سقوط حر ٣٨

231 13 5
                                    

الى الحاضر
الى بيت العتمانى الجديد

أغلقت زينب النور على الفتيات اللواتى نمن بجوار بعضهن على السرائر الخمس بعد أن أتمت مهتمها التى جاءت لأجلها و اشتاقت إلى أولادها وتقدمت فى طريقها حتى ظهرت سهير أمامها

كان من المؤكد أنها تريد الذهاب لغرفة الفتيات ودون كلمة مرت بجوارها فزفرت زينب براحة لأنها اراحتها من كلامها وليتها لم تأمل كثيرا لأن سهير عادت إليها ثم مالت على أذنها و همست
" حسن *****"
قد تضل الطريق ....قد تضل فى حياتك ....
قد تتوه منك الكلمات و تنفر من رأسك المعانى
قد يتوقف عقلك عن العمل فلا يعطى إشارات
قد يتوقف قلبك فلا يعطى ضربات
قد تضيق بك روحك فتموء بداخلك دون أن تجد طريقا إلى الخلاص
و قد تأتى لحظة فلا تعرف هل هو الخلاص أم الضياع ......
و ما سمعته زينب من سهير فاق كل توقع فلا تعرف هل تتكلم المرأة بصدق أو تمزح ؟
هل تهزى أو تتخيل أو تقبح أوتختبر أو تمكر ؟
شعرت بها سهير .....شعرت بإرتباكها ، بضلالها ، بعدم فهمها فتراجعت بظهرها لتكشف لها عن وجهها كاملا
" إيا ....تنحتى ليه ....مش مصدجة أن حسن العتمانى راحت عليه "
ضيقت زينب بين حاجبيها وأول إشارة كهربية
" الكلام ده ما يتقالش .....هزار ولا جد ما يتقالش ....أنتى مش عيلة صوح "
خنقت سهير رقبتها بكفها و جزت على أسنانها مجيبة
" أنا لو مجولتش الى جوايا هموت ....هتحرج ....أنا مجدرش أحكى لحد غيرك وأنتى لزاما عليكى تسمعينى ، زى ما اتحملتك فى النص بينى وبينه سنين ، أجى دورك تسمعينى ، غصب عنك هتسمعينى "

اعرفكم جميعا أن السجن سور
واعرفكم أن الفكرة نور
و عمر النور ما يعجز يأزح ألف سور
و عمر السور ما يقدر يحجز بنت حور

لنركب قطار الزمن و إلى الخلف نعود
لنترك الحاضر بكل ما فيه
لنحتضن الماضى بكل ما فيه
الى الماضى
الى الماضى الذى لولاه ما ولد الحاضر

فى صباح يوم مشمش عادى و الأجواء الصافية الحامية تسيطر على هذه البقعة من الأرض ،
كانت عائلة السيد الصياد المكونة من أب يعمل عاملا فى ميناء قناة السويس بالإسماعيلية وأم بسيطة لديها أربعة أبناء ، أكبرهم تدعى هدى فى الخامسة عشر من العمر وأصغرهم لم يتجاوز العاشرة تقوم بتجهيز السمك والأرز و المخللات و ذلك استعدادا للذهاب إلى البحر فنحن الآن فى عطلة نهاية العام .

توسطت الشمس كبد السماء و أرتفعت حرارتها لتضرب الأقصى ثم غابت.
غابت الشمس و حل الظلام فى وسط النهار

كيف بدأ الأمر .....
قبل شهرأو شهر ونصف على أقصى تقدير بدأ التصعيد بين الجبهتين
فى نهاية أبريل و بداية مايو تسرب أمر أن هناك حرب قريبة
فبدأت الأستعراضات العسكرية فى الظهور و بين هنا وهناك تأتى الأخبار و تذهب
أغلق المضيق ؟
هل أغلق حقا المضيق ؟
هناك حاوية نفط إذا مرت هذا يعنى أنه لم يغلق !
قال أشكول المتأتأ تحت ضوء مصابيح النيون
"لا يجب أن نشن الحرب لمجرد أن الجيش حتما تمركز فى سيناء ....لا يعنى الردع أن عليكم التصرف يوميا ، لا يمكن أن نعيش بالسيف إلى الأبد "
فهتفوا فى الشوارع ....نريد موشى ديان فجاء موشى ديان
و أعلنها موشى ديان
"لا خيار إلا بخوض الحرب "
لم يكن هناك أى أمل
دائما ما يكون الأمل أول قتلاهم
قال السوفيت
" لا نستطيع أن نكون أول من وجه الضربة فهذا ضد سياستنا "
قال الأمريكان
" نحن عالقون بحرب فيتنام والخسائر كبيرة "
لا أمل
دائما هم مقطعون الأمل إلا من الخراب و الموت
الجماهير تضغط ....من يصبح صاحب الضربة الأولى
قلنا
" لو خدنا الضربة الأولى هنتكسح يا فندم"
و حدث
فى صباح يوم الخامس من يونيو عام ألف و تسعمائة و ستة و سبعين
و عند الثامنة صباحا
اتكسحنا
قالوا هزيمة ....قال هيكل نكسة !
الطائرات تحلق تعلن الموت و إذاعة صوت العرب أوصلتنا للتحرير !
الأذن تسمع و العين ترى ......القلب معمى و العقل مغيب
بين الظنون و الحقيقة تولد الحياة بكرا و تموت بعد الأستهلاك
الوهم صناعة .....الوهم قرار
لا شىء أهم من سير القواد نحو حائط المبكى !
ثلاث أضعاف المساحة فى ستة أيام ....
لن يستطيعوا قتلك حتى فى قبرك اذا بقيت روحك توجعهم
الموت بكل مكان و طعم الهزيمة قاسى .....
ووقع الشجار بين قطبى عائلة الصياد .....
بين الأم و الأب
لم يعد البقاء فى المدينة ممكنا تضرب الدانة فيهرب الجموع إلى الخنادق ، أربعة أشهر و لا تستطيع أن توقد النار ، فكلما همت بإشعال "الوابور " زعقت عليها الغارة و هربت إلى المخبأ ، لم يعد الأستمرار ممكنا خاصة بعد إخبارهم أن الخدمات الصحية ستعجز.

إرث السمراء ....الجزء الثالث من أنين الروححيث تعيش القصص. اكتشف الآن