4"لا يا روحى "

106 13 10
                                    

انا اعرف جيداً ذلك الصوت لا بل قد نُقش في خلايا ذاكرتى ولا يمكن إزالته بسهولة أبداً.

وكيف يمكن ومنذ اليوم الاول الذى تعرفت فيه على صاحب ذلك الصوت ووابلاً من الألم يُلاحقني فى كل زمان ومكان.

ورائحة العطر تلك أرجعتنى الى ست سنوات مضض بمُرها ومُرها وقد قبضت على معطفى الاسود بحدة وقوة وقد أخفت نظارتي الشمسية تلك النيران المُججه والمُشتعلة من عيناى، وقد تجاهلت سلامه وتحيته والتفت الى وكيل النيابة قائله بصوت بارد تماماً وقد تبدلت 180 درجة عن ما سبق: لو سمحت ممكن ابدأ المعاينة.

لم يهتم كثيراً ذلك الشاب اليافع الذى يصغرنى بعام او أثنين وقد اشار الى ناحية المنزل القديم وقد كان يمشى هو والسيد كمال امامى بحذر حتى لا تتلوث بدلاتهم الرسمة والى جانبهم الحاج عبدالله الذي يحمل الحقيبة اليدوية ومن خلفنا كان معتز الذى شعرت به غاصب من تجاهلى اليه ولكن من يظن نفسه لألتفت اليه بعد ما حدث؟!

دخلت المنزل وقد كان به اعمال تصليح وبناء وترميم ورائحته بشعه بحق مثل المجزر او مسلخة المواشى وقد كان العمال خارج المبنى إلا فتى ضعيف وهزيل البنية والجسد اسمر البشرة من اثر الشمس يرتدى بنطال رمادى متهالك ورث ملوث بالاتربة واثار المعجون الخاص بالحوائط والاسمنت وقميص ازرق عليه احد شعارات اندية كرة القدم وقد كان احد أمناء الشرطة متحفظ عليه وما ان دخلت انا ومن معى حتى ضرب العسكري التحية العسكرية لمعتز قائلاً: باشا اوامرك، اخدت اقواله سعادتك.

وقف معتز بجوارى وقد ازدت توتراً وضيقاً ولكن حاولت كبح جماح مشاعرى الغاضبة وقد تحدث هو بعمليه وقد وضع يده فى جيب بنطاله الاسود والاخرى اشار بها الى: قول للدكتوره حصل ايه؟

هز ذلك الفتى النحيف رأسه بالموافقة وقد سار امامى حتى المرحاض الذى اشدت عنده تلك الرائحة البشعة والمقززة وقد رجع كمال بيه الى الوراء من بشاعة الرائحة ووضع منديل ورقى على انفه يحاول منع تلك الرائحة وقد فعل معتز ووكيل النيابة مثله ولكن لم يتراجعان، اما انا فقد اعدت على تلك الرائحة البشعه وباتت شئ مألوف على انفى وبالمثل الحاج عبدالله ومن العيب ان اوارى انفي مثلهم!

ارتديت قفازاتى واغطية الاحذية الطبية وقد القيت نظرة خاطفة على ذلك الاصلع الضخم وقد كان لا ينظر لاى شيء غيري انا!

نظرت الى المرحاض وحمد الله انى ارتديت بنطال اسود حتى لا يتلوث بشدة من ارضية المرحاض المليئة باثار المجارى والطين والرمال.

جلست القرفصاء امام الجثه ومسحت الاتربة حول الجمجمة والعنق بالفرشاة مقاس 32 التى تشبة فرشات الدهان وقد كان الهيكل العظمى سليم بالكامل وهذا يدل ان الوفاة بلا عنف.

اخذت عينه من تربة الارض في كيس خاص بالتحاليل وقد وجهت كلاماً جافاً الى معتز وانا لم انظر اليه قائله: الوفاة دى محصلتش بعنف الجسم سليم، انا اخدت عينة من التربة هتروح المعمل الجنائى وجربوا احفروا اكتر ممكن يكون في جثث كمان.

قلب معتم ||The dark heartحيث تعيش القصص. اكتشف الآن