17-"ابي! "

74 11 23
                                    

تجمدت الحياة وتجمد الجميع وقد صُمت الاذان وتخشبت الابدان على صوت ثلاث رصاصات صدحت في الفراغ ولكن ما طمئن قلبي وهدء من روعي هو انه طلاما لم يصرخ احد إذًا لا توجد اصابات!

  التفت الى الخلف وقد رفعت حاجباي بدهشه ولم تلتقي اهدابي لثواني وعيناي جاحظتان تنظران الى سيارتي المُصابة بالطلقات النارية!

  وقد كان معتز المحتجز في سيارتي يخرج منها بمنتهى البرود وقد اطلق النار على باب السيارة مُدمرًا قفل الباب وها هو يلقيه امامه مثل ورقة باليه معتقة اهترأت بفعل الزمن وافاعيله!

  وها هو يقف امامي بشموخ وبرود وكأنه فتح القسطنطينيه لا دمر سيارتي وقد وضع كفيه في جيب بنطاله البني المهندم بالمسطرة وعلى ثغره ابتسامه بلهاء مثله، لأبتسم انا أيضاً بنفس البلاهة متجاهله جميع الانظار الموجهه الينا كالردارات واقف امامه وانا اهمس بنفس الابتسامه البلهاء: معتز!

ليمهم هو دون ان يفتح فاهه وقد رفع احد حاجبيه دون الاخر وقد اختفت ابتسامته رويدًا رويدًا ولم ألبس ثانية حتى امسكت معصمه اقلبه ليفتح راحة يده الخشنة وأضع بها مفتاح سيارتي واطبق عليها باصابعه قائله وعلى ثغري نفس الابتسامة المستفزة: هتصلح العربية يا روحي وبكره الساعه سبعه هلاقيها قدام باب المشرحة، اتفقنا يا ميزو؟

 
وكما هو كالحجر الاصم تركته واخذت امشي بهدوء وخيلاء بين الحشد الغفير وما كادت اقدامي تتخطى حدود الموقع حتى خرج احد العمال يصرخ بهلع ويجري ناحية وكيل النيابة وصاحب الاموال والثراء الكاشف باشا وقد وقف امامهم بتحدث بانفاس متقطعه ولهاث وهو يستند بكفيه على ركبتيه: ألحق يارب باشا لقينا جثتين تاني وفي شنطه سفر معاهم.

  ربط وكيل النيابة على كتفه ثم نظر إلي وصاح ليلفت انتباهي _الملتفت له منذ البداية_ قائلًا بجدية: يا دكتوره بتول بعد اذنك تعالي!

  قلبت عيناي بملل اسفل نظارتي الشمسية وزفرت انفاسي الثائرة بملل وحنق ثم اجتزت عبارة ممنوع الاقتراب ومعتز وسرت خلف وكيل النيابة وذلك العامل نحيل الجسد والبنية المتسخة ملابسه بفعل اتربة الحفر.

  وقد دخلت الى دار الخلاء وقد كان هيكلان عظميان ولكن صغيران الحجم على ما يبدوا في سن الخامسة عشر او اقل بقليل، والى جانبهم حقيبة سفر  متوسطة الحجم سوداء اللون فقيرة الى العجلات وقد ارتفعت حصيلة الجثث الى عشر جثث والله اعلم ان كان باطن الارض المشؤومه تلك يحمل المزيد ام لا؟!

  بدأ وكيل النيابة بعمل محضر المعاينة المبدئية وقد اتصلت بالحاج عبدالله استحثه على العودة مع سيارة نقل الموتى وان يكون بها مكان فارغ لي، وفي خضم تلك الاجواء الصعبه والعملية والعراك الازلي بين رجال الامن والصحفيين مال معتز على اذني هامسًا بانفاس ممزوجه ما بين النعناع والتبغ: مش قولتلك اننا مطولين مع بعض يا تولا.

قلب معتم ||The dark heart حيث تعيش القصص. اكتشف الآن