8

6 3 0
                                    

صلِّ على سيدنا ونبينا محمد.
________________________

مشيت.. مشيت ساعتين على الشاطئ انتظر من الأمواج أن تقذف عائلتي لكن لا شيء، لا شيء نهائيًا.

تارة بين الأخرى يصل جسد لشاطئ بعد أن غاص في البحر لأيام ربما.

لا أعرف كم مر يوم على الحادثة، لا أعرف ما الذي حدث أساسًا، عقلي مشوش ولا أعرف ماذا حل بأختيْ.

هل سيقذفن البحر أم سيبتلعهن ولن أراهن؟ أشعر بنغص في قلبي، كأن سكينًا تمركز في جوفي.

أرى الناس من حولي يندفعون لتلك الأجساد الغارقة، لقد احتضنهم البحر بقوة ثم رماهم جتثًا باردة.

هل من الجيد أن أكون خرجت حيًا؟ هل من الطبيعي أن أكمل حياتي؟ أختاي وعائلتي.. وأسيل التي ضاعت من يدي.

لحظة.. هذا جسد عمي أمجد.

ذهبت جريًا للمكان الذي يجلس فيه شاب بجانب جسد عمي أمجد الشاحب.

لقد مات.. لقد مات سندي الوحيد وضلعي الذي لا يميل، لقد قذفه البحر بعد أن سلب روحه.

بدأ يبكي بصوت منخفض، ثم سقط على ركبتيه بجانب جسد عمه، رفع يديه المتجمعة عليها حبات التراب، وألصقها في وجهه، وبدأ يبكي من أعماقه يستخرج كل آلامه في وصلة بكاء لم تتوقف الآن.

سحبه الشاب الذي يجلس بجانبه له، وتركه يشهق بقوة على صدره، مع أنه أيضًا مكسور لكن الذي أمامه صبي صغير.

استدمع واستعبر، وعينيه لم تتزحزح عن سنده الذي انكسر، وتركه وحيدًا ليواجه الحياة وحيدًا.

______________

دخلت للمقبرة بخطوات غير متزنة، نفسي يكاد يقطع، أجبرت جسدي على المشي حتى أعرف مصير أختاي.

قلبي يكاد يتوقف عن النبض، وأنا أرى الناس يتحركون بعشوائية، وصوت الشهقات ترتفع.

بدأوا يدفنون من دون أكفان بسبب عدد الوفيات المرتفع، لقد وصلت سيارات مملوءة بالأكفان لكن عدد الوفيات كثير جدًا.

لا ننسى دعم أحد الأهالي الجزائريين الذي أتى بسيارته التي تحمل أكثر من مئة كفن، جزاه الله خيرًا.

لكن الأمر المحزن، أن الدفن أصبح جماعيًا، بمعنى وضع عدة أشخاص في قبر واحد.

أشعر بثقل في قدماي، لقد مر أسبوع على السيل، وتم اكتشاف أن سدي درنة الاثنين تكسرا.

جسدي لا يريد المشي، لكنني مجبر، اتجهت لمكان يتم فيه وضع من تمَّ احضارهم ولم يتم التعرف عليهم بعد.

يوضعون في مكان واحد لعلَّ أحدًا يتعرف عليهم قبل دفنهم.

ثم ظهرت الصدمة أمام عيني، لقد فجع الفؤاد من رؤيتهما، إنهن أختاي، أختاي اللتان ربيتهما، أختاي!!.

في الواقع، لقد كانت حقيقة. حيث تعيش القصص. اكتشف الآن