الفصل الثاني عشر

60 8 5
                                    

الفصل الثاني عشر

لا أريدك

عندما استوعبت ما حدث فلتت من ذراعه ورأت الألم يرتسم على ملامحه والقميص يلتصق بصدره فهتفت "زهير الماء كان مغلي، دعنا نذهب للمشفى"

أبعد القميص عن صدره برفق وألم وهو يفك أزراره فرأت صدره العاري الذي لم تنساه يوما وقد احمر جلده بشكل صعب وهو يقول بصعوبة "ربما لديكِ دواء للحروق"

أسرعت لإحضاره وقالت "موجود هنا ولكن لابد أن نذهب للمشفى"

كان قد جلس والألم يزداد وقد صنع دائرة حمراء ملتهبة على الجزء الأيسر من صدره، ارتجفت يدها وهي تحاول أن تضع المرهم فأمسك يدها فنظرت له ليواجها بنظرات حاسمة وهو يقول "فقط ضعي المرهم بريهان ولا تخشي شيء"

هزت رأسها والدموع تسيل دون توقف وبنفس الأصابع المرتجفة وضعت المرهم والألم مرتسم على ملامحه وما أن انتهت حتى قالت بإصرار "هيا لابد أن نذهب"

ولكنه قال بهدوء "لا، سأكون بخير هل تهدئي؟"

ظلت ترتجف والدموع لا تتوقف وهي تقول "لا، ليس قبل أن يراك طبيب، هيا من فضلك"

لم يمكنه البقاء وهي تنهار أمامه، ساعدته على وضع البالطو على أكتافه بعد أن استبعد قميصه المبلل وأحضرت له واحدا من سيارته كما أخبرها

بالمشفى طمأنهم الطبيب أنه حرق بسيط من الدرجة الأولى ولم يضر إلا بالطبقة الأولى من الجلد ومنحهم مرهم أقوى مما استخدمته

عادا للبيت وقد ظل محتفظا بهدوئه ولكن الألم لم يرحل، تأملته وهو يبعد البالطو وهي تأخذه وقالت "أنت بحاجة للنوم"

لم ينظر لها وقال "أنا بحاجة للسجائر، أين هي؟"

تحركت للمطبخ لتبحث عنها وعندما التفتت لتخرج اصطدمت به فتراجع من الألم فوضعت يدها على فمها وهتفت "أنا آسفة"

عاد واقترب منها وتناسى ألمه وهو يرى القلق والفزع بعيونها فرفع يده لوجنتها ومسح الدموع وعيونه تتجول على وجهها وقال "لا تفعلي، أستحق أكثر من ذلك"

تراجعت من لمسته واستدارت لتفر منه ولكنه أحاط كتفيها بيده فأغمضت عيونها وهو يقول "بيري، أنا حقا أريد ذلك الزواج"

أعادها أمامه ولكنها لم ترفع وجهها له فرفعه بيده لتلتقي بزرقة عيونه التي لمعت كسماء الصيف الزاهية وأكمل "فقط فرصة واحدة"

وعندما تاهت عيونها بنظراته كانت ذراعه تلتف حول جسدها وتجذبها له وما زالت جامدة مكانها وهو يحني رأسه ليلتقط شفاهها في قبلة انتظرها الاثنان كثيرا وحلما بها، قبلة قاوم بها الاثنان الخوف الذي يملأ قلوبهم، قبلة سكنت بها الآلام وخمدت بها نيران الذكريات، قبلة دافئة رقيقة لكن بسرعة تحولت لقبلة قوية، قبلة الشوق واللقاء، استنزفت أنفاسهم ولم تدرك أنها رفعت يداها لعنقه وضمته بهما ولم تشعر بيده تتخلل كنزتها الصوفية لتلمس جسدها الناعم حتى رن هاتفه ليفزع منه الاثنان وتتراجع هي وكأنها أفاقت من صدمة وأنفاسها لا تهدأ فاستدارت تمنحه ظهرها ويدها تعيد كنزتها حول جسدها وتبعد خصلاتها عن وجهها بينما تحرك هو لجاكته وأخرج الهاتف ليرى رقم جاكوب فأجاب

الماضي الملوث بقلمي داليا السيدحيث تعيش القصص. اكتشف الآن