الرابع عشر(الصعود)

786 64 5
                                    

جالسًا بداخل محله يقوم بتقليب في حسابات أشياء خاصة بالمطعم ثم رفع عينيه ليجد أمامه مونيلار مهرولًا ووجهه ممتلئ بالشجن، أضاق عينيه ونهض له يسأله ماذا حدث وهل عائلتك بخير فأجابه بأنهم بخير ولكنه ليس بخير، ترك جوارزين المطعم واصطحب مونيلار متجهًا إلى الشارع ينتظر مونيلار بأن يتحدث ففعل بريبٍ:
- هو إحنا بجد ملعونين من البحر؟
ينظر له جوارزين بوجه ثابت فشعر بالقليلٍ من الضيق من هذا الحديث ولكنه أجاب بسخرية دون مزاح:
- أومال انا كلت ديلك يعني؟
ابتلع مونيلار ماء فمه وقلب عينيه يُجيب بضيق صبر:
- انا مش ملعون زيكم! انا.. أنا اتحولت لما نزلت لعمق البحر!
اتسعت أعين جوارزين بهلع يتساءل كيف ومتى حدث كل ذلك فبدء مونيلار بقصّ كل ما حدث معه له ليُجيب الأخر بتساؤل ساخطًا بأن كيف سمح له والديه بذلك فأشاح النظر قليلًا بحرج فنفث جوارزين هواء صدره بقلة حيلة مع ذلك الفتى بقول:
- انت مش هتبطل كدب على أمك وأبوك يابني؟
- أرجوك سيبك من كل ده وقولي الحقيقة، إحنا بجد ملعونين من البحر ولا دي كمان كدبوا عليا فيها؟
وضع جوارزين ذراعيه بوسط خصره ثم رفع خصلة نزلت على عينيه وقال :
- لا تكُن أبلى، لا أنا ولا اهلك بنكدب عليك في دي، احنا فعلا اتلعنا من البحر بسبب غرامي الزفت اللي حصل وإلا مكنتش واقف قدامك برجلين بني أدم.
صرخَ مونيلار في وجهه وعلى صوته حتى نظر الجميع وهو يقول:
- أومال ليه البحر اداني فرصة تانية واتحو..
وضع جوارزين كفه على فم مونيلار بقوة ونظر للناس بوجهٍ هاربة منه الدماء يبتسم ابتسامة صفراء وسار به إلى الأمام حتى وصلا إلى سوق الخضروات بعيدًا، حاول مونيلار الفرار كالحمامة وهو يزيل كفه من على فمه وتنفس بعمق سحيق يقول:
- ها، فين الإجابة؟
لم يرد عليه فاقترب مونيلار من أذنه فكانا الإثنان أصحاب قامة طويلة وظل يصرخ بها مصدرًا الضوضاء مما جعل جوارزين يضع كفيه على أذنيه وصاح به بأن يتوقف:
- طب خلاص اخرس.. إحنا نقدر نتحول تاني ..بس مينفعش نعيش تحت..اللعنة كانت عبارة عن كده وكأنك بتحسر حد وبتوريه قيمته كانت عاملة ازاي لو فكر ينزل ويشوف نفسه..آخره.. آخره دقايق بالكتير وبعدين هتغرق زيك زي أي بني آدم.
وضع مونيلار ذراعيه على صدره بضيق عين وشك يُجيب:
- بس ماما مقالتش الكلام ده، قالتلي عشان محدش يأذيني تحت ومعرفش ايه.
تنهدَ بنفاذ صبر ولعن ڤوالا بداخلهِ التي أفسدت كذبته الآن بحديثها وسأله:
- أخبرتك عن شيء محدد؟
- محدد مثل ماذا؟
- أعني..أعني صدقني أو صدقها فا هذا كل ما لدينا يا مونيلار، صدق من تشاء.

جالسًا ملك مملكة القبيشة الذي يُسمى بحولقار على عرشه فـ أتى واحدًا من الخدم حاملًا في يديه علبة شفافه بها اللون الأزرق يهوم وكأنه ماء وينظر إليه بمكر وبـ ابتسامة شيطانية يقول:
- يبدو أنهم عادوا يا سيدي، لقد اعبئت ذلك بالأمس عندما رأيت النور يتناثر في أرجاء مملكتنا.
أيها الأحمق يا مونيلار، أتمنى أن يظل بخير بعد تلك العلبة التي تحمل نور كفه حيث أخذها حولقار وعلى وجهه ابتسامة خبيثة.
لا ينسى أحد ما يُخدش فؤاده من كلمة أو فعل صغير..خاصة إن كان لك منزلًا قد تأذى بسبب صاحب المنزل الذي بجانبك .. فا عندما انفجر منزله أثر ذلك على منزلك وقتل لك من يقطن بفؤادك ستظل لم تأخذ بحقك حتى تقتله بين يديك..وإن طال الزمان وإن تبدل المكان بعد السنين والقرون فقد غابَ الأمان عنك يا من فقدت يا من عشقت، إعطني يدك ولا تخِف حتى أريك ما أسفل بورسعيد، لَم ينتهي ولن ينتهي ما أسفل تلك المحافظة، حيث الشعاب المرجانية بالأسفل والأسماك مختلفة الأشكال سبحان الخلاق..مملكة يقطن بها سكانها الخائفون دائمًا من أي حرب قد تأتي ولا أحد يعلم ميعادها ولكن ذلك الحوري الوسيم صاحب المملكة ليس بخائفٍ مثلهم بل ينتظرهم على أشد من جمرة، تلك مملكة أصابها أثر انفجار مملكة اقحولاندا فتوفت عشيقة الملك ذَهيم حيث كان هو من يحكم وقتها منذ قرون ولكنه توفى من حزنه عليها وكتب وصيته لأجياله بأن يأخذه بحقهِ..فكانَ متزوج من عدة نساء ولكن هذه فقط من أحببها بصدق، أصبح ولاء أبناءه له ونضجوا يبحثون عن ما تبقى من عائلة الملك غريندال، هم يعلمون جيدًا أن جوارزين ودوكاستا ومن بقى منهم لم يتوفوا بل..أنقذهم البحر ولم يلعنهم قط..كان البحر حنونًا يعلم ما هو الحب وأنه ليس بأيدينا لنحكم على الفؤاد متى ومن وكيف يحب! البحر ليس بلعانٍ بل هو من أنقذهم بالتحول إلى بشر ليعطيهم فرصة ثانية على الأرض، توفى سكان اقحولاندا من أثر الانفجار ليذهبون إلى السلام حيث لا تعذيب ولكن عدا من كان قلبه يحمل ذرة شر..مأواه أسواجيتا، بعد ذلك المشهد الأخير من مملكة أقحولاندا هرولت فاتن إلى الأعلى وظننت أنت أنهم توفوا أسفلها حيث كانت تصرخ ڤوالا، ڤوالا التي قامت لارونا بسحب سيفها من ظهرها وخدشت صدرها غيظًا وحقدًا وليس من أجل قانونها الذي عَلِمنا لاحقًا بأنه كاذب..تعيش حتى الأن ڤوالا بندبة ذلك الخادش المؤلم، حينها وجد دوكاستا نفسه لم يختفي وبجانبه جوارزين يمسك بيدهِ كانوا مندهشين حيثوا وجدوا الأمواج ترفعهم إلى الأعلى وتخرجهم على شاطئٍ بعيدًا مهجور يسعلون بقوة وأصبحت أجسادهم ببشرية ..لقد رحمهم البحر من انتقام مملكة ذَهيب لأنها أقوى مملكة أسفل بورسعيد فكانت أسلحتها لا تضاهي أي مملكة، من لا يعلم مملكة (القبيشة) نسبة إلى الملك قبيش أول من حكم بها، حينها صرخَ دوكاستا باسم ڤوالا وصرخ جوارزين بأسم ديوستيلا وكأنهم فقدوا أعينهم ولم يمر ثواني ليجدوا الموج يحمل ڤوالا بهيئة بشرية فسقطت على الرمال تسعل ويحتضنها دوكاستا بالجرح الذي كان ينزف من صدرها ليرتسم بعدها في السماء مشاهد وكأنها تحولت إلى شاشة سينما تُريهم مستقبلهم إن نزلوا بالأسفل ألا وكانت تلك المشاهد هي قتلهم جميعا على يد تلك المملكة حتى اختفت تلك المشاهد وانكتب في السماء بغيم " لقد دمرت مملكة أقحولاندا زوجة الملك ذهيب بانفجارها" ثم اختفى كل شيء..
وحينما أصاب الإنفجار لارونا أصبحت بـ أسواجيتا حيث استطاعت ڤوالا الفرار والموجة تسحبها بعدما هلت كائنات أسواجيتا السوداء تقبض على ذراعي لارونا، ولكن لم يكتمل المشهد حينها ..بينما كانت تصعد فاتن إلى سطح الماء استطاعت دولاڤيريا الفرار من الانفجار وامسكت بذراع فاتن تفتح فمها ليخرج منها ثعابين كثيرة تصدر فحيح وسم بوجهها فدخلت دولاڤيريا بروحها جسد فاتن والعكس قد كان..حيث الآن روح فاتن هي المسجونة و روح اللعينة حرة بالأعلى.

فاتن أسفل بورسعيد 2 |قيد الكتابة|Where stories live. Discover now