًا؟
-ومَن سيُضَمد لِي جَرحي، أيتهَا الطَبيبة؟
قَبضَ علَى كَف يَدي ليَرفعه إِلى مَوضع جَرحه لتَنكَمش أنَاملي عِندما لمستُ جَلده المُبلل وعَضلاته المُتصَلبة أسفل رَاحة يَدي، عَينَاء تغُوص بمَلامحِه وأصَابعي تمَردت إِلى بَقِية الجرُوح ولسَاني أصَابه الفضُول ليَنبسُ بسُؤاله:
-متَى أُصَبت بكُلِ هؤلاء؟
-لكُلِ جَرح قَصة وألم ونَدبة لا تُشْفَى، أيتُها الطَبيبة.
-لنَعْتَنِي بهذا الجَرح أولًا.
رَفعَ أمَام وَجهي علبة الإسْعَافات الأوَلية وتقَدمني ليَجلس فَوق السرير لأنتبهُ إِلى أفْعَالي وأوبخُ نَفسي لشرُودِي به، أغْلقتُ مقْلتاي لأُعِيد فتحهُما وأحَاول التخَلي عَن إحْراجي.
جَثوت علَى رُكبتيّ أمَامه لأُخرجُ المُطَهر والقطن وأشرعُ فِي تَنظِيف جَرحه وأُضَمده بالشاش، نَهضتُ أُعِيد الأدوَات وأُنَظف يَدي ثمَّ عُدتُ للسرِير أسْتلقِي علَيه ومَا أن لامسَ جَسدي الجزء النَاعم أسْفلي حتَى تَنهدتُ بِـ رَاحَة وابْتَسَمتُ بتلقَائية والآن يمكُنُنِي النوم لبضعِ سَاعات متوًاصلة عكس المُدة المَاضية لمْ أنَال قَسطًا كافيًا مِن النوم.
نَظرتُ إِلى يَمِيني لأجدهُ يُقَابلُنِي بوَجهه، وجروح جَسدِه القَديمة بَارزة أمَام أعْيُنِي لتُثِير فضُولي ورَأيتُ ندوبًا تملَأ ظَهره ولأولِ مَرة ينَام أمَامي بجذعه عَاريًا، ألا يَسْتَحِي!
اِمْتَدت يَده التِي لطَالمَا عَرفت طَرِيقهَا لجَسدي وبالأدقِ خَصري ليَجذبُنِي إِليه ويَهمَس أمَام وَجهِي:
-أي جَرحٍ مِنهُم يُثِير فضُولك، أيتهَا الحَسناء؟
رفعتُ بَصرِي نحْو عَينيه أبْتلعُ لُعَابي ليُبَاغتُنِي بقُبّلته بمُنتصفِ عُنقِي ثمّ رفعَ بَصره إلىّ يهْمس أمَام وَجهي المُتجمَد وجَسدي المُتصلب بَين ذِراعيه:
-ألمْ يَحِن الوقت، يا أَلِيس؟
كَانت نَبرته أشْبَه برِجَاء وليسَ سؤالًا، هذَا الرجل غَريب يَطلب الإذْن لاقْتحَام حصُونِي وكَأنه خَائف أن يكُون غَير مُهذَب وكَأنِي لستُ مِلكهُ وزَوجتهُ أو رُبمَا هُو لا يُعَاملُنِي كزوجَة، تَوقفتُ للحظَاتٍ أُفكرُ مَاذا أعْنِي لفَريد ليَبحثَ عَني دَاخل الغَابة لأيَام ولمْ ييئس حتَى وَجدني، ويتَخَلى عَن عَمله ويأتِي لِي مُهَرولًا لحمَايتي، يُؤذِي كُل مَن يَقدم علَى أذِيتي، ويَصْنع لِي مكَانًا أُمَارس بِه هَواياتِي، يحْملُنِي بَين ذِراعيه وكَأنه يَخْشى علَى قدَميّ مِن الأذْى، يُطَالعُنِي بنظرَاتٍ حَنونة لمْ أعتَادها لدَيه كَلمَات يَحْبسهَا دَاخل عَينيه ولكِني أعجزُ عَن قرَأتها، والآن يَنظرُ إلىّ دونَ مَلل باِنتظَار إجَالتي ولكِني حَائرة وعَاجزة عَن أخْذ القرَار، فمَاذا إن رَفَضتُ ومَاذا إن قَبلتُ؟ مَا عوَاقب كُل اِخْتيَار؟
اِقٍتربتُ مِنه أدنو بوَجهي نحْو المَنطقة السُفلى مِن وَجهه حيثُ فَكه لأُقَبّله ثمّ بَاغته باِبْتعَادِي إِلى مَنطَقتِي علَى السرِير ونَبستُ بقَولي:
-تِلك كَافية اليَوم، لا تظُن أن عَلاقتنا ستُصْبح جدّية بَين لَيلة وضُحَاها، أيهَا الوَسيم.
قُلتُ جُملتِي الأخِيرة وأنَا أغْلقُ مقْلتَاي أسْتعدُ للنَوم ولكِن تُوجد لَسمة تَتراقص فَوق ثَغري حَاولتُ مَنعها ولكِنها تمَردت، وفرَاشات تُحَلق بقَلبي الذِي نَبضَ بعُنفٍ، وأفكَار تزَاحمت بعَقلي ولا تَخْلو مِن فَريد.
يَده المُتمَردة هَل علىّ قَطعُهَا! تمَردت ثَانية إِلى خَصري ولكِنها سَكنت بمكَانها ولمْ تُصدر أفعَال أُخْرى مِنه لأُدِير رأسِي نحْوه وأرَاه نَائمًا علَى الوسَادة يَراعي المسَافة بَيننا ولكِن يَده لمْ تَتعلم اِحْترَام خُصُوصية الأخَر بعد، رَفعتُ يَدي إِلى خَاصته لأُعَانق أنامله وأسْتَسلمُ للنوم.
أنت تقرأ
عِندمَا تَتَقَاطع الطُرق: بَين الحُبِّ والحَقِيقَة
Romanceالحُبّ وَالحَقِيقَة وَجهانِ لعُملةٍ واحدةٍ، يتشَارِكَان فِي العديدِ مِن السماتِ وأحْيانا يَنْتَهِي الطريق بِهُمَا، ولكِنَ الطُرقات تَتَقاطعُ وَيُصْبح الإنسان مُضطرًا لِسلكِ طَريقٍ واحدٍ. ثمةَ لِقاءَاتٍ لا تخْضعُ للصُدفةِ، بَل تُنسج بخيوطِ القدر. فِي...