part 4

2.3K 185 141
                                    

.

يقترب يوم العاشر لحظة بعد لحظة، وبكل مرة يقترب تحزن القلوب وتأن الصدور، وتنهطر الدموع، تصرخ الثغور،

صوت الناعي وهو ينعى بصوت عالي، وتوافد المُعزين بكثرة، تُسمع الكلمات، وبوصف الناعي للحسين عند وقوعه يضج المكان بالصراخ المفجوع والمُتأذي، احدهم يضرب على وجهه، والثاني على صدره، والاخر الذي اخذ يمسك بثوبه الأسود يُمزقه بجزع، والذي كان جالس عند المنبر يبكي بغترته التي تُغطي وجهه بالكامل

يجلس بجانبه ذو الهئية الضخمة، الذي نذر صوته ووهبه لسيد الشهداء، يستند بظهره على الجدار، يرجع برأسه للوراء  دموعه تنزل بصمت على خديه، يظهر الحزن على محياه، يطغي عليه السواد، بلحية طويلة متبعثرة

ساعات طويلة استمر به هذا المجلس، اذا كان منقسم بتنظيم، احدهم ينعى الحُسين، والأخر يتطرق لمواضيع من الواقع يتحدث بأمور عامة تجعل من الناس تعي وتدرك قوله، وعلي الذي بدء بقصيدة تُراثية يختتمها بقصيدة ذات طور هادئ وثقيل يطغي على المجلس الحزن والأسى، ومثاب الذي بدأ بقصيدة ذات طور كربلائي تتحرك انامله مع الكلمات واللحن يلقي قصيدته بأندماج يرسم على ملامحه تعابير لكلمات القصيدة ينهيها بصوت خاشع بزيارة عاشوراء

" أخوتي ان شاء الله ينطلق موكب التطبير بعد اذان الصبح، علماً بوجود وجبة فطور، اتمنى الحظور لمن يُريد التطبير واحياء يوم العاشر " استرسل قبل أن يغلق مكبر الصوت ويضعه جانباً يقترب من أبت عيناه ترك هيئته ويردف " ابو تقى وين؟ " بتسائل اردف ونظر له المعني قبل ان يميل رأسه بعدم المعرفة

" بس بلا زحمة، كاسة ماي لأخوي على ما اروح اشوف ابو تقى وين " طلب منه مُثاب بأدب يُهمهم له المعني يأخذ كأس ماء ويهم به لصاحب الكاسة يعطيها له يجلس بعدها بجانبه 

تقع عيناه على الذي كان يتحدث مع ابو تقى بينما يداه تلمس وتتفحص القامة التي بيده، يُمرر اصابعه عليها لرؤية حدتها، يعقد حاجبيه بينما يتحدث، ويقلص عيناه لتركيزه بالحديث واندماجه، يبتسم بعدها بخفة رغم ضحك ابو تقى العالي، الا انه اكتفى بأبتسامة خفيفة رزينة، كانت عيناه تتفحصه بالكامل، دون ارادة منه، بكل مرة يحاول تشتيت عيناه عن المعني يجد نفسه يتعمق به وبتحليل شخصيته

الا ان الأكبر كان يجعل من انظاره تتثبت عليه دون ارادةً منه، لحظات يكون هادئ بوجه بارد دون تعابير، ولحظات هادئة بشكل مطمأن، تكتسح عيناه اللمعة الطفيفة، عندما يتحدث معه احد يصب الأنتباه عليه بكل حواسه، وعندما يضحك الجميع يكتفي هو بابتسامة صغيرة مع  طأطأة راسة للأسفل قليلاً، وعندما يتخلل الغضب لدواخله يكتفي بالاستغفار والكثير من الأستغفار حتى تهدء نفسه من ذاتها

مُثاب أَثِمحيث تعيش القصص. اكتشف الآن