" عراك "

57 5 147
                                    

" جف الغدير و الشجر و لم تجف أدمعي "

يقف مستعدا لأي هجوم سيُصدر من سوكو، أرخى عضلاته متنفسا بعمق ثم ركض تجاه الآخر و بدأ العراك تحت ناظرَيْ صاحب البندقيتاي، لكمات عدة يوجهها ساتورو و الآخر يصدها بمهارة، حتى انحنى ساتورو جاعلا قدمه تُمَرَّرُ لأسفل سوكو و تسقطه، وقع المعني ليجعل يداه ترتكز للأرض و ساقاه ناحية الآخر و هذه لكمة أودت بأنفه، من أجل غومي يا سافل، ترنح ساتورو و لكنه أعاد إتزانه عندما حاول الضخم تقويضه و سدد له ضربة عمودية بمرفقه على معدته ليتقيء الدماء و يضحك الألبينو، تركه يُهَيِئُ ذاته للقتال فهو يشعر بحالة الإنتشاء، اعتدل سوكو ماسحا الدماء من حول فمه و ركض يمد ساعديه ليمسك بخاصرة ساتورو و يحمله راميا له بمنتصف الحقل و أخذ بضربه على وجهه ليتأكد من كسره هذه المرة:
- تكسر أنف لافندري؟ خسئت أيها الحقير.

بدا له أن الألبينو قد تراخى و غاب عن وعيه، نهض باصقا على وجهه، نفض ثيابه متجها للضحية التالية، و لكنه ما إن استدار حتى حاوطه الآخر بعدما قفز عليه، تشوش سوكو ليزيح ساتورو ذاته قليلا و بحركة قد دُرِسَت بحذافيرها قد صوب ناحية حنجرته ضربة مؤلمة جعلته يترنح متشنجا و الألبينو يحرر ذاته من عليه مبتسما:
- فكر فقط بأذية فراولتي و هذا أقل ما ستتحصل عليه!

و بدأ بركله على معدته و الآخر قد تمَكَّن الألم منه حتى ترنح اللاكم و سقط أرضا، كان غومي بمضرب البايسبول ضاربا إياه على عنقه.

مشاهدتهم يتعاركون بكل هذه الدموية أرعبت خافقي، نقطة لسوكو ثم لصالح ساتورو، و بعدها يبدو أن وحيدي هو الفائز حتى ضربه غومي ليسقط مغشيا عليه، تواريت بين السنبلات و أراه يتفحص سوكو الذي استيقظ بتعب متثاقلا جميع الأمور، ليس هذا ما جعلني أستشاط غضبا بل أنه برغم تعبه دهس رأس غوجو أسفل قدمه و حركها يمنة و يسرة، و بالطبع لم أكن لأسمح بذلك، أخبرته أنها نهاية أحدكم اليوم، إذا لتكن خاصتك أيها الحقير!

أشعر بدوار يَصعب علي به فتح ناعستاي، وجهي مُدْمِيٌّ بحق و أنفي شبه مكسور، و الزجاج متناثر حولي بكثرة، تحاملت على ذاتي و لم أقوى لذا بقيت أزحف حتى الباب متدحرجا السلالم و إن آلمني ذلك، تنبه نانامين لي و هرع إلي، أخبرته أني بخير و ما إن تبينت ما ورائه حتى رأيت نوبارا المتوفية بشكل وحشي، نظرت للأكبر الذي ما فتئ يرثي صغيرته، تقيأت لما رأيت و لحالي المصابة أيضا، طلبت منه إسنادي ففوضى ما تحدث خارجا:
- ساتورو و سوكونا يتعاركا بالخارج لا تذهب أرجوك!

يصر على عدم ذهابي و لكن سوكو بالخارج لن أسمح بأذيته، لم أنصاع له و توجهت لهم حتى رأيته يحاوطه ثم يسدد له ضربة بحنجرته، ناهيك عن منظرهما المبعثر المُدْمي بشدة، هرعت لأخذ المضرب و لم أعلم أنَّ لي بهذه القوى المفاجئة، ركضت بخفة ناحية الأحمق الطويل و ضربة بما أوجعني به سابقا أسقطته غائبا عن وعيه، تفقدت سوكو و أسرعت لإحضار بعض الماء لأرشه على وجهه، نهض بعدها داهسا لوجه الألبينو، حسبت أن الأمور انتهت لهنا حتى سمعت صوت إطلاق نار انتفض له سوكو، رصاصة ثم أخرى اخترقت جسده المتعب، توسعت قرمزيتاه لأسنده علي، حتى رأيت يوجي حامل للسلاح لاهثا ثم رماه و ذهب لأخذ ساتورو بعيدا عنا، سحبه باكيا يترجاه بأن يستيقظ.

السلاح بحوزتي و أنا خائف لفعلها لكنها لأجل غوجو، لن تنعما مطلقا أعدكما، أخذته و بسرعة استندت على إحدى ساقاي و الأخرى أرضا، رفعته ناحية سوكو الذي لم يرى ما يحدث خلفه، أغمضت إحدى عيناي ثم صوبت الرصاص  مرتين و يفصلهما فارق زمني بمقدار خمس ثواني، الإصابة قد تمركزت بمنتصف ظهره، هذا ثأري لوحيدي!

فقت من غمرتي عندما شد على شعري لأعيره انتباهي، أخذ يتحدث بآخر أنفاسه:
- رجالي سيذهبون بك إلى أسبانيا لترى ما فعلته لأجلك..

بصق بعضا من الدماء معلنا بذلك أن نهايته اقتربت:
- لا لا لا سنرى ما حضرته لأجلي معا، رجاء سوكو لا تمت، تماسك لأجلي!

ارتخت يداه قليلا ليجعلها تمسك بوجهي الدَّامِيْ، مردفا بصوت خفيض و نفس أخير:
- خذ بثأري لافندري الليلي الوحيد..

لتسقط يده أرضا و تغفى قرمزيتاه حتى الأبد، لا نبض أو حتى نفس، أحتضِنُ جثة هامدة و ليس سوكو...

لم أعد أملك مجرى أدمعي و صرخت بملئي، كان يوجي قد فر هاربا لمعاينة ساتورو في مشفاه، بقينا أنا و نانامي نرثي ما فقدنا، لقد وُلِدَا حتى يموتا، جف الغدير و الشجر و لم تجف أدمعي.

بعد شهرين:
في إحدى غرف المشفى في جناحه الخاص، ما إن تعرض لأي عارض فهذا مكانه، لابث في غيبوبة لشهرين و لم تعانق سماويتاه سوا الظلام، و الأصغر ملازم له، قد زار قبر والدته و رفيق قلبه اختفى مجددا، نانامي عاد إلى ماليزيا فلا شيء في طوكيو يبقيه بها، و غومي قد اختفى و لا أعلم إلى أين، علمتُ بسفر نانامين لأنه أتى لزيارته و منها تسائلت إلى أين سيذهب فأخبرني بوجهته، أتسائل أين تمكث أيها الراحل غومي؟!

واقفا منبهرا بما أراه أمامي، مفاجأة سوكو لي، حقل لافندري لا يضاهيه السابق حتى، أخبرتهم أن يدعوني بمفردي و لكن أحدهم تقدم لي بورقة من عزيزي الراحل، افترشت الأرض لأقرأ ما أراه أمامي:
" لافندري الليلي:
إن كنت تقرأ ما خططته هنا فهذا يعني أني ميت، لم أشأ أن أجعلك تتمنى حقلا و لا تجد من يحققه لك، لربما بيوم تسائلت ما طبيعة علاقتي بساتورو؟ لقد كان المعين الوحيد لي  لزرع ما تراه عيناك الآن و الإنفاق علينا مقابل خدمته و الذهاب بمهماته التي بالطبع لن أفصح عنها لسريتها، عش حياتك أيها الصغير و لا تهتم لرحيلي فهذا جزائي و استحقاقي، تملك مبلغا في المصرف يكفيك مدى الحياة، لا أظن بأن ساتورو سيجمده، فقط عش هنا بأسبانيا بمنزلنا القديم كي يحاوطك طيفي، لكنك لن تنسى الثأر لي صحيح صغيري؟ هناك صندوق بمنضدة المدخل ستجد بها ما قد يُمَكِّنُكَ من الهرب بعد الثأر، دعه يكون مميت لساتورو بحد ذاته، أحبك لافندري"

قبلاتي: سوكونا ريومين

اعتصرت الورقة بين أكفي فالثأر يغلي بدمي، سيكون يومك تعيسا يا من سلبت أماني الوحيد!

920 كلمة تبارك الرحمن~
البارت القادم آخر بارت :(
ألقاكم ببارت قادم بعون الرحمن~

" الزائر الليلي "حيث تعيش القصص. اكتشف الآن