الفصل الخامس: ميعاد الفسحة. الجزء الأول

17 3 0
                                    


الساعة الأن العاشرة إلا عشر دقائق صباحا، كل الطلاب في فصولهم يدرسون بجد ولكنهم بدأوا الشعور بالملل ومنهم من بدأ الشعور بالجوع و.. فسحــــة، كانت هذه صيحة أحد الأطفال التي تصاحب رنين جرس المدرسة للأعلان على أن هذا وقت الراحة، ظل الأطفال يهللوا ويلملموا أغراضهم في الحقيبة بسرعة الرياح، تمر مشرفة الدور على الفصول للتأكد من خلوها، وجدت أحد الأطفال بالفصل يضح رأسه على المكتب ولا يتحرك، تعجبت إذا هو نائم كيف لم يستيقظ على ضجيج الأطفال، شعرت بالقلق يمكن أن يكون مريض، ذهبت لهزه في رفق وهي تقول بحنان: مازن، لا حركة هزته عدة مرات وهي تناديه حتى سقط، صرخت المشرفة بزعر: حد يطلب الأسعاف..

في منزل طه..
كان يسود الحزن واللون الأسود على المكان، كانوا دخلوا على طه وجدوه مُلقى على الأرض كانت تدهورت حالته أمس لكنه لم يقول شيء، سبب الوفاة أرتفاع السكر في الدم أدى إلى حالة طارئة تسمي الحماض الكيتوني السكري مما أدي للوفاة، بعد الدفن والعزاء كان عاصم صامت، لا يبكي، لا يصرخ، لم ينبث ببنت شفة، فقط الصمت، كانت ليلى وعمر ومصطفى بجواره منذ ذلك الحادث، كان يبيت مصطفى معه وعمر وليلى كانا يمران عليهما كل يوم تقريبا، كانت ليلى تشعر بالأسف تجاهه، ولكنها لاحظت أنه لا توجد صورة لوالدته، يمكن أن تكون متوفاة، في بداية اليوم مرت على عاصم ومصطفى، فتح لها مصطفى الباب وسألته بأهتمام وهي تدخل: عامل ايه دلوقتي؟، أجابها وهو يغلق الباب بيأس: زي ماهو، دخلت لتلقي نظرة عليه، كان يجلس على الأريكة في الصالة لا ينظر لشيء شارد الذهن فقط يمسك في يمينه سبحة طه، كان دوما على حسب كلام مصطفى يسبح بها بعد كل صلاة وقبل نومه، يجلس كالمنوم مغناطيسيا، جلست على كرسي بجوار الأريكة وسألته بأبتسامة: أزيك ياعاصم؟، لا رد، فأكملت هي كأنه رد عليها: طب الحمدلله يارب دايما بخير، لم ينظر حتى لها، تذكرت كلام نغم عندما قصت ليلى حالة عاصم عليها: دي حالة طبيعية بتصيب بعض الناس لما حد قريب منهم بيموت ممكن يكونوا لسه مش قادرين يستوعبوا، أو هما مرضى بالكتمان فصعب أنهم يعبروا عن مشاعرهم، عندما أنهت كلامها سألتها ليلى بأهتمام: ودول هنتعامل معاهم أزاي؟
تنهدت نغم وقالت: على حسب كل حالة بيكون ليها طريقة بس عن حكيك على عاصم هو حاليا بيتقبل الصدمة بس هو من مرضى الكتمان اللي مش سهل يحكي حاجة مش سهل يعبر عن مشاعره في الحالة دي، هنتعامل عادي نبدأ نحكي حاجات في يومنا، نحاول نشد انتباهه، نحاول نخرجه من الحالة اللي فيها، هذا ماتذكرته لذا حاولت المتابعة على نفس المنوال وهذا عكس شخصية ليلى فهي لا تستطيع إدارة حوار ولكنها كانت تتعلم، ظلت تحاول أن تقص عليه بعض المواقف التي حدثت في الماضي عندما كانت طفلة، في مرة وضعت هاتف والدها في الغسالة لأنه كان متسخ وظلت تضحك عندما تذكرت ذلك الموقف في هذا اليوم لم يعاقبها والدها تفهم أن هاتفه كان متسخ لذا جلب لها لعبة غسالة لتغسل ملابس الدمي، كان عاصم يتنفس بأنتظام، لم يعيرها أهتمام، تنحنحت ليلى في ذلك الوقت دخل مصطفى ومعه أكل كان بدأ بتحضيره كان حواوشي أكلة عاصم المفضلة قال وهو يضع الطبق أمام عاصم على الطاولة: بص عملتلك حواوشي
نظرت ليلى وقالت له بعتاب: مقولتليش ليه أساعدك
قال لها وهو يناولها طبقها: ياستي مش مشكلة ابقي قومي أعمليلنا القهوة أنتِ، بدأ عاصم بتناول الطعام في صمت، كانت ليلى ومصطفى ينظرون له ويحاولون أن يستشفوا أي شيء، لا إيماءات، أنه فقط يلوك الطعام في صمت، قطع الصمت جرس الباب يدق، ذهبت ليلى تفتح وجدت رجل في أواخر الأربعين أصلع قليلا يرتدي حلة سوداء رسمية وعوينات كبيرة سوداء ايضا وفي يده حقيبة، من الواضح أنه طبيب وبالأخص طبيب نفسي، سألها بلطف: عاصم موجود؟، اومأت هي وقالت بهدوء: مين حضرتك؟
فأجابها وهو يعدل عويناته: أنا دكتور عماد، ممكن أدخل؟، بالفعل دخل ورحب بمصطفى وعزم عليه بلُقيمة ولكنه رفض وأكتفى بطلب: قهوة مظبوط لو امكن..
قال مصطفى بطريقته المعتادة: يبقي ليلى هتعملهالك، بالفعل ذهبت لتعد القهوة، رغم فضولها لمعرفة ما يفعله هذا الطبيب هنا، ذهبت لتقديم القهوة وجدت أنه لا تقدم الطبيب يحاول التحدث ولكن عاصم يأبي الكلام معه لا يريد الحديث مع أحد أو لا يستطيع ممكن..

من منظور مختلف.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن