في أحد أحياء المدينة الفقيرة، كانت يوني تتسلل عبر الشوارع الضيقة والمظلمة، عيناها تتجولان في بحث دائم عن الأمان. في عمر السابعة عشرة، ومع مظهرها الطفولي وقوامها الذي يضيف إليها سناً أصغر، كانت تشعر بأنها لا تستطيع الهروب من نظرات الشفقة والتمييز. بينما كانت تركز على هدفها في البقاء على قيد الحياة، كان قلبها مليئًا بالأمل والإصرار.
حياتها لم تكن سهلة. فقد فقدت والدتها عندما كانت صغيرة، وتولى والدها مسؤولية تربيتها وتربية أخيها الأصغر. كان يعمل بجد في وظائف متعددة، ولكن رغم جهوده، كانوا يعيشون في فقر مدقع، حيث بالكاد يكفي ما يجنيه لتغطية احتياجاتهم الأساسية.
كانت يوني تعمل بدوام جزئي في متجر صغير بعد المدرسة، لتساهم في دخل الأسرة. ولكن رغم سعيها الدؤوب، كان الفقر والظروف القاسية يطاردانها في كل مكان. لم تكن تملك أصدقاء كثيرين، وكان زملاؤها في المدرسة يتنمرون عليها بسبب مظهرها. لكن هذه الصعوبات جعلتها أكثر قوة وعزيمة، ودفعتها إلى التمسك بأملها في حياة أفضل.
في تلك الليلة، كانت يوني تهرب من مجموعة من اللصوص الذين حاولوا سرقتها. كانت تجري بأقصى سرعتها، قلبها ينبض بالخوف، وعقلها مشغول بالتفكير في كيفية النجاة. كان كل ما تتمناه هو العثور على مأوى أو مكان يمكنها أن تشعر فيه بالأمان.
وأثناء جريها في أحد الأزقة الضيقة، اصطدمت بشخص كان يقف في طريقها، وتعثرت على الأرض. وعندما نظرت إلى الأعلى، وجدت نفسها أمام رجل يبدو مخيفًا وقويًا، ناظراً إليها ببرود وقسوة. لم تكن تعلم أن هذه اللحظة ستكون بداية تحول درامي في حياتها، وأن هذا اللقاء سيقلب موازين عالمها.
كان جيون جونغكوك في تلك الليلة يتجول في أحياء المدينة الهادئة والمظلمة، يتفقد مناطق نفوذه ويدير شؤونه ببرود وعقلية حادة. كان يعيش في عالم من الجريمة والعنف، حيث كانت الندبة البارزة على وجهه تروي قصصًا من الصراعات التي خاضها. في سن الرابعة والعشرين، كان قد أمضى سنواته في بناء سمعة قوية كقائد عصابة لا يُستهان به.
شعر جونغكوك بالحاجة إلى الاسترخاء بعد يوم طويل من المفاوضات والتعاملات المشبوهة. كان يتجول في الأزقة المظلمة، يفكر في استراتيجيته المقبلة، عندما لفت انتباهه صوت صرخات خافتة تأتي من بعيد. تابع الصوت حتى وصل إلى الزقاق الذي يكتنفه الظلام.
في لحظة من تلك اللحظات غير المتوقعة، رأى مجموعة من اللصوص وهم يطاردون فتاة صغيرة. كان يبدو واضحًا أنها في حالة ذعر، وعينيها المملوءتان بالخوف تنظران حولها بحثًا عن أي مخرج. وبينما كانت تهرب، اصطدمت بجونغكوك وسقطت على الأرض.
نظرت يوني إلى الأعلى، وعينيها المملوءتان بالخوف تتطلّعان إلى الرجل الذي كان يقف فوقها. تجمد جونغكوك للحظة، شعر بشيء غير مألوف يتسلل إلى قلبه القاسي. لم يكن مستعدًا لهذه اللحظة، فكان دائمًا يتعامل مع المشكلات بطرق وحشية، لكنه لم يتوقع أن يكون أمامه مشهد يجعل قلبه يرتجف.
"من أنت؟" سأل جونغكوك ببرود، لكن في داخله كان هناك شيء يبعث على القلق. لم يكن يعرف سبب تأثره، لكنه شعر بشيء يخرج عن سيطرته. كانت تلك الفتاة الصغيرة، رغم قسوة الظروف التي كانت تعاني منها، تثير تعاطفًا غير متوقع فيه.
بينما كانت يوني تتوسل وتطلب الرحمة،
بينما كانت يوني تتوسل، يديها ترتجفان ورجلاها ملطختان بالتراب، كانت تحاول جمع شتات أفكارها في ظل الهلع الذي غمرها. "من فضلك، لا تؤذيني... أنا فقط أحاول البقاء على قيد الحياة"، همست بصوت ضعيف، عيناها تتوسلان إلى نظرات جونغكوك الباردة.
جونغكوك، الذي كان معتادًا على التعامل مع الأزمات ببرود وقسوة، توقف للحظة، تأمل في وجه الفتاة الصغير الذي كان يشعرك بالضعف والتعاسة. لم يكن يستطيع فهم سبب شعوره بالقلق، لكنه لم يكن يستطيع تجاهلها بالكامل. كان قلبه، الذي تعود على الصلابة وعدم الاكتراث، يشعر بشيء جديد.
كانت نظرات يوني مليئة بالذعر والأمل، وكان بوضوح أن حياتها تعتمد على هذا اللقاء. في تلك اللحظة، شعر جونغكوك بشيء يتجاوز الجريمة والسلطة، شيئًا يُشعره بالقلق حول مصير هذه الفتاة. لم يكن يعرف ما إذا كان تعاطفه نابعًا من الضعف الذي رآه أو من ذكريات مضت، لكنه أدرك أن هذا اللقاء لم يكن عاديًا.
ببطء، خفف من شدته، وبدلاً من اتخاذ أي قرار قاسي، قرر أن يمنح يوني فرصة أخرى. "اذهبي بعيدًا"، قال بصوت منخفض، مشيرًا بيده نحو اتجاه آخر. "لا أريد أن أراك هنا مرة أخرى."
عندما رأته يشير إليها بالابتعاد، شعرت بأمل متجدد، حتى وإن كانت مترددة في تصديق ما حدث. نهضت ببطء، فركت يديها الملطختين بالتراب، وركضت بعيدًا، لم تجرؤ على النظر إلى الوراء. بينما كانت تنزلق إلى داخل الأزقة المظلمة، كان قلبها يواصل الخفقان بقوة، وهي تأمل أن يكون هذا الهروب هو بداية لفرصة جديدة في حياتها.كلما ابتعدت عن المكان، كانت تفكر في مدى قربها من الموت وكيف أنها حصلت على فرصة أخرى. كانت تدرك أن حياتها لن تكون كما كانت، وأن هذا اللقاء الغريب قد يكون له تأثير عميق على مستقبلها.
![](https://img.wattpad.com/cover/375499534-288-k412798.jpg)
أنت تقرأ
"رجل الندبه: قصة يوني وجونغكوك"
Mystery / Thrillerيوني، فتاة تبلغ من العمر 17 عامًا، لكنها بملامحها الدقيقة وقوامها الصغير بدت وكأنها لا تتجاوز الـ12 عامًا. كانت تعيش حياة صعبة، بعيدة عن الترف والرفاهية التي يحظى بها غيرها من الفتيات في عمرها. ورغم صغرها وضعفها الظاهر، كانت تحمل في قلبها قوة عزيمة...