(٢) حقي

88 6 0
                                    

.. حقي ..


ترسم بقلوبنا حياة تملؤها أزهار الربيع لنسقط بحياة أخرى لا تشبهنا، فكيف يستطيع المرء الخداع بهذه البراعة.
وقفت للحظات تستمع لصوته الذي يتملك روحها يغازل أخرى، والعجيب هو إعادته لنفس الكلمات التي خصها بها، خنجر قاس غرس بقلبها اليانع، هي من تحملت لوم الجميع على اختياره، لم تكترث لكم النصائح الملقاة أسفل قدميها بتركه والابتعاد عنه، أيكون وفائها وحبها له هذا المقابل الدنيء!
أيقابل العشق بالخيانة، أهذا هو العدل، أهذا هو ما تستحقه؟!
صوته الحالم حين همس تجاه تلك الخليعة:
-أنتِ الوحيدة اللي في الدنيا دي اللي بحس إنها بتحبني بجد.
كُسر قلبها للتو، طعنت بالخيانة رغم أنها لم تبخل بقلبها وإحساسها حتى بمالها عليه، لكنها ليست بالضعيفة المستسلمة، فهي تعلم ماذا سيقول بعدها، وكيف سيتحصل على المال من تلك الخليعة خاصة حين أكمل:
-حتى أبويا..
دلفت خوخة تعالى صوتها الجهوري تفضح أمره وأمر تلك الفتاة فهي لن تتركه يهنأ بما فعل.
_ بقي أنت يا عيل ملهوش لازمه، بتسرح بيا، بتقلبني يا ابن الصورماتي، وأنا أقول معلش يا بت استحملي، ما أنتِ بتحبيه.
ثم تطلعت به بتقزز واستكملت تهينه وتقلل من قيمته باستهزاء:
-على إيه يا حسرة، على مالك ولا جمالك، ده أنت ملزق شعرك بغرا يلا.
لم تكتفي بصوتها العالِ الذي بدأ المارة يتجمعون بالمحل لسماعه، بل دنت منه لتقبض بكفها الصغير على أعلى كنزته الرياضية من الخلف، ترجه بعنف لتحط ما تبقى من كرامته، تكاد تخنقه من جذبها للكنزة من الخلف.
_ طلع فلوسي يلا، طلعهم أحسن وربي لأفرج عليك الناس دي كلها ويقولوا العيل الخرع أهو، قب بالفلوس ياض.
اضطرب أيمن للغاية والجميع يتطلع به باشمئزاز، حتى تلك الفتاة التي فهمت ما فعله مع خوخة؛ لتركض هاربة من عقابها لها، ليخرج أيمن النقود من جيبه؛ لتلتقطهم خوخة بعنف وهي تحرره من قبضتها قائله بأنف معقوص:
-أبقى شوفلك حد تاني تضحك عليه، يا عيل، ومن غير باي.
وضعت نقودها بمحفظتها، وهي تغادر المحل برأس شامخة غير مكترثة، بينما كانت من داخلها حزينة للغاية، فهو لم يستحق حبها له.
لم تكن تبكي على ما سُكب، لكنها بكت على يدها المهتزة، إحساسها بكسرة قلبها كان موجعًا للغاية، فهي كانت صادقة بزمن عزَّ به الصدق، كانت مخلصة بدنيا محاطة بالخائنين المخادعين.
تابعتها عيون وهي تغادر شامخة مرفوعة الرأس، وعيون ترمق أيمن باحتقار، وعيون تتوهج بسعادة لهذا الخلاص الذي يهدئ النفس ويسعد القلب.

عادت لغرفتها الصغيرة لتترك العنان لدموعها الحبيسة من التحرر وتلاشى قناع القوة، فهي بالفعل مجروحة تعيسة.


بقلمي : قوت القلوب (Rasha Romia)
التدقيق اللغوي: مروة القباني

الحلوة خوخة «وهل إقترفت إثمًا أنني بنت الخياطة»حيث تعيش القصص. اكتشف الآن