21- شقة الأبجاد

670 52 5
                                    

مرَ يومًا على افتقاد ابنهما وشقيقه بعدما لم تنجح فكرة فوستاريا، حتى حاولت ڤوالا بأن تخرج خلسة ليلًا دون علم زوجها كي لا يحتجَّ عليها فأمسك بها وظلت تلطمه هاوية بذراعيها على صدره بقوة كي يدعها تخرج تبحث عنه ولكنه كان على دراية بـ إنه إن تركها سيندفع الشخص الأهوج الذي بداخلها لتغوص بالبحر ليلًا..لرُبما تضحي بنفسها من أجل ولدها، فا هذه ڤوالا التي تُكِن لمونيلار وابل من الأمومةِ الحقيقية.

أفتح جوارزين عينيه على صوت مونيلار المُناديًا باسمه كي يستيقظ فصرخَ جوارزين عندما رأى وجه مونيلار المُلطخ دماءًا فبدء مونيلار بأن يُهدئ من روعه ويخبره بأنه بخير، بدء يتألم الآخر بقوة من ألم صدره الذي يبدو وأنه قد هوى عليه أسلاك حديدية وأشواك جعلت تلك الندبات ظاهرة بقوة، صاح مونيلار بكلماتٍ بذيئة عندما تأمل صدر عمه وصك فكيه حيث شفاهه يشوبها اللون الأحمر دماءًا، أما الآخر لم ينبس ببنت شَفَة قط بل نظر إلى الأسفل بوجم واندفع يقول:
- كل ما يحدث سببه بأنك فتى أهوج طائش.
قام مونيلار ببصق دماء فمه التي يشوبها لعابه ويعول عليه:
- أنا! الآن اللوم يهوى على رأس مونيلار؟ من الذي تسبب بكل ذلك في بداية الأمر!
قال له:
- أنت.
فأجاب الآخر بصوتٍ أعلى:
- بل أنتم، كل ما فعلته هو أنني أردت كشف سر يقمعنا من عودتنا إلى الماء، لم أكن لأتخيل أنه بذلك السوء!
مرة أخرى جلبة الباب الحديدي جعلت اذانهما كادت تُفقِد سماعها فدخلَ غارنيقان وبيدهما مفاتيح ضخمة، نظر جوارزين إلى مونيلار في قلق مما سيحدث ولكن تقع المفاجأة عليهما بعدما اقتربا الغارنيقان يقومان بتحريرهما عن طريق تشابك المفاتيح مع الأصفاد، ولكن على الفور أمسكا بهما واسبحوا صوب اللامجهول.

كان عدوان جالسًا على عرشه في منطقته الخاصة حيث تحوم حوله الأزهار الزرقاء والبيضاء معًا بشكلٍ دائري وعرشه يتمركز الدائرة حيث صُنِعَ من عظام بشرية وجلود لأسماك متنوعة، وكانت تلك الدائرة حولها سور حديدي له باب يُغلَق ويُفتَح والآن قد فُتِحَ ودخل الغارنيقان مُصطحِبان أصحاب الثأر، أمرهما عدوان بالرحيل الآن ثم رحلا على الفور، صك جوارزين فكيه بسخط متذكرًا والده ملك أقحولاندا عندما كانت تتهلل أسارير عرشه إن رأته يقترب، كان ابن ملك مملكة وله هيبته والأن فا هو بلا هوية.. ومن لا هوية له فا لا كرامة له، ذلك ما جاء بباله فخُيلت له رأسه بأن يلكمه بقوة ويجلس على هذا العرش هو..أما مونيلار فتاقَ بأن يقتله ويقتل القبيشة بأكملها.
-  جاهزان؟
قالها عدوان فا لم ينبسا ببنت شَفَة لثواني حتى تساءل جوارزين يقول:
- جاهزان من أجل ماذا؟
- من أجل الغرام.
قطبا جبهتهما بغرابة ليتساءل مونيلار بقول:
- أي غرام؟
نهض عدوان من مجلسه يسبح بشكلٍ دائري حولها لينبس:
- كانت وصية الملك ذَهيم بأن يُقتَل على الفور أيًا من يجد من نسلكم ولكني أحب تغيير الوصايا لأن ليس فقط هو من تألم..
كانا ينصتان إليه بركود عقلي مما يقول فكلماته يشوبها من اللغو والخفاء وابلًا.
صمت ناظرًا لهما منتصبًا أمامها ثم واصل:
- يُقال بأنها مملكة السلام ولكن لا تعرف للسلام درب..نحن هنا نحيا على وصايا لشخصٍ قد مات منذ مئات الأعوام، تاركًا لنا الشجن والمرض على فراق الأحبة.
أسبح مرة أخرى صوب عرشه فجلس وتنهد يكمل:
- الوصية الثانية للملك ذَهيم بأن نقتل نساءنا بأنفسنا عند بلوغهن سن المئة عامًا كي لا نخشى فقدانهم من أي شيء.
تساءل جوارزين بحيرة بالغة:
- ولماذا أول مئة عام؟
كان يستمع مونيلار لِمَ يُقال وتمنى في تلك اللحظة بأن يغادر الماء دون رجعة معاودًا إلى حياة البشر الدافئة عن هؤلاء حتى لو كان بها بعض المرارة.
أجاب عدوان صاككًا فكيه بسخط يقول:
- لأن هذا ما قُتَلَت عليه زوجة الملك ذَهيم أثر انفجار مملكتكم أقحولاندا.
قال كلماته ثم اغرورقت عينيه وبدء في البكاء، أضاق جوارزين عينيه بتعجب لحالهِ المتغير في هنيهة هكذا، فكان نرجسيًا منذ برهة والآن صار خائر هكذا!!
بدء بمحو دموعه ورفع نظره عن الأرض يتأمل سطح الماء أعلاه ويبتسم بمحياه متحسرًا بقول:
- لقد قتلتها .. قتلت زوجتي المحبوبة، تبًا لوصايا تلك المملكة، أتعلمان؟ كنت دائمًا أبتعد عنها رافضًا الزواج بها..كنت سأتزوج بأي حورية لا احبها كي لا يأتي ذلك اليوم الذي أتألم به ولكنها أصرت من فرط حبها لي بأن نتزوج..من ضمن الوصايا بأن الزواج إجباري.
تحدث مونيلار بأسف:
- ولماذا اتبعت الوصايا؟ ماذا إن لم تُتَبع؟
أصدر عدوان ضحكة ساخرة ثم وضع خصلات شعره الأسود الطويل خلف أذنه وتحدث:
- تموت الزوجة بمرضٍ يجعل جسدها غير صالحًا للتناول.
اتسعت أعينهما بصدمة تهوي عليهما في هلع لينطقا بصوتٍ واحدًا بقول:
- تناول!!!!
دخل غرنيق يبدو بأن وجهه حاملًا خبرًا ما بعدما فتح الباب واقترب من أذن سيده عدوان ليخبره بشيءٍ ما فظهرَ على وجه عدوان الضيق والغضب، فنهض مغادرًا دائرته آمرًا إياهما بأن يظلا هُنا.

فاتن أسفل بورسعيد 2 |قيد الكتابة|Where stories live. Discover now