مرارة العشق
الحلقة الثالتة
مَرَّت عِدَّة أَعوَام وسنوات تَغيرَت بِهَا كثيرًا مِن الأشْياء ، اِسْتيْقظ رَاسِخ على قُبلَة مَياسِين الرَّقيقة ، نَضِر لَهَا بِحبٍّ وابْتَسم " قَلْب حَبيبِك ، فَايِقة تشْتاقين عليْه "
ضَحكَت بِدلال قَبْل أن تَنظُر لَه وَتغمِز بِمَرح " عُمْر حبيبَتك أَنْت يَلِي لَازِم يَفُوق اليوْم عِيد مِيلَاد خُلُود "
اِبتسَم لَهَا قَبْل أن يَنهَض لِلْحمَّام بِكَسل مِن ثمَّ نَهضَت هِي اَلأُخرى أيْضًا ونزلتْ لِلْأسْفل ، كان فَارِس يَجلِس رُفقَة أُخْتِه على الأريكة يحْتضنهَا بِقوَّة وَحَنان وَقَال " أَحلَى عِيد مِيلَاد لِأحْلى خُلُود فِي الدُّنْيَا "
اِبْتسَمتْ لَه بِمَرح " رَبنَا يُديمك لِيَا يَا قَلْب أُخْتِك أَنْت " اِبتسَم لَهَا بِحنان وقبْل رأْسهَا ، نَزلَت والدتهَا واحْتضنتْهَا بِالْمثل تبارَك لَهَا عِيد مِيلادهَا الثَّاني عَشْر وَكذَلِك والدهَا . بعْد مُدَّة كان اَلجمِيع يلْتفُّون حَوْل مَائِدة الطَّعَام يُخطِّطون لِحفْلة عِيد مِيلَاد خُلُود
بَعْد اِنتِهاء اَلفُطور أَصبَح اَلجمِيع يَعمَل على قدم وَسَاق لِترْتيبات الحفْل وَزِينَة اَلمنْزِل ، كَانَت الصَّغيرة خُلُود تَلعَب بيْنمَا جَدتُها فِي جَلسَة الحديقة مع وَالدِها يتحاورون ، نَضرَة إِلى خُلُود ثُمَّ حَولَت نظراتهَا إِلى اِبنهَا وقالتْ بَعْد أن هَمسَت بِأذنه " اليوْم ذِكْرى وَفَاة صَابِرة "
حَدَّق بِهَا وَقَال بَعْد أن أَغمَض عُيونه بِأَلم " عَارِف يَا مَامَا ، هُروِّح أزورهَا "
اِبْتسَمْتُ بِودٍّ وقالتْ " دَوْر على بِنْتِك "
حَدَّق بِهَا بِنَدم وَقَال " قَلبَت عليْهَا البلد كُلهَا ، مش عَارِف هِي فَيِن "
نَضرَة بِأَسى على حَالِه وقالتْ " خُلُود لَازمَهَا أُختَهَا عشَّان تعيش ، يَا تَمُوت وَتَسبنَا "
أَغمَض عُيونه مُتذكِّرًا آخر كلمات تِلْك الصَّغيرة " هِيجي يَوْم وَزِي مَا إِتْرجيتْك تُتْرجاني " بِالْفِعْل الآن حَيَاة اِبنتِه الصَّغيرة مُتَوقفَة عليْهَا ، حَيَّت كان لِلْقدر كَلِمتَه وفعْلا الآن هُو يَقِف على وُجودِهَا ، لَكِن أَيْن هِي " فَتْح عُيونه بِإرْهَاق مِن إِحسَاس الذَّنْب ، والنَّدم ، نعم قسَى عليْهَا وَعلَى والدتهَا اَلتِي أَرَاحهَا اَللَّه مِن اَلوُجود ، لَكنَّه فَرْط فِي أَغلَى مَا اِمْتلكتْه صَابِرة وَهِي زُمُرد
نَضِر إِلى والدَته وَتَنهَّد بِنَقل ، " كان عِنْدهَا حقٌّ ، محْتاجهَا الآن عُشَّان خُلُود تعيش " أَمَات بِرأْسِهَا بُحيْرَة وقالتْ بِشرود " يَا تُرَى هِي فَيِن الآن " ثُمَّ اِسْترْسلتْ بِجدِّيَّة بَعْد أن نَضرَة لَه " يُوسُف كان بِدَور عليْهَا "
ردٌّ عليْهَا بِثبات " فِعْلا يُوسُف بِدَور عليْهَا ، لَكِن مِش لَاقَى مَعلُومة عشَّان يُوصِّل لَهَا ، لََا اِسْم ولَا نِسب ، لََا عَارفِين أَنهَا حَيَّة أو مَيتَة "
رَبتَت على كَتفِه مُوَاسيَة لَه وقالتْ بَتقَة عَالِية " لَو على زُمُرد أنَا مُتَأكدَة أَنهَا حَيَّة "
نَضِر لَهَا حائرًا واسْترْسل " طَلعَت بِنْتِ اثنَّاشر سنة قد خُلُود ، اَزَاي هتْقدر تعيش أو هَترُوح فَيِن ؟ ! "
نَضرَت إِلى الأمَام شَارِدة وقالتْ " إِن شاء اَللَّه يَكُون خيْرًا "
اِنتفَض على صَرخَة خُلُود اَلمرِحة بَعْد أن رَكضَت نَحْو صَابِرة واحْتضنتْهَا بِقوَّة وقالتْ " وَحشتْنِي آوي " اِبْتسَمتْ لَهَا بِحنان وقالتْ بَعْد أن رَبتَت على شعْرهَا " وأنْتَ وحشاني يَا خُلُود عَامِلة إِيه يَا قَلبِي " اِبْتسَمتْ وقالتْ " الحمْد لِلَّه بِجْهِز لِحفْلة عِيد مِيلادي " اِبْتسَمتْ وقالتْ بَعْد أن حَملتِها " القمر كَبرَت وَبقَت إِثْناشر سنة
ضَحكَت بِدلال وقالتْ " أَيوَة وبقيتْ سِتَّ بَيْت مُحترمَة يَا صَابِرة ، اَلعُقبى مَا تجوزوني وتفْرحون بِأوْلادي " اِبْتسَمتْ عليْهَا مِن ثمَّ رَبَّت على كَتِفهَا، تَقدمَت نَحْو عَمهَا رَاسِخ واحْتضنتْه بِمحبَّة بَالِغة وأعادة السَّلَام على جدَّتهَا ، اِبتسَم لَهَا رَاسِخ وَقَال بِترْحَاب " عَامِلة إِيه يَا صَابِرة " اِبْتسَمتْ لَه تِلْك الصهباء ذات اَلعُيون العسليَّة وقالتْ " كُويْسَة يَا عَمِّي ، وأنْتَ عَامِل إِيه ؟ ! "
اِبتسَم لَهَا بِمودَّة وَقَال " الحمْد لِلَّه " ثُمَّ اِسْترْسل حديثه " أَبُوك وَأخُوك مِشّ هَيجُوا ثَانِي ؟ ! "
نَضرَة لَه بِخَجل وقالتْ " بَابَا هِيجي المرَّة دِي بس يُوسُف لََا "
تَنهُّد رَاسِخ اَلذِي بات يَعلَم كُرْه يُوسُف لَه وعلاقته المتوترة بِأخيه يَأمَن وَقَال " لَسه حزين مِنِّي ؟ ! " أَمَات لَه بِاسْتسْلام " أَنْت عَارِف اَللَّي فِيهَا يَا عَمِّي ، لَيه يُوسُف مِش هِيجي ، وبابَا هِيجي يَزُور قَبْر خَالَتِي صَابِرة رَبنَا يرْحمهَا وِهيمر مِن هُنَا عُشَّان ياخْدَني "
تَنهَّد على مَا وصل إِلَيه حَالِه ، أخيه اَلوحِيد فَقدُه وفقْد حَتَّى إِحسَاس اَلأُخوة اَلذِي كان يُغْدِقه بِه ، تَوجَّه نحْوهم فَارِس ، اِبتسَم فَوْر رَأيِته صَابِرة سلَّم عليْهَا ثُمَّ قال بِتفْكِير " أَخوكِي مِشٍّ نَاوِي يُشَرفنَا "
نفتْ بِرأْسِهَا فقالتْ الصَّغيرة بَعْد أن جَلسَت على أَقدَام صَابِرة " أنَا مُمْكِن أُكلِّم سُوفَا ، هُو بحْبنيْ وَممكِن يِجِّيْ عَشانِي "
نَضرَة لَهَا أُخْتِه بِأَسى ثُمَّ جَذَبتهَا مِن يَدهَا فِي مُحَاولَة تَغيُّر اَلحدِيث وقالتْ " تَعالَى نَنفُخ البوالين " أَومَأت لَهَا الصَّغيرة بِرحابة صدر لِتغادر بِرفْقتهَا بيْنمَا جلس فَارِس بِجانب وَالدِه وَقَال بَعْد أن تَنهَّد " هَكلَم يُوسُف وأحاول أَقنَعه يَرجِع "
نَضِر لَه وَالدِه وَقَال ساخرًا مِن نَفسِه " طالمَا زُمُردَه أنَا السَّبب فِي ضَياعِها عُمرُه مَا يَرجِع "
تَنهُّد بِعمْق قَبْل أنَّ ياخْد هاتفه مِن جَيْب بِنْطاله وَقَال لِوالِده بِأَمل " إِن شاء اَللَّه لِمَرة دِي يَقتَنِع " أَومَأ لَه بإستسلام واسْتقام فَارِس لِلاتِّصال على يُوسُف
**************************************************
فِي غُرفَة مَكتَبِه يُوسُف المنْهمك بِالْملفَّات الملْتفَّة حَولَه ، لَم يَجِد وَقْت لِلرَّاحة ، زفر بِأَلم مِن شِدَّة تَعبِه ثُمَّ ترك الأوْراق اَلتِي بِيَده واسْتقام يَتَوجَّه بِخطًى تُقيله نَحْو الحائط الزُّجاجيِّ الشَّفَّاف ، تَنهَّد طويلا قَبْل أن يضع يديْه بِجيوب سَترَت بدْلته السَّوْداء ، تَأفُّف بَعْد أن رنَّ هَاتفِه مُعْلِنا عن اِتِّصال مِن فَارِس ، حَدَّق بِالْهاتف ثَوَان مَعدُودة قَبْل أن يحْمله ويضْغط زِرُّ الاسْتقْبال وَأَجابَه بِاسْتسْلام " بَلَاش تَقُول أَجِي عشَّان هُقفُل فِي وَشْك "
اِبتسَم فَارِس على كَلامِه وَقَال " كُنْت هَقُولَك تَعالَى نَدُور على زُمُردَه "
أجابه بِاهْتمام " فِكْرِك مِشَّ بِدَور عليْهَا ، دِي كأنَّ الأرْض اِنْشقَّتْ وبلعتهَا "
_ "عَارِف أَنَّك بَتدُور عليْهَا ، بس لَازِم تَنزِل أَنْت ، مِين عَارِف يُمْكِن تُظْهِر"
اِستمَع إِلى كلماته بِعقْلانيَّة وَجلَس على كُرْسِيه بِإهْمَال وَقَال بِغَلب " مَاشِي يَا فَارِس ، أنَا المرَّة دِي هِنْنزل أَدُور عليْهَا بِنفْسي ، كذَا كذَا مِشّ وَاثِق فِي حدٍّ "
أُعْجِب فَارِس بِرَده وَقَال " تَمَام يَا يُوسُف بَاشَا أنَا فِي اِنْتظارك ، اِقْفِل يُوسُف الهاتف ثُمَّ رَمَاه دُون مُبالَاة على المكْتب ، نَضِر إِلى صُورتِهَا اَلتِي يَضعُها فِي إِطَار على مَكتَبِه وتمْتم بِأَلم " وبعْدَيْنِ مَعاكِي يَا غَزَال ، فَيِن أَرضِك ، ويَا ترى بَقيتِي زِيُّ مَا أَنْت ولَا الزَّمن غَيرَك"
على إِثْر كلماته المتألِّمة دخل صديقه اَلمُقرب جاويد ، نَضِر لَه بِإمْعَان وَقَال مُمازِحًا " شهْريَار الولْهان ، إِيه مُشقْلَب حَالِك " حَدَّق بِه بِغَلب قَبْل أن يَقُول " أنَا هَنزَل مِصْر ، أَدُور على زُمُرد "
تَقدُّم جاويد وَجلَس على اَلكرْسِي مُقَابلَه وَقَال بِتفْكِير " مَا أَنْت كُلُّ مَرَّة بَتدُور عليْهَا ، وعمْرك مَا جِيتْ بِنتيجة " ثُمَّ اِسْترْسل مُوَضحا بِنْت قَاصِر فِي نصِّ اللَّيالي أَتوَقع أيُّ حَاجَة "
حَدجَه بِنضرَات حَارِقة فَقَال جاويد بِهدوء " عَارِف إِنَّك مِشّ مُمْكِن تصدِّق أَنهَا مَاتَت ، بس يَا بُنَي كِفاية إِلى ضَيعَتِه مِن حَيَاة وأنْتَ بَتدُور عليْهَا "
نَضِر لَه يُوسُف بِعَدم رِضًى وَقَال بِضيق " مُمْكِن تخْرِس "
رَفْع جاويد يديْه بِاسْتسْلام يعلم تعلق صديقه بتلك الفتاة وَقَال " أنَا آسف يَا سَيدِي وَحقَّك عليًّا ، وَإِن شاء اَللَّه تَلاقِي الغزالة بَتاعِك "
تَأفُّف يُوسُف بِانْزعاج قَبْل أن يَقُول " الأحْسن تَسكُت ، مِشّ ثم إسترسل مستفهما ،هِتْنزل تَشوُّف أَهلِك "
نَضِر لَه جاويد بِضيق وَقَال " أَنزَل لَيُّه ، أنَا هَارِب مِن مَاضِي مِشٍّ مُحْتاج أَفتكِره "
كان يُوسُف يتفحَّصه بِدقَّة قَبْل أن يَقُول بِحَزم " جاويد لَازِم تَرجِع لِبلدك ، وتعْتَرف بِغلطك "
نفى بِرأْسه وَقَال بِأَسى " البنْتِ مَاتَت ، أنَا هغير أيّه"
حدق به يوسف ساخرا وقال " تقول الحقيقة ،إنك إعتديت على العيلة ،القاصر ،وسبتها "
تغيرت عيون جاويد للون الأحمر وقال بضيق بعد أن إستقام مغادرا " كانت غلطة والبنت ماتت وأنا إتجوزت وخلفت ونسيت اللى حصل بطل تفكرني " قال كلماته وخرج صافعا الباب بقوة جعلت يوسف يسبه بداخله
أنت تقرأ
مرارة العشق
Romansأحبها منذ أن حملها أول مرة وهي لاتزال رضيعة عشقها بل بات يتنفسها ، شاء القدر أن تضيع منه عصفورته المجروحة بسبب أب عشق إمرأة حد النخاع و أذاق والدتها مرارة العشق من طرف واحد ، لتضيع وسط الحياة ،ياترى كيف يكون اللقاء بعد إثنى عشر سنة ، بين من عرف ا...