الحلقة السادسة عشر

323 17 2
                                    

الحلقة السادسة عشر

_أنتَ دخلت هنا إزاي؟!
قالتها وهي بصاله برعب، منكمشة على نفسها وضامة الغطاء عليها وفي حالة تأهب، بتراقب عيونه اللي بتلمع في الضلمة، ودخان سيجارته اللي بينفخه في الجو ببرود، طال صمته وكإنه مسمعهاش، لدرجة إنها شكت في عيونها وافتكرت إنه متهيألها، اتعدلت في الاتجاه التاني وشغلت الأباجورة التانية فوضحت ملامحه أخيرًا، نفخ دخان سيجارته وهو عيونه عليها، وقال_لسـة زي ما أنتِ
مبتناميش غير والمخدة في حضنك
قام وقف ورمي سيجارته في الارض وداس عليها بجذمته السودة، وتمتم بنبرة مليانة شوق_في وقت من الأوقات كان حضنـي بقى بدل المخـدة!
نفضت الغطاء عنها، واشتعلت ملامحها بغضب، كلامه أشعل الذكريات جواها ومعاها المشاعر اللي بتهرب منها، نزلت من الناحية التانية عشان الزجاج اللي ملى الارض و قربت منه وبصت في عيونه وهي بتقول بقوة_حاجات كتيرة اتغيرت يا أيوب
أنا مش ياقوت بتاعة زمان
انسـى!
قرّب خطوة منها، نظراته اتبدلت لتانية مليانة حنين وقال_أنتِ نفسك نسيتي يا ياقـوت؟
مكانش سؤال على قد ما كان استنكار، لوهلة ارتجفت إيديها بعجز وهي بصاله بعيون معذبة
نسيته!
ولا يوم غاب عن بالها، بل بالعكس مشاعرها بتزيد ليه وكإنه آخر رجل شافته!
هتكدب عليه إزاي وتقوله حاجة هي مش قادرة تقتنع بيها أصلًا؟!
بللت شفايفها ورفعت إيديها بعد ما حاشت بنظرها عنه عشان متبينش ضعفها ورددت_لو سمحت يا أيوب
متفتحش في الماضي
وياريت تتفضل تمشي عشان مش عايزة مشاكل
خاصة لو حد شافك هنا في الوقت ده هتسببلي مشاكل مع خطيبي!
اتبدلت عيونه اللي كانت بتلمع لتانية غضبانة، وكإنها داست على الفتيل اللي كان بيتلكك للاشتعال، شدد على أعصابه وجز على أسنانه وهو بيقول_متقوليــش خطيبـي!
ابتسمت باستهزاء ورفعت عيونها ليه في حين رفعت إيديها اللي فيها الدبلة قصاد عينه بتحركها باستفزاز وهي بتقول_ليه مقولش؟
ما دي حقيقة فعلًا والدليل أهو
ياسين خطيبي وهيبقى جوزي
وممكن أبو عيالي مستقبلًا كما...
_اسكتــي!.....
صرخ بيها بعصبية وهو ضامم قبضة إيده بغيرة شديدة، انتفضت هي بفزع لوهلة ولكنها استجمعت قوتها وهي بترد بعصبية_مش أنا اللي هسكت يا أيوب
أنتَ اللي لازم تسكت وتتفضل تطلع برا بيتي!
أنتَ إيه اللي جابك اصلًا؟
ليه مُصـر تبوظ حياتـي
أنا كنت عايشة حياتي وكويسة ولقيت اللي بيحبني وهيعوضني
ظهرت تاني ليه؟!
ليه راجع تدمرلي حياتي!
قالت جملتها الأخيرة بعد ما اتهدلت أنفاسها بقهر وعيونها اتملت بالدموع ولكن منعت نفسها من إنهم ينزلوا قدامه وهي بترفع عينها للسقف
رغم الحزن اللي لاح على ملامحه إلا إن الغيرة كانت متملكة منه وهو بيفتكر قرب ياسين منها، قطع الفاصل بينهم ومال ناحيتها وهو بيقول من بين أسنانه_مش هتبقي لحد غيري يا ياقوت
أنتِ مراتي!
_كنت!
صرخت بيها بغضب شديد، ولكنه قاطعها بنفس العصبية والزعيق_لا لسة مراتي
مراتي قانونًا يا ياقوت!
عقدت حواجبها بدهشة فكمل هو بابتسامة مليانة سخرية_قسيمة جوازنا جت بعد ما سافرتي بـ ١٥ يوم يا مدام
إحنا ممشيناش في إجراءات طلاق
يعني أنتِ مراتي قانونًا!
ومن حقي اعترض على جوازك من اللي اسمه ياسين
وأنا بقولك أهو جوازتك منه مش هتكمل يا ياقوت
اتوسعت عينيها بصدمة، كانت نبرته فيها تملك فهمتها هي إنه بيحاول يقضي على سعادتها ومش قابل إنها تبقى ملك لغيرة، اتبدلت ملامحها للعصبية ورفعت قبضة إيديها وصرخت وهي بتضربه بكل قوتها_أنتَ إيـه يا أخـي؟!
ليه الأنانية دي؟!
ليه مصر تدمرني لــيه؟!
أنتَ خسرتني يا أيوب، خسرتني من اليوم اللي اديتني فيه ضهرك ورميتني وقفلت بابك في وشي كإني واحدة رخيصة من اللي تعرفهم!
اتملت عيونها بالدموع، سابها هي تكمل ضرب فيه من غيره ما يتهز ولا يمنعها وهو شايف حالة الإنهيار اللي هي فيها، كملت هي بقهر_كان قدامي بدل الفرصة ألف إني اغدر بيك واعمل اللي نوح طلبه مني
بس معملتش كده!
مقدرتش أعمل كده فيك وأذيك!
عارف لـيه؟
عشان حبيـتك!
أنتَ خسرت واحدة كان ممكن تعمل أي حاجة علشانك
واحدة تغاضت عن اخطاءك كلها عشان حبتك بس!
كنت هضحي بنفسي علشانك أنتَ
وكل اللي أنتَ عملته مع أول مشكلة؟! طردتني!
هونت عليك ليه؟
ليه عملت فيا كده؟!
حست إن قواها خارت ومقدرتش تكمل ضرب فيه، اتهدلت إيديها ومعاها أنفاسها، في حين هو بيتابعها بعيون مليانة أسف، حاسس بالذنب اللي بيقتله بقاله سنة ونص ولكنه كان بيقاوح
رفعت عيونها الحمرا ليه بعد وقت، كانت بتقاوم على قد ما تقدر دموعها اللي بتهدد بالهطول، وقالت_هونت عليك تسيبني أبعد؟
مسألتش نفسك ولو مرة واحدة يا ترى هي حاسة بإيه دلوقتي؟
عاملة إيه وكملت إزاي؟
يا ترى عايشة ولا حصلها حاجة؟
مفكرتش ولو لمرة واحدة حالي وأنا لوحدي وفي بلد غريبة معرفش حد فيها؟
مفكرتش فيا خالص؟
مجتش على بالك خالص؟
بصلها بعيون معذبة مليانة وجع وتمتم_أساليني لو كنتي روحتي عن بالي لحظة!
اتجمدت وهي بصاله، في حين ضمت شفايفها وهزت راسها بسخرية وكملت_ده الألعن!
رفعت صوباعها ولكزته في مكان قلبه بالظبط وهي بتقول_إنك رغم ده سيبتني أمشي!
ومقدرتش تتنازل عن كبريائك وغرورك وتدور عليا أو حتى تحاول ترجعني!
ضحكت بسخرية وهي بترفع إيديها في الهوا وبإنفعال قالت_أنتَ حتى لو مكونتش أنا ظهرت قدامك بالصدفة مكنتش فكرت تجيلي لحد هنا
اللي جابك غرورك يا أيوب
غرورك اللي نقح عليك لما لقيتني بقيت مع واحد غيرك ومكملة وحياتي موقفتش!
كنت فاكر إيه؟
هترجع تلاقيني ياقوت بتاعة زمان؟
أول ما ترجعلي هترمي في حضنك وأقولك وحشتنـي؟!
هز راسه بالرفض وهو بيبتسم بضعف وبيقول_لأ
ياقوت اللي اعرفها مش هتسامح بسهولة
ابتسمتله وهي بتهز راسها باستهزاء ورددت_كويس إنك عارف
الباب اللي اتقفل في وشي استحالة ارجع اخبّط عليه
أنتَ خسرتني يا أيوب
اتقبل الهزيمة من دلوقتي
حاول يقرب منها ولكن منعته بإيديها وهي بتقول_اطلع برا يا أيوب
سيبني في حالي بالله عليك
ضعفت نبرة صوتها اللي اتهزت بعد ما استنزفت قوتها في مواجهته_سيبني أحاول ألم اللي باقي من قلبي
ساعدني أنساك بالله عليك
قطع الفاصل بينهم في اللحظة دي واحتوى وشها بين إيديها، ارتجفت هي من لمسته وظهر الضعف على جسدها وهي مش قادرة ترفع إيديها وتبعده عنها، في حين ارتفعت أنفاسه الساخنة اللي كانت بتضرب وشها وهو بيقول بضعف_مش قادر يا ياقوت
مش قادر أبعد
مش قادر اشوفك قدامي ومقربش منك
وحشتيني يا ياقوت
شهقت بألم وهي بتغمض عينها وبترتجف بقوة من تأثير كلامه عليها، قرب منها أكتر لحد ما اتلاحمت أنفاسهم المتضربة_ممكن نصلح كل حاجة
ندي لبعض فرصة تانية بعد الوقت ده كله
ممكن أضحي بأي حاجة بس ترجعي لحضني يا ياقوت
ترجعيني لنعيم قُربك
حاولت أبعد عنك ومقدرتش
حبك لعنـة!
اتهدلت أنفاسها بصورة ملحوظة في حين كانت لسة ضاغطة على جفونها، رغم عنها لقت جسدها بينساق ليه، مشتاق لقربه اللي داقته، لياليهم والمشاعر الجياشة اللي جربتها على إيديه هو بس وكانت بتصبر نفسها بالذكريات دي، حس هو باستسلامها بين إيديه ومال ناحيتها
اتلاقت شفايفهم وقبل ما يتعمق في قبلته فاقت على صوت رنين تليفونها فانتفضت بهلع وهي بتدفعه بقوة بعيد عنها وهي بتصرخ_أنتَ اتجننت؟
بتستغل ضعفي وعايز تخليني زيهم؟
للدرجادي شايفني رخيصة!
بصلها بدهشة وقال_ياقو....
رفعت كفها في وشه تقاطع كلامه، واتجهت ناحية تليفونها اللي ارتفع رنينه مرة تانية
اتوسعت عينيها برعب لما لقته ياسين فنقلت نظراتها بين الموبايل وبين أيوب اللي حس لوهلة مين المتصل فاتبدلت نظراته لتانية مظلمة، خدت نفس عميق وهي بتعدل من شعرها وبتحاول تتمالك نفسها وردت_ألو..
جالها صوت ياسين_صحيتك من النوم؟
اتنحنحت بتوتر وهي بتبص على أيوب اللي كانت أعصابه مشدودة وقالت_لا خالص مكانش جايلي نوم، محتاج حاجة؟
رد بحنان_حسيت إني محتاج اسمع صوتك قبل ما أنام
غمضت عينيها بقوة وهي حاسة بالذنب اللي بيقتلها، حاول أيوب يتمالك نفسه ولكن في النهاية لقى نفسه بيسيبها ويخرج بخطى غاضبة  تحت أنظارها لحد ما جفلت لما سمعت صوت رزع باب الشقة، وبعدها حاولت تتمالك أعصابها وكملت كلام مع ياسين لحد ودعته..
قفلت تليفونها ورمته على السرير وقعدت هي كمان بإنهيار وهي بتعبث في خصلات شعرها في حين بتتنهد وبترفع عيونها لسقف الأوضة، شدت على خصلاتها وهي بتفتكر قربه منها لدرجة إنه كان هيتعمق معاها
لوهلة حست بمشاعرها بتثور فهزت راسها وهي بتتنفض وبتتحرك في الأوضة بعشوائية
أيوب لعنة
لعنة ولازم تتفك...

منتصف تشرين للكاتبة / منة ممدوح البناحيث تعيش القصص. اكتشف الآن