الحلقة الأولى
غصون في مهب الريح
بقلم :عبير سليم
................
غصن أخضر وُضٍع في تلك الصحراء فإذ به قد نبت و تفتحت ثمراته عن زهرة فيحاء فهل لها أن تقوى على العيش بتلك القفاري الجدباء هل لها أن تفوح بعطرها وتبعث السعاده بداخل كل إنسان أم أنها قد كُتٍب عليها ألا تتفتح لربيع آت وتبقى حبيسة لخريف مضى لم تر عينها في يوم سواه
بلى هذا الغصن هو من اصطفى ذاك الموضع والمكان لينبت به ويخرج وردة فيحاء هو الذي جنى على زهرته بذاك الاختيار وقد ارتضت هي بذاك ولم تُبدي أى اعتراض بل كانت فرحة شديدة الارتياح بهذا القرارفلا يحق لها بعد أن روت منه ظمأها أن تتنكر له ولا يحق له بعد أن جعله غصنا قد أينعت منه الحياة أن يغفل عن أفضاله لا لن يشفع له ولها ربيعهما الذي بات سجيناً لخريف قد تساقطت أوراقه وحل عليه الخراب لن يكن بالمقدور أن ترحل عنه وتتركه بعد أن منحته وعداً بالبقاء
فأريجها وعبيرها وشذاها لم يعد من حقه أن يفوح يوما لسواه فهو موطنهما الذي سيمكثان به حتى الفناء
فذاك الغصن وتلك الزهرة قد تشعبت جذورهما في تلك اليباب وإذا حاولا التمرد والعصيان لن يلقيا سوى جحيما قد فتح لهما الأبواب على مصراعيه ولن يقويا على التحدي والتصدي لأعاصير ورياح قد تهوى بهما إلى أبعد الأعماق فلترضيا إذن بما قُسما لكما من تلك الحياة وما قُدٍر لكما من مقسم الأرزاق ورب العباديخرج من محاضرته بصحبة زملائه وهم جميعا يتبادلون الأحاديث عن تلك المادة التي يصعب عليهم فهمها وعن ذاك المعلم المتعجرف والذي يعاملهم بضيق وكأنهم أعدائه وليسوا أبنائه الذين ظلوا معه طيلة سنوات يشكو بعضهم لبعض ليرون ماذا سيفعلون حتى يمر ذاك العامان ويخرجون بعيدا عن تلك الأسوار ليدخلوا في صراعات الحياة
أنا مش فاهم هو ليه قلب علينا كده
_لا يا ضياء هو كده من يومه مش طايقنا وكأن بيننا وبينه تار
ضياء:لا والله يا كريم هو مبقاش بيعاملنا كده غير السنه دي بس السنين اللي فاتت كان بيشد علينا بس بحب لكن أنا مش عارف إيه اللي حصل عشان ميبقاش طايقنا بالشكل ده
ده بيدخل المحاضره وهو بيقول ياشر اشتر
تتدخل هي الأخرى بالحوار:خلاص بقى ياشباب هو مبقاش في على لساننا سيرة غير أم الدكتور ده غيرولنا بقى السيرة دي وان شاء الله حتعدي على خير ومسير السنه دي تعدي ونتخرج ونشوف حياتنا
_ياسلام على أساس اننا حنخرج نلاقي الشغل فاتحلنا دراعاته ده احنا حنصطدم بواقع حيخلينا نقول ولا يوم من أيام الجامعه
_ياربي عليكي يا أمل اسم على غير مسمى المفروض كانوا سموكي كتلة اليأس والأحزان
_سيبنالك انتي التفاؤل يا ست وعد
وعد بثقه : طبعا يابنتي أنا ماشيه بمبدأ مصطفى كامل لا يأس مع الحياة ولا حياة مع اليأس وأوعدك يا بائسه هانم انك في يوم حتشوفيني في الجرايد والمجلات
أمل :أه ده أكيد طبعا بس أكيد في صفحة الأحداث
يضحكون جميعهم ويتحرك كل منهم في اتجاهه بينما هو يمسك بيدها ليتحركا نحو الباب فإذ بهما يستمعان لصوت الإنذار لهما بأن خلفهما سيارة ليفسحا لها الطريق فيجدان أنها سيارة هذا المعلم الذي كانوا يتحدثون عنه منذ لحظات
اتفضل يا دكتور
يبتسم لهم ويحييهم بيده : سلام يا شباب
يتحرك بعيدا عنهما بينما عيناها مسلطة على تلك السياره الفاهرة
فيردد ضياء : ربنا يهديك علينا يارب يادكتور
بينما هي : يااااه ياما نفسي يا ضياء أركب عربية زي دي فيوم من الأيام
ضياء : ان شاء الله يا حبيبتي بس تجتهدي وتذاكري كويس وانتي تحققي كل اللي بتتمنيه ومن طلب العلا سهر الليالي
وعد : لا يا حبيبي من طلب العلا علا
وأوعدك اني حطير لفوق وحعلو فوق السحاب كمان
ضياء : ماطار طير وارتفع إلا كما طار وقع يا وعد هانم
وعد : سيبك من الكلمتين اللي حفظهوملنا في المدارس واحنا بقينا ماشيين وراهم واحنا مغمضين عينينا مفيش طير بيعلا لفوق ويقع إلا إذا كان غبي لكن طول ما عقلنا ده شغال وبنفكر حنعلا وعمرنا ما حنقع تاني مانت شايف أهوه العالم من حوالينا بذمتك عمرك سمعت عن حد وصل ورجع وقع بعد كده ده كلام الفاشل اللي بيبرر بيه لنفسه فشله وعجزه
ضياء :انتي قصدك إني أنا فاشل يا وعد
وعد :إيه لا والله ابدا أنا عمري ما اقصد حاجه زي دي بالعكس يا ضياء انت قدوتي ومثلي الأعلى في الهمه والنشاط انت الدافع لية في حياتي كلها انا بعلق على كلامك مش أكتر
ضياء :طب ياللا يا ست وعد ادامي خلينا نلحق الأتوبيس قبل ما يفوتنا
وعد وهي تشبك اصابعها بأصابعه : حاضر ياقلب وعد
يتجهان ناحية الأتوبيس والذي كان ينتظره العديد من الناس وبمجرد مجيئه يقبلون عليه ويشتد الزحام ولكنه يتشبث بيدها فيصعدا ويقفان بجانبي بعضهما ليتحدثا ولكنه يلاحظ تغير وجهها : مالك يا وعد في حاجه
وعد : مفيش
ضياء: لا في مالك انتي تعبانه
وعد: بص اصل اللي ورايا بس والنبي عشان خاطري متعمل مشاكل
يجذبها من يدها ويوفقها بجوار فتاة وخلفها امرأه ويوجه حديثه لذاك الذي كان واقفا خلفها : هو انت معندكش اخوات بنات معندكش ام تخاف عليهم
_هو في إيه يا عمنا
يمسكه ضياء من ملابسه : فيه إنك واحد سافل وعاوز تتربى
تحاول وعد أن تشد يده ويتدخل جميع الركاب لتهدئته : استهدى بالله يابني
ضياء : يعني أسيبه يضايقها واسكت
_انا معملتش حاجه هو انتوا عاوزين ترموا بلاكم وخلاص انتوا أصلا اللي واقفين مش مظبوطين وعاوز تلزقها فية