ذات الحاجب المقرون

1.1K 37 2
                                    

استمرت (أفسار) بالتحليق هبوطا حتى رأت بعض العمران الذي تجسد في قرية صغيرة كانت قابعة أسفل ذلك الجبل الذي كانت تقطن قمته لسنوات. هبطت بهدوء خارج حدود تلك القرية وبمجرد هبوطها على الأرض استعادت قدرتها على المشي وكأن ما كان بها من عجز على الحراك قد زال بمجرد ملامستها للأرض. أكملت طريقها سيرا على الأقدام باتجاه مدخل القرية. كان شكل (أفسار) مخيفا لأهل القرية فملابسها الرثة وشعرها المنكوش جعل الناس يعتقدون أنها تائهة عن عشيرتها أو مصابة بالجنون أو تعرضت لاعتداء من قطاع الطرق.

بقي الناس يحدقون بها وهي تحدق بهم حتى تقدمت امرأة عجوز من بين الحشود التي تجمهرت حولها وقالت .. عن ماذا تبحثين يا ابنتي ؟

نظرت (أفسار) للعجوز بصمت ثم قالت: أين أنا ..؟

(العجوز): هل فقدت أهلك.. هل أنت ضائعة ؟

(أفسار) بصوت خافت وهي تسرح في طفل يبكي على كتف أمه الواقفة بين المتجمهرين: ليس لدي أهل...

(العجوز) وهي تعانقها: نحن منذ اليوم أهلك...

أمضت (أفسار) في تلك القرية سنين طويلة بالرغم من أنها كانت تنوي الرحيل في اليوم نفسه الذي دخلت به القرية لكن الدفء الذي وجدته بين أهلها أسفل سفح ذلك الجبل البارد جعلها تتردد في البداية وتدريجيا تتخلى عن فكرة الرحيل. كانت فترة إقامتها في القرية مع تلك العجوز التي عانقتها واكتشفت لاحقا أن تلك العجوز تقربت منها لأنها كانت تشبه ابنتها المتوفاة والتي تركت الدنيا خلال مخاضها بحفيدتها الوحيدة (نازانين).

بساتين عربستانحيث تعيش القصص. اكتشف الآن