٤/دَاء!

37 5 0
                                    

رِواية/ عِندمَا تَتَقاطع الطُرق: بَين الحُبِّ وَالحَقِيقَة.
الفصل الرابع بِعنْوان/ دَاء!
بقلم/ سلسبيل كوبك.
.
.
.
لمْ أُعِ لتِلك الأصواتِ مِن خلفي كُنت أركضُ وكُل مَا يَشْغلُنِي الهروب مِن قبضتهُمْ، حِينما قُتِل الأوَل اِسْتَغليتُ الفُرصة وَلكِن أحدهم يُلاحقني.
لا أعْلم المدة التِي ركضتُ فيها ولكِني أُرْهقتُ، فلا مَفر سِوى هروبي. اِصْطَدمَتْ قَدمِي بحَجرٍ لأَئِنُّ فوقفت للحظاتٍ أَسْتَندُ براحة يدي إِلى جذع الشجرة جِواري وَقدْ لُصقتْ خُصْلاتي علَى جَبهتي وَعُنقي بفعل حُبيبات العرق التِي ظَهرت أثر مَجهوُدِي الذِي بَذلتهُ فِي محاولة مِني للهَرب لا أَعْلم أينَ أنا أو كمْ مَرَّ على بَقائي دَاخل تِلك الغابة المُظْلمة.
اِسْتَمعتُ لخُطُواتِ بالجِوار فنَهَضتُ مَرة أُخْرى وَأَكْملتُ تِلك الرحلة المجهولة، ولكِن هُناك صوتٌ بِدَاخلي يَسْتنكرُ مِن أَفْعال ذَلك الأحمق، إن أَرَادَ قَتلي كانَ فَعلهَا بِمِصر بَدل تِلك المَشقَة.
اِنْزَلقتْ قَدمِي لأَسقطُ وَيتَدحرجُ جَسدِي عِدّة مَرات حتَّ اِنْتَهَى بِي المَطاف اَصْطَدمُ بِجذع الشجرة الضَخم ليَسْتقرُ جَسدِي بِالأرض أُطَالعُ السماء الدَاكنة حيثُ يبرز القمر وَهُو شبه مَكتَمل يَنْقصهُ القَليل، كـكُل شيءٍ يَخُصّني.
لا أَعْلمُ مَتى أَصْبحتُ بَين ذراعيه يُرَاودنِي شعور غريب رائحتهُ مُميزة. هَل لمْ أمُتْ وَبقيتُ علَى قيد الحياة! فتحتُ أجْفانِي بثِقل ليُقَابلني فَكهُ الحَاد، حَاولت أَمُدُّ رَأسي لتَتضح لِي مَلامحهُ ولكِنها ضبابية، كانَ الظلام مَا زال مُسيطرًا.
أَغْلقتُ عيناي حِينما باغتني أحدهُم بتُوجِيه كشاف نحوي أو رُبما لتَوضِيح الطَريق لذَلك الذِي يَحْملُنِي وَبالكَاد يَرى مَا أسفل قدمه.
صوته كانَ قويًا غاضبًا وَداخله القَليل مِن القلق:
-اَجْعلُ الطَبيب يسْبقُنَا لهُناك.
-كمَا تأمُر، سيدي.
فَتحتُ جفناي ثانيةً لأرَانِي أجْلسُ فِي أَحْضَانه وَالسَيارة تتحرك، رددتُ بلا وَعيٍ وَقدْ تَجمعّتْ الدموع بمقلتيّ:
-لِمَ تَأخَّرتَ؟ أنَا أَخْشَى الظَّلام.
شَعرتُ بتِلكَ اليد الدَافئة مَرة أُخْرى علَى وَجنتي يَضُمنِي إِليه أكثر حتَّى دُفِنت رَأسي بِعُنقه وَقدْ تمردت تِلك الدَمعة الحَارة ليشْعر بمَلمسُهَا على بَشْرته بَينما أنَا عُدتُ لأغْلق أجْفانِي ثانيةً وَلمْ أَسْتيقظْ مِن بَعدها.

.

.

.

بَاعدتُ أجْفانِي لأرفعهُمَا لأعلى وَيُقابلُنِي الظَّلام مَرة أُخْرى أتساؤل عمَّ إن كُنت دَاخل تِلك الغَابة المُظلمة للآن!
شَعرتُ بِحَركة جَواري ويدًا أَضَاءَتْ مَقْبس الأبَاجورة علَى المَنضدة بجانب السَرير الذِي أَرْقدُ علَيه لتَتضح لِي مَلامحهُ، جَلسَ بِجَانبي لتَمْتَد يَده إِلى وجنتي ينبس بسؤاله:
-أنتِ بخير؟
-مَاذا حدثَ لِي؟
رَفعتُ يَدي إِلى جبهتي لأَشْعر بتِلكَ الكمادة البَاردة.
هَل حَالتي سَاءت كثيرا؟
هَل أتْعَبتهُ مَعي؟
كَيفَ وَجدنِي؟
وَماذا عَن هؤلاء الرِجال؟
الكَثِير مِن الأسْئِلة تُرَاودُنِي ولكِن مَلامحهُ لا تُشجعني وَخاصةً بَعد سؤالي الذِي لمْ يَجِبْ علَيه.
-بمَ تَشْعُرِين الآن؟
حَاولت الاِعْتدَال ليُسَاعدُنِي وَقدْ أَحَاطَ خِصري بِكلا ذراعيه، لمْ يَحْتَج للكثير فقط رَفعني قَلِيلا وَوضع وسادة خَلفي، فنبست أردد:
-أُرِيد كوب ماء.
أَحْضَر لِي الكوب لأرْتشفُ مِنه القَليل وَأَضعها بجانبي أَرفعُ يَدِي إِلى خُصْلاتي أُعِيدهم للخلف، ولكِنهم عادُوا ليَزْعَجونِي وَيَتمردُوا علَى وَجهي، اِقْتَربَ مِني بشكلٍ جَعْلنِي أتوقف عَن التنفس لوَهلة وتفاجأت بِه يدنو مِني وَيده تَتمردُ إِلى خُصْلاتي يَجْمعهُم للأعلَى ويَعْقدهُم معًا.
-هَل تُرِيدِين تناول شيئًا؟
-لا، منذُ مَتى وأنا هُنا؟
-ثلاثة أيام.
فَرَقتُ شفتَاي بِدَهشة بَينما هُو رَكزَ عليهُمَا لحظَات وَوجدتهُ يَبْتعد عَنْي يقول:
-لنتحدثُ عِندما تتحسنِين.
أعْطَاهَا ظَهره وَكاد أنْ يُغادر حتَّى رددت بقولها:
-لِمَ دومًا تُؤَجل الحَدِيث!
ثَبُتَ بِمكانه ومَا زلتُ لا أَرَى سِوى ظَهره لمْ يَجِبْ وَيده كالعادة فِي جيب بنطلونه الأسْوَد، نَظرتُ إِلى ثِيابي لأجدها قدْ بُدّلت وَلمْ أَحتَج للتخمِين فَعلهَا هُو.
-كَيفَ ذهبتِ لهُناك؟
سَألنِي وَمَا زَال بتِلك البقعة السوداء التِي لا يَصل إِليها ضوء، قُلت بقَلِيل مِن الاتهام:
-ألمْ تفعلُهَا أنت!
أَدَارَ ظَهره إِلَىَّ وقدْ عُقد حاجبه مَع الآخر لأجدهُ يَمِيل نحوي بجذعه العلوي يتساءل بحَذر:
-مَا الذِي تُشيرين إليه، سيدة أَلِيس؟
عِندمَا شَعرتْ بنبرتهُ الحَادة أشَاحت نَظرها عَنه وأجَابتهُ بِقولهَا وقدْ عادتْ بذَاكرتها للحَادث:
-عِندمَا خرجتُ مِن المَطار وجدتُ رجلًا يَحمل لافتة كُتب علَيها «زوجة السيد فريد حَرب»، ركبتُ مَعه وَبَدأ يَسْلكُ طَريقًا فَارغًا تُحِيطه الأشْجار العَالية مِن كُلِ مَكان حتَّى تَوقف وَخلفنا سَيارة أُخْرى...
اِلتَفَتُ إِليه لأرَاه يُصَوب فوهة مُسدسه نحوي يَبْتَسم لِي بأكثر الاِبْتسَامَات خُبثا، وبحَذرٍ مَددتُ يَدي نحو مَقْبض البَاب أفتحه لا أَعْلم كَيف أَتت لِي الجراءة أننِي أَخْرجُ مِنها وَبِالفعل أَطلقَ علَىّ ولكِني اِنْحَنيتُ أتفَادى رصاصته.
نَظرتُ خَلفِي لأجدُ أحدهُمْ يُصَوب نحوي فصَرختُ وَوَضعتُ يَدي علَى وَجهي وزِدتُ مِن اِنحنائي ليَهبطْ ذَلك السَائق ليَقْبض علَى ذراعي يدْفعُنِي باِتْجَاه السَيارة ليَصطدمُ جَسدي بِها وَأَئِن بِألم، صرخ علَىَّ بِلهجته الأجْنَبية فلمْ أَفْهمها وَلا يوجد لدي مُتسع مِن الوَقت لأُفكر فِي مَعنى ما يقصده مِن السياق.
أُحِطت بِهم مِن كِل اِتجاه لا مفر لِي يطالعونَنِي وَيَبْتسمُون وَكأنهم وَجدوا الفَرِيسة التِي سَتُلائِم وَلِيمَتهُم، مَرّت ساعة فِي الغَالب وَقدْ تَمَلك مِني الرُعب، هَل تِلك الحَركات التِي تعلمتُهَا عَلى يد أبي تَفْلح وأنَا مُحاطة بخمسة رجال مُسلحين!
غَادر أحدهُم ليُجِيب علَى الهَاتف ثم عَاد ليُشير إِلى صَاحبه بِرأسه حِينها تقدمَ مِني وَقبض علَى كتفي يضغط عليه بثِقله لأئِنُ، أجْبَرنِي علَى الجلوس بِالأرض أجثو علَى ركبتيّ ليقف أمَامي يُخْرج مُسدسه يُدير فوهته نحوي حَاولت التحدث إليهم ولكِنهم لا ينصتون، يبدو أنهُم مُخلصين لرب عملهُمْ؛ لذا اِسْتَسلمتُ للأمر الوَاقع وَأَغْلقتُ مقلتاي، صوت الطلقة اِخْتَرقَ أُذني ولكِني بخيرٍ ولا أَشْعرُ بالألم، مَا أن فتحتُ أجْفاني حتَّى رَأيتهُ يَسْقطُ أمَامي جثة.
حَدثتْ زَعزعَة فيما بينهمَا فلمْ أُفَكر كثِيرًا حتَّى نهضتُ واِنْطَلقتُ لذَلك الطَريق العشوائي بأقْصَى جهد وطَاقة عَن مَصدر الرصاص، ولكِن حَركتي تِلك لمْ تَغِبْ على أحدهم وَتَبعنِي للدَاخل.
قِلة مَن يَعْرفون أَنني أَخْشَى الظَّلام ولكِن علَىَّ مَواجهته؛ لأني سَأموت بأي الطَريقتَين إِما مِن خَوفي أو بهَذا العدو الذِي لا أعْلم هُويته وَيحاول قتلي.
لمْ يَبْتَعد عَنْي، ولمْ يَمَلُّ مِن وقوفه مُنحني يَنصتُ باِهْتمَام وَاضح علَى تعابير وَجهه.
اِبْتَعدَ عِندمَا أنْهَيتُ حَديثي وَنَظرتُ له، ليُردد جملة كانت غَرِيبة لي جَعلتُنِي أتساءل أَهُو شخص مُتخفِي بثَوبِ الإجْرَام!
-أعتذر عمَّا جَعلتك تُعيشينه تِلك اللَيلة.
-فَلتخْبريني كمْ إِصَابة أُصَبتِ بِها بِذَلك الحَادث.
سؤاله أغْرب مِن اِعْتذَاره فهَتفتُ دون وَعِي:
-لماذا!
-هَذا يَخُصّني أنا، فلتَرتَاحِي الآن ونُكمَل حَدِيثنا بالغد.
تَركها وَغَادر بَينما هِي تَعجَبت مِن ذَلك الفَريد، اِقْتَرب مِن حَارسه ينبس بسؤاله لهَذا الواقف أمَامه:
-هَل اِعَترفَ أحدهُمْ؟
نَفى الحَارس برأسه يخْفض بَصْره بالأرض ليسأله ثانيةً بقوله:
-مَن يَعْلم بزواجي سِوى نيكولاس؟
-لا أَعْلم، رُبما السَيد نيكولاس أَخْبر أحدهُم.
-نيكولاس لا يفعلهَا، لا يغدر بِي.
-حاول مَرة أُخْرى.
اِتْجه فَريد إِلى غُرفة مَكتبه ليَجْلس علَى الأريكة يَعُود بِرأسه للخَلف يَتَذكرُ حِينما أتَى لهُ الخَبر، كانَ قدْ أَرْسَل لهَا سَائقه ولكِن بطريقة مَا لمْ يَصل للمَطار فِي المَوعد المُناسب وَركبت أَلِيس مَع الرجل الآخر.
خلال سَاعة كانَ قدْ قَلبَ البلد رأسًا علَى عُقب لمْ يَهْدأ لهُ بَالًا حتَّى أَنه أَلغَى اِجْتمَاعه الذِي كانَ سيُعْقَد بَعد ثوانٍ، مَا أن عَلِم حتَّى غَادر مَكانه يقود سَيارته بأقْصَى سرعة قدْ يَمْلُكهَا مُخَالفًا القواعد وَالقوانِين.
-ألا تعْلمُوا مَن تكون! إنها زوجتي.
كَانت عَلامَات التعجب علَى وجوه حُراسه إنّه أخر شيءِ قدْ يَتوقعُوه مِنه، فلمْ يَخْبرهُم سِوى أنهُم سَيحْضرون فتاةً تُدعى أَلِيس قادمة مِن مِصر.
-سَيدي، نحنُ بَحثنا فِي الجِوار ولمْ نَجدُهَا.
-بِغضونِ ساعةٍ إن لمْ تَخْبرونِي بمَكانها، سأقْتلكم.
تمَ تَفْرِيغ الكَاميرات وقدْ اِسْتمَد فَريد المُساعدة مِن نيكولاس الذِي يعْلوه بِمجَالهُم، وَجدهَا تَسير مَع ذَلك الرجل وَصَعدتْ مَعه بحُسن نية.
-سيدي، لقدْ حَصلنا علَى طَرِيق الغابة، اِنْقَطعت كَاميرات المرُور عِندها.
-هَل تَنْتظر الإذن لتَبحث فِيه!
قَالها بغضبِ ليَسْتقل سَيارته يَقودها باِتجاه الطَريق الذِي اِنْتَهت فِيه الكَاميرات المُراقبة، بَدأوا يتفرقون لمَجموعات بحثًا عَنْ أي طَرف خيط، وَكَان أحد الحُراس مَن أطلق رصاصته ليَبدأ الشجار بَينه وبَين الطَرف الآخر.
حَلَّ الليل وَهُم لمْ يَجدوها، كانوا يبْحثُون بكلِ إنش ولكِنها لا تظْهر حتَّى ذَلك الذِي تبعها لمْ يَعْثر عليها وقدْ فقدَ الأمل، كانَ يخْتبَئ يَنْتظر الفُرصة للمُغَادرة؛ لأن رجال فريد أَحَاطت المكان كُلَّه.
-سَيدي، لمْ نجد أثرًا لهَا.
أغْلقَ مَقْلتاه وَاسْتَندَ إِلى الجذع بجِواره ليَشْعر الحَارس بالاِرتبَاك وَيَبْتَعدَ عَنْه خوفًا مِن بَطشه.
اسْتَمَر البَحث ليومين حتَّى حَلّ الليل عليهُم ثانيةً، وكانَ البَحثُ مُرهقًا؛ لأنها بعدما رَكضت لمسافة كبيرة تَدَحْرجت لمَنطقة أُخْرى وهَذا مَا صَعّبَ العثور عَليها.
كانَ يَسِير بجِوار حَارسه لتَنْزلق قَدمه وَقَبل أنْ يَلحق بِه الحَارس كان قدْ تَدحرج للأسفل ليستقر علَى ظَهره يُطالع السمَاء بَينما كشَافه أُلقَى بِه بعيدًا يَسْتَمع لصراخِ الآخْرِين باِسْمه، نَهضَ مِن مكَانه ليتقدم مِن كشَافه الذِي أَفْصحَ له عَن وجُود أَلِيس المُصْطَدمَة بالشجرة الكبيرة نَبسَ هَامسًا باِسْمُها:
-أَلِيس!
قَبضَ علَى كشَافه وَاتْجه نحوها يَرفعهَا إليه ليَصْبح رأسهَا علَى صدره ومَدَّ يده إِلى رسغهَا ليَشْعر بِالنَبض؛ ولكِنه لا يَشْعر بِه ليُردد اِسْمها بقَلق وَسَار بيده صاعدًا إِلى عُنقهَا حيثُ الشريان الرئيسي وقدْ اِسْتَطَاع الشعور بنبضها الضَعيف.
-سَيدي!
-أنت بخير؟
وَصلوا له يَطْمَئنون علَى حَاله ليضع ذراعه أسْفل ركبتيها وَيحْملُهَا بَين ذراعيه يَنْظر لوجهها المُتسخ وخُصْلاتها المُبَعثرة، كانت بِحَالةِ يُرثى لها.
كَادت أن تنام حتَّى اِنْقَطعتْ الأضواء لتَعْتَدل بِجَلستها تَشْعر بِالخُوف حَاولت البحث عَن هَاتفها ولكِنها لمْ تجده، لتُزِيل الغطَاء عَنها وَتَسِير وَهِي بالكَاد تَرى مِن ضوء القمر خَلف النافذة الزجاجية، اِصْطَدمت قدماها بالطاولة لتَئِن بألم، ولكِنها أَكْملتْ سَيرها حتَّى وَصلت للبَاب وَفتحتهُ.
وَضعت يَدها علَى السور الذِي وجدته عَن طَريق مَدّ يدها للأمَام تبحث عن شيءٍ تَسْتَند إِليه، بَدأت تهْبَط درجة تِلو الأُخْرى، تفتح عيناها علَى مُتسعهُمَا لعَلهَا تُدْرك الطَريق مِن حَولها.
شَعرتْ بيدٍ تَلتف حَول خِصرها تدفعها بقُوة علَى الحائط خلفها لتتأوه، وَجَدتهُ يَبْتعد عَنها مَا أنْ أَدركَ هُويتها ليُخْرج هَاتفه يُضِيء كشَافه بَينما هِي تَتنفس بحِدة ولحُسن حظها لمْ تَرَ تِلك السَكِين التِي وضعها خَلف ظَهره.
-أنتِ بخير؟
أومَأت بِرأسها لمْ يَحْتَج الكَثير ليعْلم سبب نزولها، وَلكِنها تفاجأت عِندما وَجدته يَضع هَاتفه المُضِيء بِقَبضتيها وَاِنحَنَي ليَحْملها بَين ذراعيه، شَهقتْ وَهِي تَلفُ يَدها حَول عُنقه، كَانت تُحدق بِه وَتَتأمل مَلامحه لتَشْرد بِه دون وَعي لتَنتَبه إِليه حِينما ردد:
-الطَرِيق الجهة الأُخْرى وَليس بِوَجهِي، سيدة أَلِيس.
خَجلتْ وَوجهتْ الهَاتف للجهة الأُخْرى لتَخْفض عيناها عَنه حتَّى وجدته يَضْعهَا علَى السرير وَهَاتفه بجِوارها علَى المَنضَدة الصَغيرة، لا تعْلم أينَ اِخْتَفَى ليعود لهَا بَعد أنْ أَبدَل ثيابه واسْتَلقَى بجَانبها علَى الفراش لترتبك لبَقائه على سريرٍ واحدٍ مَعها ليُزِيد مِن اِرْتباكها حِينمَا بَاغتها بكَلماته:
-يمكُنكِ تأمُلي الآن.
أغْلق مقلتاه ليَسمح لـها رؤية مَلامحه بتمعُن ولكِنها أَعْطَته ظَهرها تجذب الغَطَاء إِلى وَجهها بإحْراج مِن صرَاحته وَتعامله مَعها.

عِندمَا تَتَقَاطع الطُرق: بَين الحُبِّ والحَقِيقَةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن