الفصل السادس /
من قال أن الحزن الدائم أو أن السعادة مستمرة ..
فتحت عينها أخيرا لتنظر من حولها لتجد الغرفة خالية ، إنتزعت تلك الإبرة الطبية من يدها ثم وقفت بغير إتزان فما زالت تشعر بالألم وإقتربت من باب الغرفة وبعد أن فتحته وأطلت منه رأت من كانت تبحث عنه يتحدث مع الطبيب وعندما وقعت عيناه عليها إقترب متسائلا :
_ بقيتي أحسن دلوقتي ؟
أماءت له وأردفت بتعب :
_ هبقى أحسن لما أقول الحقيقة وأشهد بال حصل .
تعجب من قولها وإصرارها ذاك وشعر بالتوجس مما أوشك على الإستماع له .
بينما هي توجهت للفراش وجلست عليه مرة أخرى وتحدثت بألم :
_ كل حاجة بدأت من يوم الفرح ، لو عاوز تعرف مين القاتل يا حضرة الظابط لازم نبدأ من ليلتها .
جلس فوق المقعد ينظر لها ويستمع بإهتمام .
.......
مر اليومان السابقان ليوم الزفاف في هدوء نسبي
إعتادت بسمة علي المنزل كثيرا للدرجة التي أشعرتها بأنها من مالكي المنزل وليست مجرد ممرضة يمكن الإستغناء عنها يوما
أما مراد كان يشعر بالضياع والتخبط فشاغله ما إكتشفه من المقابلة السرية لأحد أفراد عائلة درغام والمرأة المجهولة ولا يعرف كيفية التصرف، فكر أن يبوح بما يكنه صدره للجد ولكنه خشي الأسوء
كانت علاقته بمريم سبب سعادتهم المتبادلة، كانوا يعيشون في أحلامهم الوردية لتحقيق وصالهم المبتغي، فجمعتهم المشاعر النقية وتمنوا من الله أن يجمعهم.
كان الحال بين مي وآسر أكثر من رائع فقد إقتربا من بعضهم البعض كثيرا وعلما عن بعضهم الكثير من الأشياء فصاروا كالكتاب المفتوح الذي يسهل قراءته.
أما كروان فقد بدأت الشعور بأنها أكثر شخص محظوظ بهذه الدنيا فقد أغدق عليها أوس بما يطيب جروح ماضيها، تذهب لجامعتها وتتلقي دروسها التي يساعدها فيها مساء لإستذكارها بصدر رحب، تنظر له الآن كأنه الرجل الوحيد بهذا الكون، وكان شعوره متبادل حيث أنه شعر بأن عالمه مزين بأجمل الزهور الرائعة التي تتشكل في إبتساماتها وعبوسها وغضبها ودلعها كل شئ يصدر منها يجعله يعيش بجنة
........
عمال هنا وهناك فهذا زفاف مزدوج وليس كأي زفاف فهو زفاف أحفاد عائلة درغام الذي زاع صيتها في أنحاء عدة من التجارة
بمنزل أوس /
كان جالسا ينظر لها وهي أمام المرأة تمشط شعرها
_هو ده طول شعرك ولا إنتي بتقصيه
ترقرقت عيناها بالدموع إثر التطرق لهذا الموضوع لتترك الفرشاة وتنظر له وتتحدث بصوت مهزوز :
_بابا دايما كان يقصهولي
صدم مما تفوهت به ولكنه حاول مداراة صدمته ليتساءل بهدوء:
_ليه؟
زفرت بقوة قبل أن تخبره دفعة واحدة وكأنها تهرب من ألم تلك الإجابة :
_كان بيقولي عاوزاه طويل ليه علشان تلفتي نظر الرجالة ليكي
حسنا كان يحاول الهدوء ولكن لم يعد بإمكانه
فتقدم لها وأمسك يديها بحنان وتقدم بها للفراش وأجلسها وجلس بجوارها
_إحكيلي
ستة أحرف مضمونها كبير وعميق، سمع صوت شهقة مكتومة يبدو أنها تبكي داخليا ليحاوطها بذراعيه في حركة ألهبت مشاعرها لتفيض عيانا بمكنون روحها، تركها تخرج مخزونها وأسمعها كلمات الإحتواء والآمان التي خرجت منه بحب وحنان :
_أنا جمبك... إهدي... متخافيش
_لما كنت في إعدادي كنت زي أي بنت عاوزة ألبس وأخرج وأشوف الناس، بس ده طبعا كان ممنوع عليا، لغاية ما جه عيد ميلادي وكان بابا مسافر وجدو قالي إخرجي مع بنات عمك
وخرجنا.... وياريته ما حصل
لوكانت حياتي سيئة بقت أسوأ من يومها
منذ سنوات /
هبطت من السيارة بصحبة مريم ومي التي أخبرت السائق أن يذهب لذلك المطعم المخصص لإحتفالات صديقاتها بأعياد المياد
لتتحدث كروان بقلق ملازمها دائما :
_ أنا خايفة خلونا نرجع
مريم بتعجب :
_ خايفة من إيه بس يا كوكو وبعدين مش جدو إل سمحلنا نخرج يبقي مافيش مشكلة
مي بمرح:
_يالا بقى خلينا نحتفل
دلفن لداخل المطعم وكانت كروان تلتفت يمينا ويسارا منبهرة بزينة المكان وبدأ خوفها يتلاشي شيئا فشيئ
حتي وقع عينيها علي ذلك الشاب الوسيم الذي ينظر لها نظرات لم تعلمها لبراءتها، بينما ذلك الشاب والذي يدعو سالم أخذ ينظر لها بمكر وعبث لرؤية ملامحها الخلابة والبريئة؛ فهو يستطيع بنظرته الذكورية اللعوب رؤية أنها مختلفة عن أي فتاة إرتادت هذا المكان
سالم بتسلية:
_شكلنا هنلعب براحتنا ثم تقدم من طاولتهم
_أهلا بيكم يا آنسات تحبوا تطلبوا إيه؟
نظرت له الفتيات وتناولنا من يديه قائمة الطعام بينما هو أخذ يتطلع لها بمكر لرؤية التوتر يسيطر عليها ومحاولاتها تجنب النظر له
أخذ منها القائمة وتعمد أن يمسك يدها لتشعر بالخوف وخاصة عندما إبتسم تلك الإبتسامة المستفزة
_إيه رأيك في المكان يا كوكو؟
_جميل .
أجابت بتوتر لتتحدث مي بسعادة :
_أنا إل قايلة عليه كنت هنا الأسبوع إل فات آخر مرة بصراحة عجبني أوي وأكلهم حلو
_إنتي دايما كده مش هامك غير الأكل
_ أنا ماشي يا مريم لما نرجع البيت ونشوف بابا هيقول إيه
ظلت مناوشات الأختان المرحة ولم يشعروا بدموع كروان التي نظرت لهم وهي تمني نفسها أن تكون مرحة ومحبة للأماكن وأن تكتسب ثقة بالنفس تجعلها تناقش وتتناقش مع غيرها دون قيود
شعرت بأن حالتها ستسوء لتطلب منهم الذهاب لدورة المياة ،فأشارت لها مي بإتجاهها؛ كانت تريد أن تطلب من إحداهن مرافقتها ولكنها شعرت بالخجل فهي لم تعهد أن تطلب شيء، كانت تشعر بقدماها تهتز من الخوف فهي لم تعتد علي التواجد بين الناس وخاصة في أماكن عامة.
إستطاعت أخيرا أن تصل لدورة المياة لتدلف للداخل وتنفجر باكية عندما وقعت عينيها علي المرآة ورؤية إنعكاس صورتها وكأنها أرادت شخصا يطيب خاطرها ويساندها؛ فتحت صنبور المياه بيد مرتعشة ثم قامت بإلقاء المياه بصورة عشوائية علي وجهها لتشعر ببعض التحسن
عندما فتحت عيناها بعدما أزالت بقايا المياه بمنديلا ورقيا رأت أن حجابها تأثر من المياه كما أنه لم يعد ثابتا، فقررت نزعه وإرتدائه بصورة أفضل وما إن نزعته إنسدل شعرها الحريري الذي يصل طوله لما بعد الركبة فقد ورثته عن والدتها، فدهش من يقف عند الباب يشاهدها كان يعرف أنها جميلة رغم تلك الملابس الذكورية ولكن لم يتخيل قط أنها بذلك الجمال الخلاب ليقول برغبة وجرأة:
_إيه الجمال ده كله
شهقت بفزع وهي تدور لمصدر الصوت فيرتجف جسدها خوفا وهي تراه ينظر لها نظرات شهوانية
_إنت... بتعمل إيه..... هنا
كانت ترتعش ليس فقط صوتها وعينيها التي تدور في كافة أنحاء المكان ولكن جسدها بأكمله، ليردف هو في خبث وهو يقترب منها :
_جاي نتسلي شوية مع بعض، ما هو أنا مينفعش أسيب الجمال ده يعدي كده من تحت إيدي ومتخافيش محدش هيقاطعنا أنا كاتب بره إن فيه عطل في السباكة
إرتعدت أوصالها وكانت علي وشك الصراخ ليضع يديه سريعا فوق فمها بعد أن قطع المسافة التي بينهم بخطوة واحدة وبدأ السيطرة على جسدها م بيده الأخري ولكنها كانت تقاومه بشدة وتحاول إبعاده عنها بكل طاقتها
وفجأة......
فتح الباب بقوة ورأت أبيها يقف أمامها ..فعودته المفاجئة ومعرفته بخروجها جعلته يُجن ليحادث السائق ويعلم مكانهم.
شعرت بالسعادة لأول مرة تشعر بهذا القدر من الآمان بوجوده فهي دائمة الخوف منه بل كانت تتجنب التواجد معه في ذات المكان؛ أما الآن فهي تحمد ربها سرا أنه موجود
كانت تستمع لإطراء بنات عمها عندما يحادثون والدهم بأنه الآمان والطمأنينة لكلا منهن، الآن فهمت ذلك
فرحت بشدة وإستغلت تفاجؤ ذلك البغيض الحثالة بدلوف أحد ونادت بعلو صوتها فرحة ومتلهفة :
-بابا
ولكن فرحتها لم تدم فتقدم والدها للداخل ظنت أنه سيعاقب ذلك الوغد لتجرؤه عليها ولكن خاب ظنها عندما وجدته يتوجه لها يجذبها من شعرها غير آبه بصرخاتها وتوسلاتها وبكاؤها وقام بإخراجها بتلك الصورة المذلة وهي تزحف أرضا وهو يسبها بأبشع الألفاظ
توجه لسيارته وأمر السائق بالعودة ببنات أخيه اللتان إرتعشتا خوفا وإشفاقا عليها؛ ظل طوال الطريق يسبها ويصرخ في وجهها بأبشع الإتهامات بالإضافة إلى الصفعات الدامية
وصلا أخيرا ليجذبها من شعرها مرة أخري ويصعد بها لغرفتها رغم نداء كل المتواجدون به؛ دلف للحجرة وألقاها بطول ذراعه لتسقط أرضا بجانب الفراش ثم قام بإغلاق باب الحجرة بالمفتاح ونزع الحزام الجلدي من حول سرواله وأخذ في الإقتراب المرعب منها ورفع يديه لأعلي ثم هبط بكامل قواه علي جسدها لتصرخ من الآلم ولكن ذلك لم يمنعه لأن يكمل عاصفة عقابه، لا تعرف كم المرات الذي هبط السوط الجلدي فوق جسدها عشوائيا بقوة لا يحتملها رجالا فكيف بفتاه صغيرة السن والجسد.
كل ما وعت عليه تدفق الدماء من كل جسدها لدرجة أن وصل بها الشعور بأن تفقد الشعور بجسدها.
كانت قد إعتادت علي قسوته معها وعقابه الغير مبرر؛ أيضا إهانتها والتسبب لها بالإحراج وخيبة الأمل؛ كانت تقارن بين حياتها وحياة بنات عمها كيف كان عمها يجلس معهن يحادثهن ويناقشهن فيما يردن، كان دائما يقول لهن أن لا يخفن منه بل علي العكس يعتبرونه أقرب الناس إليهم لأنه أكثر من يخشي عليه ويبذل روحه فداء لهن.
كان إذا أخطأت إحداهن لا يعاقبها بل على العكس يمرح معها ويلعب ويفهما بطريقة لطيفة محببة أنها أخطأت لتنتبه فيما بعد؛ علي العكس هي تتلقي العقاب دائما دون سابق إنذار.
ولكن تلك المرة زاد العقاب كثيرا فلم يعد بمقدورها أن تحتمل ومازاد الطين بلة إقترابه منها بعدما أمسك بمقص تنسيق الزهور الخاص بها وإقترب في عنف ينزع شعرها
وها هي توسلاتها تذهب أرجاء الرياح لتستسلم لتلك الغمامة السوداء التي تجذبها بصدر رحب
إستيقظت لتجد نفسها تفتح عيناها بصعوبة بالغة تشعر بآلام في كافة أنحاء جسدها كانت لم تعتد علي الضوء كثيرا لتستمع لصوت زوجة عمها تحادثها بحنان :
_يا حبيبتي يا بنتي حمد الله على السلامة
لم تقوي علي الرد فقط الإستماع لدلوفهم جميعا للإطمئنان عليها نعم جميعهم ما عداه فيبدو أنها لا تعني له أي شئ.
علمت منهم أنها كانت نائمة منذ أربعة أيام فالطبيب حرص علي إعطائها ما يغيبها عن الواقع لكي لا تشعر بآلام
الوقت الحالي/
إنتهت من سرد جزء من ذكرياتها المؤلمة لتراه يجاهد بأن يخفي غضبه ولكنه فشل فكل جسده يشتعل من الغضب
إستمع لها ولمعاناتها ود أن يأخد بالثأر لها ولكن كيف وهو عمه وواجب عليه إحترامه، شعر بأنه يريد قتل ذلك الوغد الذي تسبب لها بالفزع وتجرأ علي إعادة فزعها مرة أخري وبوجوده أيضاً
نهض وتوجه لغرفة الرياضة ليفرغ غضبه.
.........
كان بالورشة الخاصة به ليتفاجأ بها أمامه كعادتها منذ يومين
_السلام عليكم ورحمة الله
_وعليكم السلام ورحمة الله، خير العربية فيها حاجة النهاردة كمان
شعرت بالحرج من كلماته ذات السخرية المبطنة ولكنها تعلم أنه محق فهي باليومين السابقين تتحجج بأي شئ لتأتي لتراه لتقول بخجل :
_لأ العربية تمام، أنا جاية النهاردة علشان أعزمك علي فرح أخويا الليلة في فندق....
تعجب من طلبها هذا، أجنت هذه الفتاه
يعلم في قرارة نفسه أنه منجذب لها يريد قضاء الوقت بصحبتها ولكن عليه أن يؤد هذه المشاعر قبل أن تتوهج أكثر لذا تحدث بصرامة :
_بصراحة أنا مش هقدر سامحيني
كسي الحزن وجهها لتقول محاولة إقناعه :
_ ليه؟ أنا كنت حابة أشكرك تاني علي مساعدتك ليا
وأقولك إني إعتبرتك جزء من عيلتي
كانت تعلم أن هذا المبرر ما هو إلا نصف الحقيقة أما النصف الآخر فهي تريد ه أن يتعرف علي عائلتها وتريده بجانبها بأي مبرر
_أنا هتكلم معاكي بصراحة، أنا وإنتي من عالمين مختلفين وأنا حياتي ملخبطة هظلمك معايا لو إستمرينا نقرب من بعض
نظرت له بعيون دامعة ليكمل بآسف :
_أنا آسف مش قصدي إني أجرحك أو أحرجك بس إنتي بنت ناس مستحيل يوافقوا يبقي ليكي علاقة بواحد زيي
ذهبت من أمامه سريعا قبل أن يري دموعها ولكن قد سبق السيف العزل ورأهم أراد اللحاق بها ليعتذر لها.. لا ليمحو دمعاتها التي أصابت قلبه بشدة ولكنه فضل الثبات فالجرح الآن أهون كثيرا من الجرح تاليا
.........
وقف أمام مرآته يتأكد من هيئته ليجفل علي صوت عمه وهو يضع يده علي كتفه بتعجب :
_مالك يا مراد بقالي مدة بكلمك وإنت ولا هنا؟!
_مش عارف
_مش عارف إيه يا عريس، غيرت رأيك ولا إيه؟!
قالها بمرح ليغتصب مراد ضحكة مجاملة ولكن أيمن شعر به ليسأله مرة أخري ،ليجلس بقلة حيلة بعد أن فشل في إيجاد حل مناسب يقص له ما حدث
............
تجلس بالحجرة تشعر بأنها ما كان ينبغي عليها أن تخبره فبالتأكيد الآن سيشفق عليها لتشعر بوخزة قاتلة بصدرها فهو آخر شخص في هذه الدنيا تريده أن يشفق عليها
أخرجها من شرودها لمست يديه فوق رأسها لتنظر إليه نظرة أقسم بداخله أنه لا يوجد في براءتها ؛لتستجيب ليديه وتحك وجهها بكفه فلم يحتمل فجذبها لأحضانه هامسا لها:
_آسف ...آسف علي كل لحظة عدت عليكي وأنا بعيد عنك ،أوعدك إني هعوضك
_ ياعني مش هتشوفني قليلة ؟
يا الله كم أن نيات صوتها المتألم يمزق صدره ؛هو الشاب الصقر الفولازي المعروف بأنه لا يتأثر بشئ يشعر بالوهن من أجلها ومن أجلها أيضا يشعر بالقوة أغمض عينيه وأردف بصوت يغلب عليه الحب :
أنت تقرأ
أحفاد درغام
Lãng mạnجريمة قتل غامضة .... والمجني لم يكن معروف أما الجاني فهناك الكثير من الإختيارات فجميع أحفاد درغام مشتبه بهم أحفاد درغام ...شباب وفتيات لكل منهم حكاية . قد تبدأ حكايتهم بالطريق المعتاد عندما يريد كبيرهم جمعهم تحت سطوة وقوة الزواج ولكن لأهداف نبيلة...