فصل « ٩ »

42 7 6
                                    

ذكريات مفقودة..

في الماضي  :

_ غير مسموح لك باجراء هذه العملية.
_ اعذرني لكن لا يمكنني تسليم امي لاحد.
_ هذا الفعل غير قانوني فلايسمح لطبيب اجراء عمل جراحي لاحد افراد عائلته حفاظاً على سلامته.
_ عن اي سلامة تتحدث الان، امي تحتاج الى جراح ماهر و لا يوجد احد تثق به غيري.
_ هذا ليس من شأننا، المهم انك لن تجري هذه العملية والا سيكون هذا اخر يوم لك هنا.
_ لا يهمني كل هذا، امي فوق كل شيء.
_ عليك التوقيع على تعهد للمستشفى، نحن لسنا مسؤولين عن آثار هذا العمل.
_ حسنا لا مشكلة.
_ ان احتجت الينا فلا تعد تبكي و تترجاني ان اعيدك.
_ اطمأن لن يحصل هذا، ثم من يحب ان يعمل بمثل هذه المستشفى الوضيعة.

كانت نظرات المسؤول كلها استعلاء و استخفاف بالطبيب ، لكنه رد عليه بنفس النظرات و ادار ظهره و ابتعد.

قبل دخول الطبيب الى الغرفة امسك اعصابه و حاول التكلم بهدوء تام مع والدته.
_ لا تقلق علي، انت طبيبي الماهر الذي احبه.
مسحت بيدها خد ابنها الطبيب
_ « لا تقلقي يا امي سوف انجح »

.
.
.

في غرفة العمليات الطبيب الرئيسي و عدد من الممرضين يقفون منذ حوالي السبع ساعات من العناء المتواصل، بدأ التوتر يغزوهم واحدا تلو الاخر عندما بدأت الاجهزة باصدار اصوات غير مبشّرة.

بدأ الطبيب يصرخ فيهم حتى يساعدوه على انعاش المريضة،  فتنفسها توقف فجأة، كان الجميع يحاول فعل اي شيء يساعد، الا ممرض التخدير كان يقف و يشاهد بصمت لكن لم ينتبه احد له حينها.

بقى انعاشها اكثر من ربع ساعة بدون توقف لكن بلا فائدة فقد توقف قلبها عن النبض ايضا.

بعد ان فقد الطاقم الامل في انعاش المريضة خرج بعضهم و حاول البعض الاخر اخراج الطبيب معهم لكنه ابى و رفض فتركوه ليودع امخ و خرجوا..

بقى وحده يحاول انعاشها و دموعه تنساب من عينيه عبر وجنتيه لتصب على امه الميتة.

كان يتحدث تارة بحزن و تارة بسعادة غريبة
_ امي ارجوك، لا تتركيني وحدي ارجوك، اعرف انك تمزحين معي صحيح، هيا تنفسي حتى تنتهي اللعبة، امي لم تعد لعبة جميلة ارجوك ......... اميييي اذا تريدين لعب هذه اللعبة فلنلعبها معا..

تناول من امامه على الطاولة مشرط و مقص و كل اداة وجدها حادة و طعن نفسه بها ، انسابت الدماء منه ومع هذا لم يصرخ او يصدر غير اهٍ واحدة اختلطت بالدماء الخارجة من فمه عندما ضغط الادوات و ادخلهم في جوفه كلياً.

بعدما اعطى الفريق الطبي القليل من الوقت للطبيب لتوديع والدته دخلوا عليهم لكنهم لم يجدوه، دخل عدد قليل من الممرضين الذين كانوا يساعدون مع عدد من فرقة مخصصة لنقل الحثمان بطريقة لائقة.

_ اين اختفى الطبيب؟( المساعد).
_ ربما خرج و لم ننتبه له (الممرضة).
_ هذا مقلق كيف لم ننتبه على خروجه (المساعد ٢).
_ لا اعرف، ربما يجلس في احدى الزواية (الممرضة)
_ لما مازلتم مكانكم، هيا ابحثوا عنه لا يجب ان تتركوه وحده الان (مساعد ٣).

اقتربت الممرضة من الجثمان لتخيط فتحت العملية واذ بها تصرخ فور وصولها للطرف المقابل
_ ماذا حصل، هل هناك شيء؟

لم ترد عليهم لكنها انخفضت و علا صوت صراخها اكثر فهرع الجميع اليها ليجدوا الطبيب على الارض يسبح في بركة دمائه مُكباً على وجهه.

.
.
.

امرهم قائد الفريق ان يذهب اثنين و يحضروا الاطباء الجراحين المناوبين فخرج اثنان من الممرضين و امر اثنان اخرين باحضار النقالة لنقل الجثة الى البراد حتى يكون عندهم مجال لمساعدت الطبيب باسرع وقت، نفذ الجميع ما طُلب منهم و للمرة الثانية بقى ممرض التخدير يقف و يتابع بصمت.

اخاط الممرض المساعدة فتحت العملية للجثة و نقلوها الى النقالة لكن قالت الطبيبة المساعدة معترضة

_ لا تأخذوها الان ربما نحتاج الى انسجة لاغلاق الجرح او شيء اخر.
فأكتفوا بوضعها جانباً و عقموا المكان بسرعة كبيرة و بدأوا العمل مباشرة
_ اين انا...؟
_ ايها الطبيب تعال بسرعة لقد افاق!!

جاء الطبيب على عجل لنداء الممرضة و اجرى بعض الفحوصات البسيطة ثم حاول التحدث..
_ كيف حالك، فارس ؟!
_ نعم ..... بخير
_ هل تسمع صوتي جيدا؟، هل تراني بوضوح؟
_ تقريبا، اصبحت ارى افضل قليلا.
_ جيد، هل تشعر بشيء؟
_ ليس فعلا، لكن لما انا هنا؟!
_ اتمزح معي؟!
_ لا حقا لما انا هنا؟!!
_ اممم، هل حقا لا تتذكر؟
_ لا تمزح معي الان يا ستيف.
_ كدت ان تموت لو لم نسعفك في اخر لحظة.
_ لماذا؟!
_ لانك فعلت شيء في غاية الغباء.
_ لا انا اقصد لماذا اسعفتموني، كنت اريد اللحاق بها بسرعة.
_ كن واقعيا فارس، إن الامر خرج من ايدينا، ولم يبقى من عمرها في الدنيا شيء.

انسابت دموعه محدثة بقعة كبيرة من الماء على وسادته..
_ انا السبب، انا المقصر لو اني ساعدتها اكثر لما ذهبت و تركتني.
_ لا تتحدث هكذا والا ...

قبل ان يكمل حديثه اصابت فارس نوبة هلع شديدة فقد تسارعت نبضات قلبه بشكل مفاجئ و بدأ صوت تنفسه يصبح واضح وكانه يغرف في الهواء.

_ بسرعة احضروا لي المهدأ!! فارس، لا تفكر هكذا سوف تضيع نفسك، توقف فارس اهدأ.

و بدأت تعلو صرخاته قبل وصول الدواء بدقائق، عندما بدأ المهدأ يسري في دمه كف عن الصراخ و مع مقاوماته بدأت عينيه تغلقات بشكل تدريجي.

crash 71 « انهيار مفاجئ » حيث تعيش القصص. اكتشف الآن