الفصل العاشر

68 6 9
                                    

الفصل العاشر /
الحقيقة نسبية ... ولكن القدر واقع ملموس ، قد نظن أن زمن المعجزات إنتهى ولكن يجب أن يظل إيماننا بأن رحمة الله دائما وأبدا موجودة .
مر أربعة أيام على إحتجازه بالمشفى وجميع العائلة من حوله ينهش القلق قلوبهم . فهاهو كبيرهم طريح الفراش يتغذي جسده بعدة أنابيب طبية ...لا يستطع الجلوس ....لا يقدر على الكلام .تخرج منه إبتسامات خفيفة مجاراة لهم يستجيب لحديث شطرتي قلبه كروان وبسمة ، لذا أكثر من يظل معه هن الإثنتين .
في خلال تلك الأيام لم يتسنى لأوس أن يهتم بالتهديدات التى يتلقاها لإنشغاله مع والده في أعمال العائلة بالإضافة لعمله الخاص فقد تسرب خبر مرض حسين درغام للصحافة مما أدى إلى هبوط أسهم شركته وتضارب الأقاويل عن من سيستلم زمام الأمور من بعده .
أما آسر فقد إستطاع عقد إرتباطات جديدة ستعود بالمنفعة على شركة درغام للمقاولات وترفع إسمه بين رجال الأعمال الأكثر مهارة .
علمت مريم بالمستجدات ولكنها لم تستطع العودة بسبب إلتزامهم بالدراسة والأبحاث .
.....................
جالسون كعادتهم بعد أن ينهى الجميع أعماله يذهبون للإجتماع بالجد ويطمئنون عليه فى محاولة منهم لجعله يشعر بالتحسن .
طرقات إستئذان فوق الباب جذبت إنتباههم ليأذن آسر بالدلوف .
تفاجأ الجميع بالثنائي الموجود أيمن وباسم .
فور رؤيته تجمعت الدموع بعينيها .دموع العتاب والإشتياق .
بينما الباقون إختلفت نظرتهم فمنهم من لا يعرفه ومنهم من يبغضه ويغضب منه وطبعا منهم المنجذب إليه حال حسين درغام .
_ إتفضلوا يابنى .
تعجب الجميع ولكن فرحين فهاهو كبيرهم إستعاد صوته مرة أخرى.
_ أخبارك يا حج ؟
_ نحمد الله يابنى ...إتفضل يابنى ولا إنت جاي تقف على الباب .
قالها مشيرا لباسم الذي إستجاب له وتقدم بإتجاهه وما كاد الجلوس بالكرسي بجانب أوس حتى وجد نفسه ملقى بين أحضان جده.
رغم المرض والوهن ...تغلبت عاطفته وتحامل على نفسه ومد ذراعيه يجذبه من ذراعه الأيسر المقابل له ليحتضنه بقوة ،وساعده على ذلك قرب المسافة بين الكرسي والسرير وأيضا إنجذاب جسد باسم تلقائيا لمثل هذا العناق .
أهاااات ودموع حارقة تنساب من عينيهم والجمع مشدوهين مما يحدث . علامات الإستفهام والحيرة تملأ وجوههم إلا شخص واحد والذي تحدث بما أصعق وأيضا أثلج قلوبهم :
_أحب أقدملكم باسم إبن الست أمينة الله يرحمها.
الصدمة أكبر من أي حديث ، مفاجئة سارة لهم وسارة جدا لها . كانت فرحتها مضاعفة .هاهو من شغل فؤادها أمامها معروف النسب لوالديها وأى نسب فهو من العائلة وإن كان لا يحمل لقب درغام ولكن تسري بعروقه دماء حسين درغام.
_ أنا..أنا مش فاهم حاجه.
نطق بها محمد بصدمة ليرد عليه مصطفى بحيرة :
_ ومين سمعك ياخوي أنا كأنى بحلم مش ده إل جه طلب إيد إلين يوم الفرح!!؟
_ هو ... ياعنى كانت مقصودة !! كنت عاوز تدخل عيلتنا من خلال بنتى ولما منفعش جاي دلوقتى تقول إنك إبن أمينة .
إبتعد باسم عن جده لينظر بحنق لحسن ثم أعرب عن إبتسامة مستفزة وأردف بثبات :
_ وليه متقولش إنى لما عرفت أنا إبن مين قولت دى الطريقة علشان أوصل لإلين .
خرجت منها ضحكة لم تستطع السيطرة عليها لينظر لها لأول مرة منذ دلوفه فقد كان يتجنب النظر لها ليصونها ولكنه سعد كثيرا وتبسم ورأي الجميع فرحة عينيه عندما وقعت عيناه عليها ورأي الحجاب يزين رأسها ، فهى منذ أن ألبسها إياه لم تتخلى عنه وإقتنت ملابسا مناسبة أكثر للحجاب .
خجلت من نظراته لتسبل عينيها لأسفل بإرتباك .
أرادت مى كعادتها تليين الأوضاع لتسأل جدها بمرح :
_ قولى يا حجوج عرفت إزاي ؟!
_  أنا مستنيكى تسألى .
تبسمت بمرح وأضافت بسرور:
_وأنا سألت أهو ....إحكيلنا بقي.
.......
فى وقت سابق /
منذ أن علم بحقيقة إنتسابه لهذه العائلة شعر بالفضول للإقتراب من أفرادها خاصة جده وزاد هذا الشوق الفضولى عندما وقع بعشق فتاتهم المدللة .
وحين علم بمرض جده لم يستطع المكوث دون الإطمئنان عليه فإنتظر ليلا وتسلل للمشفى وصعد إلى حجرته وبعد دلوفه وإطمئنانه بخلو المكان جلس بجانب فراشه وأغمض عينيه يستشعر هذا الشعور الرائع ، شعور الإنتماء ، أن يكون لديك أحد تنتمى إليه ..هذا حقا يعادل كنوز الدنيا .
فتح عينيه لتنساب دموعه تزامنا مع إبتعاد جفنيه وبدأ يجهش بما يثقل صدره :
_ كان نفسي أترمى في حضنك وأشم ريحة أمى فيك .
أمى إل ماتت مقتولة بين إيد الرجل إل ربانى . متتخيلش الصراع إل جوايا .
أختى مش عارف مكانها ، أمى مقتولة وإل كان السبب عايش متهنى في حياته ،والبنت إل بحبها مقدرش أكون معاها .
أنا لما عرفت حقيقتى لقيتنى بحقد عليكوا كلكوا وعاوز أنتقم لسنين عشتها يتيم حتى بعد ما هربت من دار الأيتام .
إتمنيت أخلص منكم أي عذاب تكون أختى إل معرفش عايشة ولا ميتة شافته.
بس بعد ما شوفت كل واحد فيكوا فى دنيته لوحده، ولقيت نظرة العذاب في عينك ،  إتأكدت إنكم تستحقوا الشفقة مش الحقد .

أحفاد درغام حيث تعيش القصص. اكتشف الآن