الجزء الاول 8

1.2K 27 1
                                    

فجرا وفي أحد الأيام:
يستفيق الاب ميثم من رقاده...يتناول عكازه المسنود بجوار رأسه ويتوكأ عليه متجها إلى الغرفة المجاورة- غرفة ابنته- يطرق عليها الباب ويهمس كي لا يفزعها:
- لقد حان الوقت يا ريحانة
بعد لحظات تفتح ريحانة الباب ،ترفع رأسها وتنظر لوالدها بعين مغلقة وآخرى نصف مفتوحة وخطوط وسادة القش باقية على وجهها الاسود ذي الملامح الجميلة ....
ينحني عليها ويعانقها ويقول:
- صباح الخير ايتها القملة الجميلة المزعجة...
تبتسم ريحانة فتظهر غمازاتها على وجهها الايسر،ثم تقوم كالعادة بالتملص من حضنه والاتجاه نحو الباب لتغادر المنزل من أجل جلب الماء من البئر
يلحقها ميثم بكلماته قبل أن تغادر:
- لا تاخذي قمرية معك؛ سأخذها اليوم للسوق لشراء بعض الحاجيات.
تلتفت إليه وتهز رأسها بعلامة "حاضر"ثم تذهب الى الزريبة القريبة من المنزل...
                               ***
كعادتها قبل أن تحرر الحمار من مربطه تقوم ريحانة اولا بالتربيت على رأسه ومحادثته:
- اعلم انك مرهق مثلي يا سامري وانك تفضل البقاء بجانب زوجتك قمرية تنعم بظفئها ودفء الزريبة...
ثم تكمل كلامها بينما تثبت دلاء الماء الخشبية على متنه:
- ولكن على أحدنا أن يجلب الماء والا متنا عطشا، أليس كذلك:
يلتفت سامري نحو قمرية - كانت التفاتة عادية- ولكن الصبية ريحانة تفسر تلك الالتفاته بطريقته الخاصة فتقول:
- لا... قمرية لن ترافقنا اليوم؛ لأنها يترافق والدي للسوق.
حين تنتهي بعد قليل من تثبيت الدلاء على متنه تقول له استعدادا للرحيل :
- سوف نستمتع في طريقنا كالعادة ، انا اتحدث وانت تنصت .
في تلك اللحظة يهز رأسه سامري للتخلص من بعض الحشرات المزعجة، ولكن ريحانة تفسر هزة الرأس تلك كما لو أنها علامة على الموافقة فتقول له :
- لنذهب هيا.
سار الاثنان بمحاذاة بعضهما بعضا ،وغادرا الزريبة.
وبعد ساعة من ذلك ،كانا قد قطعا منتصف الطريق وهما يقضيان أوقاتا ممتعة- ريحانة تثرثر وهو ينصت إليها ويهز ذيله- كل كل شيء يبدو طبيعيا حتى ظهرت لهما تلك الفتاة الجميلة .
                              ***
فتاة بيضاء البشرة ذات قوام رشيق ....
لها وجه حسن الملامح وترتدي ثيابا سوداء طويلة ساترة،قالت بأسلوب لطيف ومهذب :
اتستطيعين مساعدتي ايتها الصبية الطيبة؟!
كان والدها-والد ريحانة-قد أمرها أكثر من مرة بعدم التحدث للغرباء ،ولكن منظر تلك الفتاة لم يكن يوحي بالنسبة إليها بالخطر فتوقفت وقالت:- سافعل ان كنتي قادرة على المساعدة يا سيدتي.
قالت الفناء البيضاء ذات القوام الرشيق:
- والدي مريض وهو عاجز تماما عن الحركة.
- اتريدين أن احضر له حكيم قريتنا،لسانه طويل لكنه بارع في المعالجة .
-لا... فهذا سيزيد من تكلفة العلاج ،فالحكماء ياخذون اجرا مضاعفا عندما يذهبون لزيارة مريض في منزله.
أدركت ريحانة مقصدها،فقالت وهي تربت على رأس حمارها:
- تريدين من سامري أن ينقل والدك لمنزل الحكيم؟
- نعم، أن لم يكن لديك مانع أو حرج.
أطلق الحمار زفيرا من منخريه،فالتفت إلى ريحانة وهمست:
- اعلم أن سيقلق عندما نتأخر بالرجوع له،لكن والدها بحاجة للمساعدة .
خفض سامري راسه فقالت ريحانة ببراءة:- كنت اعمل انك حمار اصيل وطيب القلب-ثم التفت نحو الفتاة وقالت لها:
- خذينا اليه،سنقوم بننقله إلى الحكيم.
في تلك اللحظة هبّت نسمة ريح خفيفة حركت ثياب الفتاة البيضاء ذات القوام الرشيق مما كشف جزءا قليلا عن ساقيها لكنها وبردت فعل سريعة قامت بستر نفسها.
لم تنتبه ريحانة لما كشفته نسمة الهواء..
ولكن الحمار لمح تلك الساق ، فاتسع عيناه محجرا عينه لفرط الرعب حتى كادت عيناه أن تسقط للخارج وبدا ينهق بصوت عال وكأنه يريد تحذير ريحانة وأخبارها مما رٱه...
لم تفهم ريحانة ما الذي يرمي اليه الحمار بالضبط ولكنها احست بالخطر الذي كان يريد اخبارها به،فتراكعت خطوتين للخلف وقالت:
- آآه.. أعتقد أن والدي سيغضب منّا لو تأخرنا عليه
لكنها قبل أن تستدير وترحل امسكتها الفتاة من يدها، وابتسمت بخبث لها و قالت :
- وانا ايضا .... والدي سيغضب مني أن أعدت إليه بدون وجبة طعامه .
لم تكن ريحانة تستطيع المقاومة - فجسدها كان مشلولا بسبب تاثير طلسم ما كانت تلك الفتاة تمارسه عليها-ولكن سامري استطاع أن يستدير ويلوذ بالقرار.

جوماناحيث تعيش القصص. اكتشف الآن