الفصل السادس (د.خالد العناني)

738 49 7
                                    

المارة في الشارع بكثرة وهُناك سيدة تقوم بنشر الغسيل واضعة مُثبت الغسيل بفمها والآخر تضغط على القميص به مُعلقًا على الحبل بينما على الشُرفة المُجاورة مُنحنية أنهار بخصرها للأسفل وذراعيها تُنظف الأرض بقطعة قماش قديم الذي دائمًا يُسمى عند المصريين وخاصة في المناطق الشعبية بـ"الخيشة"، رنّ جرس الباب لتقوم بالمُناداة على والدتها كي تفتح لأنها مشغولة فكانت والدتها جالسة في الصالة التي بقُرب الباب، حينما فتحت فوزية الباب شعرت بتقلص في معدتها خوفًا من ذلك الرجل، فهذا المعلم شفيق صاحب ومالك البيت الذي يعيشون به بالإيجار وصاحب محلات الفواكه الكبيرة أسفل المنزل، مُرتديًا عباءته وعِمة رأسه وفي أسنانه سِنة لونها ذهبي تلمع، بينما في يدهِ الخواتم الكبيرة.
- اتفضل يا معلم شفيق..
قالتها بتهدج فقاطع حديثها بتجهُم يقول بلهجتهِ الصعيدية:
- لا اتفضل ولا تتفضلي، كتر خيرك يا أم انهار بس الواحد چاي يجول على الإيچار عشان ده الشهر التالت، وانا كل شوية اجول معلش اصبر عليهم دول ولاية غلابة معهومش راچل، بس إكده كَتير.
سمعت أنهار صوته الفظ الأجش من الخارج فمرَعت يديها من الماء وخرجت مُسرعة فهدءَ من حديثه و وضعَ كفه بداخل جيب عباءته الذي في صدرهِ يقول بابتسامة سخيفة مثل سِنته وهو ينظر على قدميها المُبتلة:
- كيفك يا زينة البنات.
تنهدت أنهار بحنق ظاهرة أنها لا تبتلع له كلمة ثم تحدثت وهي تمضغ العلكة كعادتها :
- معلش يا معلم، قريب هنسدلك فلوسك.
- وانا جولت حاچة يا ست انهار، انا بس بفكركم لكن على راحتكم.
قالها وهو مازال يبتسم وينظر على صدرِها فتحدثت انهار بحدة بعدما نظرت إلى صدرها:
- هو في حاجة يا معلم؟
- ها..لاء لاء، يلا سلامو عليكو.
أغلقت أنهار الباب بقوة والتفتت لتجد اعيُن والدتها مُمتلئة بالدموع فا اقتربت منها تقوم بالربت على كتفيها وأن كل شيء سيُحل قريبًا.

بداخلِ وزارة السياحة يجلس وزير السياحة على كُرسيه أسود الجلد يبتسم مما حدث على التو، فا منذ قليل اتصلت بهِ فرنسا تريد من مصر أن تقوم بتصدير تلك المُنتجات المصرية من حقائب وملابس عليها رسومات مصرية مثل صورة الرجُل صاحب العربة والنيل التي قام بشرائها ارقامًا هائلة من السياح لينتج عن ذلك مبالغ ضخمة لمصر حتى زادَ طلب السياح على شراء هذا النوع من الملابس.
قامَ وزير السياحة بإبلاغ نائبه بأن يتصل بجميع شركات التسويق السياحي ليستكشف اي شركة كانت صاحبة الفكرة.

جميع العاملون في شركات التسويق السياحي يتمنون الآن لو كانوا ارهقوا عقلهم قليلًا للبحث عن شيئًا مختلف يُغير بلادنا هكذا ولكن ليس يتمنون من أجل مصر..للأسف يتمنون من أجل أنهم علموا واستنشقوا رائحة اخبار بأن وزير السياحة يبحث عن مُقترحي فكرة تلك الصورة، فظل العديد منهم يريد أن يُقلد ذلك الشخص المجهول بالنسبةِ لهم ولكنه لن يبقى مجهول بمجرد مكالمة وزير السياحة فا منهم بدء باقتراح صورة طفل مصري صغير يبكي بقوة حتى خرجَ مخاطه منحدر على شفتيه فا قام مديره بما يجب أن يفعل ويقول من سخط فخرجَ العامل يتظاهر بـ اللاشيء..كم مضحك.

فاتن أسفل بورسعيد 2 |قيد الكتابة|Where stories live. Discover now