أَخِلاَّءُ الرِّجَالِ هُمْ كَثِيرٌ
وَلَكِنْ فِي البَلاَءِ هُمْ قَلِيلُ
فَلاَ تَغْرُرْكَ خُلَّةُ مَنْ تُؤَاخِي
فَمَا لَكَ عِندَ نَائِبَةٍ خَلِيلُ
وَكُلُّ أَخٍ يَقُولُ أَنَا وَفِيٌّ
وَلَكِنْ لَيسَ يَفعَلُ مَا يَقُولُ
سِوَى خِلٍّ لَهُ حَسَبٌ وَدِينٌ
فَذَاكَ لِمَا يَقُولُ هُوَ الفَعُولُ.
"حسان بن ثابت"
<<<<<<>>>>>>>
*الخوف من فقدان ما هو مُكتمل،اكثر تعصُفً مِن لا يفقه شئ عن الاكتمال*
كانت "قمر" تنظر له في دهشه وحيرة،هل حقًا ستفقده؟
هل الان يضعها في موقف الاجبار،علي ان تنساه؟
وعندما لا تفعل ذلك فهل هذا خيانه لصديقتها؟
قطع هذه الافكار صوته:قمر!؛هاااااا قولتي ايه هتساعديني؟
انت عارفه اني مش هعرف اتقدم ليها خطوه،خايف ياقمر
كان يتحدث والحزن مالئ عينيه ثم تابع:خايف ترجع متتكلمش تاني،خايف تشوفني تخاف من تاني دة انا مصدقت انها بقيت تقعد معايا في العياده لوحدها،مصدقت اني بصتها ليا اتغيرت،هي مربطاني،بحكم ديننا مينفعش حاجات كتير اعملها معاها ولا اتكلم فيها،وبحكم مرضها،مينفعش افاتحها في موضوع زي دة،عشان كده عاوزك تساعديني هي قعده عندك في البيت فبالتالي بتتعاملو مع بعض اكتر بكتير فممكن تحاولي تطمنيها من ناحيتي اكتر؟!
هزت رأسها بابتسامه بسيطه ثم قالت:هفكر واقولك طيب،يلا بقي عشان ورايا شغل.
لا تريد ان يُشعر بشىء لذلك فعلت هذا بمداعبه.
<<<<<<>>>>>>>
ها قوليلي بقي،ايه الجمال دة؟ كانت غزل تتغزل بنور ثم تابعت بغمزه:ايه الفستان القمر دة وبعدين مين جايبلك الفستان الازرق دة! لا وستان كمان! دة باين عليه حد بيفهم جدا وعنده ذوق.
تعلم انها قدمت هذا الفستان لها من اول راتب لها.
فقالت نور بابتسامه بسيطه للغايه:انتِ
ثم تابعت غزل:انا! بس؟!
مفيش انت ياروح قلبي، يا اختي، يا اي حاجه،الواحد يانور بيسكت قدامك عشان انت بس اما بتضحكي عينيكي بتضيق وخدودك بتحمر وبتخلي الواحد يدوب كده!.
هذا الحديث يجعل دائما "نور" تشعر بالامتنان فهي تتوسطهم لا تريد شئ اخر،خجلت ثم نظرت الي الارض.
تابعتها غزل وهي حزينه حقًا علي ما تمُر به،لكن علي الرغم من ذلك ابتسمت وقالت "الحمدلله" فهي لا تريد شئ غير حديثها
<<<<<<>>>>>>>>>
أتي الليل انتهت "نور" وخرجت من المرحاض،ثم نظرت الي قمر فقالت:قمر!
مالك؟ سرحانه ليه في حاجه؟
ومتقوليش لا،انا عارفه اني في حاجه،اما بتسرحي بتبصي لمكان واحد وبضُمي رجليكي ومش بتحسي بالدنيا،فمش هتعرفي تهربي مني قوليلي في ايه؟
ابتسمت قمر علي ما تفوهت به نور،صَوتها الهادئ يجعلك تُريد التحدث حقًا،فهي مُنصته جيده،ايضًا تُجيد تحليل الاشخاص حقًا،وتنتبه لتفاصيل الاشياء بِدقه.
قالت لها،مفيش حاجه متقلقيش انهارده كان يوم مُتعب علينا كلنا تعالي الاول اسرحلك شعرك يلا،اقعدي قدامي.
اجلست نور امامها فتحدثت "نور"وقالت:وانت بتسريحيه احكي ماشي؟
تَبسمت قمر علي ما تقوله هي حقًا بريئه،لا تعلم لماذا العالم قرر اختيارها ليُدخلها في هذا العذاب، انتهت من كل هذه الافكار ثم قالت:حاضر ياستي هحكيلك بطلي بقي كلام شويههه صدعتتت
ضحكت نور بقوة،علي الرغم من كل ما يوجد بداخلها،لكن لا تشعر انها مريضه امامهم حتي طه لا يجعلها تشعر ذلك،ثم قالت بداخلها"الحمدلله علي كل حال".
قطع هذا الصمت الذي ساد للحظات صوت "قمر" عندما قالت:نور!
هو انت شايفه طه اني هو اخو غزل ودكتورك وبس،يعني عمرك مثلا مشوفتيه غير كده.
ثم تابعت في توتر علي ما خرج منها علي حين غرَّه:اقصد يعني الواد دة بيعاملك معامله زي معامله *يوجين* كده في فيلم *الاميره المفقوده* عُمرك ماحسيتي انك معجبه بيه مثلا او كده؟
التفتت لها نور بغضب وقالت:ايه ياقمر الكلام دة،لا طبعا مش معجبه بيه،ولا بحد اصلا اي نعم طه مختلف محترم مبادئي وقعد سنتين يحاول يطلعني من اللي انا فيه ولسه بيحاول بس هو هيفضل دكتوري وبس،بعدين دة انا عمري مابصيت لعيونه غير اما بس بينادي عليا،او في العياده عشان يفهم انا جوايا ايه،هعجب بيه ازاي بقي،بعدين متفتحيش معايا الموضوع دة تاني ولا موضوع اي راجل عمتا الا لو الحوار يخصك...تمام؟
حمدت الله قمر علي انَّ هذه المناقشه انتهت بسلام.
فقالت:ماشي ياحبيبي انا بس كنت بسالك عادي،انا داخله انام هتيجي؟
كانت الساعه ٣ صباحًا فقالت لها نور:لا هصلي القيام الاول بعدين هنام.
<<<<<<<>>>>>>>
كان "طه" في هذا الوقت جالس علي مكتبه،يبحث في كُتب الطب النفسي والعصبي،ويقرا عن نتائج الكبت،وعن تاثير العنف الجسدي،وكانت هذه الكتب لاطباء من خارج البلاد حتي شرد في شئ ،هذا الشيء الذي لا يترُك عُنقه منذ ذلك اليوم،يسمع صراخها وهي تقول:طه متسيبنيش ياطه ارجوك ،انت عارف مش هعرف اعيش هنا،مش هعرف انام ياطه،متتخلاش عني عشاني،متخلهُمش ياخدوني منك،طهههههه اعمل حاجه،،ازاي قدرت تعمل كده،ازاي قدرت تتخلي عني ياطه!
استيقظ من هذا الشرود،وكانت عينيه تتزاحم،واغمض عينيه ووضع يدهُ علي قلبهِ بألم ،ولا يسمع شئ سوى صدي اسمهُ بصوتها،حتي بعدما غفرت له،هو لا يغفر لنفسهِ.
<<<<<<<>>>>>>>
دخلت قمر غُرفتها وكانت لا تغفو فهي تنتظر "نور" حتي تتلو القران لكي تسمع صوتها بعد ذلك تغفو،منذ ان اتت الي هذا البيت وجعلته دافئ ،جعلته مثلها تمامًا.
وقفت "نور" وقد بدات في الصلاه،ثم سجدت واطلقت سراح عيناها اطلقت بُكائها،فهي لا تبكي الا عندما تُصلي القيام،كانت تُحدَّث* الحي الذي لا يموت*،كانت تعلم انها تُحدث *العليم البصير*لذلك نطقت بكلام لا تريد البوح به امام شخص،وقالت له،(يا الله كما دعت لك،سيده ام كلثوم رضي الله عنها،ان ترزقها بزوج يصُب الحب عليها صبًا صبا ويكون عابدًا لك،ثم رزقتها، بسيدنا طلحه بن عُبيد الله رضي الله عنه،ارزقني مثلها يا الله،فانت لازلتُ تعطيني الامل،والالهام بداخلي وتجعلني ادعو لك بهذه الدعوه كل يوم بلا كلل،انتظر اشارتك يارحمن).
ثم انتهت من صلاتها،وذهبت الي قمر.
قالت لها نور: انت بتعيطي ليه!
فتابعت قمر: عشان سمعتك وانت بتعيطي في الصلاه،انت عُمرك ماهتبقي اختيار يانور،انا عمري مهخليكي اختيار بينك وبين شخص تاني،انا دايمًا هختارك انت،لاني كله يتعوض الا انت.
كانت نور تنظر لها بغرابه،فهي لا تفهم شئ مما قالته،لكن قمر قررت.
<<<<<<>>>>>>>>>>
صوت message انبعث من موبيل طه،ثم نظر له حتي راي "قمر" تحادثه ثم كتبت:انا هحاول اعمل دة بس مش هضغط علي نور في حاجه عشان نفسيتها،قادر انك تصبر عليها؟
كان طه في سعاده لا مثيل لها،كان الامل ينُبع من عينيه وهو يكتب:اة هصبر،هصبر حتي لوهصبر طول حياتي،شكرًا اوي ياقمر علي كل حاجه بتعمليها عشاني انا فعلا مش هلاقي زيك.
نظرت الي رسالته،ثم اغلقت الموبيل،ضمت نور ثم اغمضت عيناها ولكن الافكار لم تتركها هذه الليله.
<<<<<<>>>>>>
اصبحت الساعه ٩ صباحًا،كانت غزل في مكتبها،تبحث في دلائل قضيتها الجديده،وتراجع كل شئ بدقه،قبل معاد المحكمه،ثم دخل عليها ما يُفسد هذا الهدوء.
يانهاري ياجماعه علي القمر اللي قاعد،انهارده حبيب قلبنا هيترافع وهيخرج يعيني مظلوم من حكم الاعدام؟
ياتري بقي جمعتي دليل محترم يعرف يخرجه،ولا زي كل مره هيجي الدليل في اخر دقيقه؟
نظرت له بغضب شديد،تريد ان تفتك به وقالت:هو نهار باين من اوله عشان وشك دة مش بيجي وراه غير الخساره،عاوز ايه؟
يعشق اثارتها فهي تكون اجمل وهي بهذا الغضب،فقال بابتسامته المكيدة:مش عاوز حاجه جي اطمن علي الغزاله قبل ما الاسد ياكلها في المحكمه.
فتابعت وقالت:متنساش اني سرعتها اكبر من سرعته ياعيوني.
نظراتها في تحدي تام علي انَّ هذه القضيه ملكها فقط.
اقترب "محمود" منها اكثر وهذا الاقتراب جعله يري ملامح وجهها وهذه الملامح هي الذي سلبت "قلبه"،ثم قال:والله ياغزالتي هو مفيش عيون اصلا غير عيونك،ثم غمز وقبل ان يرحل قال لها،نتقابل في المحكمه بقي ياعيون عيوني.
<<<<<<>>>>>>>>
استيقظت نور بفزع شديد وفي ارتعاش وجعل هذا لا اراديًا يجعل قمر تستيقظ ايضًا،ثم قالت لها وهي تحاول في تهدئتها وان تنظر لها:نور!!!! في ايه يانور حصل ايه؟
نظرت لها نور وقالت:انت مشوفتيش؟
فتابعت مُسرعًا قمر:شوفت ايه؟
تحدثت نور بما هو يثُير الريبه حقًا:قمر انا شوفتها اخيًرا،كانت قدامي ياقمر،سمعت صوتها،قالتلي وحشتيني،قالتلي مستنياكي وتعالي والله ياقمر سمعتها مش بكذب،تشبثت بيديها واتبعت:صدقيني المرادي ارجوكي.
قالت قمر وهي تنظر لها بدهشه:نور! انت امبارح خدتي الدوا؟
جعل هذا نور تتذكر انها لم تأخذه عندما يأتيها النوبه،يجعل انفها واذُنها في نزيف مستمر وذلك ينتُج عنه الارهاق التام لها،لذلك اغفلت عن ذلك.
نظرت لها نور وقالت:نسيته ياقمر
نظرت لها قمر ثم قالت:اللي انتِ شوفتيها دي هي اللي شوفتيها في البحر قبل سنتين؟
قالت لها نور: ايوه هي والله هي كانت قدامي دلوقتي وطول الليل كانت معايا وجانبي.
نظرت لها نور بخوف شديد ثم قالت بهدوء تام:ابعدي عني؛هتروحي تقوليله صح؟
هتتخلو عني تاني مش كده؟
قامت قمر بتهدئتها ثم ضمتها وقالت:لا مش هقوله متقلقيش خودي الدوا دلوقتي وانت اكيد مش هتشوفيها تاني.
*هننتيجه قرار "قمر" سوف يُكلفها روح نور*
يُتبع💗
أنت تقرأ
حينما يشاء الله
Historia Cortaالقدر اللي بيبعته ربنا لينا دايما بيخلينا نقف قدامه خسرانين اننا ناخد اي قرار عقلاني بس هل القدر اقوي من الظروف اللي هي مرت بيها؟ وهل ايمانها بالقدر دة هيخليها تتجاوز الحاجات اللي هي عاشتها؟ وهل ممكن الناس توصل للدرجه دي من الوحشيه؟ بس دايمًا بن...