الفصل الرابع: أيعقل أن يكون هذا.. الجزء الثالث والأخير.

34 7 12
                                    

في السابعة مساءا..
تم إحضار السائق رضا والتحقيق معه وكان موجود ليلى، عاصم، وعمر، وفي الحقيقة كان صريح معهم لم يتعبهم في التحقيق وكان يدور الحوار كالأتي:
سأله عمر بهدوء وهو يجلس أمامه: أنت قولتلي أن أنت مبتختارش وجهتك تكون فين المعلم هو اللي بيقرر ويحكم، اومأ رضا برأسه وأكد على كلامه وقال: أصل المعلم مبيحبنيش أوي يعني مفيش بيني وبينه عمار ولموأخذة، صدر تلك المرة من عاصم السؤال وهو يقول بأستفسار: ليه؟ أشمعنا أنت يعني
أجابه رضا بصدق: أصل أنا ماليش في شغله أنا عايز أسترزق وأبقي جنب الحيط
سأله عاصم مرة أخرى وكأنه فهم ما يشير إليه: مخدرات، أومأ له رضا وبدأ في السرد بعدما أخذ نفس: أي حد غيري كان أما هيصدق فلوس بالعبيط بدل اليومية اللي بيدب نصها في كرشه، تنهد وأكمل: جه وعرض عليا أشتغل معاه في المخدرات توزيع يعني، قاطعه عمر وسأله: بتوزع أزاي يعني؟
قال رضا بعدما أعتدل في جلسته: أنا هقولك ياباشا هو بيستغلنا علشان معانا المكروباص بيحط فيه البضاعة في الكنبة وساعات بيدينا أحنا نوزع بنفسنا كل واحد وقدرته، وساعات على حسب طلب الزبون أو العملية
نظرة ماسحة من ليلى لرضا تدل على صدقه، هيئته الذي يظهر عليه التعب والشقاء، يديه المشققتان، تشميرة القميص عن ساعديه، نظرت لعاصم وأكدت بعينيها على صدقه فسأله عاصم: طب هو أنت ليه جاي دوغري معانا؟
ضحك رضا ضحكة خفيفة وقال بسخرية: ما أنا قايل لسعادتك أنا وإسماعيل واخدين بعض عن حب يعني وبما إني كده كده مغضوب عليا والدنيا ملطشة معايا، هخبي ليه؟
دونت ليلى بعض الملاحظات وأكمل هو بجدية: نكمل بقي يارياسة انا وقفت فين اللهم صل على النبي، تذكر وأكمل: أه على حسب الزبون أو العملية، الموضوع إبتدي معايا لما جه عرض عليا أشتغل معاه، فلاش باك..
إسماعيل يأرجل من الشيشة ويجلس على كرسي وأمامه بعض السائقين ويقسم اليومية ليعطيهم نصيبهم، آتى دور رضا نظر له إسماعيل نظرة ماسحة وسأله: يوميتك كام ياض؟
أجابه رضا وهو يدخن لفافة تبغ: اللهم صل على النبي 350 جنيه أخذهم إسماعيل منه وبدأ بعدهم وأعطاه مئة وخمسون فقط، فسأله رضا بتهكم: ايه دا يارياسة؟
سأله إسماعيل بتعجب: ايه!، حدف رضا لفافة التبغ على الأرض وقال لأسماعيل: مية وخمسين جنيه بس؟
نظر له إسماعيل ببجاحة وقال: عايز أكتر؟، اومأ له رضا وأشار على جبينه وكأنه يزيل العرق وقال: تعبي وشقايا، فقال له إسماعيل بخبث وجدية: تعالالي كمان ربعاية لما العيال دول يمشوا، وبالفعل بعد ربع ساعة ذهب له بالفعل أعطاه إسماعيل مئتان جنيه وقال له: أشتغل معايا وتاخد قدهم خمس مرات، قال رضا وهو يضع المال في جيب قميصه ويضحك: ما أنا بشتغل معاك يامعلم في الموقف، تأتأ إسماعيل بشفتيه وقال له بجدية: ما أنت هتشتغل معايا بردو بس في حاجة تانية حاجة تكسبك كتير بدل ذلك لليومية كده، فسأله رضا بفضول: ايه طب الشغلانة؟
نظر له إسماعيل وسأله: المكروباص دا بتاعك صح؟، اومأ له رضا فقال له إسماعيل: خد دول واعطى له مئة وخمسون وقال له: سيبلي العربية نصاية روح كل أكلة نضيفة وروق على حالك وتعالي هوديك مشوار هديك في خمسمياية، بالفعل ذهب وأكل وجلب علبة سجائر وعاد إلى إسماعيل قال له في حزم: تعالي ياض هتروح رمسيس ومن هناك هيركب زبون هيوصلك لمكان هياخد منك حاجة من المكروباص وترجع فاهم؟
سأله رضا بفضول: ايه بقي الحاجة دي؟ قال له بتناحة: وأنت مالك ياض هتوصلها وتيجي وتاخد فلوس صعبة دي ولا صعبة رد عليه رضا بإصرار: لازم بردك أعرف ايه الحاجة اللي هوصلها أجابه إسماعيل بتأفف: هدوم أطفال، هاا أرتحت؟
هز رضا رأسه بمعني " ماشي" وركب المكروباص وعندما أبتعد عن الموقف وذهب لمكان نائي بعض الشيء ذهب لينظر ماذا يوجد، لم يجد ملابس للأطفال لاحظ أن الأريكة الخلفية تحركت من مكانها، نظر حوله ثم رفعها وكانت المفاجأة، رزمة من مخدر، بدأ بشمها وكما توقع مخدر "الحشيش"، أعاد كل شيء لمكان وأكمل طريقه إلى وجهته، عندما وصل إلى رمسيس ركب شخص واحد وبدأ في توجهيه ليدخل في غياهب المدينة وعند وصوله نزل من المكروباص، ودخل رجلان أخرجا ما فيه وأعادا كل شيء كما كان، عندما عاد لأسماعيل قال له بفخر وهو يعد المال: عفارم عليك ياض، ثم أخرج من المال خمسمئة جنيه وأعطاها له، بعد عملية والثانية، دخلت والدة رضا المستشفى وأكتشف أن هناك ورم خبيث، شعر أنها إشارة من الله ليتوقف عما يفعله فهو أدخل عليها مال حرام وعندما رفض الخروج في عمليات أخرى مع إسماعيل كان رده: نعم ياروح أمك! يعني مش عايز تروح وهو بكيفك؟
أجابه رضا بهدوء: بقولك يارياسة أنا مش عايز الشغل دا تاني أنا هكتفي باليومية وأبوس ايدي وش وضهر
ضحك إسماعيل في تهكم وقال: وايه كمان ياشيخ رضا؟، ثم أكمل بحزم وأمر: بص بقي الصبي التباع بتاعك بخ، عايز تركب ناس ركبهم أنت، أخرك توصل العزبة غير كده ميخصكش فاهم ياض؟
عودة للحاضر..
تنهد رضا وقال بندم: بس سعادتك دا كل اللي حصل من طأطأ لسلام عليكوا، أنا عرفت غلطي وبعدت عن السكة دي
سأله عمر: وأنت ليه مبلغتش طالما عرفت غلطك؟
أبتسم في سخرية رضا وقال: حاولت أبلغ بس أتعمل معايا الصح، سأله عاصم بعينيه ماذا حدث فبدأ رضا بالتذكر وقص ما حدث معه: روحت أبلغ في قسم العمرانية عن طلعة، طلعوا مشتريين الأمين اللي هناك فراح بلغ المعلم، أبتلع ريقه وأكمل وهو يتذكر: ساعتها رجالته مسكوني وروني علقة موت فضلت راقد في السرير 3 ايام بحالهم ومن ساعتها بقي مغضوب عليا خالص.
بعد الأنتهاء في التحقيق مع رضا لمدة ساعة ونصف والأعتراف بكل ما يعرفه عن إسماعيل، قسموا المهام ليلى، عاصم، عمر على بعضهم ليعمل كل شخص فيهم على جزء خاص ، طلبت ليلى من شركة الأتصال الخاصة بخط سماح بجلب أخر الأتصالات، وعمر كان الشخص المسؤول عن مراقبة إسماعيل وتحركاته، أما عاصم فكان ينتظر أستيقاظ سيد بفارغ الصبر، كان قد مر على القضية شهر ونصف بدون تقدم ملموس كلها كانت تحقيقات، أشخاص، سلاح الجريمة غير موجودة، ولم يتم الكشف عن شيء، قبل أن يتوصلوا لمعلومة العملية الجديدة، والتي كانت منذ ثلاثة أيام علموا بها من رضا، مساعدهم الخفي الجديد، أخبرهم رضا برقم المكروباص الذي سيذهب للعملية وإلى أين سيذهب، كانا على أتم الأستعداد، أتسئلون ماذا عن سجل مكالمات سماح، كانت أخر مكالمة من نوح، أتتذكروه؟ وقبله كانت مكالمة من رقم غريب، رقم ليس مسجل اصلا وهذا أغرب شيء، طلبوا التحقيق مع نوح مرة أخرى، لم ينكر بل أعترف بأنه حدث سماح وقال أنها قالت ستذهب إلى منزل عمتها والمنزل في العزبة، حاولوا الوصول لمنزل عمتها كما قالت لنوح، وعندما وصلوا اخيرا لخيط، أكتشفوا أن عمتها ماتت منذ سنتين ولم يأت أحد هنا منذ ذلك الوقت..
حاولوا الوصول للرقم المجهول لكن لا نتيجة صفر، بالنسبة لمراقبات عمر لأسماعيل وجد أنه يمكث أكثر الوقت في الموقف ثم يذهب لمنزله أغلب مكالماته تكون من الهاتف العمومي، لا يستعمل هاتف حديث، سيد مازال لم يستيقظ، لا جثث جديدة، لا شيء جديد، عاصم وليلى؟، نعم علاقتهما في تطور ولكنه تطور محدود، فقط في إطار العمل، الذهاب لطه مع مصطفى بعض الأحيان، في الفترة الأخيرة مرض طه قليلا بسبب أهماله لدواء السكر ولكن حرصت ليلى على تذكيره به، لا ليس بالذهاب إليه دوما بالهاتف، أهي وقعت في حب عاصم؟، أنا لا
أحب هذه الأسئلة، لنعيد تركيزنا إلى القضية، أين ُكنا؟، نعم يوم العملية،في تمام الساعة الحادية عشر مساءا، في إحدى ضواحي الجيزة، كرداسة تحديدا في ناهيا، كانت كل الوحدات تم تبليغها بشحنة مخدرات متنوعة ستكون في النطاق من العمرانية لكرداسة، تحركت السيارة المحملة بالبضاعة إلى وجهتها كانت تسير بسرعة طبيعية، كان هنالك كمين أوقف السيارة قال الضابط للسائق بحزم: رخصك، أعطاه السائق الرخص في هدوء كان يشعر ببعض القلق لكنه لم يظهر عليه، نظر الضابط للرخص وللسائق ثم قال وهو يعطيه الرخص: عدي.
شكره السائق ومر وأكمل طريقه، وصل لوجهته نزل وقال لمن ينتظره: البضاعة جوا، بعدما ذهب الرجال لتخريج البضاعة، أمسكت الشرطة بهم وتم القبض على السائق والرجال، كان عاصم ينتظرهم للتحقيق معهم، في نفس الوقت كان هناك تبليغ من شخص مجهول عن سلاح الجريمة في منزل إسماعيل ولكن ليس في شقته،في شقة الزوجين كُلف عمر بهذا الأمر، ليحقق عاصم مع المجرمين، ليتوصلا لشيء وليكسبا الوقت.
في منزل إسماعيل..
صعدت القوات وعمر لشقة الزوجين وقرعا الباب فتحت سيدة في مقتبل الأربعون وهي تعدل غطاء رأسها وقالت بتعجب: بسم الله الرحمن الرحيـم خير ياباشا؟
سألها عمر بحدة: دي شقة محمود أبو طلة؟
أومأت برأسها فقال لها بنفس الحدة:عندنا أمر بتفتيش البيت، وأمر العساكر: خشوا فتشوا البيت كويس.
تعجبت نوال من الأمر وتسألت بقلق: خير بس ياباشا.
قال لها دون أن ينظر لها: لا خير إن شاء الله، وبعد دقيقة، أثنان، آتى العسكري وفي يده سلاح الجريمة بداخل كيس بلاستيك أسود اللون ولكن خامته غريبة وقال العسكري بتلقائية: لاقينا السلاح يافندم، نظرت نوال للما وجده ولعمر وقالت بصياح: ايه دا ايه دا؟ والله ماعرف عنه حاجة، نظر عمر للعساكر وأمرهم بـ: خدوها.
ظلت نوال تصيح وتبكي: والله ياباشا ماعرف ايه دا ولا دخل هنا أزاي، ياباشا، وبدأ بمناداة الحجة فوزية: ياحجة فوزية ونبي قوليلهم معملتش حاجة، ولكن كان قد حسم الأمر.
في المكتب..
كان عاصم يحقق مع الرجال والسائق وقاموا بالأعتراف على إسماعيل بأنه هو من يبيع لهم المخدرات والعاملين في الموقف الخاص به هم من يوصلوا، طلب عاصم لجلب إسماعيل للتحقيق معه وفي ذلك الحين قد أتت ليلى وأخبرته بشيء وهو ما غير طريقة تعامله في ما هو قادم..
بدأ عاصم وعمر وليلى بالتحقيق مع نوال سيدة في مقتبل الأربعون محجبة ليست ضخمة البنية وليست صغيرة، كانت ترتدي جلباب منزلي من الواضح أنهم لم يعطوها وقت لتبدل ملابسها، كانت تبكي منذ أن وصلت وتُتمتم بـ: والله معملتش حاجة والله معرفش حاجة، جلس عاصم على مكتبه وجلس عمر أمام نوال وكانت ليلى على الأريكة تحلل لغة جسدها، وبالطبع سلاح الجريمة كان يتم مسحه لأكتشاف البصمات، تنحنح عاصم وقال بنبرة عادية: مدام نوال، كانت مازالت في تلك الحالة، رفع عاصم صوته قليلا، نظرت له بقلق وظلت تردد وهي تبكي: والله ياباشا معرفش حاجة عن اللي لاقيتوه ولا أعرف جه منين وربنا ماعرف، بدأت ليلى تلك المرة بتهدأتها وهي تعطي لها بعض المناديل الورقية: أحنا بس هنسألك كام سؤال ونعرف جه ازاي مش أكتر، نظر عاصم بمعني منذ متى وأنت تكذبي؟ سلاح الجريمة موجود في شقتها؟، ردت له النظرة بمعني أنظر لحالتها! وقطع حرب النظرات تلك عمر وهو يقول بهدوء: أنت جوزك مسافر؟
أومأت نوال برأسها وأجابته وهي تمسح دموعها: هو بيسافر بورسعيد يقعد أسبوعين ويرجع أسبوع يقعده هنا معايا، صدر من عاصم تلك المرة السؤال وهو يقول في تؤدة: أنت قولتي بورسعيد؟
أجابته هي بصراحة: أه سعادتك هو بيشتغل في البالة فهو بيجيب بضاعة وأوقات بيبعتها هنا وفي بضاعة بتفضل معاه بينزل بيها الأسبوع دا هنا يبيعها لتجار يعرفهم
سألها عاصم في هدوء: أنتوا معندكوش أطفال؟
نفت برأسها، سألت تلك المرة ليلى وقالت: أنت سماح الله يرحمها كانت بتسيبلك ابنها؟، اومأت نوال وقالت بأسى وهي تتذكر: اه الله يرحمها بقي كانت طيبة وبنت حلال، بس مشاكلها كتير كل شوية مشكلة مرة مع جوزها ومرة مع حماتها ومرة مع ابوها يلا الله يرحمها.
تعجبوا جميعا، مشاكل مع والدة زوجها؟، لم تخبرنا فوزية بهذا قط ولكن لكل وقت أذان، سأل عاصم بهدوء وشك: مين بيجيلك البيت؟
أجابته نوال بحسرة: محدش بيجيلي هو جوزي زي ماقولت لسعادتك وساعات الحجة فوزية بتعدي عليا، وأضافت بأبتسامة: ست طيبة ربنا يباركلها، نظروا لبعضهم البعض نظرة ذات معني واضح، في تلك الأثناء حدث ما لا يتوقعه أحد، أستيقظ سيد من الغيبوبة، قرر عمر وعاصم الذهاب له لسؤاله عن بعض الأشياء وفي ذلك الوقت ستتحدث ليلى بعض الوقت مع إسماعيل طبقا لما أتفقوا عليه، وصل العسكري بأسماعيل في المكتب كانت موجودة ليلى والأستاذ مصطفى، فقد حدث عاصم أستاذ مصطفى ليحضر في ذلك الوقت لمساعدة ليلى، رحابا بإسماعيل وقدمت ليلى له عصير ليمون لتهدئته نظر لها بتوجس، كانت نظرتها تدل على البراءة أنها تريد المساعدة لذلك بدأت بسؤاله وهي تجلس أمامه: أحكيلي يا أسماعيل علاقتك بوالدتك عاملة أزاي؟
تعجب من هذا السؤال ونظر لها بريبة وقال: معلش لامؤاخذة ايه علاقة دا باللي أنا جاي فيه
تأتأت ليلى بشفتاها وقالت: مش دي الأجابة اللي عايزة أسمعها، ثم تنهدت وقالت بود وهي تنظر له بثقة: أنا عايزة أساعدك، ثم قامت بمد يدها وهي تقول: فهتساعدني ولا أسيبك تتعامل مع المقدم عاصم؟
نظر لها وقال بهدوء كأنه يفكر في الكلام: يعني انت هتساعديني ياداكتورة؟، أومأت بكل ثقة وهي تنظر له في عينيه وأكد على كلامها مصطفى وهو كان يترأس المكتب: أحنا مش عايزين غير أننا نساعدك، وغمز له وقال في تؤدة: المعلم مصراوي بيسلم عليك، فهم إسماعيل ومد يده ل ليلى وقال بسعادة: أنا معاكوا، عايزني أحكي منين؟
أبتسمت ليلى أبتسامة النصر وقالت بهدوء: أشرب العصير وأنت بتحكيلي من الأول خالص.
بدأ إسماعيل بقص حياته عليها بعدما تنهد، شعر شعور غريب، أهذا بسبب العصير أم إنه حقا يريد التحدث، بدأ يسرد وكأن الأحداث تظهر أمامه كشريط: الحكاية بدأت لما كنت عيل صغير، أبويا كان بيشتغل في محل الصبح وبعديها يروح يشتغل على تاكسي تبع حد من معارفه يقعد يوصل في زباين ويلف مكناش بنشوفه ولو كنا شوفناه كان بيضربنا، ثم بدأ يظهر في عينيه بريق: أمي ست غلبانة مش متعلمة كانت على طول لما بعمل حاجة غلط بتداري عليا، ثم ضحك ضحكة بسيطة لتذكره تلك الذكري، كانت ليلى تسجل ما تراه في مذكراتها ومصطفى يستمع لحديثه بكل تركيز، أكمل إسماعيل وهو يذهب بريق عينيه: لحد ما أبويا مات كنت حوالي 13 سنة على ما أتذكر، بدأت أنا وأخويا عماد ننزل نشتغل بس أنا مكنتش عايزه يتمرمط فكنت بخليه يكمل تعليمه وأنا أشتغل، أشتغلت مرة صبي ميكانيكي كان المعلم بيضربني كل يوم علقة، كأنه مبسوط إني بضرب كان بيضربني بسبب ومن غير سبب، ثم نظر ل ليلى وقال: دا أنا حتى لسه فاكر اسمه سعيد القمحاوي، وأشتغلت شوية في النجارة ومرة في السباكة وبعديها وقعت على عم عبد العزيز شغلني على المكروباص بتاعه وفضلت مكمل فيها لحد ما الحمدلله ربنا كرم وبقيت صاحب موقف العمرانية، نظرت له ليلى بهدوء ونظرة ذات معني وقالت في تؤدة: عرفت سماح أزاي؟
قال إسماعيل وهو يرشف أخر ما في العصير ويقول بملل: كنت بوصلها من ضمن اللي بوصلهم وعرفت أنها ساكنة قريب لاقتها بنت حلال طيبة فدخلت البيت من بابه زي مابيقولوا
سألته وهي تدون شيء ما: وليه أتطلقتوا؟ قال وهو بدأ يشعر بالخنقة: طلباتها كتير وأنا مبقتش ملاحق بدأت بالضغط أكثر بسؤالها: كنت بتحبها؟ قال وهو يمسك رقبته كأن هناك من يخنقه ويحاول التنفس: ممكن مايه؟
جلبت له ليلى مياه وأعطتها له، بدأ بالتنفس وقال في هدوء كأنه لم يكن يشعر بالخنق: حد ميحبش مراته أو اللي كانت يعني..
سألته وهي تجز على أسنانها وتحاول الحفاظ على الهدوء: تفتكر هي كانت بتحبك؟ رفع حاجب وأجاب بثقة: أكيد يعني مش هتحبني ليه؟
سألته ليلى وهي في داخلها شيء أوشكت على الأقتراب منه: أنت كنت تعرف أن نوح الميكانيكي اللي في منطقتها كان عايز يتجوزها؟
أبتلع ريقه وقال بهدوء: لا..
أنهت ليلى التحقيق معه وبدأت هي ومصطفى بربط الخيوط والرجوع لتحليلاتها التي تدل على أن هناك شيء إسماعيل يخفيه، عنده اضطراب الغضب لا يستطيع السيطرة على غضبه، هل قد يؤدي للموت؟ لازالت تبحث عن إجابتها تلك، طلب مصطفى التحقيق مع سعيد القمحاوي، ولكن كانت المفاجأة أنه قد قُتل منذ حوالي سنتين وأويدت القضية ضد مجهول لعدم كفاية الأدلة وعدم وجود مشتبه به وكان سلاح الجريمة خالي من البصمات ولكن لحظة أهذا؟
عند عاصم وعمر..
كانا قد ذهبا لسيد عندما علما بأنه فاق من الغيبوبة أخيرا، قال عاصم في تؤدة: المرة اللي فاتت مدتنيش فرصة أسالك، ثم أخبره بهدوء وهو على يقين بأنه يعلم شيء: بس المرة دي مفيش هروب.
بدأ سيد بالبكاء وقال بأستسلام: أنا هحكيلكم على كل حاجة، أنا عارف ربنا مش هيسامحني بس أنا هحكي، وبدأ بقص عليهم كل شيء كان هناك بعض الشكوك وتأكدا منها ولكن كان هناك جزء أخر من القصة لا يعلماه وكان هذا ما جعلهما يذهلا ولكن كانت المفاجأة الأكبر أنه عندما أنهي سيد ما يعرفه توقف قلبه ومات..
عادا للمكتب وتحدثا مع ليلى ومصطفى وبدآ في ربط الخيوط جميعها في ذلك الوقت وصل تقرير سلاح الجريمة وكانت البصمات التي عليه هي مفاجأة أخرى لم يتوقعوها نهائيا ولكنهم يعرفون من فعل كل هذا.
تم القبض على الحجة فوزية والأفراج عن نوال وتم التحقيق مع فوزية وأعترفت بأنها هي من وضعت سلاح الجريمة في منزل نوال.
في نفس الوقت من ناحية أخرى..
كان يجلس إسماعيل في الموقف يحاول التواصل مع والدته فهي أختفت ولا يجد لها أثر ولا يعلم أين هي، وجد رسالة نصية وصلت له من سماح كان مضمونه: أزيك يا إسماعيل؟
أنتفض إسماعيل من مكانه وذهب بسيارته العتيقة لمكان نائي هو على درايا به يوجد مثل كشك أو كوخ صغير وظل يبحث عن أشياء سماح وكانت غير موجودة ظل يحدث نفسه بجنون: هو فين؟ هو فيين؟
أمسك هاتفه وأتصل بالرقم، تبا أنه يرن؟، لا رد، رسالة أخرى من نفس رقمها اللعين تقول: هان عليك بنتنا..
رمي إسماعيل الهاتف على الأرض وظل يكسر المكان ويمسك رأسه ويقول بصياح: أزاي؟ أنا قتلتها بأيدي دي، وظل يخبط رأسه، هاتفه يرن ظل يحاول التنفس وجد أنه رقم مجهول تنهد وحاول الرد بنبرة طبيعية وقال: أيوة
_ إسماعيل؟ _أيوة أنا، مين؟
_ عايزينك في التحقيق، وأغلق المتصل في وجهه الخط، أعاد إسماعيل كل شيء مكانه وأخرج مخدر وبدأ بشمه ليهدأ قليلا وتلك كانت أول مرة يصل لهذه الحالة ويقرر أن يأخذ مخدر، ذهب لمكتب عاصم ولكنهم تلك المرة أدخلوه غرفة التحقيق وليس المكتب كما أعتاد، كان يسمع أصوات لا يعلم مصدرها، صوت صريخ أمراة وهي تنادي عليه وتقول له بتوسل: كفاية سيبني بقي، دخل عاصم قال له بود غير معتاد: اتأخرت عليك معلش في قضايا كتير الفترة دي
كان يتعرق إسماعيل بغزارة وينظر له بتوجس، فجأة ظهر شبح سماح وأختفي مرة أخرى كان ليس على ما يرام فسأله عاصم: أنت كويس؟
حاول إسماعيل الرجوع للهدوء وقال بسرعة: اه ياباشا بخير بخير، ثم تذكر وقال: أنتوا كنتوا عايزيني في ايه؟
أخبره عاصم بيأس شديد واضح: مش عارف أجيبهالك أزاي بس والدتك ماتت.
كان لا يشعر بشيء سوى الخوف وهو يرى شبح سماح يأتي ويختفي مرة أخرى وصوتها وهي تستغيث وهو لا يتوقف وصوت عاصم يتردد وهو يخبره بأن: والدتك ماتت..
أكمل عاصم في تؤدة: هي أتقتلت بمعني أصح، احنا شاكين أن اللي قتلها هو نفس اللي قتل مراتك وبنتك
كان متجمد في مكانه لا تعابير سوى العرق، نظرة القلق التي تظهر عليه والصمت ولكنه قطع الصمت بـ: ممكن أشوفها، قال عاصم بأسى: للأسف لا لأن الجثة لسه بتتشرح خلال يومين تقدر تستلمها وتدفنها، تعازي ليك وتركه ورحل.
بعد مرور يومين..
ظل ينام في هذا المكان النائي الذي من الواضح أنه مكان عزلته، لم تتوقف مراسلات سماح لإسماعيل، ورؤيته لشبحها، بدأ بتعاطي المخدرات بكمية أكبر غير معتادة، ظل يصرخ ويقول: كفاية كفاية، بدأ بظهور أشباح أخرى، مثل سعيد القمحاوي، تذكر كيف ذهب لورشته منذ سنتين، فلاش باك..
دخل في تؤدة على سعيد وقال بأبتسامة هدوء: أزيك يامعلم سعيد
نظر سعيد في هدوء كان يظهر عليه العجز وكبر السن وايضا من الواضح الفقر: مين مش واخد بالي؟
قال إسماعيل وهو يرتدي قفاز: مش فاكرني معقول، ثم أشار لمكان ما في الورشة وقال: دا أنت ياما أكلتني ُعلق في الحتة دي
نظر بصدمة وتوسعت عينيه وقال: إسماعيل
ضحك إسماعيل وهو يغلق باب الورشة ويقول: اسم الله عليك، ثم ألتف له وقال في تؤدة وهو يجلب عدة ثقيلة: إسماعيل اللي ياما وريته أيام سودة وياما هريته ضرب بسبب أو من غير، ثم نزل لمستواه وقال: إسماعيل اللي جاي ينتقم.
قال سعيد بسرعة وهو ينهض من مكانه: لا لا يا إسماعيل أنا مكنش قصدي، كان سيكمل كلامه ولكن إسماعيل أنهال عليه بالعدة التي كانت في يده على راسه وظل يضرب ويضرب ويتناثر الدم في الأرجاء وقال بعدما مات سعيد: مش محتاج تبرر كل حاجة بتحصل لسبب وأنا خدت حقي، وبدأ بمسح أثار الجريمة وترك السلاح ورحل.
عودة للحاضر..
بدأ شبح سعيد يظهر وشبح والدته، في أخر مرة حصل شجار بينهما بسبب سلاح الجريمة وأنها كانت تعلم أنه قتل زوجته وابنته وظلت تلومه ولكن حتى والدته لم تسلم منه، بدأ بتهديدها بقتلها إذا لم تضع سلاح الجريمة عند جارتهما، وبالفعل أضطرت للخضوع إليه، حتى شبح والده بدأ بالظهور له ولومه، كان وصل إسماعيل للذروة في ذلك الوقت، كانت وصلت الشرطة لمكانه وقبضت عليه، عند وصوله لغرفة التحقيق تلك، دخل عاصم وعمر وليلى في هدوء كان إسماعيل مكبل بالأصفاد، وكان يتمتم بأسماء من قتلهم: سعيد، سماح، منة، نوح، رضا..
لكنه لم يكن يعرف أنهم كانوا وراء كل هذا، لنعد للخلف قليلا..
عند أعتراف نوح بأخر مكالمة مع سماح، كانت أخبرته بأنها حادثت إسماعيل وأنه يريد الرجوع لها ولكنها رفضت، قرر عاصم الأتحاد معه بأن نوح سيواجهه بما عرفه وكانوا
يراقبوه، حدثت مشاجرة بينه وبين إسماعيل أنتهت بأنه قتله بسكين صغير بعدما وصل لذروة غضبه، ولكن تم أنقاذه ولم يمت، أما رضا، بعدما ألقوا القبض على السائق أخبروه إذا ساعدهم سيخففوا الحكم عليه، ذهب السائق وأخبر إسماعيل بأن رضا هو من أبلغ الشرطة على أخر عملية، كان أنتقام إسماعيل من رضا أسوء ما يكون لأنه دهسه بسيارته، كانت حالته حرجة ولكن مازال حي، بالنسبة لسلاح الجريمة كان عليه بصمات فوزية، لأنها ليست بخبرة قاتل محترف لم تعرف أن بصماتها كانت عليه ولكن هم يعرفوا أنها لم تكن القاتل والفضل يعود لأعتراف سيد عندما أخبر عاصم وعمر بالجريمة كاملة، فلاش باك..
بعدما أنهي سيد شجار مع زوجته وطرد ابنته الوحيدة من المنزل ذهب لمكان إسماعيل عندما رأه قال بسخرية: معكش فلوس وجاي خرمان؟
قال سيد وهو يشعر بالملل ويتوسل له: أه هاتلي أي برشام عندك بدأ إسماعيل بمساومته: بلوشي كده؟ قال سيد وهو يبتلع ريقه: أنت عارف الدنيا مزنقة اليومين دول أنت بردك جوز بنتي
قال إسماعيل وظهر عليه الغضب: كنت، كنت جوز بنتك، ثم عادت ملامحه للطيبة المزيفة: بس أنت أبن حلال في حباية لسه ضاربها لسه جيالي جديد أنما اييه، حكاية، ودخلا في الكوخ وجلس على أريكة مهترئة وبالفعل أخذ تلك الحباية ولكن أكثر من واحدة، أحد ما يدق الباب أستاذن إسماعيل وفتح وجدها سماح وابنته قال بتململ: خير
قالت سماح بضجر: أنت اللي عايزني، خير أنت مش خلصنا من شرك؟
نظر لها بملل ثم نزل لمستوى ابنته وأعطاها مفتاح سيارته وقال بهدوء: منة حبيبتي روحي أقعدي في العربية، وبالفعل ذهبت الفتاة، ظلا الزوجين، بدأ الموضوع بمشاجرة عادية حتى وصل لذروته عندما قالت له بغل: هتجوز نوح على الأقل راجل مش زيك راميني أنا وعيالي وبتدي ابويا هباب يشربه، هنا أشعلت هي الفتيل لأنفجار القنبلة بدأ بضربها وهو يقول: أنا راجل غصب عنك يابنت الكلب، وسقطت سماح في وسط لكماته على صخرة موجودة في الأرض وبدأ الدم يسيل، ظل يكسر كل ما في طريقه وقرر أن يحملها وهنا كان قد فقد سيد وعيه، نظر له عاصم بعدما قص عليه كل ماعرفوه وقال إسماعيل بحزن حقيقي واضح: وأمي؟
أخبرته ليلى تلك المرة: عايشة هي اللي أعترفت بأنها كانت عارفة أنك قتلت بنتك ومراتك ودا بأجبار منك أنها تسكت، نظر له عاصم وأقترب منه وقال: دلوقتي فاضل الجزء بتاعك، احكيلنا قتلتها أزاي وليه هي وبنتك، تنهد إسماعيل وقال وكأن لا يوجد سبيل أخر: هحكي.
بعدما قرر أن يحملها، أدخلها غرفة غريبة موجودة في ذلك الكشك أو الكوخ الذي يمكث به و وضعها على منضدة غريبة وبدأ بتجريد ملابسها وبدأ بتقطيعها، كان يشعر بخروج أجزاء منه
وهو يقطعها، لا ليس التلذذ، ولكن كأن هناك جزء مكبوت كان به يتحرر، وظل هكذا لمدة ثلاثة ساعات، وعندما أنهى تقطيع وضعها في أكياس سوداء وقرر أن يرميها ويوزعها في مناطق مختلفة، عندما خرج ليضع الأكياس في السيارة وجد منة ابنته في يدها قطعه من المخدرات من المؤكد أنها وجدتها وظنت أنها شوكولاتة، كان هناك بها نبض ولكنه قرر أن ينهي حياتها وخنقها ليتأكد من أنها ماتت، بعد قليل عن المكان الذي يمكث به ورماها، وبدأ بتوزيع الأكياس، ثم تنهد وقال وهو يشعر باليأس: بس سعادتك دا اللي حصل، سأله عاصم: وقتلتهم ليه؟
قال إسماعيل بعدما تنهد: مكنش قصدي أقتلها هي اللي ماتت وأضطريت أتعامل، ولكن قاطعه عاصم وقال في تهكم: دا بردو نفس مبررك لقتلك لسعيد؟
قال إسماعيل بوضوح: لا أنا قتلت سعيد علشان أنتقم منه، وقتلت منة ليه؟
كان صدر هذا السؤال من ليلى، أجابها بنفس الوضوح: علشان أضطريت، لو فضلت عايشة كانت هتقول كل حاجة، بعد الأعتراف من إسماعيل الكامل بأنه من فعل ذلك وبالشهود والأدلة الموجودة وتقرير التحليل النفسي له تم الحكم عليه بالأعدام.
بعد الأنتهاء من هذا اليوم العصيب قرر عاصم وليلى وعمر ومصطفى الذهاب لطه للأحتفال، أخيرا وبعد أربعة أشهر تم القبض على الجاني، كانوا جميعهم في سيارة عاصم، قال مصطفى بفخر: لولا ليلى وفكرتها مكناش هنقدر نوصل بسرعة كده
قال عاصم وهو ينظر له هو و ليلى في المرآة ويعيد نظره للطريق: مش للدرجة دي يعني
قال عمر بمزاحه المعتاد: معلش أسمحلي أقولك فكرة أننا نلعب على إسماعيل بأن سماح عايشة دي كانت جامدة، كأن معانا رأفت الهجان
قال عاصم لعمر وهو يهدئ السرعة: طب أنزل هنا يابتاع رأفت، قال عمر وهو يضحك: خلاص خلاص انت اللي حليت القضية كلها ولا تزعل نفسك، كانا قد وصلوا لمنزل طه وصعدوا للمنزل، دخل عاصم ونادى على طه وكانوا يبحثون عنه، ولكن كما نعرف، السعادة لا تدوم دوما، ولا تنتهي القصص كما نريد.
نهاية الفصل الرابع
يتبع..

من منظور مختلف.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن