النهاية ( الحلوة خوخة)

608 37 9
                                        

النهاية •• الحلوة خوخة ••
ب

ُهت وجهها حين دلفت للمكتب ووجدت الجميع عاد بأماكنه يستأنف عمله إلا هي، حتى -الأسيوطي الكبير- موجود بمكتبه وبرفقته آخرون.
ارتبكت للغاية لتأخرها لتطرق الباب بتوتر قبل أن تدلف بابتسامة قلقة تستطلع الأمر، وأن مديرها ليس بغاضب لتأخرها.
فور أن دلفت عم الصمت بين الحضور؛ لتومئ بخفة متسائلة:
-أجيب لحضراتكم القهوة؟!
بنظرات متجهمه أومأ لها -الأسيوطي-؛ لتخرج من المكتب تلعن نفسها عن تأخرها بهذا الشكل، لكنها سرعان ما تذكرت اعتراف موفق؛ لتبتسم بسعادة.
حضرت القهوة لتدلف بهدوء للمكتب مرة أخرى؛ لتضع الفناجين أمام كل منهم ببسمة لطيفة حين سمعتهم يتحدثون بغموض:
-أنا عندي اللي يرجع بيها، شاطر في السواقة جدًا، مفيش طريق يقف قدامه، ها إيه رأيك؟؟
قالها الأسيوطي؛ ليجيبه رفيقه بذات الغموض نظرًا لوجود خوخة:
- مضمون؟!
شعرت خوخة بأن حديثهم يخص موفق، لكنها لم تدري بعد لم هذا الغموض، حملت بعض الأوراق؛ لتضعهم بالمكتبة حين أخرجت هاتفها وفَعَلت وضع المسجل لتخفيه خلف المزهرية دون أن ينتبه لها أحد، ثم خرجت على الفور.

طالت جلستهم وهي تنتظر بترقب، حتى خرجوا جميعًا ودلف عمار الذي وصل للتو وهو يطالعها بنظرات ساهمة أغثت نفسها.
دقائق فقط وانتهى لقاء الأب بابنه، ليخرج كلاهما من المكتب وسط تطلع عمار تجاهها بذات النظرات، لتُنحي وجهها جانبًا تتمتم بسخط:
-عيل ملزق ودمك يلطش.
دلفت بعد مغادرتهم لداخل المكتب لتأتي بهاتفها وتستمع للحوار الذى دار بينهم بخصوص موفق كما ظنت!
كان ظنها بمحله تمامًا، لكن الفزع ارتسم على عيناها؛ لتشهق بقوة فقد كان الأسيوطي وولده ما هما إلا مهربان للمواد المخدرة، والتي سيتسلمها اليوم ببورسعيد وسيطلب من موفق العودة بمفرده حاملًا بسيارتهم تلك الممنوعات خوفًا على أنفسهم وتضحية به إذا تحتم الأمر.
فكرت مليًا بأن عليها تحذيره لتتصل به دون تأخير.
أجابها بسعادة، لكن بتحفظ أيضًا:
-أيوه يا خوخة.
همست بفراسة فقد شعرت أن أحدهم برفقته:
-أنتَ في العربية.
- أيوه، محتاجة حاجة؟!
خشيت أن ينتبه عمار؛ لتنبيهها له لتردف بهمس:
-عمار معاك، صح؟!
- أيوه، مالك في مشكلة ولا حاجة؟!
ثم استطرد قائلًا:
- متخافيش مشوار سفر على السريع تبع الشغل وصد رد كده حكون في المعاد زي ما اتفقنا النهارده، يلا سلام يا خوخة.
أنهى المكالمة بابتسامة عريضة فهم منها عمار، أنه يتحدث إلى إحدى قريباته وربما خطيبته والتي تدعى خوخة، لكنه لن يكترث للاستفسار عن فحوى المكالمة، فهو مجرد سائق لديه ولن يقيم معه صداقة ليلتزم بالصمت حتى وصولهم لبورسعيد لاستلام البضاعة، والتي عليه تخبئتها بالسيارة وترك هذا المغفل يعود بها بمفرده خشية على سلامته.
خرجت خوخة من الشركة بتخوف مما يمكن أن يصيب موفق المخدوع؛ لتتجه نحو قسم الشرطة لتبلغ عن الأمر وتُبعد الشبهة عن موفق.
وبالفعل تم تكليف مجموعة خاصة بقسم مكافحة المخدرات لتولي هذا الأمر والقبض على عمار بحالة تلبس عند وصوله بورسعيد.
مرت عدة ساعات وقد وصل موفق لبورسعيد حيث العنوان الذي أرشده إليه عمار، الذي طلب منه البقاء بالسيارة لبعض الوقت.
لم يكن يدري بما كان ينتظره حين بدأ تبادل المال والمواد المخدرة بينهم ليفاجئوا بمحاوطة أفراد الشرطة لهم والقبض عليهم بحالة تلبس.
لحظات من الذعر نالت من موفق بعد القبض عليه حين تأكد أنه سيناله عقاب وهو بريء للغاية من تلك التهمة.
لكن بعد القيام بالتحقيقات أخلي سبيله وسط اندهاشه هو ومن معه فقد أثبتت براءته بالدليل الصوتي المسجل الذى قدمته خوخة.

خرج موفق بعد إخلاء سبيله؛ ليجد خوخة بانتظاره بقلق وتلهف:
- الحمد الله على السلامة، يعنى لازمتها إيه الدوخة دي، ما تشتغل سواق توكتوك أحسن.
ضحك موفق على حظه السعيد بوجود خوخة بحياته؛ ليردف ممازحًا:
-لا ما هو أنا وأنتِ دلوقتِ حنشتغل على التوكتوك سوا، لا فيه شركة، ولا فيه شغل.
انتبهت خوخة؛ لأن كلاهما أصبح بدون عمل الآن لتتعالى ضحكاتها الرنانة هاتفة:
-جنت على نفسها خوخة.
-أحلى خوخة في الدنيا.
مالت بفمها بتهكم:
- جت الحزينة تفرح ملقتلهاش مطرح، ده أنا دايسة على ديل قطة النهارده.
-ديل قطة، ديل بطة، أنا جاي أخطبك يعنى جاي، حتى لو نزلنا نشحت سوا.
أسبلت عينيها بمزاح وهي تناظره بهيام:
-أموت في رومنسيتك يا ابن أم عطا.
عادا بطريقهما لحارتهما الأليفة، فلم يهتما سوى لسعادتهما وطريقهما المستقيم، حتى لو كان كل شيء سيبدأ من البداية.
كل منهما شبيه بالآخر، لن يشعُر هو بأنها لا تناسبه، ولن تشعر هي معه بالدونية كما كانت تشعر من قبل.
فتلك حياتهم التي يُقدّران بها قيمة بعضهما البعض، وأن كل منهما منتهى أحلام وأماني الآخر.
نفذ موفق وعده وتمت خطبتهم لتكون الحلوة خوخة وجه السعد عليه، حين تشاركا بافتتاح سيارة متنقلة لصنع شطائر البرجر والسوسيس وأطلقا عليها اسم سعدهما -الحلوة خوخة-، والتي لاقت إقبالًا كبيرًا وزاد بها دخلهما المادي؛ ليتم زفافهما بعد أشهر قليلة ويجتمع قلبان على المحبة والصفاء والوضوح .

-تمت بحمد الله وفضله-

بقلمي : قوت القلوب (Rasha Romia)
التدقيق اللغوي: مروة القباني

إذا أعجبتكم القصة أتمنى تعملوا ڤوت ليها ومتابعة للأكونت ليصلكم جديد كتاباتي .. دمتم فى رعاية الله وحفظه ❤️❤️

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Feb 27 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

الحلوة خوخة «وهل إقترفت إثمًا أنني بنت الخياطة»حيث تعيش القصص. اكتشف الآن