" حَقَنْتُكَ بدهاليز الأفكار، و خاصتي الموت الرحيم "
بعد مرور سنة بأكملها، ربيعها و صيفها، شتائها كذلك خريفها، قد كَبُرَ إيتادوري و أصبح بالسن القانوني و طُبِقَت إحدى وصايا ساتورو بتمويل جميع أمواله لديه، تفاجأ الأصغر و لم يوافق البتة بظنه أن الأكبر سيستقيظ، و ها هو بجانبه جالسا على كرسي قربه إليه واضعا كفه الصغيرة لخاصة وحيده، تلك الكف التي تغزوها إبر عدة، لم يفق بعد من غيبوبته، ما يجذبك بهذا الظلام غوجو، أرجوك عد فأنا بحاجتك، يجب على سماويتاك معايشة الضوء مجددا، ضغطت على كفه سامحا لأدمع بندقيتاي بالنزول عليها، حركة طفيفة نَبُعت منك لأنهض بمشاعر مبعثرة، توجهت للخارج راكضا كي أنده لهنري، لقد عدت! عدت أيها الحبيب!
اقتحمت مكتبه ليعدل جلسته واضعا يده على صدره فمن الواضح أن خافقه شُلِعَ حقا، جاورته و عبراتي تخنقني لأتحدث، تلعثمت كثيرا حتى فهم ما أحاول قوله، أبعدني بلطف هاما بالذهاب لغوجو، أحضر الممرضة معه و أمرني أن أبقى بالخارج لحين تفقدهم و فحصهم له، أطعته و كلي ترقب بأن يأتي مفعول صبر العام بثمره، بعد خمسة عشرَ دقيقة خرج بأسارير متهللة و صدر شَرِحِ ليضع يده خلف ظهري يحثني لأخذ الطليعة، فغوجو قد استيقظ و طلب رؤيتي، مشيت بهدوء غير مصدقٍ بأن الرب عَطِفَ على حالنا و أيقظه، سحبت ماء أنفي ماسحا بالبعض الذي لم يحالفني الحظ لشفطه بساعدي، معتدلا بجلسته، وجهه شاحبٌ إلا أن بريقه لم يختفي، ينتظرني بابتسامته المعتادة، لم يحصل أحدَهُم شرف رؤيتُها غيري، ضاما يده لصدره و لكنه ما إن تبيَنَني حتى فردهما لأتذكر ليلة حفلنا الراقص و أسرع لمعانقته متناسيا جميع ما حولي، ذاتي، ألمه، استيقاظه للتو من غيبوية دامت لعام بأكمله، فركت وجهي بقميصه راجيا ألا يكون هذا محض خيال، حلم رائع سينتهي بمجرد فتح بندقيتاي، اشتم شعري ليردف ضاحكا:
- فراولتي المتحركة! كم اشتقت إليك!لم يكن إذا سوا واقعي، رفعت وجهي الباكي، إنه هو، لقد أفاق و أخيرا، مسح برفق أدمعي فما كان بمقدوري سوا أن أزيد وتيرتُها، فلا أحد يعلم كم كلفتني معاناتي و لا أجده متواجد لأجلي، أرسل بسماويتاه جميع ما يمتلكه حاليا من لطف نحو بندقيتاي، ربت بخفة يرجعني ضاما لي، يود حشري بين أضلعه و ألا أفارقه، هدأنا بعد فترة لأقص عليه ما حدث بداية منذ مقتل سوكو حتى ما قُبَيْل لحظة استيقاظه، شرد للبعيد حتى أردف:
- و أين رحل ميغومي؟هززت كتفي بلا أعلم، لم يبدو عليه الإهتمام كثيرا، فوضعه لن يسمح له بذلك و لكنه طالبني بهاتفه ليجري إتصالًا، و من خلاله علم أن غومي يصرف من المبلغ الموضوع في الحساب البنكي و يتواجد في أسبانيا، جميع تلك المعلومات قبل شهرين من الآن، حاليا لا يستطيعوا إيجاد مكانه بدقة، أرخى رأسه لأهم راحلا جاعلا إياه يأخذ قسطًا من الراحة، رفض فكرتي و تزامنا لذلك دخل شخص يألفه فؤادي بشدة، إنه رفيق قلبي، تحرَرْتُ من ذراعاي ساتورو و ركضت لأعانقه، بادلني ذلك تحت أنظار الأكبر الصادمة:
- لقد عدت أيها العزيز!