الجزء الثاني ١

11.5K 202 21
                                    

إنها ليلة مقمرة، يختلط فيها ضوء القمر بظلام الصحراء، فيبدو المنظر من بعيد أشبه بلوحة كونية متقنة الصنع، وكانت الأنفاس - أنفاس تلك الليلة - تعبق برائحة الرمل والمطر والريحان مما يجعل منطقة نجد بأكملها تبدو وكأنها جَنَّة أرضية.

**

هناك بعيدا:

وداخل غرفة مغلقة الباب ومنارة بواسطة إضاءة خافتة، يفتح هاشم عينيه فجأةً ليجد نفسه مُمدَّدًا فوق سرير ما وثمة بعض الأسلاك تتصل بجسده.

جالت عيناه في الأرجاء قليلا قبل أن يكتشف المكان الذي وجد نفسه فيه:

" لماذا أنا في المشفى؟! "

مد يده اليمنى وقام بفصل الأسلاك عن جسده، وهم بالنهوض من مكانه غير أنه

لم يستطيع فعل ذلك فقد كانت هنالك مفاجأة لم يتوقعها:

" كانت يده الأخرى مُقيّدة بالأصفاد إلى السرير "

**

في تلك اللحظة يُفتح باب الغرفة؛ لتدخل الممرضة المسؤولة عن حالته الصحية

بعد أن استدعاها صوت الطنين الناجم عن فصله الأسلاك عن جسده

أين زوجتي بلقيس، ولماذا أنا هنا ؟!

وبالرغم من أنها كانت تعلم يقينا بأن الأصفاد الحديدية لن تسمح له بالحركة، إلا أن نظراته الحاقدة كانت كافية لإثارة الرعب بداخلها؛ فهمت بالمغادرة، لكنه

استوقفها:

- هذا التصرف لا يُعد من أخلاقيات مهنتك.

لقد نجح بسرعة بديهيته في تذكيرها بواجبها الأخلاقي كممارسة صحية. لقد عثر عليك رجال الشرطة مُمدَّدًا في منزلك بعد أن تعرض رأسك لضربة

شديدة من الخلف أفقدتك الوعي لمدة ثلاثة أيام.

- ولماذا لا أستطيع أن أتذكر الشيء الذي ضرب رأسي ؟!

- ربما لأنك تلقيت الضربة بطريقة مفاجئة.

- ولماذا أنا مقيد بالأصفاد ؟!

لم تُجب عليه الممرضة؛ مما دفعه لأن يستدرجها

- هل جرت العادة أن تقوموا بتقييد مرضاكم في هذا المشفى ؟!

لا، ولكن جرت العادة أن تفعل الشرطة ذلك مع من يخالف القانون.

وهو يقطب حاجبيه ما الذي تقصدينه ؟!

أجابته بكلمات غامضة قبل أن تستدير وتغادر الغرفة مبتعدة

- سوف تفهم كل شيء عندما يأتون بعد قلیل یا سید هاشم.

**

ظل هاشم يُحدّق إلى الباب - باب الغرفة - وهو يُغلق أمامه بهدوء، وجعل يحاول

أن يتذكر الأحداث الماضية عله بذلك أن يجد تفسيرًا منطقيا لما يحدث الآن...

وكان آخر ما يتذكره هو أنه قد عاد بالزمن تسع سنوات إلى الوراء - بعد عبوره
الأرسس - ليجد نفسه وقد استيقظ في الماضي.. تمامًا قبل يوم واحد من اليوم

ارسس الجزء الثاني حيث تعيش القصص. اكتشف الآن