"الفصل الثاني" : اول مقابلـه"

148 21 201
                                    

ذات يوم كان كريم نائمًا، وقد انتقل إلى عالم من الأحلام حيث يقف على صخرة ضخمة في مكان مرتفع جدًا، يكاد يلامس السحاب. حوله يمتد الفضاء الواسع، وبين الصخرة التي يقف عليها وصخرة أخرى تفصلها فجوة عميقة وفضاء فارغ. المسافة بين الصخرتين شاسعة لدرجة أنه لا يستطيع القفز إليها. رغم ذلك، قرر كريم أن يخوض المغامرة ويقفز. الغريب في الأمر أنه لم يسقط بل بدأ يسير فوق الهواء وكأن الأرض تحت قدميه. لم يكن يعلم كيف يحدث ذلك، ولكنه شعر بحريته الكاملة وهو يرقص ويتشقلب فوق الهواء.

ثم، فجأة، ظهر شاب طويل يرتدي ملابس سوداء وحذاءً أسود مرسومًا عليه حرف "F". الشاب انقض على كريم دفعة واحدة، مما جعل كريم يستيقظ مفزوعًا، يأخذ شهيقًا وزفيرًا بصعوبة. حاول أن يتذكر ملامح ذلك الشخص الغامض، لكنه لم يستطع، فقد كانت ملامحه ضبابية، كل ما تذكره هو ملابسه وحذاؤه، وحرف "F" الذي يرمز إلى شيء مجهول.

استفاق كريم من كابوسه، ونظر إلى ساعته ليجد أنها التاسعة صباحًا. قال لنفسه: "جيد، لدي حفل الساعة العاشرة، ساعة واحدة فقط." ثم توجه إلى الحمام، استحم بسرعة، ودخل المطبخ ليعد الإفطار. كانت والدته قد خرجت إلى المخبز منذ الساعة السابعة، وأخته الصغيرة في مدرستها. لم يجد السكر في المنزل، فقرر أن يحضر ساندويتشًا بسرعة، ارتدى ملابسه، وأخذ جيتاره الذي سماه "رير" - لأنه يحب أن يسمي أشيائه - ثم نزل إلى الشارع، ركب دراجته الهوائية وذهب إلى المقهى الوحيد في إيدنفيل.

عند دخوله المقهى، رحب به رامي، بابتسامة دافئة: "السلام عليكم، كيف الحال؟"

رد كريم: "وعليكم السلام، أريد قهوة زيادة، أرجوك."

سأل رامي: "هل تريد أي إضافات عليها؟"

أجابه كريم: "لا شكرًا، فقط أريدها زيادة."

استفسر رامي: "ستشربها هنا أم ستأخذها معك؟"

أجاب كريم: "هنا، كم ثمنها؟"

رد رامي: "لا داعي."

عندها قال كريم: "شكرًا، لكن كم ثمنها؟"

أوضح رامي: "15 إيدن فقط."

قدم كريم المبلغ لرامي، وقال: "تفضل."

رد رامي: "شكرًا، تفضل بالجلوس، وسأحضرها لك."

جلس كريم في الكرسي القريب من الشباك وبدأ يعزف على جيتاره بصوت منخفض، في حين أن ضوء الشمس يتسلل عبر النوافذ، مضيفًا لمسة دافئة للأجواء. كان رامي يستمع بإعجاب إلى عزف كريم، الذي نادرًا ما يرى مثله في إيدنفيل، حيث يفضل الناس الصيد على الفنون.

حضر رامي القهوة، وأعطاها لكريم قائلاً: "تفضل قهوتك."

رد كريم: "أوه، شكرًا لك."

أضاف رامي بابتسامة: "عفوًا، عزفك جميل جدًا، أرجو أن ترفع الصوت قليلاً. الصوت لا يصل لي هنا."

رحلة فيرستاحيث تعيش القصص. اكتشف الآن