الفصل الثامن

55 4 11
                                    

الفصل الثامن /
الحقد دائرة سوداء قطرياها مع الوقت يضيقان عليك بقوة إن إستمر مكوثك في المنتص ترغب في هدم كل من حولك .
كان صراخه مفزع لهم 
نظر الجميع للخلف بإتجاه مي وآسر  ما عادا كروان التي كانت بعالم آخر ليصعقوا مما رأوه
حنان بجزع:
_إبني.. إبني عملتي فيه إيه يا مجرمة ؟
_إنتقمت لأختي .. ضحكت كمن فقد عقله وظلت تردد إنتقمت، هما كمان شربوا السم زيها
توجه أوس لشقيقه ومريم لشقيقتها لتفحصها بعيون تذرف الدموع لتصرخ :
_لسه عايشة
_نبض آسر ضعيف إطلبوا الإسعاف بسرعة
صرخ بها مراد بعد أن فحص آسر والذي يبدو أنه تأثر أكثر من مي
تحول الفرح الذي ترقبه الكثير من الناس إلي جنازة حقا
فقد إشتد الحزن والجزع بالقلوب
مرت ليلتان قضتها عائلة درغام في وله وخوف، خشية فقدان فلذات أكبادهم....
تخطت مي مرحلة الخطر بعد عدة ساعات بينما آسر كان يواجه خطر الموت فقد تأثر بشكل كبير....
بينما كروان إختارت البعد.... إبتعدت بروحها ونفسها عن هذا العالم.. كانت جسد مسلوب الإرادة؛ تراها تشعر أنها برفقة الأموات..
كانت العائلة جميعا في المشفي، قلوبهم جميعا تعتصر من الألم، كان أكثرهم ألما كبيرهم...
الآن شعر بثقل هذه الصفة، هو كبيرهم لذا عليه إمدادهم بالقوة، عليه أن يضعهم جميعا على الطريق الصحيح.. ولكن من يمده هو بالقوة..؟
لتأتي إيجابة سؤاله متمثلة بكف يوضع فوق كتفه كدعم، كف تلك الفتاه التي أضافت نكهة مميزة على حياته منذ دلوفها، من إستطاعت التقليل من تأثره السلبي من فراق كروان
_مش ناوي تقوم ترتاح شوية يا جدو؟
نظر لها ليري الخوف والإرهاق باديان علي وجهها فيبدوا أنها عانت الكثير في هاذين اليومين، إبتعد بنظره ليري زوجات أبنائه تجلسان فوق المقعد على الطرف التاني دموع الألم والخوف تنهمر على وجوههم، دموع أمهات وأه منها........
إمتد بصره ليجد تلك العروس التي لم تهنأ تستند بكفها فوق ذراع زوجها الذي يبث لها عبارات الإطمئنان وبجانبها؛ يقف والدها مغمض العينين يستند برأسه على الحائط وبجانبه أخيه يستطع رؤية دموعه رغم محاولاته لمداراتها..
وعلي بعد عدة خطوات ولده الملكوم... نعم يعتبره هو صاحب أكبر المصائب وأصعب المشكلات فهو يواجه نفسه وما أشد الحرب ضد النفس...
كم يشعر بالشفقة عليه فسواد الماضي ظل يلاحقه وجعله يتعذب بحياته ولا ينعم بها..
جعله يظلم إبنته ويقسو عليها... إبنته ويا الله من ألم إبنته
قد يكون ألم مي وآسر جسمانيا وآلم من حولهم خوفا عليهم ولكن كروان آلمها أشد أنواع الآلم...
إن روحها تأن وجعا
تابع بعينيه أصغر أحفاده وهي تزيل دمعاتها وتذهب للخارج، إنتابه القلق عليها فهناك شئ مجهول يشعر به إتجاهها..
أرخي كتفيه بوهن وأغمض عينيه في ضعف وتضرع إلي الله صامتا أن يخرج عائلته مما هما فيه...
بالخارج /
نظرت إلين لهاتفها بصدمة بعدما تلقت إحدي الرسائل من باسم يطلب منها أن تخرج لملاقاته
_إلين
نظرت بجانبها في إتجاه الصوت فوجدته أمامها واقفا بكامل جاذبيته لتناديه بلهفة :
_باسم
نعم يعترف أن طريقة مناداتها له أثرت روحه ولكن عليه التحلي بالجمود من أجل الوصول لهدفه، لذا سيطر على مشاعره ورسم المكر في كلماته
_حبيبتي أول ما عرفت إل حصل حبيت أجي أطمن عليكي
_ حبيبتك!
كان تساؤلا أكثر فأين ومتى أصبحت ؟
_أيوة حبيبتي إيه عندك إعتراض؟
يعلم كيف يلعب على أوتار قلبها حقا
أهذا وقت الخجل وإشتعالها بحمرته
أومأت له بلا بقدر عالي من الكسوف قطعه هو بسؤاله /
_ طمنيني أخوكي عامل إيه؟
إثر ذكره لأخيها إندفعت دمعاتها مجددا من عينيها ولم تستطع السيطرة عليها، ليقترب منها ويهمس لها في محاولة للتخفيف عنها :
_ إن شاء الله هيبقي كويس، بس إنتي بطلي عياط مش حابب أشوف دموعك دي
نظرت له بتعجب ممزوج بالآلم، ففهم هو نظراتها لا يعلم كيف ولكنه شعر أن عيناها تحادثه حديث خاص به وحده فأجاب بصدق خالي من المكر :
_كان غصب عني، مكنتش عاوزك تتعلقي بيا ولا أنا أتعلق بيكي أكتر من كده، شوفت إن الجرح دلوقتي أهون من بعدين
_وليه قررت بإننا هنتعذب؟
كان سؤالها مستنكرا لقوله ليجيبها بعقلانية :
_بصي وراكي كده
نظرت بتعجب فلم تجد سوي مدخل المشفي لتنظر له بتساؤل أجاب عنه بإقتضاب
_المستشفي دي أنا آخري أقف قدام بابها
ظلت ثوان معدودة قبل أن يصل لها ما يود قوله فأردفت بإضطراب :
_تقصد علشان...
_أيوة علشان فقير
_بس الغني غني النفس
لم يستطع إخفاء إبتسامة الرضي التي إخترقت قلبه قبل شفتيه من كلماتها الصادقة وتحدث بهدوء :
_بس أهلك مش هيبقي موقفهم كده خصوصا حنان هانم بنت سيادة الوزير ولا حسن باشا إل ساب أهله علشان يعيش في مستوي أفضل.......
يا إلين في فرق كبير أوي مش هنقدر نتخطاه بكام كلمة عن الحب وأخرتنا نتعذب بالحب ده .
ظهر التعجب على وجهها فهو من أين عرف عن أهلها ولكن لم تطرق لهذا الموضوع الآن
_طب ليه جيت ورجعت في كلامك ؟
قالتها بشئ من الحدة لشعورها بالعجز لفهمه فمن أين لا يريد إقترابها ومن أين جاء لخطبتها
_علشان لقيت نفسي مش هقدر أعيش بعيد عنك، من يوم ما شوفتك وحياتي بقي فيها ضوء بعد العتمة إل عشت فيها وكانت بتشدني، لقيت نور عنيكي هما إل بيشدوني .
كان صادقا حقا ، رغم أنه قرر إستغلال تلك المشاعر الوليدة بداخله لصالحه .
_أنا.. أنا مش قادرة أصدق، كل الكلام ده ليا !
إبتسم قبل أن يسمح لنفسه بأن يمد يده ليضع خصلة من شعرها خلف أذنها، فتتسع إبتسامته لرؤية خجلها في تزايد
_يالا إدخلي وأنا هبقي أكلمك أطمن على أخوكي
نظرت له بحب جعل قلبه يبصق على خططه ومكره ويعترف أن ما قاله ليس سوي الحقيقة وأنه أقحم نفسه داخل دائرة الإنتقام عنوة من خلالها .

أحفاد درغام حيث تعيش القصص. اكتشف الآن