" إن كان بمقدوري الهروب لفعلت.. "
و هذا صباح يوم آخر تُفتح بندقيتاي به و أقابل الحمقى ثانية، حاولت حقا الهروب و لم أفلح، فالباب موصد بشكل يجعلك تيأس من عدم مقدرتك على فتحه، مازال سوكو يضايقني و كأنه يتعطش لدمائي، و غوجو على حاله المسيطرة، أما عن غومي فهو لطيف و لكنه مزعج بهوسه ذاك، موعد الإفطار آن، جيد أنهم يجعلوني أتناول معهم، سحبت كرسي كان بجانب غومي فهو الذي أرتاح له، و لكن ذراعا حاوطتني من الخلف و حملتني لحيث هي تجلس، كان غوجو:
- يوجي: لا أود لشهيتي أن تسد، دعني أجلس بجانبه!
نظر لي بطرف عينه و لم يبالي، بل وضعا منديلا حول رقبته و بدأ بالأكل، لم أعاند كثيرا هذه المرة فبطني تقرقر جوعا، و ما إن فتحت فمي لأول لقمة إذا بغومي يتحدث بإنزعاج:
- تلك ليست شوكتي المعتادة! غوجو هاتها من يوجي.
تصنع عدم المعرفة مردفا:
- أوبس لربما أخطأت، لا بأس أيها الفتى كل بما لديك الآن.
شد على قبضته و كأنه يمنع غضبه من الخروج:
- أود شوكتي اللعينة!!
- لن تحصل عليها و كف عن تصرفاتك تلك!
لم يكد ينتهي من حديثه حتى سحب غومي المفرش لتسقط الأطعمة من على المائدة و أفزع أنا لدى حركته الفجائية، هل انتهى الإعصار هنا؟ بالطبع لا، فقد استل سكينا و بمهارة صياد رماها نحو عيني تحديدا، و لولا سرعة بديهة غوجو لفقدتها:
- لقد تجاوزت حدك أيها الأحمق!
هدأ فجأة و كأنه ليس من فعل الفوضى و حاول إيذائي، نفض ملابسه و سار نحوي ليهمس باعتذار أربكني و رحل.نوبارا و نانامي توليا التنظيف، و أنا يدور بخلدي مليار سؤال عنه و عن ما فعله سوكو بالبارحة:
- لما يفعلون ذلك؟ فسوكو يحب الدماء و التعذيب لإخراجها، و غومي حريص على أدق التفاصيل، أهناك خطب ما بهما؟
توقعت ردا يفسر لي عن ماهيتهما و لكن غوجو ضحك بشكل هيستيري:
- بفف أخبرتك قِبلا نحن من لا تود معرفتنا، و لا تظن أني حميتك من سكين كاد يؤذيك إلا لأني أود أن أكون أول من يجعلك تتمنى الموت.رحل بهدوء مرعب بعد نوبة الضحك تلك و كلامه السوداوي، أنت وددت حمايتي عندما حملتني عنوة من جانبه لعلمك المسبق بما من الممكن أن يحدث لي، مجرد التفكير أني لو ظللت بجانبه فستكون عيني تحت نزيف و عدوان عنيف، بقيت أحدق بسرابه بعدما رحل، هل حقا أراد حمايتي أم فقط عقله مختل يريد أن يكون أول من يكسر لي غصنا؟ و في حين غمرتي وضعت نوبارا يدها على كتفي قائلة:
- سوكونا يعاني من اضطراب التعنيف و هوس الدماء، أما ميغومي فهو يعاني اضطرابا للهوس و التدقيق، عليك الحذر إيتادوري، فحتى أنا لا تثق بي، لا يجب عليك الوثوق بالغرباء، خاصة نحن!ماذا فعلت لأبلى بهؤلاء البشر؟!
كراكض لاهث لا جدوى مما يفعله، يتبع سراب يظنه نجاته، يظل يركض و يركض معتقدا بذاته أنه سيصل و ينجو، لكن خطاطيف تمسكه من الخلف و تسحبه إليها بعنف، مقاومته ازدادت ضعفا فهو يخشى مجابهتهم جميعا لوحده.
عندما دقت الساعة التاسعة و النصف فُتحت أجفاني تزامنا مع صوتها المزعج، ريقي جاف لذا أحتاج بعضا من الماء، فتحت باب الغرفة بهدوء تام لعلمي بأنهم بالخارج لغرض ما، و هبطت السلالم بخفة متجها ناحية المطبخ، لقد كانت الأكواب بعيدة بعض الشيء و لا أصل لها، حاولت القفز و أخذها لكن يدا امتدت و أمسكت لي بواحدة، شعور أنه يحاصرني من الخلف و حرارتي التي بدأت بالإرتفاع يخيفني، لست مخطئا فهذا غوجو، من غيره طويل القامة لهذا الحد:
- ألم أخبرك أن الخروج ممنوعا طالما لسنا هنا؟
ازدرقت ريقي داعيا بسري أن أتوقف عن الإرتجاف، فنبرته أسوأ ما يقال عنها ستجعلني أبلل سروالي، حاولت الإلتفات إليه برهبة حضوره و جعلت عيناي تقابله خاصته:
- ك-كنتُ عَطِشًا..
ملامحه هي الأرعب على الإطلاق، لا أنكر بهائه الأخاذ و لكنه الآن يجعلني أهابه حقا، و بلحظة تغيرت تعابيره إلى اللين مردفا بمرح:
- اسمع! سألعب معك لعبة، إن استطعت تحملها فلك ما تريد، و إن لم تفعل..
توقف لبرهة يعاود ما جعلني منه خائفا ليستطرد بقوله:
- فأهلا بك في جحيمي الخاص!لم يدع لي حتى وقتا للتفكير، أجلسني على كرسي و استل سكينا، ويلي هل سيكمل ما فشل به غومي؟ سحب كفي ليضعها على الطاولة و بعين الوقت أصبحت الساعة تدق و تدق بصوتها الذي يبعث التوتر بي، أمرني بتفريق أصابعي فهو سيجعل السكين تمر على الفراغات التي سأفعلها بينهم، أيود قطعهم:
- هل جننت؟ ماذا إن أخطأت و أصبتني بأذى؟!!
- لا تسأل مجنونا عن جنونه.
و ما إن انتهى من كلماته حتى أخذ يمررها بسرعة بين أصابعي، لم أشعر بتوتر كهذا من قبل، ضحكته و سرعة يده في التمرير و خوفي من أن يصيبني، و صوت الساعة هذه، إنه لضغط نفسي هائل يرهقني، و لكنه يبدو أرحم من جحيمه الذي لا أود معرفته، تصببت عرقا و نبضات قلبي آخذة بالتزايد، و جسدي يرجف و أحاول ألا تصل الرجفة ليدي و أقوم بفعل أخرق، طنين يؤذي أذناي بفعل تلك اللعينة و ضحكته المهيبه، لذا أغمضت عيناي و كل ما أردت تخيله هو رفيق قلبي و أمي ينتظراني منذ يومان، و قد هدأت بعد مضي بعضا من الوقت، لا أعلم أبسبب تخيلي أم أنه غوجو فحسب توقف، فتحت بندقيتاي لتغلق مرة أخرى و آخر ما شاهدته هو صاحب السماويتان حاملا لمقلاة و ضَرَب رأسي بها لأسقط فاقدا لوعيي." ملاحظة:
أي شيء أكتبه هنا من وحي خيالي حتى الإضطرابات تبعهم و لو لقيتم أنه بعض الإضطرابات تشابه الواقع فهو محض صدفة "