الفصل الخامس: معاد الفسحة. الجزء الثاني.

10 2 0
                                    

بعد قليل..
في غرقة أستاذ صلاح كانت تجلس ليلى على أحر من الجمر لتطمئن على الطفل كانت تسمعه يقول بنبرات متنوعة بين مفاجأة، حزن، ضيق، اسف: لا حول ولا قوة إلا بالله، تعازي ليك يا أستاذ محمد، ثم أغلق الخط ونظر لها بأسى وقال بحزن: للأسف مات..
حزنت ليلى فهو كان طفل فكرت بأن تقترح على عائلته تشريح الجثة ولكنها نفضت تلك الفكرة لعلمها بأنهم سوف يرفضون رفض قاطع، بعد أنتهاء هذا اليوم الحزين بالنسبة ل ليلى، ذهبت للمعمل لتحلل تلك الكيك التي أعطتهولها الأستاذة نوال، وقررت غدا بأنها ستأخذ من تلك الحلوى " البونبوني" التي توزعه أسماء على الطلبة من الممكن أن يكون به السم، طعام الكافيتريا؟ بالطبع قومنا بتحليله ولكنه كان سليم لا يشبه شائبة، قررت أنتظار نتيجة التحليل حتى تظهر في مكتب شارلوك هولمز، دقت الباب صوت من الداخل يأذن الدخول، دخلت وهي عابسة الوجه، كان يترأس المكتب وفي يديه ورق غالبا ورق التحقيقات، جلست على الأريكة المقابلة للمكتب، نظر له من فوق الورق ولوجهها ثم قال بصوت أجش: مالك؟
أجابت وهي تنظر للحائط: مفيش.
ترك الورق وأعتدل على الكرسي وقال بمزاح وقح: ليلى أنتِ صدقتي أننا مخطوبين بجد ولا ايه؟
قالت بغضب لأول مرة وصوت عالي: قولت مفيش، وخلاص مش علشان مرة أضطريت أتصرف هتقعد تذلني
وجد أن حالتها لا تسمح للمزاح فقال ببروده: أول حاجة متعليش صوت تاني حاجة أنا بهزر تالـ..
قالت بأنفجار: في طفل تاني مات، أرتاحت؟
نظر لها بفهم وقال بأقصى درجات الهدوء وليس البرود: قضاء ربنا ياليلى، أنتِ موجودة هناك علشان تجيبي حقهم فمتلو..
قاطعته وقالت بنفس المرة وبدأ تجمع دموع في عينيها: لا أنا كنت أقدر أنقذه، أكثف الموضوع
أردف بعدما أنهت وقال بعقلانية: ما أنتِ كده هتكوني مريبة هتروحي تقوليلهم يلا ياجماعة اللي معاه أي أكل أو شرب يدهوني علشان أعرف مين فيكوا القاتل؟
هزت رأسها نافية فأكمل: يبقي نعقل كده ونهدي، أنا مش متعود عليكي كده، ثم بدأ بتحفيزها: فين ليلى اللي بتجيب التايهة؟ دا أنتِ اللي حليتي قضية سارة الشامي، ضحكت على طريقته تلك فهي لأول مرة تراه هكذا فبدأت بسؤاله بفضول: قولي صح ايه القضية اللي شغال عليها
نظر لها بحاجب مرفوع وقال بجد: أنتِ خدتي عليا أوي، عموما قضية سهلة، نظرت له بمعني حقا؟ فقالت بتلك النظرة: يعني مش هتيجي تحكيلي وتقولي حاسس في حاجة ناقصة
أشار على نفسه بأنكار وقال: أنا؟، لا.
الباب يدق، أذن عاصم لمن على الباب بالدخول، كان عمر ومعه تقريرين، الأول تشريح الجثة والثاني تحليل الكيك والذي كان سليم لا شيء به، أما الجثة: الجثة زي ماتوقعنا ميتة من أسبوع ويومين بسبب النزيف بس في حاجة لاقاها الفريق في تابلوه العربية وهي مسدس ومكنش عليه بصمات، سأل عاصم بتؤدة: دي عربية المجني عليه صح؟
اومأ عمر فقال عاصم بتذكر: هات سجل مكالماته من شركة الأتصالات بما أننا مش لاقيين موبايله، سألت ليلة بفضول: دي جريمة سرقة؟
أجابها عاصم بتهكم: سرقة أزاي يعني هيسرقوا الموبايل ومش هيسرقوا العربية ماتعقلي الكلام يا ليلى
قال عمر بتفكير بناء على كلام ليلى: مايمكن كان في حاجة في العربية أهم، مستندات، لابتوب
قال عاصم وهو يحاول تماك أعصابه: الراجل طلع كان شغال مترجم افلام مستندات ايه اللي تتسرق، فيلم لسه منزلش السينما؟
قال عمر بتعجب: طب ليه العربية كانت جوا جراج البيت بتاع صاحبه؟
قال عاصم وهو يلف بالكرسي ويقرأ التحقيقات مرة أخرى: ماهو دا اللي هيجنني، مجيد قال أن كريم كان معاه نسخة من المفتاح لو أفترضنا أنه كان هناك في البيت ماشي معقولة، بس مفيش دليل في البيت يدل على أن حد دخل من شهرين على الأقل
فقالت ليلى وهي تحاول ربط الأحداث: مش يمكنا صاحبه دا قتله ودخله البيت
نظر لها عاصم نظرة لو كانت تقتل لأصبحت شبكة تصلح لصيد الأسماك وقال: أسكتي.
حركت يدها على فمها كأنها تغلقه، تنهد عمر وقال: خلاص نشوف زي ماقولت سجل مكالماته يمكن نوصل لحاجة.
اليوم التالي..
قررت ليلى أن تأخذ حلوى التي توزعها أسماء على الطلبة ذهبت ليلى ببرود وقالت متصنعة اللطف: أسماء ماتديني بونبوني من اللي بتديه للأطفال شكله حلو
قالت أسماء ببرود وأبتسامة صفراء: أنا ممكن أقولك اسمه تشتريه
ردت ليلى ببرود مماثل وأبتسامة صفراء: ما أنتِ معاكي كتير مجتش على واحدة
_ معلش يا ليلى معايا على قدهم بس.
ورحلت أسماء وأخذت حقيبة الحلوى معها، إذن هناك مشتبه به، قررت عندما تترك حقيبتها ستأخذ بعض من تلك الحلوى عنوة وتحللها لترى مابها..
عند عاصم..
كان قد وصل له صباح اليوم على المكتب سجل كاميرات المراقبة و وجد سيارة مجيد أتت في ذات اليوم الذي قُتل فيه ولكن لم يكن بها مجيد بل مرام!، لم يفهم وقال ربما أتت لتأخذ شيء ما بالمنزل أو كانت تحضر مفاجأة ولكنها لم تذكر ذلك في التحقيقات وأتى بتحقيقه مع مرام وبدأ بمراجعته..
فلاش باك..
_ ايه علاقتك بالمجني عليه؟
أجابت بنبرة عادية وهي تنظر على الأرض: عادي صاحب جوزي مكنش في بينا تعامل كتير
_ كنتي فين يوم الجريمة؟
أجابت بنفس النبرة: هكون فين يعني في البيت أنا كده كده مش بشتغل
أعاد السؤال مرة أخرى بطريقة مختلفة: يعني مروحتيش في حتة اليوم دا؟، هزت رأسها نافية وأكدت على ذلك، عودة للحاضر..
إذن أنها كاذبة، تبا لهن تلك النساء اللتن يكذبن دون سبب، أمسك سجل المكالمات وتأكد من المكالمات مجيد، رقم أجنبي غالبا هي أخته، مجيد، مجيد، أسامة، غالبا هذا مديره لأنه بجواره رمز لشخص يرتدي حلة، وأخر مكالمة من عماد! من هذا الرقم من المؤكد تلك زوجة مجيد ولكنه يسجلها باسم رجل، ولكن لماذا؟ أكان هناك علاقة بينهم، قرر إعادة التحقيق مع مجيد، أنتظره حتى أتى، جاء مجيد، كان من الواضح أنه حزين على صديقه، أعتقد أنه خسر بعض من وزنه، لحيته نمت بشكل أكثر، أين أنتِ يا ليلى لتحللي كل هذا.
_ أستاذ مجيد أيه علاقة كريم بمرام مرات حضرتك؟
نظرة تعجب وأستغراب تعلو وجهه وغالبا لم يفهم السؤال فقال: معلش يعني ايه؟
أعاد عاصم السؤال بهدوء وهو يفرجه على كاميرات المراقبة: يعني يوم ما مات كريم مرام مرات حضرتك كانت موجودة، بالفعل هذه مرام وهذه سيارتي في ذلك اليوم أخبرتني أنها ستذب لتتبضع ولأن سيارتها في التوكيل أخذت سيارتي، أراه عاصم سجل المكالمات وسأله على رقم عماد: هو دا رقم مراتك؟
أجاب مجيد وهو يهز رأسه في صدمة: ايوة، ثم سأله هو يحاول الفهم وتمالك أعصابه: دا هنعرفه لما مدام مرام تيجي.
عند ليلى..
كان عندها ميعاد حصة، تبا زجاجة المياه فرغت، ذهبت لتملئها من هذا المبرد، وبدأت بشرب المياه، ذهبت على مكتب أسماء قبل ذهابها لحصتها وأخرجت بعض قطع الحلوى تلك و وضعتها في حقيبتها، ورحلت وكأن شيء لم يكن عندما دخلت غرفة الموسيقى وجدت جايدا تلك الطفلة التي تدرس لها أتت إليها بصندوق ما وقالت بلطف أطفال: أتفضلي ياميس عملتلك كوكيز بالشوكولاتة، شكرتها ليلى وسألتها بهدوء: بس ليه تعبتي نفسك وجبتيهالي، أجابت الطفلة ببراءة: علشان ميحصلكيش حاجة، أنا على طول بشوفك بتشتري كوكيز من الكافيتريا، شكرتها ليلى مرة أخرة وبدأوا الحصة، كانت أخر حصة باليوم، وغدا الجمعة، أخيرا يوم أجازة، ولكن في البداية نذهب لنحلل الحلى والكوكيز تلك، بالتأكيد هي تثق بالطفلة ولكن الحذر مطلوب في تلك المدرسة، ذهبت بالفعل للمعمل وأعطتهم ما معها وأخبروها أن النتيجة ستظهر غدا، قررت اليوم أن تذهب لمنزلها الحبيب فهي أشتاقت له، عندما دخلت كنا في وقت العصر وجدت والدتها موجودة على غير العادة فقالت ليلى بهدوء: مساء الخير
أجابت فريدة وهي تنظر لها: مساء النور أنتِ كويسة جاية بدري ليه؟
قالت ليلى مازحة: المفروض أنا اسألك أنتِ ليه جاية بدري
أجابت فريدة بهدوء: عادي أنا بقالي فترة باجي بدري، قلقت ليلى وسألتها: ليه أنتِ كويسة؟
نظرت لها فريدة و وجدت أنها حقا تشعر بالقلق لأجلها فقالت لتطمئنها: أه ياحبيبتي مفيش حاجة احنا بس قربنا على اخر الترم الأول فخلاص محدش بقي يجي والمحاضرات قليلة
قالت بعدما تنهدت: ياشيخة خضتيني عليكي، ضحكت فريدة لأول مرة منذ مدة وظلا يدردشان قليلا ويتحدثا عن ما حدث مؤخرا.
عند عاصم..
بعدما أستدعى مرام بدأ بطلب منها طلب تعلمه من ليلى، فلاش باك..
في وقت جريمة سماح السيد..
_ يعني أنت مبتعرفش تحلل الناس قولتلي
قالتها بصوت عالي فرد عليها: خلاص بقي فضحتيني أه مبعرفش أحلل الناس دي شغلتك
_ بس لازم يكون عندك خبرة
قال بمصارحتها وهو يحك رأسه: بصي هي مرة تظبط وعشرة تفلت
فكرت قليلا وقالت بهدوء: طب بص هساعدك علشان صعبت عليا
نظر لها نظرة أشمئزاز وقال: لا ياستي م عايز منك حاجة
أخبرته وهي تضحك: خلاص هقولك بجد، نظر لها بمعني أخبريني قالت بهدوء: لما تلاقي حد كداب وأنت متأكد من أنه كداب قوله أحكيلي من الأخر للأول
تصنع الغباء وقال: يعني ايه
نظرت له ببرود وقالت: لا أنت فاهم يعني ايه متعملهمش عليا الشويتين دول
ضحك عاصم وتمتم بصوت خفيض: بقيتي صعبة يا ليلى.
عودة للحاضر..
قال وهو مبتسمة أبتسامة نصر: أحكيلي اللي حصل يوم الجريمة من الأخر للأول.
نظرت له بعدم فهم وقالت: يعني ايه
نظر لها وكأنه شيء معروف عند البشر وقال: يعني تحكي اللي حصل يوم ما كريم مات أنتِ صحيتي عملتي ايه لحد مانمتي بس بالمعكوس
توترت من هذا السؤال وظهر عليها وقالت وهي تعد على أصابع يدها تحت الطاولة: نمت ااا وقبلها كلت.. كنت بسخن الأكل لمجيد، روحت لجارتي، نزلت أشتريت حاج..
_بس أنتِ مقولتيش إنك نزلتي في التحقيق
نظرت له بتوتر واضح ولم ترد فسألها هو بغتة وبنبرة جد: أيه علاقتك بكريم؟
أجابت وهي تنظر على الأرض: أنا معرفش أنت عايو توصل لأيه؟
قال لها بسرعة وبنبرة باردة وعلى وجهه تلك الأبتسامة الساخرة: هقولك أنا عايز أوصل لأيه، أنتِ قتلتي كريم، ايه مبررك دا اللي عايز أسمعه منك، ومتثبت عليكي أكثر من دليل فالأنكار مش هيفيدك، خبط يده على الطاولة وقال بصوت عالي: يبقي تتكلمي وتقولي ليه قتلتي كريم؟
أجابت وهي مغمضة عينيها وبأعلى صوت: علشان كان هيسافر يتجوز.
نظر لها عاصم بعدم فهم وقالت هي وبدأت في ابكاء: علشان كان هيسافر عند أخته، كانت جيباله عروسة، كان هيمشي، سألها عاصم بتعجب: ودا يهمك في ايه؟
_ علشان كنت بحبه، بحبه من قبل ما أقابل مجيد، هو كان زميلي في الشغل، وكان كلامه قليل، جه مجيد في يوم ليه الشغل وشافني أعجب بيا وأنا قلت فرصة على الأقل بيحبني، كريم كان عارف أني بحبه ومع ذلك معبرنيش ولا أداني أهتمام
قالت كل هذا وهي تبكي، تبا لدموع التماسيح تلك أنا أكرهها، سألها ويعلو على وجهه تلك الأبتسامة الساخرة التي دوما كان يكرهها طه: وقتلتيه أزاي؟
أجابت وهي تنظر له وبدأت بقص الحكاية: أتصلت بيه قولتله إني عايزة أقابله في بيتنا اللي على الطريق الزراعي هو معاه المفتاح، لما مجيد رجع قولتله هنزل أجيب حاجات، روحت البيت وقابلته..
فلاش باك..
قال كريم بتأفف: خير عايزة ايه يامرام، على فكرة كده مينفعش، قالت وهي تنظر له وتنتظر أجابة: أنت فعلا هتسافر ياكريم؟
نظر كريم بتململ وقال: يووه مش هنخلص بقي، ايوه ياستي هسافر وهتجوز فيها حاجة؟
قالت وهي تشير على نفسها وتبكي: بس أنا بحبك ياكريم.
قال هو بغضب: أنا مش بحبك، أنتِ مرات صاحبي مش هينفع أنتِ بتفهمي؟
ظلت تبكي، نظر حوله وبدأ بتمتمت أشياء لم تفهمها وقال وهو يحاول تمالك أعصابه: مرام أنتِ ست جمية ومعاكي راجل مش هتلاقي زيه مهما دورتي يبقي ليه تبصي تحت رجلك يابنت الناس؟
ثم أعطاها ظهره وذهب لشرب الماء، فتلك اللحظة قررت بالأنتقام، كان هناك تمثال ثقيل على رخامة قرب المدفئة، ذهبت وجلبته وهشمت رأسه به وقالت: يبقي مش هتبقي لحد تاني ياكريم، أدخلت السيارة المرآب وفتحت الشنطة أدخلته وتركته بداخلها ومسحت بصماتها وأخذت سلاح الجريمة رمته على إحدى الطرق في طريقة عودتها.
_ خدها يابني وديها الحبس، هتفضلي مشرفانا لحد ما النيابة تيجي.
بعدما خرجت، خرج من عاصم تنهيدة طويلة، تذكر فيها مها، تبا لهن تلك النساء الكاذبات، ثم تذكر تلك التي ترتدي قلادة الفراشة وهي تشبها كما أخبرتها صديقتها، أيعقل أنها لم تكذب عليه ولا مرة، أيعقل أنها كما هي كما قابلها من تلك المرة الأولى؟ أهي ملاك؟ قرر الأتصال بها للأطمئنان عليها وهو في طريقه للمكتب قابل عمر قال بسعادة ومزاح كعادته: نقول مبروك؟
رد بثقة: عيب عليك من أمتى قضية بتبقي مع عاصم طه الرشيدي وخسرانة؟
قال عمر بأستفستار: أنا بس عندي سؤال، هز عاصم رأسه بمعني تفضل فقال: أبوك الله يرحمه كان بيفكر في ايه وهو بيسميك عاصم، يعني أسم مش سينمائي خالص، وأشار على الهواء كأنه يحدد شيء ما: يعني عاصم طه، دا لو عايز يعقدك مش هيعمل كده، لو كانت النظرات تقتل لأصبح عمر نسيًا منسيًا منذ زمن، فقال عمر وهو يشعر بالقلق من نظرته، أبتلع ريقه وقال: ايه!
ربت عاصم بقوة على كتفه وقال: روح.
_تمام سعادتك، ورحل وتركه، دخل عاصم المكتب وهاتف ليلى..
كانت في غرفتها تجلس وتقرأ كتاب أبي الذي أكره، وتحاول أن تطبق أي حالة من تلك التي يمر بها عاصم مع والدته، ووجدته يرن، أهو يراقبها، أجابت بوقاحة فهذا أصبح ردها على مكالمتها: ايه؟
قاله بتعجب: ايه؟، يابنتي بنقول الو، أيوه يافلان، عامل ايه، مش اييه
ضحكت وقالت له: معرفش بقيت بقول ايه كتير
_ما علينا عاملة ايه؟
تنهدت وقالت: كويسة وأنت؟
_ خلصت القضية.
قالت بنبرة عادية: طب ما دا العادي أنت من أمتى في قضية بتقف معاك؟
ضحك قليلا وقال: اه صح من أمتى فعلا في قضية بتقف معايا، أنتِ عاملة ايه في المدرسة بكرة أجازة أكيد زمانك مبسوطة.
قالت بنبرة تدل على الراحة مش قادرة أقولك سعيدة جدا، طب يارب دايما، ثم بدا على نبرته التردد في قول شيء فسألته هي: في حاجة عايز تقولها؟
_تعالي نتقابل بكره، عايز أتكلم معاكي.
_طب ما أحنا بنتكلم.
تنهد وقال: مبحبش المكالمات أنتِ عارفة بكره التليفون قد ايه
_خلاص بكره في نفس المكان؟
أبتسم وأكد على كلامها: بكره في نفس المكان.
اليوم التالي..
في مكان عاصم المفضل في وسط المدينة كان ينتظرها، كان متوتر، تسألون لما؟ ستعرفون عندما تصل، ها قد أتت، كانت ترتدي فستان وردي لأول مرة يلاحظ ملابسها ولكن الوردي يليق بها أتت وجلست أمامه كان منبهر فقالت هي والأبتسامة تعلو وجهها: ايه؟
_شكلك حلو النهاردة.
قالت هي بثقة: طول عمري على فكرة.
أجابها هو بصراحة: لا فعلا شكلك حلو النهاردة، شكرته وكالعادة طلب هو على زوقه، وبعدما تجاذابا أطراف الحديث وأكلا قرر مصارحتها: ليلى..
نظرت له نظرة ذات معني فقال وبعدما تنفس: أنا أسف.
فقالت له بتعجب: على ايه!
أجاب وهو حقا يشعر بالندم: على طريقتي السخيفة معاكي في الأول أنتِ مكنتيش تستحقيها، ثم تنهد مرة أخرى وقال: أنا بس يعني.. زي ماكنت قولتلك مبحبش أتعامل مع الستات، ودا بسبب..
كان يحاول أخراج الكلمات ولكنها كانت تخرج بصعوبة وكأن عقله يأبي مطاوعته فهي أنثي يا ابن طه ماذا تفعل؟، بسبب والدتي، ثم بدأ بسرد ملخص القصة: هي سابتني أنا وأبويا وأنا صغير، وراحت أتجوزت حد تاني وأنا مبقتش قادر ولا عايز أتعامل مع صنف الستات لأن كان بالنسبالي مصدر الأمان أتخنت منه، وبس.
تنهد كأنه كان بسباق، نظر لها بعدما تنهد وجدها صامتة، لا إيماءات، تنظر له بهدوء، لا توجد نظرة شفقة وقالت فجأة بسعادة: عارف في بنت من الكلاس أدتني كوكيز عملاها مخصوص في البيت قالتلي علشان ميحصلكيش حاجة ياميس، أتبسطت أوي بجد
نظر لها بعدم فهم فقالت بهدوء: أنا مقدرة إنك حكيت وأنك واثق فيا للدرجة بس صوابعك مش زي بعضها ياعاصم، ثم قالت بغتة: هاا هنحلي ولا هتخليني أروح من غير حلو؟
ضحك عليها وقال بهدوء: هنحلي، ثم سألها: تشيز كيك ؟
أكدت على كلامه وقالت: تشيز كيك.
كان هذا ما قصه على عماد فقال بسعادة من تقدم حالة عاصم: طب دي حاجة كويسة أنت أبتديت تتقدم، قال عاصم بقلق: يارب متخذلنيش بس، فأجابه بهدوء فهو يعالج عاصم منذ حوالي خمس سنوات وهو متفهمه تماما: زي ماقالتلك ياعاصم صوابعك مش زي بعضها، مش معني أن في ست وحشة يبقي كلهم وحشين، ودا اللي بحاول أقنعك بيه من سنين بس البركة في قهوتها بقي وختم كلامه بضحكة.
يوم الأحد..
الأمس كانت أم وائل متغيبة عندام سألت عرفت أن هذه ذكرى وفاة ابنها صاحب الثانية عشر عام، هو ميت منذ عامين، والمدرسة يعطوها هذا اليوم أجازة مراعاة لظروف وفاته، ذهبت لأملء زجاجتي وجدتها تجلس بجوار المبرد، شاردة بالتأكيد هي حزينة، ذهبت وسلمت عليها وقلت: أخبارك ايه يا ام وائل؟
أجابت هي بحزن: في نعمة الحمدلله، ثم سألتني وهي تشير للزجاجة: ايه دا أنتِ بقيتي تملي أزازتك من هنا؟
هززت رأسي بمعني نعم فقالت لي بهدوء: مايتنا هنا أحلى مايه، ضحكن وأبتسمت في مجاملة ثم سألتها: أنا أسفة على السؤال بس ابنك مات أزاي؟
توترت قليلا وقالت: كل أكل من الشارع كان بايظ ملحقناش نعمله غسيل معدة مات.
شعرت بالأسف تجاهها فقلت بأستفسار: أنتِ معندكيش غيره؟
هزت رأسها بـ لا وأردفت: أبوه مات بعد ماجبته بسنتين وأنا مكنش حيلتي غيره يلا الحمدلله.
قلت وأنا أربت على كتفها: لعله خير يا أم وائل ربنا يجعله في ميزان حسناتك.
أنتهى يومي، ذهبت للمنزل أشعر بالقليل من المغص، اليوم تناولت الكثير من الطعاك فاليوم أتفقنا أنا والمعلمين بأن كل شخص يجلب شيء ونفعل كما كنا نعمل ونحن صغار " الغديوة" كنت أنا بالطبع صاحبة القهوة، والأستاذة نوال بالساندوتشات، أسماء بالحلو، أستاذ معتز المخبوزات، نورهان التسالي، الأستاذ سعيد البقسماط والشاي واللبن، أخيرا وليس أخرا الأستاذ صبحي قرر بأن يجلب موقد كيروسين " البابور" لأقوم بالقهوة عليه لأن طعمها يكون أفضل، حسنا ممكن من كثرة الأكل أشعر بالمغص، سأخذ مسكن وسأكون بخير..
بعد ساعتين..
الألم يزداد، أتت والدتي وجدتني أتعرق واتألم فقالت بقلق ظاهر: مالك يا ليلى
أخبرتها وأنا أتلوى من الألم: بطني مش قادرة، طلبت لي الأسعاف، ذهبت للمستشفى، كان والدي في رحلة عمل، آتى الأستاذ مصطفى بعدما أتصل بي وردت والدتي عليه وبالطبع آتى برفقة عاصم، لم أحادث منذ ذلك اليوم الذي صارحني فيه بمشكلته مع والدته، كانوا الأطباء يقوموا بواجبهم على أكمل وجه أخذوا عينة دم وبدأوا بتحليلها وأعطوني مسكن قوي وبعد ظهور النتيجة وضعوا لي مصل، آتى الطبيب المسؤول عن حالتي وقال برسمية: حمدلله على سلامتك يا أنسة ليلى، رد عاصم بدلا مني وقال بقلق: الله يسلمك خير يادكتور؟
_ حالة تسمم الحمدلله أننا حقناها لو كنا أتأخرنا ساعة واحدة، بس يلا الحمدلله قدر ولطف، هكتبلك على خروج بكره عموما وياريت متأكليش من الشارع تاني.
قال مصطفى بهدوء وهو يشكر الطبيب: شكرا يادكتور.
رحل الطبيب وخرجت والدتي لتطمئن والدي عليّ، نظر لي عاصم وقرب كرسي للسرير وقال: كلتي ايه يا ليلى؟
شعرت بالقلق من نبرته تلك فقصصت عليه ماحدث: بس كلنا أكلنا من الأكل ومحصلش حاجة.
قال مصطفى بتفكير: طب ايه ممكن تكوني كلتيه أو شربتيه من فترة من المدرسة دي.
حقا لا أتذكر، كل شيء أجلبه معي من الخارج حتى لا أضطر لأخذ شيء من داخل المدرسة أي شيء عرض عليّ قومنا بتحليله إذن ما.. لحظة، المياه التي في المبرد تلك الشيء الوحيد الذي أشربه من تلك المدرسة، ولكن أيعقل أن يكون السم في مبرد المياه؟، أخبرتهم بما أفكر فيه وأخذ عاصم زجاجتي وذهب ليحللها، ستظهر النتيجة بكرة في ميعاد خروجي أعتقد هذا جيد.
اليوم التالي..
آتى عاصم وكانت والدة ليلى موجودة فقال برسمية: السم كان في المايه فعلا، الحمدلله أننا لحقناكي
فسألت بفضول: بس مين يحط سم في المايه؟
_ دي إجابة السؤال اللي عايز أعرفها منك.
تعجبت ليلى وقالت بهدوء: هما أتنين مسؤليين عن المايه، أم وائل، وأم شروق بس أنا مبشوفهاش خالص، دايما أم وائل هي اللي بتملي المايه، ظل يفكر ونهض فجأة من على الكرسي وقال: تمام عن إذنكوا.
قالت فريدة وهي تشير على الباب: صعب عاصم فعلا زي ما أنتِ قولتي
_ دا بقي كيوت، دا أحنا كنا فين.
في المدرسة..
كان عاصم أخذ إذن بالقبض على الجاني ذهب للمدرسة ولكنه لم يجدها، ذهب لمنزلها والذي كان في منطقة شعبية في الغياهب صعد وخبط على الباب بطريقته العنيفة فتحت تلك السيدة التي لم ينس وجهها وقال لأفرد الأمن خدوها، ظلت تولول وتصيح: ليه بس ياباشا أنا عملت ايه، ياباشا في ايه؟، قاموا بتفتيش منزلها و وجدوا السم وألعاب طفلها التي كانت موجودة في كل مكان وصوره المعلقة على كل حائط، كانت خرجت ليلى وذهبت لمكتب عاصم رغم رفض والدتها ولكنها أقتنعت بسبب مصطفى وبالفعل أصطحبها مصطفى وذهبا ليراقبا الجاني في غرفة التحقيق..
وضع عاصم على الطاولة أمام أم وائل ملابس طفلها والسم والذي كان حبة الغلة وهي شيء يستعمل كمبيد حشري يحتوي على مركبات فوسفيد الألمونيوم وهي تباع في الأرياف، قال لها بتهكم: مش عارف ابدأ منين حقيقي، تنهد وقال بتساؤل حقيقي: ليه؟
أجابت هي وهي تبكي بغل وحقد: علشان بسببكوا ابني مات.
نظر لها بتعجب لم يفهم فتسآل: بسببنا؟، مين نا؟
_ البلد، بتدخلوا مايه عند ناس والناس الغلابة اللي زينا تسيبونا عادي بمايه معفنة وانتوا عارفين أننا معناش فلوس نجيب مايه معدنية فنموت.
قالتها بأكثر نبرة حقد يمكن أن يكون سمعها فقال بتهكم: وانتِ بقي قررتي تنتقمي لابنك عن طريق تسميم كل الأطفال؟ هل دا حل؟ هل بردت نارك؟
_لا لسه، ومش هتبرد أبدا.
تم الحكم على نعمة الله رجب " أم وائل" بالأعدام لقتلها لأكثر من عشر أطفال، مرام تم الحكم عليه بالمؤبد في جريمة قتل كريم الوكيل.
بعد الحكم وأغلاق القضية تقابل عاصم وليلى في مكان من أختيارها تلك المرة، قال وهو يجلس: مبروك تاني قضية ليكي لوحدك، أبتسمت أبتسامة تصل لعينيها وقالت: ومبروك ليك كالعادة أي قضية بتجيبها في شوال.
أقترب للطاولة قليلا وقال: المدرسة أتقفلت، تعجبت وقالت: ليه؟
أجابها بهدوء: علشان المايه طلعت كلها ملوثة، فلازم يتعمل تطهير لمجري كله، تنهدت وقالت بهدوء: لعله خير.
نظر لها وللمنظر الذي أمامهما وكان منظر طبيعي في وقت الغروب الشمس كانت تعطي ضوء خلاب مع الطبيعة قال: تفتكري مستخبيلنا ايه في اللي جاي، نظرت له نظرة ذات معني فقال هو تلك المرة: لعله خير.
نهاية الفصل الخامس..
يتبع..

من منظور مختلف.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن