" لقد كُسِر ما بيننا "

85 9 255
                                    

" لم يكسر ليلتها سوا فؤادي "

مشهدا كأفلام السينما يُجَسَّد أمامنا نحن المذعورين، غوجو جارا ليوجي من شعره للسرداب، الأصغر يصرخ ألما و رعبا، حاول غومي التدخل لكن سوكو أمسكه من خاصرته و أحكم وثاقه عليه:
- لا تتدخل بينهم، ابقى معي!

بقي لافندره يقاوم ببسالة، فالإله فقط من يعلم ماذا سيحدث ليوجي، نوبارا بقيت تنوح و نانامي يحتضنها، لم يحرك أحد ساكنا و رؤية يوجي لهم هكذا قد كسرت فؤاده، حسب أن الأمر قد تم تصفيته، قد كسب ثقه الأكبر لكنها أحلام باهتة مثله، صمت فجأة و هو يُجَرُّ لنهايته ربما، قد علقه بسلاسل و قيود آلمت معصمه، سيجلده بالتأكيد بما أنه حمل سوط، السوط الذي تُضرب به الحيوانات و ليس فتى صغير، لا يعلم ما أرتكب من خطيئة لينهال عليه غوجي بهذه الوحشية، في بادئ الأمر مع كل جلدة كان يصرخ بشكل يثقب الأذن و يُنْزف القلب، لدرجة أن الماكثين بالأعلى قد سمعوه، غطى نانامي أُذْنَا صغيرته فهي لن تتحمل ذلك، و غومي قد تركه الأكبر بعدها تعب من رفسه و محاولته للفكاك منه و المقاومة و لكن الأوان قد فات، فيوجي قد تمزقت ثيابه و ليس هذا بالأمر الجلل إنما جلده الذي تمزق و أصبح جراحا غائرة، شبه عاري بليلة شتوية تنخر عظامه و جروحه التي لن تبرأ أبدا، لم يستطع حتى النظر في سماويتاي الأكبر، لا يعلم أهو حقد أم خوف، ظل يضربه لحين وصول الجلدة المئة، قد نزف كثيرا و أعنيها حقا، لربما نصف دمه ملطخ بالأرض و كعقاب لغوجو قد عَلَقت بعض قطرات الدماء لدى ثيابه و وجهه السمائي، ألقى السوط أرضا بعدما أصبح صراخ الأصغر أنينا متقطع لا يسمع بشكل جيد، زفر بقوة محاولا أخذ مؤكسد بعد الجهد العنيف الذي صبه لجسد فراولته، أرخى عضلاته ليفقد دعامَتُها له و تجعله يسقط على ركبتيه من شدة إنهاكه حتى سقط أرضا مغشيا عليه، الأكبر قد جُهِد من تعنيفه و الأصغر قد جُهِد من التعنيف.

عقارب الساعة هي وحدها من تُسمع بعدما انقطع صراخه، يملؤهم التوتر و غومي يحث سوكو لتفقدهم، حتى رضخ لطلبه، الجميع ذهب و قبلها عارض نانامي مجيء نوبارا معهم و لكنها أصرت لأنها قلقة عليه، لم يعاندها أكثر و نَزِلوا للسرداب الذي كانت رائحته خانقة، قد غابوا عن ناظريهم نصف ساعة و الدماء تُشَكل أرضية دموية، منظر يوحي جعلها تشهق و تُخَبئ وجهُهَا بصدر نانامي، و الآخر قد فقد قدرته للتحدث، سوكو الذي لم يبالي سوا للملقى أرضا حمله و هو يوجه كلامه ليوجي:
- لن تفكر أبدا بالهرب بعدما عرفت الحقيقة، فهو لن يؤذيك بهذا الشكل إلا أن أحمق مثلك قد أفصح عن كل شيء.

و بحديثه عن نانامي فقد أرسل له نظرات تخترق روحه، تعداه و كأنه لا شيء بالنسبة له، نده للافندره و لكن الآخر كان يبكي، لأول مرة يراه يبكي بهذه الطريقه، لم يستطع حتى امساك جسد الأصغر خوفا من أن يزيده ألما، بقي يلعن غوجو بسره لأذيته، سوكو قد نده عليه مرات عدة و لكنه توقف عند الثالثة حالما رآه يُهَستِر باكيا، لم يعلم ما يفعل لذا أخذ غوجو لغرفته و عاد ليَحِّل قيد يوجي بعدما تعلق عليه غومي مترجيا له بشكل أقرب للتوسل، و هو أكره ما عليه رؤيته هكذا، ألا يعلم بأن طلباته أوامر:
- ميغومي: رجاء سوكو أنا أتوسلك أنزله لنعالجه!

حالما فككت قيده تحدث من بين أنفاسه البطيئة:
- يوجي: دعني و شأني..

لم يرد شفقة منهم و خاصة من سوكو، لم يبالي الأكبر و وضعه بهدوء عكس داخله الذي يوسوس له لرميه بلا مراعاة، و لكن غومي سيحزن أيما حزن إذا فعلها، صُدم غومي من وضعي له، بدأ يضربني بصدري بحدة متكررة:
- أيها الأناني احمله و لا تهتم لما يقوله، احمله احمله و اللعنة!

يود قشع ذاته و لا يرى غضب لافندره هكذا، فهو يعلم أن غومي سيأذيه إن حمله سواء باضطرابه أو حتى بحمله فقط، حمدا للآله أنه لا تتواجد لافندرة ما، و إلا سيكون في عداد الموتى، أمسكت كفه بقسوة خفيفة و سحبته خلفي لنخرج، صادفنا غوجو و قد بدا هادئا أم هذا ركود بعد الإعصار الذي فعله، تبعانا الثنائي ليحمل غوجو فراولته و يذهب به لطبيب صديق له كي يعالجه في المشفى خاصته، فكما نعلم فغوحو يمتلك نفوذا كبيرة و ثري بحق، طالعه غومي قبل أن يغلق باب السيارة بحقد، بالتأكيد يود نهشه و تقطيعه إربا و لكنه لن يستطيع حتى دفعه قليلا، صعدت لغرفتي مغلقا الباب خلفي آخذا ثياب جديدة لأستحم، فكل شيء يبدو عالقا بها و حتى جسدي الذي قد فركته بشدة و لكني أرى دماء يوجي عليه، بقيت أفركه حتى تحسس، خارتني قواي لأسقط باكيا فلا دماء هنا إنما هي هلوسات مما رأيته بقيت أفرك و أفرك حتى تصببت أنا دما، و كشخص مضطربا مثلي انتفضت لرؤيتي تحول الماء الشفاف للون القاني ندهت سوكو بشكل متواصل ليأتي كاسرا الباب و لا أبالغ، و ما إن رأى جسدي تألم و مد لي بمنشفة قد أستر بها ذاتي دون أن يُنْظر لي، ثم بعدها قد أجلسي على الأريكة و رحل لغرفته و عرفت ماذا يود جلبه، قلت له أن عِدَّة علاجي هنا لكنه تكتف مبتسما:
- أعلم يا فتى، فأنا أملك واحدة أعني ما إن نفذت خاصتك أجد البديل عندي.

ختم حديثه بغمزة جعلت لافندره يبتسم، لم يغب سوا ثواني بحكم أن غرفته تجاور خاصتي، و بدأ يدهن المرهم برفق و ينفخ ليخفف عني لأنه قد سمع أنينا حاولت كتمه، و بقي يخبرني أن لا علاقة لي بما حدث ليوجي، فغوجو كان يود كسره كيلا يفكر بالهرب بما أنه علم حقيقة الأمر كله، و أن يحاول ربما لاحقا تفسير ما حدث له من ناحيته، فغومي صاحب الفكرة و بالطبع يوجي قد يلومه حالما يسترد عافيته.

سقط دفتر كشوف المرضى من كف هنري، الطبيب الذي عينه غوجو مشرفا لحالة الأصغر، تعابير الصدمة أقسى ما تكن قد ارتسمت لملامحه، حثه غوحو لعلاجه طردفا:
- هل ستبقى تنظر له؟! أبدأ علاجه فقد الكثير من الدماء!

أرجع مكملة عينيه للخلف و زفر بحسرة، و أخذ يوجي للعلاج، قد يستغرق تقطيب جراحه ساعات كثيرة و التأكد من عدم تعرض الأعضاء الحيوية الداخلية لأي ضرر كان، مسح وجهه بعنف داعيا أن يكون بخير، لا يعلم لما انتابته تلك النوبة و لكنها بالتأكيد أنهت حبل الثقة بينهما تحديدا من ناحية يوجي له.

يدندن له بصوته العميق الشجي، كعازف كمان بارع يرتل أوتاره لتعتاد يداه و تطلق عزفا يصدح بأذناي لافندره لينام، ماسحا شعره الغرابي برفق و لين، و بعين اللحظة غوجو ينتظر يوجي بأسى ليخرج، المشاهد مختلفة و لكنها قد تعني لهم أمرا ما، علاقة سوكو و غومي لا تكسر بعكس من كُسِرت خاصتهم بسبب نوبة لعينة، غفت عيناه المحيطية ليقبل جبينه متمنيا له أحلاما لطيفة و رقيقة كما لافندره، خرج بهدوء مغلقا الباب بمحاولة لعدم إحداث صريره المعتاد، لم يفكر يوما كيف ستكون حياته دونه.

1045 كلمة تبارك الرحمن~
ألقاكم ببارت قادم بعون الرحمن~

" الزائر الليلي "حيث تعيش القصص. اكتشف الآن