مرارة العشق
مرتْ أكثرَ منْ ساعةٍ وهيَ في غرفةِ العملياتِ ، كانَ يقفُ مشدودٌ الأعصابِ ينتظرُ أيَ كلمةِ بشرى تطفئُ حرقةَ قلبهِ الخائفِ ولوعتهِ ، حدقتْ بهِ سناءْ وقالتْ بخوفِ " هتبقىْ كويسة صحَ ؟ ! "
نضر إليها مثلَ التائهُ لا يعلمُ هلْ يعاتبها أمْ يصرخُ بوجهها لإخفاءِ الحقيقةِ عليهِ ، لكنَ صبرا المخطئةِ الوحيدةِ في الأمرِ هيَ تلكَ التي تقعُ بداخلِ العنايةِ ، صبرا عليها وحقا سوفَ يعيدُ تربيتها أفاقَ على صوتِ الطبيبِ الذي ربتْ على كتفهِ وقالَ بجديةِ " حاليا الآنسةُ كويسهْ ، الحمدُ للهِ الجرحِ مش عميقٍ ، بسْ محتاجةً راحةً وعنايةً " أومأَ لهُ مردفا بلهفةِ خلفتها سنينَ منْ الفراقِ " ممكنِ أشوفها ؟ ! " أجابهُ بتأكيدِ " طبعا بسْ سيبها تفوقِ الأولِ ، ونفحصها وبعدها ، أقعدَ معاها " أوما لهُ موافقا غادرَ الطبيبُ فقالتْ سناءْ التي كانتْ تقفُ بقربهِ تستمعُ للحديثِ " يعني زمردُ كويسهْ " حدقَ بها قليلاً بهدوءِ وقالَ بجديةِ " أنا عايزْ تفسيرٌ لكلِ حاجةٍ حصلتْ " نضرةً لهُ بحيرةٌ قبلَ أنْ تقولَ " الموضوعَ متعلقٌ بزمردِ أنا لا يمكنُ أقولُ حاجةٌ ، دا كانَ قرارها منْ الأولِ " زفرَ مطولاً وقالَ " طلعتوا متفقينَ عليا " نفتْ برأسها قائلةً بعتابِ " واللهِ زمردِ طيبةَ بسْ مشَ حابة تتعبَ حضرتكَ معاها "
لمْ يجدْ ما يقولهُ بالفعلِ سناءْ ليستْ السببَ ولا دخلَ لها ، كلامهُ للحقِ معَ تلكَ النائمةِ التي بالداخلِ بعدَ مرورٍ أكترِ منْ أربعِ ساعاتٍ استفاقتْ منْ غفوتها ، كانتْ الممرضةُ بجانبها ، نادتْ الدكتورَ منْ أجلِ فحصها ، سريعا ما أنْ انتهى حتى دخلتْ لها سناءْ ، أسرعتْ تحتضنها بقوةٍ تبكي منْ شدةِ الخوفِ الذي مرتْ بهِ ، ربتتْ زمرد على ظهرها بحنانِ وقالتْ بألمٍ " ابعدي الضربةَ ما قتلتنيشْ وأنتَ هتخلصي عليا "
ابتعدَت سناءْ خوفا منْ أنْ تكونَ قدْ قامتْ باديتها وقالتْ بفزعِ بينما تتفحصها " أنتي كويسهْ ؟ ! حصلكَ حاجةً ؟ ! فينْ يوجعكَ ؟ " ابتسمتْ زمرد على وهنِ منْ أفعالها تعلمَ خوفِ سناءْ عليها وقالتْ ممازحةٌ " يا ابنتي أنا كويسهْ ، كفايةُ خوفٍ "
مسحتْ سناءْ دموعها وجلستْ ممتغصة الملامحُ تنظرُ لها بغيضٌ " بتضحكْ عليا يا زيزو " هزتْ زمردَ كتفيها باستسلامٍ وقالتْ " أنتَ الليُ حساسةً أعملكَ إيهْ ، ثمَ إني الحمدُ للهِ سليمهُ ، كفايةٌ منْ الدموعِ " نضرتْ لها سناءْ بحنقِ قبلَ أنْ تضربها على كتفها ، صرختْ زمردَ بألمِ وحدقةِ بها متسعةٌ الأعينِ فقالتْ سناءْ باستفزازِ " دي عشانِ رخامتكَ " زفرتْ زمرد مطولٍ تستغفرُ ربها قبلَ أنْ تقومَ بضربها أوْ قتلها ثمَ استرسلتْ بتساؤلِ " فينْ ابنكَ ؟ ! " مطتْ شفتيها بمللٍ وقالتْ " برةً معَ يوسفْ " ما أنْ نطقتْ اسمهُ حتى تعالتْ ضرباتِ وجيدها وشردتْ عيونها مدةً منْ الزمنِ وقالتْ " هوَ عرفٌ ؟ ! " أومأتْ لها وقالتْ بهدوءِ " عرفَ " نضرتْ زمرد في عيونها وقالتْ بحيرةٌ " كانَ إيهْ ردِ فعلهِ ؟ ! " حارتْ ما الذي تقولهُ لها هيَ كدالكْ لمْ تفهمْ يوسفْ بعد فأجابتها بحيرةُ " واللهُ ما أعرفُ " ثمَ استرسلتْ " الحمدَ للهِ طلعتي منها بخيرٍ ، أنا هطلعْ واسيبهْ يدخلَ " مسكتْ زمردَ يدها بسرعةِ وقالتْ بعدَ أنْ جفَ حلقها " خليكي هنا " نفتْ سناءْ برأسها وقالتْ بجديةِ " لازمٌ تكلميهِ وتبقوا وحدكمْ ، أنتمْ بنكمْ ماضٍ يا زمردُ وأنا مشٌ ينفعُ أقعدَ وسطكمْ "
زفرتْ زمرد بينما سناءْ أبعدتْ يدها بحنانِ عنها وحاولتْ أنْ تزرعَ بها الطمأنينةُ " ارتاحي يا زمردٌ هوَ واضحٌ عليهِ بحبكَ أكيدٍ راحَ يتفهمُ وضعكَ " أومأتْ لها وخرجتْ سناءْ حدقَ بها يوسفْ وقالَ " فاقتْ ؟ ! بقةٌ كويسهْ ؟ ! اتكلمتْ معاكي ؟ ! " أومأتْ لهُ بينما تأخدْ منهُ طفلها وقالتْ مبتسمةً " تقدرُ تطمنْ عليها بنفسكَ يا يوسفْ بيهْ " أومأَ لها وتقدمَ سريعا منْ بابِ غرفتها ، ترددَ قبلَ أنْ يديرَ مقبضُ البابِ ، وأخدْ نفسٌ عميقٍ وفتحِ البابِ ودخلَ جلستْ زمردَ شاردةِ ما الذي يمكنُ أنْ تقولهُ لهُ وكيفَ يمكنُ أنْ يمرَ أولَ لقاءٍ بينها وبينهُ بعدُ كلِ تلكَ السنينَ ، لمْ تشعرْ بيوسفْ الذي دخلَ واقتربَ منها ، جلسَ بجانبها بينما هيَ تحدق في الفراغِ تائهةً ، كانَ يتأملها بحبِ وعشقَ فقدْ ضاعتْ منهُ منذُ سنينَ كيفَ ولا ، هيَ غزالة الضائعِ ، لكنَ يوسفْ تحولتْ نظراتهِ للعتابِ كيفَ هانٍ عليها وهيَ تراهُ أمامها يتعذبُ منْ شدةِ فراقها وبعدها عنهُ ، انتبهتْ إلى وجودهِ حدقتْ في عسليتيهْ ترى بهما نضرات الشوقَ والعتابَ ، الحبُ والخدلانْ ، كانَ لا يزالُ يثبتُ نضراتهْ عليها يخاطبُ عيونها التي بلونِ العدساتِ ، زفرتْ بضيقِ تعلمِ أنهُ يعاتبها بنضراتهْ تلكَ فقالتْ بغيضٌ تقاطعُ دالكَ الصمتَ القاتلَ " بطل بقيَ " رفعُ حاجبهِ متهكما وخرجَ صوتهُ الهادئُ " أبطلَ إيهْ بالضبطِ ؟ ! " امتغصتْ ملامحَ وجهها وقالتْ بمللِ " نضراتكْ الليِ بتعاتبني " نضرتْ لها مستفسرا " وأنتي عملتْ إيهْ عشانِ أعاتبكُ ؟ ! " نضرةً في عيونهِ مباشرةَ وقالتْ بأسفِ " آسفةٍ يا يوسفْ ، واللهُ غصبَ عني ، مشُ عايزة أتعبكَ معايا " تنهدَ بضيقٍ قبلَ أنْ يقولَ بجديةِ وهوَ يقومُ منْ مجلسهِ " أبقى كويسهْ الأولَ عشانِ اعرفْ أعاتبكُ " قلبتْ عيونها وقالتْ بتفكيرٍ " كنتَ فأكره هتاخدني بالحضنِ ، لما تعرفُ أني زمردٌ ، وتفرحَ " رفعَ حاجبهِ وقالَ بتهكمِ بعدَ أنْ اقتربَ منها ودني بجدعهْ العلويَ إليها " وليهُ هاخدكْ بالحضنِ ؟ ! "
أجابتهُ بصوتٍ تملأهُ ألتقهِ والقوةَ " عشانِ بتحبني " نضر لها وقالَ باستفزازٍ بعدَ أنْ لعبَ بحاجبيهِ " ومين قالكَ أني مشُ بحبِ غيركَ ، أنتَ مدةُ مراهقةٍ لا غيرُ " حدقتْ بهِ لثوانٍ قبلَ أنْ تجذبهُ منْ ربطةِ عنقهِ نحوها تفاجئُ ودهش منْ فعلتها فاسترسلتْ بتهديدٍ " أقتلكُ وأقتلها ، أنتَ ملكيٌ يا ابن يأمنُ " ابتعدَ عنها جادبا ربطةَ عنقهِ بضيقٍ وقالَ بعدَ أنْ استقامَ " أحبَ زيدانْ عيبٌ في حقي " استشعرتُ نبرتهُ الساخرةُ منْ خلالِ كلماتهِ فقالتْ مستفسرةً " كنتُ مضطرةً يا يوسفْ أنتَ مشُ عارفْ أنا مريتْ بأيهِ ، طلعتْ عيلةَ قاصرٍ وكمْ واحدٌ كانَ عايزْ يأكلَ لحميٌ وأنا مشٌ فاهمةٍ ، أنا شوفتْ الموتُ أكثرَ منْ مرةٍ ، بلاشِ تجيْ عليا دلوقتي " رغمَ عنهُ رقُ قلبهِ لها بلْ استاءَ مما قدْ يكونُ أصابها وهيَ طفلةٌ لا تفقهَ شيءٍ دونَ إرادةٍ وجدَ نفسهُ يرغبُ باحتضانها ، وهيَ كانتْ تنتضرْ أنْ يضمها بقوةِ لعلها تستشعرُ الأمانَ والدفءَ الضائعَ منها ، اقتربَ منها وكادَ أنَ يجدبها ويحتويها بنفسهِ ، إلا أنهُ تراجعَ في آخر لحضهِ مردفا بأسى وتأففِ " عايزْ احضنكْ ، لا دا أنا عايزْ أدخلكَ وسطَ قلبي ، بسْ مش قادرٍ عشانِ مشُ منْ حقي ولا حلالي " ثمَ استرسلَ بأمرٍ " لازمِ أتجوزكْ هوَ أنا أصلاً صبرتْ كثيرٍ عشانِ الاقيكي "
حدقتْ بهِ مندهشةٌ وقالتْ بضيقٍ " هوَ حتى الحضنِ حرام " أومأَ لها وقالَ مسترسلاً " لازم يبقى بنا عقدٌ عشانِ يبقى حلال " مطتْ شفتيها وقالتْ بمللٍ " يعني أنتَ سامحتني ؟ ! " ابتسمَ قائلاً " نتجوزْ ويبقى كلهُ حلالُ بنا ساعتها أنتَ وشطارتكَ يا زيدانْ " نضرةٍ لهُ بغيضٌ ثمَ استرسلتْ بثقةٍ " أنا هطلبكْ منْ أبوكْ وأتجوزكْ " سخرَ منْ كلماتها بداخلهِ منْ تضنُ نفسها وبأيِ جرأةٍ تتكلمُ ، ضحكُ بملإِ فاههْ على كلماتها وقالَ بسخريةِ " لا صدقتكَ " شعرتْ بسخريتهِ يضنُ أنها ليستْ على قدرِ كلماتها ، رفعتْ حاجبها وقالتْ " ماشي هنشوفْ يا يوسفْ بيهْ " لمْ يرقهُ جوابها بلْ وجدَ نفسهُ يبتسمُ على غبائها حدقَ بها مشيرا إلى الغطاءِ بعدَ أنْ أدارَ وجههُ إلى الناحيةِ الأخرى وزفرَ قائلاً " استرْ نفسكَ يا زيدانْ الوقتِ وحشهُ " خرجَ فورَ إلقاءِ كلماتهِ الجريئةِ ، اتسعتْ عيونها بعدَ أنْ نضرةٍ إلى جسدها الضاهرْ بعدَ أنْ سقطَ الغطاءُ عليها ، سبتهُ بداخلها بغيضٌ قبل أنَ ثدترْ نفسها جيدا
*****************************************************
بعدُ مرورِ أسبوعٍ تحسنتْ صحةَ زمردِ أكثرَ منْ الأولِ ، كانَ يامنْ أسعدَ شخصا بعدَ أنْ وجدها حيةً ترزقُ ، سخرَ لها كلِ وسائلِ الراحةِ ، غذقها بحبٍ وحنانٍ لا ينتهي فهيَ ابنةُ حبيبتهِ ، خصصَ لها غرفةٌ كبيرةٌ أكبرَ منْ غرفِ أولادهِ تطلُ على الحديقةِ ، تنهدتْ وهيَ تنظرُ للأشجارِ منْ خلالِ نافدةٍ غرفتها ، تقدمُ يامنْ يحتضنها بينَ ذراعيهِ مردفا بحنانِ " مالَ بنتي ؟ ! " ابتسمتْ بينما تدفنُ رأسها بأحضانهِ تستمتع بالأمانِ ألدي تفتقدهُ وقالتْ بغيضٌ " ابنكَ رأسهُ ناشفٌ ، ولا معبرني منْ يومِ ما جيتْ مشُ بعتبِ اوضتي " ابتسمَ على تفكيرها وقالَ " يمكنُ عشانِ بحبكَ خايفْ تتجمعي أنتَ وهوَ في مكانٍ واحدٍ وينسى نفسهُ " ابتعدتْ عنهُ ومطتْ شفتيها بضيقٍ وقالتْ " يعني أعملُ إيهْ دلوقتي " ربتْ على كتفها وقالَ بجديةِ " لازمٌ يخطبكَ وأقبلَ بيهْ طبعا لوْ أنا عايزْ ممكن أقبلهُ وممكنٍ أرفضهُ وساعتها نشوفْ الجوازُ " نضرةً لهُ واتسعتْ عيونها وقالتْ بدهشةِ " ترفضهُ ليهُ ؟ ! " ضحكَ على ردةِ فعلها وقالَ بهدوءِ " يمكنُ مش مناسبٍ " نضرةٍ لهُ بحدةِ وقالتْ " إيهْ معنى مشٍ مناسبٍ دا محامٍ قدْ الدنيا يا يامنْ وابنكَ فوقها " حدقَ بها مندهشا وضربها بخفةٍ على رقبتها وقالَ بحدةِ " إيهْ الخفةِ دي " نضرتْ لهُ بعيونها ببراءةٍ وقالتْ " بحبهِ " نضرٍ لها ساخرا وقالَ " دا أنتَ مدلوقة عليهِ " أومأتْ لهُ بتقة " ابنكَ يستأهلُ " ضحك بقوةٍ على كلماتها وقالَ بغلبٍ " أعملُ معاكي إيهْ يا بنت صابرةَ " هزتْ كتفيها دونَ اهتمامٍ وقالتْ " جوزني يوسفْ " كادَ أنْ يوبخها إلى أنَ دخولَ صابرةَ ويوسفْ أوقفهُ ، زفرَ باستياءِ منها قبلَ أنْ يقولَ يوسفْ بجديةٍ - بعدُ أنْ نضرَ لها " زمردُ صابرةَ هتساعدكْ تغيري ملابسُ الولادْ الليُ بتلبسيها "
أنت تقرأ
مرارة العشق
Romanceأحبها منذ أن حملها أول مرة وهي لاتزال رضيعة عشقها بل بات يتنفسها ، شاء القدر أن تضيع منه عصفورته المجروحة بسبب أب عشق إمرأة حد النخاع و أذاق والدتها مرارة العشق من طرف واحد ، لتضيع وسط الحياة ،ياترى كيف يكون اللقاء بعد إثنى عشر سنة ، بين من عرف ا...