الحلقة التاسعة

264 13 1
                                    

الحلقة التاسعة

نقلت نظراتها بينها وبين أيوب بهلع، ارتعشت شفايفها وهي بتقول_شوفتيني فين يعني
أكيد اتلغبطتي بيني وبين حد!
فضلت بصالها شوية بتتأملها بشك، حس أيوب بالخوف اللي ظهر عليها فاتأملها باستغراب، كانت بتحاول تتصنع البرود ولكن إيديها كانت بتترعش بخوف، ولكنه حاوطها بدراعه وقربها منه وهو بيقول بابتسامة_ما أكيد شوفتيها يا مدام، صورنا كانت مالية السوشيال ميديا برضه!
رفعت السيدة كتفها بقلة حيلة وهي بتقول_جايز ليه لأ
ولكن أنا متأكدة إني شوفتها في مكان قبل كده، وأكيد أول ما افتكر هقولك
نهت جملتها بابتسامة هادية، ولكن عيونها ما اتزاحتش لحظة عن ياقوت، وبعد السلام وشوية وعود بانهم يتقابلوا تاني أخيرًا خرجوا من المطعم، حست بانفاسها اللي اتسحبت في الوقت ده رجعتلها تاني، فاخدت شهيق طويل زفرته على مهل تحت انظار أيوب اللي كان متابعها لحظة بلحظة، لوهلة حس إن فيه حاجة مريبة، ولكنه بعد الافكار دي عن دماغه، هو سبق ودور وراها وكان كلامها صحيح بالفعل رغم إنه مقدرش يوصل لعمها لحد دلوقتي ولكن فسر ده لإنه برا مصر!
كانوا طول الطريق صامتين، حست ياقوت إن ظهورها بالشكل ده هيكشفها لا محالة، أما أيوب فكان بينقل نظره ليها من لحظة للتانية وهو بيراقب تقلبات ملامحها
وصلوا البيت أخيرًا، نزلت على طول واتجهت لجوا، مش قادرة تواجهه خوفًا من انه يشك فيها
متعرفش إنه ابتدى بالفعل!
وقبل ما تطلع فوق اتجمدت لما سمعته بيناديها من وراها، بلعت ريقها بارتباك واتلفتت له، قربت بخطوات بطيئة منها لحد ما وقف قدامها وقال بجمود_مش عايزة تقوليلي حاجة؟
رمشت كذه مرة قدامه، وبعدين أنكرت_حاجة إيه؟
ضم شفايفه بيأس، فاتلفت واتجه ناحية برا وهو بيقول_ولا حاجة، اطلعي ارتاحي يا ياقوت
وبالفعل سمعت كلامه وطلعت بسرعة، هي معندهاش طاقة عشان حتى تسأله مقصده، دخلت الأوضة وقفلت الباب وراها واستندت عليه وهي بتتنفس بعنف
فضلت تلف حواليها في الأوضة بارتباك، هي فاكراها كويس، وازاي تنساها ودي كانت آخر عملية قبل ما يتقبض عليها!
ولكن يمكن التغير اللي في شكلها ولمرور السنين خلاها ما تقدرش تميزها
لكن لو قدرت تفتكرها!
وأيوب؟!
أيوب اللي عيونه كانت بتومض بعشق سحرتها!
مشاعره أصبحت مكشوفة لأي حد رغم إنه حاول انكارها
وهي!
ضربات قلبها اللي بتضطرب في قربه
ملامحه وشه اللي بتحب تتأملها
نظرات عيونه الحادة واللي مليانة دفى
كل دي حاجات بتوحيلها إنها...
حبته!....

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مرت عدة أيام كانت العلاقة بينهم بتزداد قرب، لوهلة لقت نفسها بتنجرف ليه غصب عنها، مشاعرها بقت تتمرد على أوامر عقلها، والقلب ملوش سلطان!
هي خلاص اعترفت لنفسها إنها بالفعل حبته مش هتنكر
ولكنها مشاعر غلط اخرتها هلاك!

_أنا ملاحظ إنك بتماطلي الفترة دي، ودا مش في صالحك يا ياقوت، بطلي ملاوعة احسنلك وإلا وربي هرميكي ليه وهخليه هو اللي ما يسمي عليكي!
جالها صوت نوح اللي كان غضبان، كان بيضغط على كل كلمة بيقولها عشان تثبت في عقلها، ولكنها حاولت تتمالك نفسها وهي بتضم التليفون بإيديها وبتهمس_أنا مش بماطل ولا حاجة، أنا فعلًا مش عارفة افتح المكتب مترشق فيه كاميرات
رد عليها بضحكة مليانة سخرية، وكمل بتريقة_وحياة أمك؟
أنتِ عايزة تقنعيني إنك مقدرتيش توصلي للسيستم؟
_أيوه
قالتها بضيق وهي بتضم قبضتها بغيظ، إلا إنه رجع قال_ياقوت
خلينا حلوين مع بعض، الوضع ده طول اوي وأنا ابتديت ازهق
بلاش تخليني ازهق يا ياقوت وده لصالحك!
مضمنش رد فعلي بعد كده هيبقى إيه!
زفرت بضيق وهي بتشد على شعرها وبتقرب تبص من البراند اللي في أوضتها، فلمحت دخول أيوب بعربيته بعد ما رجع من شغله، حاولت تقفل معاه وهي بتقول بتوتر متنصع عشان ميتكلمش اكتر_أنا لازم أقفل دلوقتي، أيوب جه وممكن يسمعني
مديتلوش فرصة إنه يرد وقفلت على طول في وشه وحدفت التليفون على السرير بغضب وهي واقفة بتكمل شد في خصلاتها  كإنها على وشك الجنون، للحظة اتهدلت خطواتها اللي كانت بلا هوادة وهي بتتأمله من الڤراند، نزل من عربيته ووقف يتكلم مع واحد من امن البيت، شكله مهلك بالنسبالها، إيديه اللي حاطتها في جيبه وراسه المرفوع بشموخ، وبالإيد التانية بيعدل خصلاته، ابتسامته الحادة واللي ابتدت مؤخرًا. تلاقي نفسها بتستناه يظهرها، فك أول زراير قميصه ودلك رقبته بارهاق، حست إن أنفاسها بتتحسب وهي بتتأمله زي المراهقة من على بُعد، فرفعت إيديها هي كمان تلقائيًا تدلك رقبتها وهي حاسة بتوتر، مشاعر عجيبه بتجتاحها، وهي عاشت عمرها كله محافظة على قلبها ومركزة على اللي بتعمله بس، مفيش وجود للمشاعر والضمير في حياتها، ولكن يوم ما تقع
تقع في أيوب الحسيني اللي بيمثلها أكبر خطر!
لوهلة حس بيها فرفع راسه ليها واتقابلت عيونهم، شافها واقفة مايلة وساندة على باب الڤراند ومربعة إيديها، وعلى وشها ابتسامة دافية قدر يميزها، رغم إنها اتكشفت لكن متحركتش وفضلت زي ما هي، وكإنها تعبت من النضال قصاد حب تمرد على قلبها!
ابتسملها ابتسامة دافية سحرتها، وبعدين اتحرك ودخل الڤيلا
انتظرت شوية على أمل إنه يجيلها، وهي واقفة بتفرك إيديها زي الاطفال من التوتر، ولكن بعد وقت مش قليل، قعدت على سريرها بيأس، الظاهر إن فيه حاجات أهم منها عنده!
دخل أوضته وطلع من جيب بدلته ملف حجمه مش كبير ورماه على السرير، وقرر ياخد شاور الأول، لإنه كان حاسس إنه منهك اليومين اللي فاتوا من التفكير
خرج بعد مدة وهو مغير هدوم شغله لتانية بيتية مريحة
وقعد على سريره وهو بيمسك الملف اللي رماه عليه
واللي كان على بدايتها صورتها واسمها
ياقوت!
ياقوت حسن عمران..
اتنهد بقلق وهو بيفتح الملف وبيقرؤه، كان خايف يلاقي حاجة متعجبهوش جواه، ولكنه كان بيضم حواجبه بتعجب من اللي قدامه
قلب الورق كذه مرة لحد ما قفله بعصبية وهو بيقول_إيه ده!!
اتنفض من على سريره وراح ناحية تسريحة أوضته وهو بين إيديه الملف اللي فيه كل المعلومات عنها
مسك موبايله وطلب رقم لحد ما جه الرد واتكلم بعصبية_احنا هنهزر يا ياسر!
إيه اللي في إيدي ده؟!
شغلك مبقاش عاجبني اليومين دول!!
جه له صوت الشخص التاني بارتباك_يا أيوب باشا ده اللي لقيته عنها!
زفر بعصبيه وهو بيرمي الملف قدامه_الفايل فاضي يا ياسر!
مفيش أي تفاصيل عنها كل المعلومات مبهمة!
فرد عليه بتوضيح_ما ده نفس اللي لاحظته يا أيوب بيه
المعلومات كلها مبهمة ومفيهاش حاجة مفيدة!
عقد حواجبه بتعجب وقال_تقصد إيه؟
_أنا شاكك إنها مغيرة هويتها من فترة يا أيوب باشا، ممكن تكون من فترة سنة ولا حاجة رفعت قضية تغيير هوية وكسبتها
بس ده مقدرش أتأكدلك منه فوق مقدرتي!
سكت أيوب وهو بيتمعن في كلامه، بالفعل ممكن يكون منطقي، ياقوت حواليها علامات استفهام كتير، كتير فوق ما يتخيل!!...
كان واقف في ڤراندة أوضته، باصص قدامه في الفراغ، وبين صوابعه سيجار من العريض بينفخ دخانه اللي انتشر حواليه، بين قلبه وعقله حرب ميعرفش مين اللي هيكسبها في النهاية!
حرب انهكته طول الأيام اللي فاتت!
رمى السيجار قبل ما تخلص على الأرض من غير ما يهتم بإنه يطفيها، واتجه لبرا أوضته
لقى نفسه رغمًا عن ارادته رايحلها، كان الوقت قرب على الفجر وأكيد نامت
فتح الباب بهدوء وبالفعل زي ما اتوقع، قرب منها وعلى وشه ابتسامة دافية وهو شايفها على نفس وضعية نومها المعتادة، ضامة المخدة لحضنها!
تقريبًا من ساعة ما جت والمخدة دي مفارقتش حضنها وقت نومها، لوهلة حس بمشاعر عديدة جواه
ليه ميكونش هو مكان المخدة!!
نفض عن راسه الافكار دي وهو بيضحك على نفسه بسخرية
بقى اقصى أمانيه وأحلامه هو قربه منها!
قرب منها وهو بيتأملها، قعد على طرف السرير وهو باصصلها بس
نظراته بتجوب تفاصيل وشها
رفع إيده وملس على خصلاتها بحنان، ومن وقت للتاني أنامله بتوصل لملامحها، اتنهد تنهيدة جواها مشاعر جياشة وهمس_أنتِ مين يا ياقوت؟
إيه حكايتك؟
مال ناحيتها وهو بيكمل بصوت أجش وابتدت انفاسه تتقل من فرط مشاعره_خايف تغدري يا ياقوت، وأنا اتهزيت لأول مرة بسببك
كان بيقرب وهو مش حاسس بنفسه، أنفه كان ملتصق بوجنتها بيستنشق ريحتها بوله، أما كفه فكان على خدها التاني بيملس عليه بحنان، طبع قبلة عميقة بجانب شفايفها وهو حاسس إن مشاعره ابتدت تجرفه ناحيتها، ولكنه اتنفض بخضة لما اتملمت بضيق وبعد، ابتسم وهو شايفها عابسة أثناء نومها، فمد إيديه يملس بين حواجبها بحنان وهو بيقول_بتتخانقي مع دبان وشك وأنتِ صاحية ونايمة!....

منتصف تشرين للكاتبة / منة ممدوح البناحيث تعيش القصص. اكتشف الآن