" مثلجات "

66 7 218
                                    

" قبلني قبل أن ترحل...رفيق قلبي "

لم أكن أود الاستيقاظ و الشعور بواقعي الذي لُزمت به، و لكن تواجد مريب أرغمني لفتح بندقيتاي، يقف ظل طويل بأقرب ركن لي و لكني لا أتبين ماهيته، هل أتوهم فحسب؟ وجوده يشعرني بالتقيء و استحضار ليلتي الدموية مع غوجو، رياح اليوم عاصفة بشدة حتى تسلل معظمها من النافذة ناشرة بين جزيئاتها رائحة لا أخطئها البتة، إنها رائحته، رائحة جلادي، أغمضتهما بقوة كي أقذف بأي فكرة خارجا قبل استوطانها بعقلي، فكرة أنه متواجد معي و بمفردنا ترهقني و ها أنا أتصبب عرقا و أنفاسي أصبحت ساخنة، يؤلمني التحرك لذا أسدلت الغطاء على وجهي، فأنا أفضل الاختناق على رؤيته و اشتمام ما كانت تجعلني أنجذب نحوه، شعرت بيده... هي عينها التي أمسكت السوط توضع برفق و تربت علي من أعلى الغطاء، تمتم بأمر ما لم أتَّضِحَه من دقات قلبي التي اخترقتني و أظنه قد سمعها، رحل بعدها لأتنفس الصعداء و أجدد الهواء داخلي، أيعتقد بعدما حدث أنه يستطيع إصلاح ما كُسِر بي؟ و لما رفيق قلبي رحل دون توديعي، هو هكذا يظهر و يختفي فجأة، لم يقبلني على وجنتي كما المعتاد، أنا لم أشعر بها، فدفؤه أتحسسه ككل مرة، لكن لما و اللعنة دفؤه يشابه خاصة غومي؟!

- ماذا؟!!
هذا ما نطقه ميغومي حالما أردفت مشرفة الاستقبال بأنه لا يستطيع السفر و قد مُنِع من قبل السيد ريومن، هل و أخيرا استفدت من سلطة ساتورو و ضدي أيضا؟ تحاول منعي للسفر إليك، و لو برا آتيك زحفا لا يهمني، الغضب يُشْعل شرارته بصدري فاستدرت أحاول إلتقاط جزئيات المؤكسد لتقع عيناي عليه يتقدم نحوي مبتسما، لقد عاد!! سوكو عاد، ركضت بأقصى ما لدي متجنبا المارة حتى احتضنته بشدة أود حشر ذاتي بين أضلعه، ضحك يربت على شعري و يزيد من شدة عناقنا، قد غاب يوم و نصف و لم أقوى على بعده، ظللت أحاول جعلهم يمررون لي تذكرة و لكنهم ما فتئوا يستمرون بمنعي بسبب سلطة ساتورو التي استخدمها، لا يهم فهو هنا أخيرا، أبعدت رأسي لأنظر له رافعا به حتى أرى تلك الابتسامة التي قضت على بهاء حقلي اللافندري، فكرت لما لا ألعب دور الدرامي:
- ميغومي: بربك تستخدم السلطات ضدي؟!
بعثر شعره الغرابي و هز كتفيه مردفا:
- لعلمي السابق بتهورك صغيري، هيا ما رأيك بمثلجات، كتعويض يا فتى!

رحبت بالفكرة و أخذت أسير جنبا له، حتى انحنى أمامي يود مني الصعود لظهره، خجلت قليلا فالآخرين قد لفتنا انتباههم، و لكن من يهتم؟ تسلقت محاوطا ذراعاي حول رقبته بشكل لطيف كي لا أخنقه، و هو أدخلهما أسفل ساقاي كي يتمسك بي جيدا، إنها للمرة الأولى التي نكون بها بهذا القرب بهذا العناق بهذه الطريقة، إننا نتجاوز اضطرابنا لأجلنا، و كم تمنيت لهذه الحال أن تتواجد بين يوجي و غوجو، بدأ بالركض و أنا شارد الذهن لذا أرخيت ذراعاي قليلا فذعرت لأتمسك به و كأنه طوق نجاتي، ماكر حقا ماذا لو وقعت،  نسائم البرد كانت عاصفة، من يأبه؟ و أخيرا وصلنا للمثلجات خاصتنا، المكان دافئ و هذا جيد لي بعد أن لطمني الهواء بقوة، احمر بعده أنفي و أذناي، ضغط سوكو بأصبعيه على أنفي قائلا أني مهرج، أخذ يكرر فعلته و أنا أبعد يده، لكنه لا يسأم لذا تركته يفعل ما يحلو له:
- هيي يا فتى أتود عَيْن الطلب؟

أومأت له بإيجاب، فدلني للجلوس بإحدى الطاولات، من يأكل المثلجات بهذا الشتاء القاسي؟ جلت ببصري لمحيطي فالمكان عينه لم يتغير إلا بشكل طفيف، أتى الطلب و كعادة يفعلها سوكو دوما هي وضع القليل من خاصتي لديه و مع خاصته يفعلها بخاصتي، يخبرني بعدها أننا مختلفين كل الاختلاف و لكننا منسجمين كل الانسجام، و أنا أبتسم ككل مرة بشكل طفيف لا يلاحظه بسبب إسدالي لرأسي قليلا و تغطية شعري لتعابيري، و هو يمسكه و يعبث به:
- دعه و إلا قصصته.
- افعلها لأجعلك أصلع بعدها!

قلبت عيناي و ابتدأنا بتناولها، فكرت لما لا أطرح فكرة زيارة يوجي عليه، هو لا يهتم له بحق و لكني سأحاول، تنحنحت أجذب انتباهه الذي يعطيني إياه بكل ما به:
- وددت زيارته، ألا ترى بأنها فكرة صائبة، قد يفهم من خلالها أننا مهتمون به و لم نرضى على العدوان الذي أصابه.

لم يرجع لي برد فقط أردف بحسنا، حاولت فهم ما خلف حسنا تلك النبرة التي لا يخرجها سوكو إلا بحالة واحدة، عدم الإكتراث يشوبه القليل من الغيرة، ويل فؤادي أيغار من يوجي، نهضت لأجاوره محاوطا إياه و بنبرة محب أردفت:
- أتغار يا ضخم؟ ألم تعلم بعد أنك النور الذي لا يستيقظ غومي إلا به؟

أدار وجهه ناحيتي بابتسامة دافئة:
- شمسك بقيت ليلا لفترة طويلة، و لكنها تشرق لك بمفردك، أقسمت لفعل ذلك!

قد قبلته على وجنته لما احمر هكذا، لكنه لطيف حد النخاع:
- يا فتى ألا ترى أنك جريء اليوم؟ ما خطبك!
- كنت خائفا من القدوم للأمور هذه و لكن سوكو دعنا نشيخ معا!
- لقد جننت حقا، هاك هاك!

فرد لي ذراعيه التي أعتبرها أجنحتي، نعم هي بالطبع كذلك فهو قد حملني كما الأطفال و أخذ يدور بي، فردت يداي و أخذت أضحك، لم نكتفي بذلك بل أخذ بدغدغتي حتى بقيت أترجاه ليتوقف، لم يطردنا أحد يومها، لقد كانوا سعداء لأجلنا، فنحن معروفَيْن بأننا لم نقترب من بعضنا لهذا الحد.

هل ما أنا مقدمة عليه صائب، التوجه وحدي لغوجو بمنتصف الليل إنه لعَيْنُ الجنون حقا، لم أشأ إخبار نانامين فلم أرد إيقاظه لأمر ليس بجلل ثم إنه يبدو متعب فَلمَ أزيد حِمْله بشيء لا يذكر، طرقت بابه بهدوء أستمحيه للدخول، أذن لي، حالته أقرب ما تكون مزريه بحق، و رائحة السجائر تلوث الهواء النقي بها، لم أعلم كيف أفاتحه فبقيت أقضم أظافري حتى صوب نظره نحوي يحثني للتحدث:
- ارتأيت سؤالك عن ما إذا تسمح بزيارة ايتادوري؟

لم يجبني كما عادته سريعا و التي تكون إجابتها لا، بل أشعل سيجارة أخرى و سرح للبعيد، حتى أردف:
- بالطبع أسمح، سنذهب جميعا غدا بما أن سوكو قد عاد، و أيضا أخذ المتبرعة ليشكرها يوجي، أبلغي الجميع بذلك و لكنك وحدك من سترافقيني لأخذها، فأني لا أملك وسائل إقناعكن، يمكنك الانصراف الآن.

لا أصدق عجرفته، طردني حتى قبل أن أشاركه بفكرته، أن أعبر عن رأيي فهذه حرية ذاتية، سأبقي أمر ذهابي معه بمفردنا للمتبرعة غير معلنا لهم، فهو بالتأكيد لن يودهم أم يعرفون.

964 كلمة تبارك الرحمن~
البارت برعاية سوكو و غومي ؛)
ألقاكم ببارت قادم بعون الرحمن~

" الزائر الليلي "حيث تعيش القصص. اكتشف الآن