" الطاولة تُقلب "

120 10 112
                                    

نشرت لكم البارت لأن يوم الجمعة ما رح أقدر لظرف نفسي~

" قد يبدو جرحا ضئيلا بإصبعك و لكنه كان غائرا في قلبي "


أسبوع و لم يتغير أمرا ما، جميعه اعتدته، هم و سلوكياتهم، تصرفاتهم و حتى اضطرابهم، أعتقد أن غوجو قد أعفاني قليلا من وحشيته بسبب إصابتي من قِبله، و هو الآن يحضر بيضا شهيا بعين المقلاة التي ضُرِب رأسي بها، كان يحركها ببراعة و بمهارة طاهٍ ماهر، و جسده الرشيق يتماشى بإيقاع مع الموسيقى الخلفية، كمفاتيح البيانو تعزف لحنا رنانًا يصدح بالأجواء، و شعره الذي إتخذ الأبيض و البنفسجي لونًا، ليصبحا مزيجًا يضفيان عليه بهائًا أخاذًا، كان كلوحة رسمت بألوان عدة، و قامته التي تضفي هالة جذابة تجعل قلبك يركع طوعا، مازال يرقص بخفة مُحضِّرًا بقية الأطباق، و يدنو مني ليضعها على المائدة مرسلا بسماوياته أنقى عينان رأيتها نظرات لم أستطع تحديد ماهيتها و يبتعد للبقية، توقف لبرهة حتى أمسك بكفي الصغيرة مقارنة بخاصته و كتب اسمه بالأحرى توقيعه، أقسم أني رأيت هالات اللمعان تحيط به حالما أردف:
- خذ توقيعي كيلا تمت علي فجأة لانبهارك بي!
طيف خجل لاح على وجنتاي، لأسحب كفي ملاحما لها بالأخرى:
- من أخبرك بذلك أيها المعتوه؟ فأنا من شدة الاشمئزاز لم أستطع تصديق ما تراه عيني.
قهقه بخفة جاعلا كفه تعيد شعره للخلف، و هذا حتما زاد بهائه جاذبية:
- المقلاة أصبحت جيدة بالطهي بعد الضربة، هل تود المزيد صغيري؟
من يظن نفسه ليدعوني بالصغير، أخرجت لساني نية غيظه و لكنه أمسك به و حاول سحبه، إلهي هل يفكر بقطعه:
- أخرجه مرة أخرى و صدقني سأقطعه!
سأختنق و هذا الأخرق الطويل يهددني، تركه أخيرا ماسحا باللعاب الذي بقي أثره على إصبعيه بثيابي، تبا له!! و بعين اللحظة حضر البقية للإفطار و غومي أحضر له عِدَّة طعام متكاملة، لابد أنه يأمل عدم حدوث ما حدث سابقا، رتبها أمامه و أنا أنظر له خفية، و لكن ما أنساني مُرَّ ما فعله غوجو بي هو أن عِدَّة طعامه القديمة مرصوصة أمامي، لم أعترض البتة فهذا أمرا جيد لي، تناولنا بهدوء و ما يُسمع فقط هو اصطكاك السكاكين و الشوك بالأطباق، انتهى نانامين أولنا و تبعته نوبارا، لما هما يشكلان ثنائي دائما، بعد فترة لحقهم سوكو مردفا قبل مغادرته:
- هيي أيها الأمهق موعدنا لن يتغير الليلة، حضر ما اتفقنا عليه.
رد الآخر بإيماءة رأسه كحركة إيجاب لقول الموشوم، و بحكم جلوسي أمام مدخل الغرفة فقد مَرَّ من خلفي مطلقا لضحكة متعجرفة مثله، أيقصدني بها؟ ناه هذا آخر ما أريد التفكير به، سحقا له فيدي قد عاصرت العنف منه و علاماتها تصرخ شاهدة ضد عدوانه، لن و لم يزول ما فعله بكفي المسكينة.

ياه الهواء منعش بالخارج، لقد استعنت بنانامين كوسيط ليسمح غوجو لي بفتح النافذة، و حالما رأيتها لم أرى داعٍ لقلقه ذاك، فهي مليئة بالقضبان كالزنزانة، لم أعبه للأمر كثيرا  لأنه يمكنني الرؤية و لو بشكل غير واضح، و جو الليلة يحمل بطياته نسائم الشتاء الباردة اللطيفة ليعلن عن قدومه لنستعد له، فكرت أنهم حقا ربما يجعلوني أمُتْ بردا لكنني نفضت رأسي نفضا عنيفا فلا يجب علي التفكير سوا بخطة محكمة للهروب، من يراني الآن سيقول أني كالقرد المتعلق بالنافذة، أرجوكم لا تلوموني فأنا أزداد اختناقا هنا كل يوم، فُتِحَت الغرفة بعنف غير مسبق ليقف شعري رأسي هلعا، فأنا كنت حقا مسترسلا بتأمل بما في الخارج، ظل ضخم قادم نحوي بشكل غير متوازن، لم يكن غير سوكو البغيض، و رباه رائحة نتنه تنبع منه، و بسبب عرجه و عدم توازنه استنتجت أنه مخمور بالفعل، حملني كما السابق آخذا بي لمكان لم أزره بهذا المنزل الذي يبدو و كأنه كالمتاهة، آخخ أنفي يبكي من رائحته لذا استعنت بأصابعي و أغلقته جاعلا فمي المتنفس المتاح حاليا و لو أن حركتي ضارة فهي تبدو أهون من رائحته، الممر اللعين هذا لا ينتهي أشك أننا نسير بدائرة مغلقة، حتى وصلنا لنهاية مسدودة و عندها قد أنزلني و لم يكتفي بذلك بل شد شعري ليضمن عدم فراري، شعري الحريري يا وجه التمساح! فُتِح باب لسرداب ما، تفوه الأحمق قائلا:
- منذ متى لم تزر مدينة الألعاب؟
- ها؟
لم تكد خلايايا تستوعب ما تفوه به حتى دفعني لداخل السرداب، الطريق للأسفل ممهد بإسطوانة سلسة النزول و التزحلق، وصلت أخيرا ليرتطم وجهي أرضا، تأوهت ألما ليسقط الموشوم علي، يا لحظي الرائع أظن أن أنفي قد كسر، دفعته عني و هو ظل يقهقه كالمجنون، سكير أحمق، فركت ظهري و حاولت أن أحدد أين أنا بفعل ضوء الشموع حتى سمعت صوت عامود الإنارة:
- أرجو أنها كانت رحلة ممتعة إيتادوري، سيبدأ المرح الآن!

" الزائر الليلي "حيث تعيش القصص. اكتشف الآن