Bart 5

3.6K 123 33
                                    

مرافعة ممثل دفاع المتهم " المحامي وسيم محسن الجبالي "

ما أن صعد وسيم على منصة الدفاع حتى قال يستأذن القاضي:

لدى موكلي بعض التفاصيل التي يرغب في اطلاعكم عليها بنفسه. سمح القاضي لهاشم بالحديث، فنهض هاشم من مكانه بينما الناس وكاميرات البث تترقب حديثه

- لقد قبضت على ذلك الرجل - قال معترفا - ولكنني لم أقتله.

هنا رفعت المحامية ( كارمن) يدها وهي تقول:

- اعترض !!

كان القاضي يُدرك جيدًا سبب اعتراضها فطلب منها أن تخفض يدها ثم قال يوجه هذه الملاحظة إلى هاشم: إن كلمة (القبض) كما تعلم تستخدم في المهمات الرسمية فقط؛ فهل تلقيت أمرًا رسميًا بالقبض على ذلك الرجل ؟

لا ؛ لم أتلق أمرًا من أحد.

إذا ما قمت به يُسمى اختطاف، وليس إلقاء قبض.

حرك هاشم رأسه موافقًا؛ فطالما أنه لم يتلق أمرًا رسميا، فإن القانون
سوف يعتبر ذلك اختطافا.

- ما هو الدافع الذي جعلك تقدم على عملية الخطف؟

كي أمنعه من أذية شخص آخر؛ فذلك الرجل كان يخطط لاغتيال زوجتي.

دبت الضجة في المحكمة بعد ذلك التصريح؛ مما اضطر القاضي لأن يستخدم صوت المطرقة عدة مرات ليعيد إلى القاعة هدوءها ثم يوجه إليه سؤاله:

وكيف عرفت أن ذلك الرجل كان ينوي اغتيال زوجتك ؟

لن يفصح عن الأرسس وقصة عودته بالزمن؛ ولكن هذه المرة ليس فقط لأجل المحافظة على سرية المهمة؛ بل لأنهم لن يصدقوا قصته تلك وسوف يعتبرونها كذبة سخيفة

- لا أستطيع التصريح في الوقت الراهن.

- هل لديك طلبات أو معلومات أخرى تود الإفصاح عنها؟

- نعم.. إنني أطلب من عد التكم السماح للضابطة راما وليد الناسي بالدخول إلى القاعة والاستماع لشهادتها في براءتي من جريمة القتل المنسوبة ضدي.

الشاهدة راما وليد الناسي " الحقيقة "

حالة من التوتر الشديد والقلق بانت على وجوه المحامين ذوي المعاطف السوداء

وهم ينظرون إلى الشاهدة وهي تدخل من باب القاعة وتتجه نحو منصة الشهادة فمهما كانت أدلتهم قوية إلا أن هنالك قاعدة أساسية في القضاء تقول: "الحدود تدرا بالشبهات" وهذا يعني أن تلك الشاهدة (راما) تستطيع أن تثير بكلامها شبهة تجعل القاضي يعدل عن حكم القصاص بحق هاشم.

رفع المحامي وسيم صوته مجلجلاً وهو يقول في قاعة المحكمة:

- قال أحد الحكماء ذات مرة: قُل الحق ولو على قطع عنقك؛ فعندما تضع لجاما في فمك وتصمت.. سيضع الناس سرجًا على ظهرك ويمتطونك كما يمتطون دوابهم.

وأضاف يتحدث وهو يُقدم شاهدته راما للجميع

- لقد أعطاني هاشم عنوانًا طلب مني الذهاب إليه.. قال بأنني سوف أجد هناك

دليل براءته.. وحين ذهبت إلى العنوان المكتوب وجدت هذه الإنسانة الطيبة...

وما إن شرحت لها الموقف كاملاً حتى أبدت استعدادها التام للحضور إلى المحكمة وقول الحقيقة التي رأتها بعينيها من أجل رفع

سيف الظلم عن عنق هذا المتهم البريء. صمت الجميع وحبست الأنفاس في انتظار سماع الحقيقة التي من شأنها أن تغير مسار القضية بأكملها، اتجهت الأنظار وكاميرات البث نحو راما التي كانت تقف

وراء منصة الشهود

القاضي وهو ينظر إليها

- ضعي يدك اليمنى على المصحف ورددي ورائي.

وضعت راما يدها اليمنى على المصحف وأخذت تُردّد وراء القاضي وهو يقول:

- أقسم بالله العظيم أن أقول الحق ، كل الحق ولا شيء غير الحق.

وبعد انتهائها من ترديد القسم، سألها القاضي قائلا:

- أخبرينا عما رأيته تلك الليلة يا راما.

قالت بصوت ثابت

لقد رأيت هاشم يقتل ذلك الرجل يا سيادة القاضي.

كما لو أن أحدًا أخذ سكينًا وطعن به قلبه هكذا أحس هاشم بعد أن استمع لتلك

الشهادة.

طغى على القاعة صمت مهيب كأن الناس بحاجة لبعض الوقت كي يصدقوا ما استمعوا إليه؛ فالشاهدة التي كان من المفترض أن تكون دليل براءة هاشم أصبحت هي نفسها دليل إدانته.

عاد المحامي وسيم محسن الجبالي يجلس مكانه في إشارة واضحة للهزيمة التي تلقاها؛ فلم يعد ثمة ما يُمكن أن يُقال بعد استماعه لتلك الشهادة.

**

تأخذ القضايا الجنائية - لا سيما قضايا القتل شهورًا في قاعات المحكمة ريثما يصدر فيها القاضي حكمه.. ولكن بسبب الضغوطات الدولية حول هذه القضية بالذات؛ جاءت الأوامر العليا للبت فيها بأسرع وقت ممكن.

النطق بالحكم

**

وبعد النظر في الأدلة والبراهين التي قدمها معمل الأدلة الجنائية السعودي والاستماع إلى شهادة الشهود، وبعد انتهاء المداولة بين السادة القضاة...

قال القاضي رئيس الجلسة ناطقا بالحكم النهائي:

- لقد حكمنا على هاشم ابن عبد العزيز بالموت قصاصا بحد السيف.

ارسس الجزء الثاني حيث تعيش القصص. اكتشف الآن